بحث أنجزه وأعده أحمــد الرحلــــي
من هيئة التدريس بالتعليم العالي بالدار البيضاء سابقا متقاعد
موضوع البحث :
قدرة الله تعالى وعدله
بسم الله الرحمن الرحيم الجمعة : 23 /04/1428 ق 11/05/2007
يشرفني أن أقدم لإخواني وأخواتي القراء والباحثين في العالم كله ، هذا البحث في إطار سلسلة الأبحاث التي سأنجزها بحول الله وقوته ، وسأنشرها في موقعي بالأنترنيت في إطار الدعوة إلى الله تبارك وتعالى.
مقدمــــة :
الله تعالى هو الموجود قبل الوجود وكل ما هو موجود ، أوجد كل ما هو موجود ، وهو الذي خلق الكون وكل ما فيه من أشياء وكائنات جامدة أو متحركة وكل المخلوقات الحية ومنها الإنسان وهو الذي يدبر أمور الكون وما فيه وهو عالم الشهادة والغيب الذي لا يعلمه أحد سواه.
وقدرة الله هي السلطة والحكم المطلق الذي لا تعلوه سلطة أو حكم آخر في الكون. وعدل الله هو معاملة مخلوقاته ومنها الإنسان وتدبير أمور الكون وما فيه بالحق وبغير ظلم لأي سبب كان. فكل الناس متساوون أمام الله وأمام التشريع الذي يشرعه وينزله ويبلغه لهم بواسطة رسله في مختلف المراحل التاريخية والذي هم ملزمون بالامتثال له وتطبيقه في الحياة الدنيا المؤقتة لينالوا الجزاء المقابل لأعمالهم في الحياة الدائمة بعد البعث من الموت.
والسؤال الذي أطرحه كإشكالية لهذا البحث والذي أحاول الجواب عنه في جوهر الموضوع هو التالي : أين تتجلى قدرة الله تعالى وعدله وما العلاقة القائمة بينهما ؟ وبصيغة أخرى ما هي الأدلة التي تؤكد بأن لله قدرة لا تعلوها أية سلطة نهائيا ، قدرة مطلقة ولكنها عادلة. فالله تعالى هو الحق والعدل نفسه ولا يتصرف إلا بالعدل ولا يأمر إلا بالعدل.
سأبحث عن الأدلة المؤكدة لهذه الحقيقة في القرآن الكريم والاستنتاج العقلي من خلال المنطق والملاحظة.
وسوف أعالج الموضوع في فصلين : الأول : قدرة الله تعالى المطلقة ، والثاني : عدل الله تعالى أو عدالة قدرة الله المطلقة.
وقد تعمدت تكرار بعض الآيات الكريمة والنتائج التي توصلت إليها في هذا البحث ، لعلني أساهم في إقناع غير المقتنعين بأحكام القرآن الكريم ، وأبين لهم بعض الأدلة والبراهين التي تساعدهم على اعتناق دين الحق الإسلام والإخلاص للذي أنزل القرآن وأوجد كل ما هو موجود وهو الله تعالى.
المؤلف : الرحلي أحمد
الفصل الأول : قدرة الله تعالى المطلقة
يحتوي هذا الفصل الأول على مبحثين : الأول أبين فيه بأن خلق الكون وما فيه وفناءه بقدرة الله تعالى والثاني أوضح فيه البراهين والآيات الدالة على قدرة الله المطلقة في كل شيء ولا يشاركه فيها أحد أبدا.
المبحث الأول : خلق الكون وفناؤه بقدرة الله تعالى
الكون هو كل ما خلق وأوجد وصنع الله وهو القادر على فنائه وعلى إنهاء وجود ما أوجد في أي وقت شاء. سوف أقسم هذا المبحث إلى فقرتين الأولى : خلق الكون وما فيه بقدرة الله وعلمه والثانية : فناء الكون وما فيه بقدرة الله تعالى.
الفقرة الأولى : خلق الكون وما فيه بقدرة الله تعالى وعلمه
وأتعرض للنقطة أ – قدرة الله على الخلق مطلقة والنقطة ب - قدرة الله على العلم مطلقة.
أ – قدرة الله على الخلق مطلقة :
وجود الله تعالى سابق لوجود كل شيء ، قال تعالى في سورة الإخلاص الآيات 1-4 : "قل هو الله أحد ، الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد". لم يوجد أحد ولا شيء قبل وجود الله الذي أوجد وخلق وصنع الكون وما فيه من أشياء وأحياء. ولا قوة فوق قوة الله وقدرته وسلطاته وحكمه وتدبيره للكون كله. وليس لوجود الله بداية ولا نهاية. جاء في سورة ص الآيتين 9 و10 : "أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب". البقرة الآية 255 : "الله لا إلــه إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض … " والفرقان الآية 58 : "وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمان فسأل به خبيرا" والرحمان الآيتين 26-27 : "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" فلا نهاية لوجود الله تعالى.
1 – خلق السماوات والأرض وما بينهما :
إن نعم الكون التي يستفيد منها الإنسان وغيره من صنع الله وخلقه ولا أحد يملك السماوات والأرض وما بينهما ، ولا أحد يمكنه التصرف في الكون لتغيير ما هو موجود إلا الله تعالى. والواقع والملاحظ يؤكد هذه الحقيقة. وتؤكد ذلك عدة آيات كريمة منها القصص الآية 68 : "وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون" ، البقرة الآية 107 : "ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" ، والزمر الآية 5 : "خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار" ، الطلاق الآية 12 "الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما". الله تعالى بقدرته التي لا تعلوها قدرة أخرى خلق السماوات والأرض والشمس والقمر لمصلحة مخلوقاته الأخرى. وكل من الشمس والقمر يدور في مداره المحدد له إلى يوم القيامة. وجاء في سورة الشورى الآية 29 : "ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير". والزمر الآيتين 62 و63 : "الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل له مقاليد السماوات والأرض والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون". والأنعام الآيتان 102 و103 : "ذلكم الله ربكم لا إلــه إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل ، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" ، والأنبياء الآية 33 : "وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون" ، والسجدة الآية 4 : "الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون" ، وآل عمران الآية 189 : "ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير" ، وكذلك في نفس السورة الآيتان 190 و191 : "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبـهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار" ، والعنكبوت الآية 44 : "خلق السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين" ، والنحل الآيتين 12 و13 : "سخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون" ، والقمر الآية 49 : "إنا كل شيء خلقناه بقدر" ، والمائدة الآية 120 : "لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير" ، والأنبياء الآية 19 : "وله من في السماوات والأرض" ، وفصلت الآية 12 : "فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم" ، والأحقاف الآية 33 : "أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير" ، والأنعام الآية 1 : "الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور" ، وفصلت الآية 37 : "ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون" ، ولقمان الآيتين 10 و11 : "خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة" ، والأعراف الآية 54 : "إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين" ، والبقرة الآية 29 : "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم" ، والعنكبوت الآية 20 : "قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير" ، والرعد الآيتان 2 و3 : "الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون ، وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل والنهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" ، ويس الآيات من 81 إلى 83 : "أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم ، إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون".
2 – خلق الماء والهواء :
بعد خلق السماوات والأرض وما بينهما خلق الله الهواء أو الرياح التي تعيش بها الكائنات الحية وتتنفس منها ، بل كل الآلات المتحركة التي صنعها الإنسان تتوقف حركتها على الهواء الذي خلقه الله. فمحرك السيارة والطائرة وغيرها يتوقف إذا انعدم الهواء الذي هو خاضع لإرادة الله وهو الذي يبرد حرارة المحرك ، ويمكن الوقود من الاشتعال ، وحتى المحرك الكهربائي لا بد له من الهواء ليبرده. هناك عدة آيات مؤكدة لذلك منها الجاتية الآية 5 : "وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون".
وخلق الله الماء ونظم دورته التي يتحكم فيها. فمياه البحار والأنهار تبخر منها أشعة الشمس فيجتمع البخار في السماء ويكون سحبا ، وإذا شاء الله خلق لها أسباب نزول المطر منها ، حيث يصرف الرياح ويبردها ويسوقها حيث يشاء. وتؤكد ذلك عدة آيات منها الروم الآية 48 : "الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون". والأعراف الآية 57 : "وهو الذي يرسل الرياح بشرى بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون". والشورى الآية 28 : "وهو الذي ينـزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد" ، والسجدة الآية 27 : "أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجزر فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يصبرون" ، وغافر الآية 13 : "هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب" ، ويونس الآية 31 : "قل من يرزقكم من السماء والأرض" ، وقوله تعالى الداريات الآية 22 : "وفي السماء رزقكم وما توعدون" ، والشورى الآية 27 : "ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير" الماء وبركات الأرض هي الرزق الذي يوفره الله للناس. وعليهم العمل الحلال للحصول على جزء منه. ولقمان الآيتين 10 و11 : "وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ، هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال مبين". وفعلا لا أحد غير الله يمنع نزول الماء والهواء على شخص معين أو جهة من جهات الكون. ولا أحد يستطيع خلق الماء والهواء إذا منعه الله تعالى أبدا. وقد أكدت عدة وقائع أن كثيرا من الأماكن عرفت الجفاف عدة سنوات ولم يستطع العلماء ولا غيرهم إمدادها بالمطر. ولا أحد يستطيع منع مخلوقات الله من هواء الله ومائه.
وقال الله تعالى في سورة البقرة الآية 22 : "وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون" ، والزمر الآية 21 : "ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه" ، والروم الآية 24 : "وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتـها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون" ، والجاتية الآية 5 : "وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتـها" ، فالماء الذي ينزل بأمر الله هو أصل طعام الإنسان وغيره من المخلوقات الحية. هناك خيرات وبركات الأرض التي تكون في متناول الإنسان وتلك التي لا تتوفر إلا بعمله وجهده لقوله تعالى في سورة يس الآية 35 : "وليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون" ، وإذا لم ينزل الله المطر تموت المخلوقات الحية ومنها الإنسان. وفي الواقعة الآيات 68-70 : "أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون ، لو نشاء لجعلناه أجاجا فلولا تشكرون" ، وسورة ابراهيم الآية 32 : "الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم" ، وسورة النحل الآيتان 10 و11 : "هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون" ، وسورة الحج الآية 5 : "وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج" ، والبقرة الآية 164 : "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون" وسورة يس الآيتين 33 و34 : "وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون" ، وسورة النبأ الآيات 14-16 : "وأنزلنا من المعصرات ماء ثـجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا".
3 - خلق الإنسان وباقي الأحياء :
خلق الله الكائنات الحية من الماء كالإنسان والحيوان والطيور وغيرها. خلق الله الملائكة من نور والجن ومنه الشياطين من نار الحجر الآية 27 : "والجان خلقناه من قبل من نار السموم". ولكن أركز في هذه النقطة على خلق الإنسان. وتدل على ذلك عدة آيات منها الروم الآية 20 : "ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون" ، والسجدة الآيات من 7 إلى 9 : "الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون" ، والأنعام الآية 2 : "هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون" ، وص الآيتين 71 و72 : "إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين" ، والحجر الآية 29 : "فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين". أول إنسان خلقه الله آدم وبث فيه روحا من جلاله. فلا أحد يبث الروح في المخلوقات إلا الله تعالى ، ومن آدم تفرعت البشرية حتى الآن ، جاء في سورة القدر الآية 4 : "تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر" ، والنحل الآية 2 : "ينزل الملائكة بالروح من أمره" فالإنسان من صنع الله وخلقه ومن روح الله تعالى ، فكيف لا يعبد الله ويطيعه بالالتزام بالقرآن الكريم ويحبه مع أن حياته وموته بيد الله ، لأن وجود الإنسان متوقف على الماء والهواء ومصدرهما الله ، الأنبياء الآية 30 : "وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" ، والفرقان الآية 54 : " وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا". فالمني الذي يتم به التناسل بين الزوجين تكون بفضل الطعام وأصله الماء الذي أنزله الله وبركات الأرض ، وبذلك يخلق الله كل الأحياء ، الطارق الآيات 5 إلى 8 : "فلينظر الإنسان مم خلق ، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب ، إنه على رجعه لقادر". سورة الجاتية الآية 4 : "وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون" ، والروم الآية 19 : "يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها ، وكذلك تخرجون" ، ويونس الآية 31 : "ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون". فكل ما في الكون في الأصل من خلق الله ولو تدخلت يد الإنسان بالعمل والابتكار. فالمائدة التي صنعها النجار أصلها الشجرة التي خلقها الله ، حيث أوجد بذورها وسقاها بالماء في الأرض ، والدجاجة أصلها من البيضة والله تعالى هو الذي أوجد البيضة الأولى. ونفس الشيء يقال عن باقي مخلوقات الله تعالى.
وجاء في سورة النور الآية 45 : "والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير" ، وفاطر الآية 11 : "والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله بيسير" ، والحج الآية 5 : "يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أردل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيء". وسورة يس الآية 77 : "أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين". والأعراف الآيتين 10 و11 : ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون ، ولقد خلقناكم ثم صورناكم ..." ، والمؤمنون الآيات من 12 إلى 14 : "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" ، وسورة الإنسان الآيتان 2 و3 : "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ، إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا". وسورة فاطر الآية 28 : "ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه" ، وسورة الروم الآية 21 : "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" والنبأ الآيات من 8 إلى 11 : "وخلقناكم أزواجا وجعلنا نومكم سباتا وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا". فلا أحد يستطيع الاستغناء عن النوم بالقدر الذي يحتاجه جسمه ولا أحد يستطيع الاستمرار في النوم أكثر مما يحتاجه جسمه وهذا حكم الله وخلقه وقدره ، ولقوله تعالى في سورة الروم الآية 23 : "ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون" ، والروم الآية 22 : "ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين" ، والنحل الآيتان 3 و4 : "خلق السماوات والأرض بالحق تعالى عما يشركون ، خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين".
كل الكون وما فيه من خلق الله وحده وما يصنعه الإنسان أصله من خلق الله لقوله تعالى في عدة سور منها الطور الآيات من 35 إلى 38 : "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين" ، والجاتية الآية 4 : "وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون" ، ويس الآية 36 : "سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبث الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون" ، وسورة يونس الآية 4 : "إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده" ، وفعلا طلب نبي الله ابراهيم عليه السلام من الله أن يريه كيف يحيي الموتى فبين له ذلك ، سورة البقرة الآية 260 : "وإذ قال ابراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ، قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم" ، والبقرة الآيتين 72-73 : "وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون ، فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون". وسورة يس الآية 12 : " إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين". وكذلك الآيتان 78 و79 : "وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ، قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم".
الله تعالى قادر على الخلق والموت وإعادة الحياة لمن أراد ولا أحد يستطيع ذلك أبدا إلا الله. خلق الله تعالى الإنسان فأكرمه وجعل أغلب مخلوقاته لمصلحة الإنسان. سورة ابراهيم الآية 32 : "الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار" ، الإسراء الآية 70 : "ولقد كرمنا بني آدام وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" ، والنحل الآية 10 : "وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون وما درأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يتذكرون وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونـها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون" ، ولقمان الآية 20 : "ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير" ، والنحل الآيتان 17-18 : "أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها".
الله تعالى خلق الإنسان واستخلفه في الأرض لفترة مؤقتة هي الحياة الدنيا التي تنتهي بالموت ثم يبعثه الله مرة أخرى للحياة الدائمة في الآخرة. الحديد الآية 7 : "آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه" ، ويونس الآية 14 : "ثم جعلناكم خلائق في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعلمون" ، والبقرة الآية 30 : "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" ، وسورة هود الآية 61 : "اعبدوا الله ما لكم من إلـه غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها".
فإذا التزم الإنسان في الحياة الدنيا بالقرآن الذي نسخ الشرائع السابقة وألغاها بقدرة الله فإنه يعيش حياة دائمة بعد البعث والحساب في الجنة وإذا أعرض عن القرآن ولم يلتزم بأحكامه الشرعية في الحياة الدنيا ، فإنه يعيش حياة دائمة بعد البعث والحساب في جهنم والعذاب. الكهف الآية 7 : "إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا" ، والملك الآية 2 : "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا" ، وهود الآية 7 : "وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ، ليبلوكم أيكم أحسن عملا ، ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين" ، والداريات الآية 56 : "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" ، وعبادة الله هي طاعته وطاعته هي الالتزام بالقرآن الكريم والعمل بمقتضى أحكامه الشرعية قولا وعملا سرا وعلانية. وعبادة الله كما وضحت مدلولها ملزمة للناس منذ آدم عليه السلام طبقا للشرائع المنـزلة حسب الفترات التاريخية. الأنبياء الآية 25 : "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إلـه إلا أنا فاعبدون" ، فكل الرسل دعوا الناس إلى عبادة الله والالتزام بشرعه المنـزل عليهم ، كل رسول في فترته التاريخية التي حددها الله. وسورة البقرة الآية 21 : "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون" ، فكيف لا نعبد الله ونحبه ونلتزم بالقرآن ونحن من خلقه وروحه وخاضعون حتما لقدرته. السجدة الآية 9 : "ثم سواه ونفخ فيه من روحه" ، وسورة ص الآية 72 : "فإذا سويته ونفخت فيه من روحي … " ، والنحل الآية 2 : "يـنـزل الملائكة بالروح من أمره" ، فكيف لا نعبد الله ونحن من روحه وملك له. الأنبياء الآية 19 : "وله من في السماوات والأرض" وحياتنا بيد الله إن شاء وفر لنا المادة الأساسية لطعامنا وهي الماء وتراب الأرض وثمارها ومعادنها والهواء ، وموتنا جميعا بيد الله إن شاء منع الماء وبركات الأرض والهواء ، فلا أحد يستطيع الحياة والحصول على الطعام مهما كانت وسائل العمل المتطورة إذا منع الله الماء.
ومن قدرة الله المطلقة وتدبيره لأمور الكون وما فيه أنه بعث الرسل من الملائكة والناس وأنزل الشرائع التي لم يستطع الناس خلقها ، ونسخ الشرائع ببعضها البعض حسب ما يراه صالحا لعباده ونسخ أحكاما شرعية بأخرى داخل الشريعة الواحدة لقوله تعالى في سورة البقرة الآية 106 : "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير" ، والإسراء الآية 86 : "ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا" ، فالثوراة نسخت الشرائع التي سبقتها فكانت هي الملزمة للناس على الصعيد العالمي في الفترة التي حددها لها الله تعالى. والإنجيل نسخ الثوراة وكان ملزما لكافة الناس في العالم أثناء فترته الزمنية التي أرادها الله ، والقرآن أنزله الله ونسخ الإنجيل وكل ما سبق من شرائع الله وهو ملزم لكافة الناس بالعالم ، دون سواه من الشرائع السابقة بأمر الله وقدرته المطلقة ، وهناك آيات كثيرة مؤكدة لهذه الحقيقة.
لقد شهد الناس عبر مراحل التاريخ نزول وحي الله على أنبيائه ورسله عليهم جميعا صلاة الله وسلامه ، وشهد الناس ملائكة الله عليهم السلام يبلغون وحي الله لرسله وأنبيائه وشهدوا ولا زالوا حتى كتابة هذه السطور يشهدون نزول ملائكة الله تعالى في هيئة الخلق الذي يريده الله ، الحج الآية 75 : "الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير" ، وفاطر الآية 1 : "الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث وربع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير" ، وهم يبلغون أوامر الله تعالى لعباده المؤمنين لإنذار الناس وتبليغهم القرآن الكريم ، وشرح أحكامه الشرعية لأن من رحمة الله وعدله أنه لا يعاقب الناس قبل إقامة الحجة عليهم ، وذلك بتبليغهم القرآن وشرحه لهم. وهذا دليل على قدرة الله وسلطانه ووجوده ، وهو الذي حفظ القرآن من أي تزوير وتحريف ، الحجر الآية 9 : "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" ، والنحل الآية 2 : "ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إلــه إلا أنا فاتقون" ، وسورة ابراهيم الآية 52 : "هذا بلاغ للناس ولينذروا به" ، وهنا تظهر أهمية الدعوة الإسلامية وواجب القيام بها المفروض على أولي الأمر والعلماء المؤمنين الصادقين في بلاد الإسلام.
ب – قدرة الله على العلم المطلق بما خلق :
الله تعالى خلق الكون وكل ما فيه من أشياء وأحياء ويدبر أموره كلها في آن واحد وباستمرار. والله تعالى وحده محيط بكل ما في الكون وما يقع فيه ويعلم ما هو كائن وما يحدث في كل لحظة وباستمرار سواء ما يظهر للناس ويسمعونه أو ما هو غائب عنهم لا يرونه ولا يسمعونه. بل يعلم الله ما في باطن الأرض والبحار وما في جسم الإنسان الذي له قدرة على التحكم فيه متى شاء ، ويعلم ما في نفس الإنسان وفكره قبل التعبير عن ذلك بالقول والعمل. وهذا من أدلة قدرة الله وسلطانه وحكمه وخلقه لما يريد سبحانه العزيز الجليل والرحمان الرحيم. ومن الآيات الدالة على هذه الحقيقة المؤكدة فعلا في الواقع الذي نعيشه هناك ، سورة النمل الآية 65 : "قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون" ، السجدة الآية 6 : "ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم" ، والطلاق الآية 12 : "لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما" ، سورة طه الآية 98 : "إنما إلـهكم الله الذي لا إلــه إلا هو وسع كل شيء علما" ، والحديد الآية 3 : "هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم" ، والإسراء الآية 55 : "وربك أعلم بمن في السماوات والأرض" ، وفاطر الآية 38 : "إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور" ، والحجرات الآية 18 : "إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون" ، والجمعة الآية 8 : "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة" ، والجن الآيات 26-28 : "عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ، ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربـهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا" والبقرة الآية 29 : "وهو بكل شيء عليم" ، والآية 231 : "واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم" ، وآل عمران الآية 29 : "قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير" ، والأعلى الآية 7 : "إنه يعلم الجهر وما يخفى" ، والتوبة الآية 78 : "ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب" ، والنحل الآية 77 : "ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير" ، والنمل الآيتين : 74-75 : "وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين" ، والزمر الآية 46 : قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة" ، والنحل الآية 70 : "إن الله عليم قدير" والنساء الآية 32 : "إن الله كان بكل شيء عليما" ، والحشر الآية 22 : "هو الله الذي لا إلـه إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمان الرحيم". والنساء الآية 113 : "وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما" ، والنساء الآية 176 : "يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم" ، والمائدة الآية 97 : "لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم" ، والأنعام الآية 101 : "وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم" ، والنور الآية 35 : "ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم" ، والعنكبوت الآيتين 10 و11 : "أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين. وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين" ، وآل عمران الآية 167 : "يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون" ، الله تعالى يعلم الغيب وما في نفوس وعقول كل مخلوقاته ومنها الإنسان في الكون كله وفي وقت واحد. فهل يستطيع إنسان أن يعلم ما يفكر فيه وما يعتقده إنسان آخر ؟ أبدا لا أحد يستطيع ذلك إلا العزيز الحكيم العليم الله سبحانه وتعالى.
والعنكبوت الآية 62 : "إن الله بكل شيء عليم" والأحزاب الآية 40 : "وكان الله بكل شيء عليما" ، والفتح الآية 26 : "وكان الله بكل شيء عليما " ، والنور الآية 64 : "ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم" ، والملك الآية 26 : "قل إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين" ، والأحزاب الآية 54 : "إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما" ، والحجرات الآية 16 : "قل أتعلمون الله بدينكم والله يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم" ، والتغابن الآية 4 : "يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور" ، والتغابن الآية 11 : "ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم".
إن الله تعالى أعلم المخلوقات كلها بما في الكون المشاهد والذي لا يشاهد وهو الغيب والله تعالى هو الذي خلق الظواهر الكونية وأسبابـها وهو مصدر العلم لعدة آيات منها الأنعام الآية 80 : "وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون" ، والأنعام الآية 91 : "وعلمتم ما لم تعلموا أنتم وآباؤكم" ، والإسراء الآية 85 : "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" ، والرحمان الآيات 1 إلى 4 : "الرحمان علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان" ، والعلق الآيتين 3 و5 : "إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم" ، والبقرة الآيتين 30 و31 : "قال إني أعلم ما لا تعلمون" ، "وعلم آدم الأسماء كلها.." ، والبقرة الآيتين 32 و33 : "قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" ، "قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون" ، والبقرة الآيات 255 و282 : "يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء" ، "ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم" ، وطه الآية 110 : "يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما" ، فالله يعلم ما في الفكر والاعتقاد وما في الضمير والقلب ويعاقب على التفكير في الإجرام والشر البقرة الآية 225 : "يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" ، والنجم الآية 32 : "فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى" ، بل إن الله قادر على التصرف في جسم الإنسان إن شاء من أجل الرحمة أو العذاب الأنفال الآية 24 : "واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون" ، وهناك آيات أخرى في القرآن الكريم مؤكدة لقدرة الله مثل الحاقة الآيات 43-47 : "تنـزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتـين فما منكم من أحد عنه حاجزين". فلو أراد أحد ضربك بسكين ، فإذا أراد الله تعالى حمايتك إن كنت مؤمنا صادقا وصالحا تصاب يده بشلل أو يسقط السكين من يده بقدرة الله تعالى. أليس الذي أعاد الحياة لرسوله يونس عليه السلام بعد غرقه في البحر وغيره كثير بقادر على حماية المؤمنين الصالحين ؟
فالله أعلم من في الكون وقادر على إتيان علمه من يريد. البقرة الآية 239 : "فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون" ، والكهف 65 : "فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما" ، وطه الآية 114 : "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما" ، والنمل الآية 15 : ولقد آتينا داوود وسليمان علما" ، ويوسف الآية 6 : "إن ربك عليم حكيم" ، والآية 21 : "وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون" والآية 22 : "ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين" ، والآية 68 : "وإنه لذو علم لما علمناه ولكن أكثر الناس لا يعلمون" ، وآل عمران الآية 61 : "فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم .." ، والنحل الآية 78 : "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون" ، والرحمان الآيتين 33 و35 : "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ، يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران" ، لا يمكن للجن والإنس أن يتنقل بين السماوات والأرض إلا بموافقة الله وقدرته" ، وتوفيقه بإتيانهم العلم والقوة. وإذا لم يقبل الله تعالى لا يمنحهم الوسيلة العلمية والقوة بل يمكن أن يمنعهم بإحراقهم. لهذا قال الله تعالى في سورة الزمر الآية 9 : "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، إنما يتذكر أولوا الألباب". ليس هناك في الوجود من هو أعلم من مصدر العلم وهو الله تعالى ، وهو صاحب القدرة المطلقة على الخلق والعلم بما خلق وما لم يخلق وصاحب الحكم والتدبير ، أفلا نستحيي ممن خلقنا ويملكنا ويعلم ما نسر وما نعلن وما نقول وما نعمل ولو بالإشارة والألغاز وبأي لغة كانت وأية وسيلة للاتصال وهو الله تعالى ؟ لنعبد من استخلفنا في كونه الذي خلقه وخلق ما فيه لمصلحتنا وهو معنا أينما كنا باستمرار. لنطيع من نحن ملك له ، الروم الآية 26 : "وله من في السماوات والأرض كل له قانتون" ، والنجم الآية 31 : "ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى" ولنطيع من يراقبنا باستمرار وينظر إلينا ويسمعنا وهو معنا أينما كنا ، المجادلة الآية 7 : "ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم" ، والله استخلفنا في الأرض لنعمرها فلنكن في مستوى استخلافه لنا ، البقرة الآية 30 : "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" ، والزخرف الآية 80 : "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون" وق الآية 16 : "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد".
لنطع الله الذي أعطى لكل مخلوق منا روحا منه ولنلتزم بشرعه وهو القرآن الكريم الذي هو مادة الامتحان الذي وضعه لنا ربنا في الحياة الدنيا المؤقتة. فمن اجتاز هذا الامتحان بنجاح أي أطاع الله وطبق القرآن وعمل بمقتضى أحكامه في أقواله وأفعاله سرا وعلانية ، فإن جائزته الكبرى الحياة الدائمة في الجنة والسعادة في الدنيا المؤقتة أيضا. وأما من أعرض عن القرآن واتبع هواه فإنه قد خسر الامتحان وبالتالي فإن له شقاء الدنيا ومعيشة ضنكا ولو كانت لديه الأموال الطائلة ، وفي الآخرة مصيره جهنم خالدا فيها ، طه الآية 124 : "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" ، والحج الآيتين 56-57 : "الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم ، والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين". من زرع حصد ، فالذي يزرع في الدنيا العمل الصالح والتقوى يحصد الجنة في الآخرة ، ومن زرع الكفر والعمل الفاسد يحصد العذاب في الدنيا وجهنم في الآخرة.
فالإنسان الذي يملك الملايـير من الأموال ويعرض عن القرآن ويكفر يعيش معيشة ضنكا وشقاء رغم الأموال الطائلة ، فليس له استقرار نفسي ولا اطمئنان ، فهو يجري ويلهت ليل نـهار بـهلع وراء البحث عن المزيد من الأموال ، يتناول قليلا من الطعام طبق حمية معينة ولا ينام إلا بالأقراص المنومة ، وهو متعب بالحسابات ولا يجلس مع زوجته وأبنائه ولا يؤدي واجباته الزوجية والأسرية لاشتغاله بالبحث عن الثروات باستمرار دون القيام بالواجبات الدينية ودون احترام شرع الله تعالى. أليست هذه معيشة ضنكا ، بلى وسيلقى في جهنم يوم القيامة ، الأنفال الآية 28 : "واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة … " والتوبة الآية 85 : "ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبـهم بـها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون" ، والتغابن الآية 15 : "إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم".
ترك الله تعالى للإنسان حرية العمل بأحكام القرآن أو الإعراض عنها رغم أنه قادر على أن يكون كل الناس مؤمنين صالحين يونس الآية 99 : "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا" ، والسجدة الآية 13 : "ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" ، والرعد الآية 31 : "أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا" ، ويجازي الله الإنسان عن أعماله.
الفقرة الثانية : فناء الكون وما فيه بقدرة الله تعالى
فعلا وحقا الله تعالى هو الذي خلق الكون وما فيه وهو الذي له القدرة المطلقة على إنهاء وجود الكون وما فيه. فحياة المخلوقات بإذن الله وخلقها وموتـها بإذن الله وقدرته. سوف أبين الأدلة على أن الحياة والموت بيد الله وقدرته ومشيئته. في النقطة الأولى أ – الحياة بقدرة الله والنقطة الثانية ب : الموت بقدرة الله تعالى.
أ - الحياة بقدرة الله تعالى :
خلق الله المخلوقات الحية في الكون ومنها الإنسان الذي استخلفه في الأرض ليستقر فيها ويتمتع فيها إلى حين موته وبعثه من جديد ليحاسب عن فترة استخلافه وأعماله ، ويحيي الحياة الدائمة حسب نتيجة محاسبته عن أعماله إما في الجنة والسعادة أو في النار والشقاء الدائم.
فأصل الإنسان من الجنة حيث كان فيها أصل البشرية آدم وزوجته حواء عليهما السلام ، ولكن بعد مخالفتهما لأمر الله طردهما من الجنة إلى الأرض وتاب عنهما. البقرة الآية 36 : "وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين" ، طبعا الشيطان هو الذي وسوس لآدم وتسبب له في الخطأ ، فأمره الله هو أيضا بالخروج من الجنة.
ولكن أكد الله تعالى بأنه سوف ينـزل قانونا أسمى وشرعا متكاملا وكتابا وهدى وهو الهدى الذي يهدي من اتبعه إلى صراط العودة إلى الجنة التي هي أصل الإنسان الذي يزداد أول مرة مستحقا للجنة وأصله من الجنة وكتابه الذي تسجل فيه أعماله فارغ من أية سيئة أو ذنب فهو في أحسن تقويم لقوله تعالى في سورة التين الآيتين 4-6 : "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير مـمنون" ، وسورة العصر الآيات 1-3 : "والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر" ، فالإنسان بأعماله وتصرفاته في فترة استخلاقه في الأرض قبل الموت والبعث للحياة الدائمة إما يبقى كما خلقه الله في أحسن تقويم مستحقا للجنة ، فيعود إليها وهي أصله وإما يحصل العكس حين يخالف الإنسان بأعماله شرع الله فلا يبقى في أحسن تقويم كما خلقه الله فيعود بعد البعث إلى جهنم وعذاب الله تعالى ، لقوله تعالى في البقرة الآية 38 : "قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" وطه الآيتان 123 و124 : "فإما يأتيكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" ، وهناك آيات كثيرة في هذا المجال.
وسوف أبين بحول الله وقوته بأن حياة الإنسان وموته بقدرة الله تعالى وأن أسباب الموت والحياة لكل المخلوقات الحية يخلقها الله العزيز الحكيم.
قال الله تعالى في سورة السجدة الآيات 7-9 : "الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون" ، وأول إنسان خلقه الله آدم ثم حواء زوجته ومنهما تفرعت البشرية بواسطة التناسل. ولكن المني الذي يخلق منه الجنين بأمر الله وقدرته لا يتكون في الزوج والزوجة إلا بعد تناول الطعام والماء فلا حياة ولا وجود بدون أسباب الطعام وهي بركات السماء والأرض التي يفتحها الله تعالى ويمسكها إن اراد ، الواقعة الآيتان 58 و59 : "أ فرأيتم ما تمنون أ أنتم تخلقونه أم نحن الخالقون".
الأنبياء الآية 30 : "وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" ، والطارق الآيات 5-8 "فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب إنه على رجعه لقادر" ، سورة المؤمنون الآيات من 12 إلى 14 : "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلنا نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" ، والله تعالى هو الذي يبث روحا منه في الإنسان وهو في بطن أمه. إن خلق الإنسان واستمرار حياته متوقفين على بركات السماء والأرض (الماء وأسباب طعام الأحياء) ، والله هو الذي يتحكم في بركات السماء والأرض ، فالإنسان الذي لا يأكل ولا يشرب في أيام معينة لا يتكون له مني الإنجاب فقط بل يموت.
لهذا فإن خلق الإنسان وسائر الكائنات الحية الأخرى واستمرارها في الحياة متوقفان على قدرة الله تعالى ومشيئته وسأبين الآيات الدالة على أن أسباب تكوين طعام الإنسان مصدرها الله. فاطر الآية 2 : "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم" ، فاطر الآية 3 : "يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إلــه إلا هو فأنى تؤفكون" ، ، سبأ الآية 24 : "قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله". وعبس الآيات 24-32 : "فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبنا وزيتونا ونخلا وحدائق غلبا وفاكهة وابا متاعا لكم ولأنعامكم" ، والنمل الآية 64 : "أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض أ إلــه مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين" ، وغافر الآية 13 : "هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب" ، والسجدة الآية 27 : "أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون" ، يس الآيات 33 ، 35 : "وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملت أيديهم أفلا يشكرون".
فعمل الإنسان لتكوين طعامه واجب وضروري ولكنه إذا لم يوفر الله أسباب تكوين الطعام ومواده الأساسية وهي بركات السماء والأرض فإن الإنسان لا يستطيع توفير طعامه وشرابه ولو أراد العمل. فالمصبرات والمواد الغذائية المتوفرة بفضل التكنولوجيا المتطورة تنفذ إذا أمسك الله الماء وحفت الأرض ، والمعامل الصناعية تتوقف إذا منع الله الماء لأن كل المواد الأصلية للتغذية والصناعة وغيرها أصلها من الماء ، النجار لا يستطيع صنع المائدة إذا ماتت الأشجار ، ومعمل صنع الملابس لا يستطيع العمل والإنتاج إذا جفت الأرض وانعدم القطن والصوف. بل الإنسان الذي ينتج بعمله يموت مثل المخلوقات الحية الأخرى إذا منع الله الماء والهواء ، لقوله تعالى في سورة هود الآية 6 : "وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين" ، ورزق الإنسان عند الله هو بركات السماء والأرض. ويبقى عمله ضروريا لتكوين رزقه وطعامه.
فالطائر لا يأتيه رزقه وهو جالس في عشه ، بل لا بد له أن يطير ويعمل لكسب طعامه ، قال الله تعالى في سورة الشورى الآية 12 : "له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم" ، والزمر الآية 52 : "أو لم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون" ، والأعراف الآية 10 : "ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش قليلا ما تشكرون" ، والروم الآية 50 : فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير" ، وفاطر الآية 9 : "والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور" ، والنبأ الآيات من 14 إلى 16 : "وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا لنخرج به حبا ونباتا وجنات ألفافا" ، والبقرة الآية 22 : "الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون" ، البقرة الآية 29 : "هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا"، البقرة الآية 168 : "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا" ، والحج الآية 5 : "وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بـهيج" ، والنحل الآيتين 10 و11 : "هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون" ، والنحل الآية 12 : "وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون" ، لا يمكن للإنسان أن يكون طعامه بدون وجود الشمس التي تنمي الإنسان والحيوان والنبات وتنير الكون ، والنحل الآية 13 : "وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون" ، والنحل الآية 14 : "وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونـها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون" ، والنحل الآية 18 : "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" ، خلق الله الكائنات الحية ومنها الإنسان ولكنها لا تستطيع الحياة إلا إذا وفر لها الله المواد التي تكون منها طعامها ومصدرها ما خلق الله من ماء وبركات الأرض والهواء ، وسورة طه الآيتين 53-54 : "الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك لآيات لأولي النهي" ، والجاتية الآيتين 4 و5 : "وفي خلقكم وما يبث من دابة آيات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتـها وتصريف الرياح آيات لقوم يعقلون". لا أحد في الكون غير الله يستطيع الإتيان بنور إذا منع الله ضوء الشمس ولا أحد يستطيع إنزال الماء من السماء إذا منعه الله ولا أحد يستطيع توفير الهواء الضروري للتنفس إذا منعه الله ولو تقدمت العلوم والتقنيات. الله تعالى قادر على منع الإنسان من مصادر طعامه كعقاب له لتـتوقف حياتهفقد يمنع نزول الماء، هود 44 : " و قيل يا أرض ابلعي ماءك و يا سماء أقلعي و غيض الماء و قضي الأمر و استوت على الجودي و قيل بعدا للقوم الظالمين " بل إن الله قادر على إتلاف محصول الأرض و ما عليها من نباتات و زرع و فواكه و غيرها من مصادر طعام الإنسان فيموت الناس جوعا، يونس 24 : " إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس و الأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها و ازينت و ظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نـهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الايات لقوم يتفكرون "
لهذا فإن حياة الإنسان بقدرة الله وبأمره لأنه هو خالق الإنسان ومكون مادة استمرار حباته. لهذا قال الله جل جلاله في الداريات الآيات 22 و23 و58 : "وفي السماء رزقكم وما توعدون ، فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون" ، و"إن الله هو الرازق ذو القوة المتين" ، فلا أحد يحصل على رزق ليكون طعامه إلا بفضل بركات السماء والأرض وهي خاضعة لقدرة وسلطة الله تعالى إن شاء بسطها وإن شاء أمسكها حسب ما يقرره في إطار تدبيره للكون ، ومنه مكافأة الناس عن أعمالهم ، الأعراف الآية 96 : "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" ، وهود الآية 52 : "ويا قوم استغفروا ربكم ثم ثوبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين".
إن الله تعالى استخلف الإنسان في الأرض لمدة مؤقتة إلى أن يموت ويحيه للحياة الدائمة الثانية وسخر له ما في الكون لقوله تعالى في سورة الإسراء الآية 70 : "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا". وأبراهيم الآية 32 : "الله الذي خلق السماوات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره وسخر لكم الأنهار وسخر لكم الشمس والقمر دائبين وسخر لكم الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموه وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار" ، ولقمان الآية 20 : "ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة".
ب - الموت بقدرة الله تعالى :
كل إنسان من خلق الله تعالى ، وكل إنسان ميت حتما لأن الحياة الأولى بالدنيا مؤقتة ونهايتها الموت ، ويبعث الله الأموات للحياة الدائمة في الآخرة بعد الحساب والجزاء.
قال الله تعالى في سورة الواقعة الآيتين 60-61 : "نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين ، على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون" ، والملك الآية 2 : "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا" والأحسن عملا هو الملتزم بشرع الله تعالى قولا وعملا سرا وعلانية ، والبقرة الآية 148 : "أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا" ، والعنكبوت الآية 57 : "كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون" ، والرحمان الآيتين 26 و27 : "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" ، والجمعة الآية 8 : "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" ، وابراهيم الآية 19 : "ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد" ، والنحل الآية 70 : "والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير" ، والحجر الآية 23 : "وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون" ، والمؤمنون الآيتين 15 و16 : "ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون" ، والأنبياء الآيتين 34 و35 : "وما جعلنا البشر من قبلك الخلد أ فإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت" ، ولقمان الآية 34 : "وما تدري نفس بأي أرض تموت ، إن الله عليم خبير" ، والزمر الآيتين 30 و31 : "إنك ميت وإنـهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون" ، والحديد الآية 2 : "له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير" ، ويونس الآية 56 : "هو يحيي ويميت وإليه ترجعون" ، والزمر الآية 44 : "قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون" ، الإسراء الآية 99 : "أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا". التوبة الآية 39 : "إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير" ، وفاطر الآيات 15 ، 17 : "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ، إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز" ، والمعارج الآيتين 40 و41 : "فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين" ، والواقعة الآيات 83-87 : "فلولا إذ بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ، فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونـها إن كنتم صادقين" ، لا أحد غير الله يستطيع إرجاع الروح لإنسان ميت – الله تعالى له قدرة وسلطة فوق كل ما خلق ولا أحد في الكون يستطيع منع تنفيذ أوامر الله تعالى وتدبيره للكون وما فيه ، يؤكد ذلك الواقع وتؤكده عدة آيات كريمة منها فاطر الآية 44 : "أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا" ، والأنعام الآية 18 : "وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير" ، والعنكبوت الآية 22 : "وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" ، حتى بالنسبة للرسل فهم خاضعون لقدرة الله فلا يمنعه أحد من معاقبتهم إن أراد ذلك ، الحاقـة الآيات 43-47 : "تنـزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين" ، والنمل 10 و11 "يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم".
الأنعام 17 : "وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير" ، وسبأ الآية 9 : "أ فلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بـهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب" ، الحج الآية 65 : "ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم" إذا أذن الله بسقوط السماء على الأرض فكل المخلوقات الحية تموت ، والأحزاب الآية 17 : "قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا".
إذا أراد الله بقدرته تبتلع الأرض كل ما عليها من بشر مثل قارون أو تسقط قطع من السماء فتميت كل من على الأرض ونفس الحكم الشرعي نجده في سورة الملك الآية 16 : "أ أمنتم من السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور" ، والملك الآية 17 : "أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير" ، فالله قادر على فناء الكون ومن أراد بالريح القوية المهلكة والمميتة. والزلزلة الآيات 1-8 : "إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم ، فمن يعلم مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره". فلا أحد غير الله يمنع زلزال الأرض بكاملها وابتلاعها كل ما عليها ومنهم البشر. ولا أحد يمنع حكم الله إن أراد خيرا أو شرا بإنسان بسبب أعماله الفتح الآية 11 : "قل فمن يملك لكم من السماء شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا" ، والمائدة الآية 17 : "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما".
إذا قامت ساعة فناء الكون بأمر من الله وعلمها عنده سبحانه فلا أحد يستطيع منع قضاء الله وحكمه ، وتؤيد ذلك عدة آيات منها القصص الآية 88 : "كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون" ، وق الآيتين 43-44 : "إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير" ، والحج الآية 66 : "وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور" ، والزمر الآية 42 : "الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" ، ويس 83 : "فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون" ، ويونس الآية 31 : "قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون" ، وغافر الآية 68 : "هو الذي يحي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون" ، والشورى الآية 9 : "فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير" ، والروم الآية 19 : "يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحي الأرض بعد موتـها وكذلك تخرجون" ، وفعلا أحي الله تعالى قوم موسى بعد موتـهم ، البقرة الآيتين 55-56 : "وإذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون. ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون" ، والبقرة الآية 28 : "كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون" ، والروم الآية 25 : "ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون" ، والروم الآية 40 : "الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلك من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون" ، ولقمان الآية 28 : "وما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير" ، والحج الآيتان 6 و7 : "ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور" ، والزمر الآية 68 : "ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون" ومريم الآية 40 : "إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون" ، والرحمان الآيتان 26 و27 : "كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام" ، ومريم الآيات من 93 إلى 95 : "إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمان عبدا ، لقد أحصاهم وعدهم عدا ، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا" ، وطه الآية 55 : "منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى" ، والسجدة الآية 11 : "قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون".
الله تعالى له قدرة فناء الكون في أي وقت وبعث الناس أحياء من جديد لمحاسبتهم عن أعمالهم في الدنيا. وله كذلك قدرة على منع المخلوقات الحية من طعامها كعقاب عن ذنوب أو ابتلاء أو لإنهاء الحياة كلها في الدنيا. وتؤيد ذلك عدة آيات أخرى منها الملك الآية 21 : "أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور" ، العنكبوت الآية 17 : "إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون" ، والرزق هو الماء والهواء وبركات الأرض ، حتى ولو أراد الإنسان العمل ومهما تطورت وسائل التكنولوجيا ، إذا منع الله الماء والهواء كل الأحياء تموت حتما ولا أحد بإمكانه توفير الماء والهواء للناس إلا الله. والملك الآية 30 : "قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين" ، والبقرة الآية 266 "أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابـهما إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون". وإذا حرث الفلاح الأرض وزرعها فمن يسقيها غير الله ، إذا لم ينزل المطر بأمر الله لا يجد الناس ما يأكلون ، وإذا أمسك الله الهواء الذي يحرك كل دابة في الكون فإن ذلك يؤدي إلى توقف حركة التنفس والفناء سورة الشورى الآية 33 : "إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور" ، واستخلص من هذه النقطة في البحث (أ) ما يلي : يا أيها الناس في كل العالم اعلموا وتأكدوا من كوننا جميعا من خلق الله ومن روحه ومن جنته التين الآية 4 : "إنا خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" ، مصدرنا أبونا آدم وأمنا حواء ، النساء الآية 1 : "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة" ، وتقوى الله هي الالتزام بالقرآن الكريم. وخلقنا الله مستحقين للجنة عند ولادتنا لأن الكتاب المخصص لأعمالنا لم تسجل فيه أية سيئة ، فلنعمل بما أنزل الله لنا وهو القرآن قولا وعملا ، سرا وعلانية لنعود إلى أصلنا وهو الجنة.
يا أيها الناس في كل أنحاء العالم إنكم إخوة في الأصل ، إنكم جميعا من آدم وحواء ، وقد بعث الله لكم رسوله محمد عليه وعلى جميع الرسل صلاة الله وسلامه لقوله تعالى في سورة الأعراف الآية 158 : "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إلــه إلا هو يحيي ويميت ، فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون" ، واتباع الرسول هو الالتزام بالقرآن الكريم، لقوله تعالى في الأعراف الآية 157 : "فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون" ، والأنعام الآية 155 : "وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترخمون" ، البقرة الآية 21 : "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون" ، النساء الآية 170 : "يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم" ، والنساء الآية 174 : "يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا" ، ويونس الآية 57 : "يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين" ، ويونس الآية 104 : "قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين" ، ويونس الآية 108 : "قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه" ، الحج الآية 1 : "يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم" ، والآية 5 : "يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم … " ، والآية 49 : "قل يا أيها الناس ، إنما أنا لكم نذير مبين" ، و الآية 73 "يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ، إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له" ، فاطر الآية 5 : "يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور" ، ولقمان الآية 33 : "يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق". كل هذه الآيات وغيرها تؤكد أن كل إنسان في الكون خلقه الله وأنزل له القرآن ليعبد الله طبقا لأحكام القرآن وحده دون سواه ، طبعا السنة مبينة للقرآن ولا يجوز أن تكون مخالفة له.
واعلموا أيها الناس وتأكدوا أن حياتنا ووجودنا من خلق الله وروحه وبفضل الله الذي بيده مادة حياتنا ، وهي الماء وبركات الأرض والهواء ، الأعراف الآية 96 : "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" ، الحج الآية 40 : "ولينصرن الله من ينصره" ، الله أقوى من الكون وما فيه ولا يحتاج إلى من ينصره ولكن نصر الله هنا الالتزام بالقرآن والدفاع عنه وعن بلاد الإسلام. وبيده موتنا وبعثنا للحساب والجزاء للحياة الدائمة في الجنة أو النار حسب أعمالنا المسجلة عنا ، يا أيها الناس في كل أنحاء العالم ، كلنا جميعا خلق وخلفاء الله ووجودنا متوقف على إرادة الله وأحب إنسان وأكرمه عند الله الإنسان الذي هو أكثر التزاما بالقرآن الكريم لقوله تعالى في عدة آيات منها الحجرات الآية 13 : "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" ، والذين لم يلتزموا بالقرآن هم الخاسرون وليسوا من كرماء الناس عند الله.
فلنعبد أيها الناس من خلقنا ويراقبنا ويطعمنا ومن سخر لنا كل ما في الكون وكرمنا ، فلنعبد الله الذي لا إلــه إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم والذي نحن له وإليه راجعون حتما ، ولا تكون عبادة الله إلا بالالتزام بأحكام القرآن قولا وعملا ، سرا وعلانية.
لقد تعمدت تكرار النداء لإخواني بني آدم في العالم ، وأعتذر لأني مشتاق لإقناع غير المقتـنـعـين بأحكام القرآن الكريم واعتناقهم دين الله الحق الإسلام والإخلاص لخالق الكون ومدبر أموره وهو الله تعالى.
المبحث الثاني براهين وآيات دالة على قدرة الله تعالى
أعالج هذا المبحث في فقرتين الأولى محاسبة الله للناس عن أعمالهم وهي برهان ودليل على قدرة الله المطلقة في الكون ، والفقرة الثانية أبين فيها بعض الآيات الدالة على قدرة الله حيث تأكدت في الواقع وصدقها العقل البشري.
الفقرة الأولى : محاسبة الله للناس عن أعمالهم برهان على قدرته المطلقة
في هذه الفقرة يتأكد لنا بالبراهين والأدلة القاطعة على أن الله تعالى له قدرة مطلقة في مجال مراقبة أعمال الناس وأقوالهم سرا وعلانية ، بل يعلم ما في صدور وعقول الناس حتى ولولم يبدوه للغير ، والله قادر على محاسبة الناس عن أعمالهم وقادر على الجزاء المخصص لعملهم. النقطة أ - قدرة الله على مراقبة ما خلق ، والنقطة ب- قدرة الله على الجزاء عن أعمال ما خلق.
أ - قدرة الله تعالى على مراقبة ما خلق :
طبقا لسورة يونس الآية 14 والحديد الآية 7 وغيرهما من آيات القرآن الكريم ، خلق الله الناس واستخلفهم في الأرض ليعيشوا فيها مرحلة مؤقتة قبل حياتهم الدائمة بعد موتهم وبعثهم للحساب عن أعمالهم في حياتهم الأولى المؤقتة في الدنيا. وكل إنسان سوف يحاسبه الله عن أقواله وأعماله يوم القيامة. فيجازيه بالجنة أو النار حسب ما يستحقه. طبعا هناك عقاب الله عن الذنوب في الدنيا أيضا يضع له أجله المحدد.
ومن قدرة الله تعالى وسلطانه وحكمه للكون وما فيه أنه يراقب أعمال وأقوال كل مخلوقاته البشرية وغيرها ويعلم ما في عقول الناس وأفكارهم واعتقادهم جميعا وفي نفس الوقت وباستمرار ، ويعلم الله تعالى لغات كل المخلوقات ووسائل اتصالها مهما اختلفت وتعددت وتطورت. وسوف أبين الآيات الكريمة المؤكدة لقدرة الله على مراقبة الناس ، قال الله تعالى في العنكبوت الآية 10 : "أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين" ، هذه الآية تدل على أن الله يعلم أسرار كل ما في الكون ولا يعلمها أحد سواه ومنها أسرار الإنس والجن والملائكة.
وفي سورة القصص الآية 69 : "وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون" ، آل عمران الآية 29 : "قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله" ، التغابن الآية 4 : "يعلم ما في السماوات والأرض ويعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور" ، والبقرة الآية 77 : "أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون" ، والنمل الآية 74 : "وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون" ، والبقرة الآية 33 : "ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون" ، والأنعام الآية 3 : "وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون" ، والنحل الآية 19 : والله يعلم ما تسرون وما تعلنون" ، وابراهيم الآية 38 : " ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء" والآية 42 : "ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار" ، والأنبياء الآية 110 : "إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون" ، والأحزاب الآية 54 : "إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما" ، ويس الآية 76 : "إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون" ، والبقرة الآية 225 : "يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" والآية 235 : "واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه" ، من حكمة الله وقدرته أنه يتحكم في أجسام مخلوقاته ومنها البشر ويعلم ما في عقولها وقلوبـها وحده. فإذا كان الناس بإمكانـهم العلم بما يقول الناس ويعلمون ما يقال ويفعل أمامهم أو بأجهزة سمعية بصرية ، فإنـهم لا يعلمون ما يدور في باطنهم وعقولهم من نوايا وأفكار أبدا وحتى الملائكة لا يعلمون ما بعقل الإنسان وما يفكر فيه ، والجن ومنه الشياطين لا يعلمون ما في اعتقاد الإنسان وما في نفسه، ومن الآيات الدالة على مراقبة الله للناس يس الآية 12 "إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين" ، والكهف الآية 49 : "ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا" ، والزخرف الآية 80 : "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بل ورسلنا لديهم يكتبون" ، والجاتية الآية 29 : "هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعلمون" ، وق الآيات من 16 إلى 18 : "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد" ، والحديد الآية 4 : "وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير" ، والانفطار الآيات من 10 إلى 12 : "وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون" ، والمجادلة الآية 6 : "يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله على كل شيء شهيد" ، والنبأ الآيات 27-30 : "إنـهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا وكل شيء أحصيناه كتابا فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا" ، والزمر الآية 7 : "ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور" ، وسبأ الآية 3 : "عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين" ، والمائدة الآية 105 : "إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون" ، والحجرات الآية 18 : "إن الله يعلم غيب السماوات والأرض والله بصير بما تعملون" ، والمؤمنون الآية 62 : "ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون" ، والعنكبوت الآية 11 : "وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين" ، والتغابن الآية 7 : "زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملـتم و ذلك على الله يسير" ، و يونس 61 : "و لا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه و ما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض و لا في السماء و لا أصغر من ذلك و لا أكبر إلا في كتاب مبين " والأنعام الآية 60 : "وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون" ، الله وملائكته لا يكتبون عن النائم ليلا أو نـهارا أي شيء لأنه لا يتكلم ولا يعمل ولا يعقل. وفي سورة فصلت الآية 40 : "إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير" ، فأعضاء الإنسان تشهد عليه أمام الله يوم القيامة بخصوص أعماله والله بقدرته ينطقها. فصلت الآيتين 20 و21 : "حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وابصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون. وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون" ، ويس الآية 65 : "اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون" ، والنور الآية 24 : "يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون" ، فكيف لا يستحيـي الإنسان من أعضائه التي تشهد عليه ومن الله الذي يراقبه وهو من روحه وخاضع لقدرته ويعلم ما في نفسه والملائكة تكتب عنه وتلازمه ويتبع سبيل الله ويلتزم بالقرآن ؟ وفعلا قال الله تعالى في سورة النساء الآية 108 : "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبـيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا".
ومن الآيات الدالة على مراقبة الله للإنسان التوبة الآية 105 : "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" ، والإسراء الآيتين 14 و15 : "إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ظل فإنما يضل عليها" ، فجزاء العمل يعود على صاحبه وحده خيرا أم شرا ولا يمس الله في شيء فهو قوي وغني عن العالمين لقوله تعالى في سورة محمد الآية 32 : "إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم" ، والمجادلة الآية 7 : "ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم" ، والمجادلة الآية 11 : "والله بما تعملون خبير" ، والمجادلة الآية 13 : "والله خبير بما تعملون" ، والملك الآية 13 : "وأسروا قولكم أو أجهروا به إنه عليم بذات الصدور" ، والتغابن الآية 2 : "هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملوا بصير" ، والجمعة الآية 8 : "قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تتردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون" ، والبقرة الآية 110 : "إن الله بما تعملون بصير" ، هود الآية 61 : "اعبدوا الله ما لكم من إلــه غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" ، يونس الآية 14 : "ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون" ، الله تعالى قادر على أن يجعل كل الناس في الكون مؤمنين متقين ولكن ترك الحرية لهم وقرر جزاءهم عن أعمالهم ، وأذكر بالآية 40 من سورة فصلت : "اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير" ، ويونس الآية 99 : "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا" ، السجدة الآية 13 : "ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" ، والبقرة الآية 140 : "وما الله بغافل عما تعملون" ، الآية 144 : "وما الله بغافل عما يعملون" ، والآية 284 : "وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله" ، والأنعام الآية 120 : "وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون" ، يونس الآية 46 : "فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون" ، ويونس الآية 61 : "ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين".
إن الله بقدرته المطلقة يراقب أعمال كل مخلوقاته ومنها الرسل والأنبياء لأنـهم ملزمون هم أيضا بالالتزام بشرع الله المنـزل وبتبليغه للناس وتنفيذ أوامر الله تعالى. ومن الآيات الدالة على ذلك هود الآية 112 : "فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إني بما تعملون بصير" ، والحاقة الآيات 43 إلى 47 : "تنـزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين" ، والجن الآية 22 : "قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا" ، والأنعام الآية 15 : "قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم" ، والأنعام الآية 17 : "وإن يمسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسك بخير فهو على كل شيء قدير" ، وفي الواقعة التي حدثت لنبي الله يونس عليه السلام مثال على خضوع كل مخلوقات الله لقدرة الله ، الأنبياء الآيتان 87 و88 : "وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إلـه إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين" ، ترك نبي الله يونس قومه بدون إذن الله فأغرقه في الماء والتهمه السمك ، ولما ندم واستغاث بالله قبل موته أخرجه إلى اليابسة بقدرته وأعاد له الحياة.
وقصة ابن نوح الذي كفر فأغرقه الله رغم كون نوح طلب من الله إنقاذه. هود الآية 45 : "ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي" ، والآية 46 : "قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح … " ، والرسل لهم هم أيضا كتبهم التي سجلت فيها أعمالهم ولهم حسابـهم يوم القيامة أيضا لقوله تعالى في سورة الأنعام الآية 52 : "ما عليك من حسابـهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء" ، الأحزاب الآيتان 7 و8 : "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما". الله تعالى راقب الرسل وهم أيضا مسؤولون أمامه عن أعمالهم ، والزمر الآيتان 30 و31 : "إنك ميت وإنـهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون" ، الأنبياء الآيتان 34-35 : "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ، أفإن مت فهم الخالدون كل نفس دائقة الموت" ، والمؤمنون الآيتان 15 و16 : "ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون".
هذه الآيات الكريمة تؤكد بأن قدرة الله لا تعلوها قدرة نـهائيا وأن كل ما خلق الله خاضع لسلطان الله وقدرته وحكمه ومراقبته وتصرفه العادل ومنهم الرسل والأنبياء المؤمنون الآية : 51 : "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم" ، النمل الآيتان 10 و11 : "يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم".
ب- قدرة الله على الجزاء عن أعمال الناس :
خلق الله تعالى كل الكون وما فيه ومنه الإنسان الذي استخلفه ليعمر الأرض وسخر له ما في الكون ولكن بشرط أن يطيع الله تعالى ويعبده ويلتزم بالشرع الذي ينـزله إليه ، وفعلا نزل الله عدة شرائع متتابعة ولكل أمة حسب مرحلتها الزمنية في الكون شرعها الذي يلغي ما سبقه من شرائع وينسخها. فالشرع المنزل من الله هو النظام الذي يجب أن يعيش الناس طبقا لأحكامه ، وشرع الله هو مادة الامتحان الذي قرره الله للناس في حياة الدنيا ليحصلوا على جزاء أو مقابل لأعمالهم يوم يحاسبون أمام الله تعالى بعد بعثهم وإحيائهم بعد الموت. فكما سبق أن بينت أدلة مراقبة الله تعالى للناس وتسجيل أقوالهم وأعمالهم طيلة حياتـهم في الدنيا في الكتاب المخصص لكل واحد فإن الله تعالى له قدرة كذلك على مكافأة كل إنسان عن أعماله بعد موته وبعثه في الحياة الآخرة والدائمة. فالأمم السابقة والتي أنزل لها الله شرائع كثيرة كامتحان لها في الحياة الدنيا مسؤولة أمام الله تعالى عن تطبيق الشريعة المخصصة لكل أمة ، منذ رسول الله نوح إلى رسوله محمد عليهما وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه ، البقرة الآية 134 : "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون" ، المائدة الآية 48 : "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة .." ، الله غير الشرائع من أمة إلى أخرى حسب ما رآه صالحا في مختلف مراحل الزمن ، ولم يجعلهم على شريعة واحدة منذ آدم ولم يجعلهم كلهم مؤمنين رغم قدرته تعالى على ذلك، هود 118 : " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة" و يونس 47 و 49: " و لكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط و هم لا يظلمون " " لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون " و الحجر 5: " ما تسبق من أمة اجلها و ما يستأخرون ". هناك آيات مؤكدة لهذه الحقيقة البقرة الآية 36 : "ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين" والآية 38 : "قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، والذين كفروا وكذبوا باياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون" والهدى هو الشرع أو الكتاب الذي ينـزله الله لأمة معينة في مرحلتها الزمنية.
وأمة القرآن تعني كل الناس بالكون لأن الله تعالى أنزل القرآن الكريم لكافة الناس بالعالم ونسخ به كل الشرائع السابقة ، الزمر الآية 41 : "إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق" ، الأعراف الآية 158 : "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا" ، يس الآيات 60 – 62 : "ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ، ولقد أضل منكم جيلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون" ،فهذا الأمر وجهه الله تعالى لكل أبناء ادم و هم كل الناس في العالم دون استـثناء لأي سبب كان، التوبة الآية 33 : "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون"، و ص 87 : " إن هو إلا ذكر للعالمين " و القلم 52 : " و ما هو إلا ذكـر للعالمين " و التكويـر 27و28 : " إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم ". فالذكر هو القران الكريم و هو الشرع الملزم لكل إنسان في العالم و لا يكون مؤمنا و مستقيما إلا إذا كان عمله و سلوكه و قوله طبق أحكام القران، و يونس 57: " يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم و شفاء لما في الصدور و هدى و رحمة للمؤمنين " ويونس 104: " قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله و لكن أعبد الله الذي يتوفاكم و أمرت أن أكون من المؤمنين " و يونس 108 : " قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم " و الانبياء 107: " و ما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ".
الله موجود والقرآن شرعه المنـزل لكافة الناس بالكون ، فاقرؤوا القرآن وتدبروا آياته يا بني آدم لتتأكدوا أنكم ملزمون بعبادة الله طبقا للقرآن دون سواه من الشرائع الأخرى السابقة.
لهذا فإن مادة الامتحان الذي قرره الله لكافة الناس بالعالم هو القرآن فمن التزم به وطبقه وعاش حياته في الدنيا طبقا لأحكامه يعتبر فائزا في الامتحان، وحياته الدائمة في الآخرة هي السعادة في الجنة ، ومن أعرض عن القرآن ولم يلتزم بأحكامه في الدنيا خسر الامتحان وبالتالي ستكون حياته الدائمة في الآخرة في النار.
سوف أبين الآيات الكريمة المبينة لمفهوم الجزاء الإلاهي والآيات الدالة على أن قدرة الله على الجزاء عن أعمال الناس مطلقة وعادلة.
1 – مدلول الجزاء الإلاهي عن أعمال الناس :
الجزاء الذي يخصصه تعالى للناس عن أعمالهم يوم الحساب بعد موتهم وبعثهم ، هو نتيجة الامتحان الذي اجتازوه في الدنيا. ومادته طبعا القرآن الكريم ، ومن الآيات المؤكدة لذلك العنكبوت الآية 23 : "والذين كفروا بآيات الله ولقائهأولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم" ، والأعراف الآية 156 : "ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة ، والذين هو بآياتنا يؤمنون" ، والسجدة الآية 22 : "ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون" ، وطه الآية 124 : "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" والزمر الآية 55 : "واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون" ، الأعراف الآية 3 : "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون" ، الطلاق الآيات من 8 إلى 10 : وكأين من قرية عتت عن أمر ربـها ورسله فحاسبناها حسابا شديدا ، وعذبناها عذابا نكرا ، فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا ، أعد الله لهم عذابا شديدا فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا" والذكر هو القرآن الكريم ، والحج الآيتان 56 و57 : "الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين" ، وسبأ الآيتين 4 و5 : "ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم ، والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم" ، والأنفال الآية 52 : "كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبـهم إن الله قوي شديد العقاب" ، وغافر الآية 6 : "وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنـهم أصحاب النار" ، السجدة الآيات 18 إلى 20 : "أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ، أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون ، وأما الذين فسقوا فمأواهم النار" ، والروم الآيتان 15-16 : "فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون" ، وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون" ، الزخرف الآية 72 : "وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعلمون" ، الزخرف الآية 74 : "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون" والمجرمون هم الذين خالفوا أحكام القرآن ، ويونس الآية 4 : "إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم ، وعذاب أليم بما كانوا يكفرون" ، ويونس الآية 52 : "ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون".
إن الله تعالى يحاسب الناس ويجازيهم عن أعمالهم طبقا لأحكام القرآن الكريم ، فإن التزموا بـها وعملوا بـها يجازيهم بالرحمة والثواب في الدنيا والآخرة ، وإن خالفوها يجازيهم بالعذاب في الدنيا والآخرة. لهذا فإن القوانين الوضعية في بلاد الإسلام يجب أن تكون مطابقة لأحكام القرآن الكريم ومطبقة لها ، ويجب على العلماء الـمتقين الصادقين وأولي الأمر المؤمنين في بلاد الإسلام كلها أن يحددوا هذه القوانين المطبقة للقرآن لأن كثيرا من المؤمنين وغيرهم في بلاد الإسلام أميون ولا يفهمون أحكام القرآن الملزمة لهم ، إن أحسن وسيلة للدعوة الإسلامية هي وضع أحكام القرآن في صيغة قوانين وضعية وتطبيقها بصرامة وبعدل. سورة المائدة الآيتان 48 و49 : "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق" ، "وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك".
ورغم ذلك فالله تعالى بقدرته المطلقة وقضائه وقدره أحكم الحاكمين وهو قادر على فعل ما يريد والحكم في الدنيا والآخرة ، القصص الآية 88 : "كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون" ، يونس الآية 109 : "واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين" ، والتين الآية 8 : "أليس الله بأحكم الحاكمين" ، والزمر الآية 46 : "قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون" ، والزمر الآيتان 30-31 : "إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون" ، والحج الآية 69 : الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون".
وفي إطار توضيح أساس الجزاء الإلاهي عن أعمال الناس أبين بأن الإيمان بقضاء الله وقدره من شروط الإيمان بالله ، ولكن الله تعالى وإن كان فعالا لما يريد وقدرته مطلقة وإذا قضى أمرا فإنه يتحقق ولا يستطيع أحد في الكون منعه ، فإن الله عادل ولا يظلم كما سوف أبين في الفصل الثاني من هذا البحث. فأساس جزاء الله هو عمل الإنسان والله لا يتدخل بقضائه وقدره في إرادة الإنسان ظلما ولا يقبل المنطق والعقل وشرع الله القرآن بأن نقول بأن الظالم ارتكب ظلمه بقضاء الله وقدره ، فالقول بذلك كذب على الله الذي هو الحق ومصدر العدل ولا يظلم. لا يمكن أن يعاقب الله إنسانا على فعل قدر عليه فعله. وهناك آيات كثيرة مؤكدة لمسؤولية الإنسان عن أعماله وأقواله بل حتى ما في نفسه أمام الله وأن له حرية في اختيار العمل الذي يريد.
وجزاء الله تعالى عن أعمال الناس يكون في الدنيا والآخرة بالرحمة والثواب إن عمل الإنسان طبقا لأحكام القرآن وبالعقاب والعذاب إن كان عمل الإنسان مخالفا لأحكام القرآن. مثلا الأنبياء الآيتان 83 و84 : "وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين. فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين" ، والأنبياء الآيتان 85 و86 : "واسماعيل وادريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين" ، وبخصوص غرق نبي الله يونس الأنبياء الآية 88 : "فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين". ، والتوبة الآيات 75-77 : ومنهم من عاهد الله لئن آتانا منن فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ، فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبـهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون" ، والزمر الآية 8 : "وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله. قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار" ، وفصلت الآية 51 : "وإذ أنعمنا على الإنسان أعرض ونآ بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض" ، وفصلت الآيتان 49-50 : "لا يسأم الإنسان من دعاء الخير وإن مسه الشر فيؤوس قنوط ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة" ، والله تعالى يعطي رحمته وثوابه في الآخرة لمن يستحقها بعمله وهو الالتزام بأحكام القرآن وتطبيقها ، الأعراف الآية 156 : "ورحمتي وسعت كل شيء ، فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون" ، والعنكبوت الآية 23 : "والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم". الأنعام الآية 147 : "فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين".
وعذاب الله تعالى عن مخالفة القرآن والظلم يكون جزء منه في الدنيا وهو العذاب الأصغر والجزء الأكبر في الآخرة بعد البعث ، فصلت الآية 16 : "فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون" ، القلم الآية 33 : "كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون" ، البقرة 85 : "فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون". والسجدة الآية 21 : "ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون".
والله تعالى يضع أجلا للعقاب في الدنيا قبل عقاب الآخرة الأكبر ، النحل الآية 61 : "ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" ، الكهف الآية 58 : "وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا".
فاطر الآية 45 : "ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا" ، الله تعالى يؤجل العقاب عن الذنب لإعطاء فرصة للمذنب كي يندم عن دينه ويتوب إلى الله توبة نصوحا بحيث يلتزم بأحكام القرآن باستمرار عسى أن يعفيه الله من العقاب ويغفر له ذنبه. الرعد الآية 6 "إن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب".
الكهف الآيتان 58-59 : "وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا" ، العنكبوت الآية 53 : "ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون" ، الحجر الآيات 4-5 : "وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون" ، عذاب الله وعقابه يأتي بأجل الأنعام الآية 44 : "فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون".
فالله رحيم ينذر الناس قبل العقاب ، الإسراء الآية 15 : "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" ، والنبأ الآية 40 : "إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا". الله قادر على التحكم والتصرف في أجسام الناس وعقولهم وقادر على التواب والرحمة والعقاب يونس الآية 99 : "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا" ، والأنعام الآية 35 : "ولو شاء الله لجمعكم على الهدى" ، والسجدة الآية 13 : "ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" ، والنحل الآية 9 : ولو شاء الله لهداكم أجمعين" ، ولكن ترك للناس حرية العمل ، واذكر بالآيات السابقة ومنها فصلت الآية 40 : "اعملوا ما شئتم إني بما تعملون بصير".
والله لا يعاقب قبل تبليغ شرعه بواسطة الرسل الأنعام الآية 83 : "وتلك حجتنا آتيناها ابراهيم على قومه" ، والشعراء الآيتان 208-209 : "وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ، ذكرى وما كنا ظالمين" ، غافر الآية 15 : يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق" ، والأنعام الآية 51 : "وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربـهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون" ، القصص الآية 59 : "وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون" ، والكهف الآية 1 و2 : "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويـبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا". القصص الآية 59 : "وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون" ، ابراهيم الآية 52 : "هذا بلاغ للناس ولينذروا به" والآية 44 : "وأنذر الناس". لهذا أمر الله المؤمنين الصادقين بالدعوة الإسلامية لتبليغ القرآن.
الله تعالى بين للناس في القرآن الأعمال التي تؤدي إلى الجنة ومن خالفها يكون مصيره جهنم خالدا فيها لقوله تعالى في كثير من الآيات منها الشمس الآيات 7-10 : "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها والنازعات الآيات 37-41 : "فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونـهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى" ، فالله تعالى لم يمارس قدرته المطلقة لهداية الناس جميعا ، ولكن ترك لهم حرية العمل ليمتحنهم في الحياة الدنيا ويجازيهم بنتيجة اجتيازهم الامتحان الدنيوي لقوله تعالى في سورة يونس الآية 14 : "ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون" ، الملك الآية 2 : "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا" ، فالإنسان مسؤول عن أعماله ويجازيه الله بعدل عنها ، وعذاب الله عن الذنوب في الدنيا لا علاقة له بظلم الناس فيما بينهم بحيث إذا ظلم إنسان آخر فذلك الظلم ليس من قدرة الله وقضائه وحكمه بل الظالم ظلم بمحض إرادته وسيعاقبه الله عن عمله طبقا لأجله ، وتؤكد ذلك آيات منها العنكبوت الآية 10 : "ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله". فالله عادل ولا يظلم ، فلا يدفع الظالم إلى ارتكاب الظلم أبدا ، فإذا ترك إنسان سيارته مفتوحة وفيها حقيبة أموال ، وسرقت أمواله من السيارة فليس معنى ذلك أن الله قدر عليه السرقة بل الخطأ يعود إليه لأنه لم يقفل سيارته ولم يخصص لها حراسة. وفعلا قال الله تعالى : "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" ، وأيضا "خذوا حذركم".
والله تعالى حرم ظلم الناس لقوله : "إن الذين يظلمون الناس ويفسدون في الأرض لهم عذاب أليم" ، الأنعام الآية 82 : "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانـهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" ، فكل خرق لأحكام القرآن يعاقب عليه الله تعالى. الشورى الآية 42 : "إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم".
إن ظلم الناس ومصائبهم فيما بينهم لا تكون عذابا من الله لأنه لا يظلم ، وكذلك ابتلاء الله للناس لامتحانـهم أمام الناس وإظهار خباياهم وإيمانـهم أو كفرهم ونفاقهم لا يعتبر عذابا من الله وعقابا عن الذنوب وتؤيد ذلك عدة آيات منها البقرة الآيتان 155-156 : "ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبثر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" ، والعنكبوت الآيات 1-3 : "ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين" ، فالله عالم بما في نفوس الناس أجمعين ويعلم سرهم وما في عقولهم وقلوبهم ولكن يبتليهم ليكشف سرهم للناس والملائكة ولأن الله تعالى وحده يعلم الغيب وما في النفوس كلها بالكون ، النمل الآية 74 : "وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون" ، وآل عمران الآية 29 : "قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض" ، والكهف الآية 7 : "إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا" ، والمائدة الآية 48 : "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ، ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا" ، الله ينزل شريعة في الكون على كل الناس في مرحلة تاريخية معينة ثم تأتي مرحلة أخرى فينسخها بشريعة أخرى لحكمة يعلمها مثل القرآن الكريم الذي نسخ به الله كل الشرائع السابقة وبالتالي فهو ملزم ومن الله لكافة الناس في العالم وكل من التزموا وآمنوا به وعملوا به يشكلون أمة واحدة في هذه المرحلة التاريخية منذ البعثة المحمدية إلى الأجل الذي يعلمه ربنا وخالقنا والمتصرف فينا الله جل جلاله. ومن الآيات الدالة على الابتلاء الأنبياء الآية 35 : "كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون" ، وهود الآية 7 : "وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا" ، والأنعام الآية 53 : "وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين" ، والحج الآية 11 : "ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين" ، والتوبة الآية 126 : "أو لا يرون أنـهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون" ، لكن الله قادر على عقاب الناس وخلق أسباب معاقبتهم والتصرف في أجسامهم ولا أحد يمكنه منعه من ذلك.
والبقرة الآية 251 : "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين" ، والبقرة الآية 253 : "ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد" ، والحج الآية 40 : "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" ، الله تعالى قوي وهو القاهر فوق عباده ولا يحتاج إلى من ينصره ولكن الدفاع عن القرآن واجب شرعي فرضه الله ومن يدافع عن القرآن وبلاد الإسلام والدعوة الإسلامية يخلق الله الأسباب لنصره وحمايته. والأنعام الآية 65 : "قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض أنظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون".
ومن رحمة الله تعالى وعدله أنه لا يعاقب الناس عن ذنوبـهم وسيئاتـهم مباشرة إثر إجرامهم ومخالفتهم لأحكام القرآن ، بل يضع أجلا للعقاب لعل المجرم والمذنب أو المسيء يتراجع عن ظلمه ويتوب لله توبة نصوحا فيرد الحقوق إلى أهلها ويتسامح معهم ويرجع إلى الالتزام بأحكام القرآن الكريم بصفة لا رجعة فيها. وتؤيد ذلك عدة آيات الكهف الآيتان 58 – 59 : "وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا ، وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا" ، والعنكبوت الآية 53 : "ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون" ، والحجر الآيتان 4 و5 : "وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون" والنحل الآية 61 : "ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون" ، والأجل في هذه الآية الكريمة يتعلق بالعقاب والعذاب في الدنيا قبل الآخرة. وفاطر الآية 45 : "ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا" ، ويونس الآية 50 : "قل أريأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نـهارا ماذا يستعجل منه المجرمون" ، والله تعالى رحيم ورؤوف بالناس ولا يعاقب قبل إعطاء فرصة للتوبة والعودة إلى الصراط المستقيم وقد ينبه الله المجرم وينذره بعذاب بسيط وقد يؤتيه من رحمته لعله يثوب إلى الله ويعود للالتزام بالقرآن ، وإذا استمر في ظلمه ينـزل عليه العقاب الشديد ، البروج الآية 10 : "إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا ، فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق" ، الأنعام الآية 44 : "فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون" ، والأنعام الآيتان 42 و43 : "ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبـهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون" ، والرعد الآية 6 : "وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب" ، والأنعام الآية 6 : "فأهلكناهم بذنوبـهم". الله تعالى يؤجل العقاب عن مخالفة القرآن الكريم وارتكاب الذنوب لعل المذنب يرجع إلى صوابه ويتوب لله. فإذا تاب لله وعمل صالحا والتزم بأحكام القرآن بدون رجعة وقبل الله توبته فإن الله تعالى لا يعاقبه ويمحو ذلك الذنب من كتابه. لقوله تعالى في سورة المائدة الآية 39 : "فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم" ، وطه الآية 82 : "وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى" ، والمائدة الآية 40 : "ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير" ، الله تعالى حق النور الآية 25 : "يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين" ، ومصدر الحق والعدل ولا يظلم مثقال ذرة أبدا رغم قدرته وقضائه وقدره المطلق ، فهو يغفر للذي تاب توبة نصوحا دون رجعة للذنوب ويعذب المجرم الذي لم يتب عن الذنوب رغم أجل العقاب ولم يعد إلى الالتزام بالقرآن. فالله لا يشاء إلا الحق والعدل ولا يظلم وسوف أعمق ذلك في الفصل الثاني من هذا البحث المتعلق بعدل الله تعالى.
نستنتج من هذه الآيات الكريمة أن الله تعالى يجازي الناس عن أعمالهم في الدنيا والآخرة ، بناء على التزامهم أو عدم التزامهم بالقرآن الكريم. طبعا سنة الرسول عليه صلاة الله وسلامه لا يجوز شرعا بأن تكون مخالفة لأحكام القرآن بأمر من الله تعالى كما ورد ذلك في القرآن. وكل القوانين الوضعية في بلاد الإسلام يجب أن تكون مطابقة للقرآن ، وجزاء الله يكون رحمة وتوابا عن الأعمال المطابقة للقرآن وعقابا وعذابا عن الأعمال المخالفة لأحكام القرآن الكريم. فلا ينال رحمة الله إلا المؤمن الصالح والمتقي الملتزم بأحكام القرآن بينما المخالف لشرع الله ينال عذاب الله وعقابه في الدنيا والآخرة.
ونستنتج كذلك بأن العذاب والمصائب التي تصيب الإنسان تكون لأسباب ثلاثة : إما بسبب عقاب الله عن الذنوب التي حل أجلها المحدد ، وإما بسبب الابتلاء من الله لإظهار ما يكتمه الإنسان ، أو بسبب ظلم الناس فيما بينهم بمحض إرادتهم دون تدخل القدرة الإلاهية إلا في حالة ما إذا أراد الله تعالى حماية المؤمن الصالح المتقي لقوله تعالى في عدة آيات منها فصلت الآيتان 30-31 : "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة" ، والأحقاف الآيتان 13-14 : "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف علهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون" ، والحج الآية 40 : "ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز".
2 – قدرة الله تعالى على الجزاء مطلقة وعادلة :
إن الله تعالى يراقب أعمال الناس ويجازيهم عنها في الدنيا والآخرة. وقد سبق ذكر الآيات الدالة على ذلك. وبعد الموت يحاسب الإنسان أمام الله حسابا عادلا لينال الجزاء. قال الله تعالى في سورة المؤمنين الآيتان 15 و16 : "ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون" ، ويس الآية 32 : "وإن كل لما جميع لدينا محضرون" ، والأنعام الآية 62 : "ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين" ، وابراهيم الآية 48 : "يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار" ، والأنبياء الآية 1 : "اقترب للناس حسابـهم وهم في غفلة معرضون" ، والبقرة الآية 281 الآية : "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" ، والسجدة الآيتان 19 و20 : "أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون" ، وسبأ الآيتان 4 و5 : "ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم. والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم" ، فالذي التزم بالقرآن وعمل بأحكامه جزاؤه السعادة في الدنيا والآخرة حيث يعيش عيشة دائمة في الجنة ، والذي أعرض عن القرآن وخالف أحكامه جزاؤه الشقاء والعذاب في الدنيا والآخرة حيث يعيش عيشة دائمة في جهنم. حتى ولو كانت له أموال ومتاع في الدنيا فإنه ينال فيه عذاب الله وبعد الموت يعذب العذاب الأكبر في جهنم. قال الله تعالى في سورة البقرة الآية 126 : "ومن كفر فأمتعه قليلا ثم اضطره إلى عذاب النار وبئس المصير" ، وقال الله تعالى عن الكفار في التوبة الآية : 85 : "ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبـهم بـها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون". والأنبياء الآية 1 : "اقترب للناس حسابـهم وهم في غفلة معرضون" ، والأنبياء الآية 47 : "ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل آتينا بـها وكفى بنا حاسبين" ، والقارعة الآيات 4 إلى 11 : "يوم يكون الناس كالفراش المبثوت وتكون الجبال كالعهن المنفوش فاما من تقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية ، وما أدراك ماهيه نار حامية". والمؤمنون الآية 102 : "فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون" ، وابراهيم الآية 51 : "ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب" ، والأعراف الآيتان 8 و9 : "والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون" ، والزمر الآية 51 : "فأصابـهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيـبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين" ، والدخان الآية 52 : "إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون" ، والزخرف الآية 74 : "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون" ، والأنفال الآية 52 : "فأخذهم الله بذنوبـهم إن الله قوي شديد العقاب" ، الرعد الآية 11 : "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من والي" ، فكل من يستحق العقاب يعاقبه الله دون تميـيز" ، والجاتية الآيتان 28- 29 : "اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون" ، ويونس الآية 52 : "ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون" ، والفرقان الآية 19 : "ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا"، الشورى الآية 42 : "إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم" ، الأنعام الآية 82 : "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانـهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون" ، والفرقان الآية 37 : "واعتدنا للظالمين عذابا أليما" ، وغافر الآية 40 : "من عمل سيئة فلا يجزي إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب" ، فالإنسان مسؤول أمام الله عن عمله وقضاء الله وقدره لا يتدخل في حرية العمل لدى الإنسان. والآيات السابقة تؤكد هذه الحقيقة.
الله تعالى رغم قدرته وقضائه وقدره المطلق لا يظلم الناس أبدا. لهذا علينا أن نلتزم بأحكام القرآن لأننا مسؤولون عن أعمالنا والله تعالى عادل ولا يقدر علينا خرق القرآن وظلم الناس. النحل الآية 93 : "ولتسألن عما كنتم تعملون" ، والطور الآية 21 : "كل امرئ بما كسب رهين" ، والأنعام الآية 52 : "ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين" ، فكل إنسان ولو الرسل يحاسبهم الله ويجازيهم عن أعمالهم بعدل. ولا أحد يمنع الله من الجزاء ، الطور الآية 16 : "اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم ، إنما تجزون ما كنتم تعملون". والأنبياء الآيتان 42-43 : "قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمان بل هم عن ذكر ربـهم معرضون أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون" ، لا أحد يحمي الناس من عذاب الله وقدرته ولا أحد يعفيهم من عذاب الله أبدا ، البقرة الآية 165 : "ولو يرى الذين ظلموا إذ يروا العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب" ، والروم الآية 57 : "فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتـهم ولا هم يستعتبون" ، وغافر الآية 6 : "وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنـهم أصحاب النار" ، والبقرة الآيتان 161-162 : "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون" ، والزخرف الآيات 74 إلى 76 : "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين" ، والروم الآية 36 : " وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون".
إن الإنسان مسؤول عن أعماله الدنيوية أمام الله وهو حر في عمله يراقبه الله ويجازيه عن أعماله. لهذا من الخطأ القول بأن الإنسان مسير في أعماله وخاضع لقضاء الله وقدره في أعماله. فهناك مجال لحرية الإنسان في العمل في إطار قدرة الله العادلة وهو مسؤول أمام الله عن عمله ويجازيه عنه.
إن قضاء الله وقدره وقدرته على التصرف في الكون مطلقة لأنه يفعل ما يريد ، ولكن في إطار العدل والحق. الله تعالى يحمي المؤمن وييسر أموره للخير إن أراد ، الأعلى الآية 8 : "ونيسرك لليسرى" ، والليل الآيات 5-11 : "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ، وما يغني عنه ماله إذا تردى". ويعاقب الله الظالم حسب الأجل الذي يضعه له في الدنيا قبل الآخرة فيقدر عليه ما يشاء ويريد في إطار ما يستحق من عقاب أو في إطار الابتلاء لإظهار الواقع النفسي للملائكة والناس ، الله تعالى يخلق الأسباب والوقائع لتحقيق كل ما يريد ، ولكن لا يظلم ولا يقدر إلا العدل والحق والحكمة والصواب قال تعالى الرعد الآية 11 : "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" ، فالله يعطي رحمته وعذابه لمن يستحقهما ، محمد الآية 7 : "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم" ، ونصر الله هو الالتزام بشرعه والدفاع عنه ، لأن الله قوي ولا يحتاج إلى نصر غيره.
إن القرآن نزل بقضاء الله وقدره وشرع الله لا أحد بإمكانه إلغاؤه أو تبديله أبدا إلا الله. ومن أحكام القرآن الكريم آيات دالة بصراحة ووضوح على أن الإنسان مخير في أعماله ومراقب عنها وينال الجزاء المخصص لها في الدنيا والآخرة ، الشمس الآيات 7-10 : "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها" ، والنازعات الآيات 37-41 : "فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونـهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى" ، فلا يمكن القول بأن الإنسان خاضع في كل أعماله لقضاء الله وقدره. والقول بذلك كذب على الله ، بل إن قضاء الله وقدره هو الذي نزل به القرآن وفيه أحكام شرعية قررت بأمر الله أن الإنسان حر في أعماله ومسؤول عنها أمام الله الذي يجازيه عنها ، طبعا له مسؤولية كذلك أمام السلطة الزمنية.
والله تعالى بقدرته المطلقة يتصرف في جسم الإنسان إن أراد به خيرا أو شرا في إطار الجزاء عن الأعمال ، ولكن لا يظلم ولا أحد بإمكانه منع قضاء الله وقدره. الله تعالى لا يقدر على الظالم فعل ظلمه أبدا لعدة آيات منها الأعراف الآية 28 : "وإذا فعلوا فاحشة ، قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ، قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ، أتقولون على الله ما لا تعلمون" ،والنحل الآية 90 : "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي" ، والعنكبوت الآية 10 : "ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أودي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله" ، فالمصائب الناتجة عن ظلم الناس بعضهم لبعض ليست من قضاء الله وقدره بل الظالم ارتكبها بمحض إرادته ويعاقبه الله عن ظلمه.
والله تبارك وتعالى وحده العالم بالغيب وبما وقع ويقع في الحاضر والمستقبل ويعلم ما في عقول ونفوس كل المخلوقات ومنها. الإنسان ، والله يعلم ما ينفع الإنسان وما يضره ، ومن قدرته إرشاد وهداية المؤمنين إلى الخير والصواب إن أراد ، ومن قدرته إحباط أعمال الكفار والظالمين إن أراد. ومن قدرة الله هداية وإرشاد المؤمنين الصالحين و حمايتهم إذا شاء ، وهناك وقائع وآيات كثيرة مؤكدة لذلك منها الإسراء الآية 74 : "ولولا أن ثبتناك لكدت تركن إليهم" ، والفتح الآية 24 : "وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيدكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا" ، وابراهيم 27 : "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء"، و فصلت 30 و 31: " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تـتنـزل عليهم الملائكة ألا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا و في الاخرة و لكم فيها ما تشتهي أنفسكم و لكم فيها ما تدعون " و الأحقاف 13 و 14: " إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون أولائك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون " و يونس 62 الى 64: " ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنون الذين ءامنوا و كانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا و في الاخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ". وقد حفظ الله رسوله يوسف من كيد النساء وصرف عنه السوء. يوسف الآية 24 "كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ، إنه من عبادنا المخلصين" ، والآية 34 : "فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم". ولما وضع الكفار رسول الله ابراهيم في النار لإحراقه تحولت إلى برد وسلام بقدرة الله وأمره. وبقدرة الله أخرج الحوت نبي الله يونس من البحر الذي غرق فيه وأعاد الله له الحياة ، وهناك أمثلة أخرى كثيرة.
لهذا فالذي يقرر فعل شيء مستقبلا قد تمنعه إرادة الله العادلة ولسبب مستحق لا ظلم فيه ، الكهف الآية 23 : "ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا ، إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدينـي ربي لأقرب من هذا رشدا" ، قد يقرر بناء بناء دار في الشهر المقبل لكن قضاء الله وقدرته المطلقة قد تحول دون بناء هذه الدار لأسباب أربعة :
1 – قد يأتي أجل موت البناء قبل البدء في البناء
2 – قد يبتلي الله البناء بمصيبة مرض أو غيره لاختيار إيمانه وصبره وكشفه للملائكة والناس لأن الله يعلم ما في النفوس.
3 – قد يأتي أجل عقاب الله للبناء عن ذنوب سبق أن ارتكبها فيحول العقاب دون إنجاز البناء ، الشورى الآية 30 : "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم".
4 – قد يأتي يوم الساعة وهي اللحظة التي يفنى فيها ما في الكون ويموت كل الناس من أجل البعث للحساب أمام الله يوم القيامة وأجل ووقت ساعة الفناء علمها عند الله وحده ، النازعات الآيات 42-46 : "يسألونك عن الساعة إيان مرساها ، فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها" ، إنما أنت منذر من يخشاها كأنـهم يوم يرونـها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها" ، يوسف الآية 107 : "أ فآمنوا إن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون" ، الأحزاب الآية 63 : "يسألك الناس عن الساعة ، قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا".
إن ساعة موتنا جميعا لما تقوم ساعة الفناء للبعث والحساب قد يقررها الله أثناء قراءة هذه السطور أو كتابتها ، وعندئذ يقفل كتاب كل إنسان الذي تسجل فيه أعماله في الحياة الدنيا. فماذا ينفعنا إذا كان هذا الكتاب مملوءا بالسيئات والظلم أمام حساب الله والميزان ، القارعة الآيات 1-11 : "القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية ، وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ماهيه نار حامية".
فيا بني آدم احذروا قيام ساعة الفناء واعملوا طبقا للقرآن للفوز بسعادة الدنيا المؤقتة وسعادة الجنة في الآخرة الدائمة. فالإنسان عندما يموت ويدفن ويغطى بالحجر والتراب يواجه الحساب طبقا لأعماله بلا زيادة أو نقصان ، فلنفرح نحن الأحياء في الدنيا لأن أمامنا فرصة لتحسين أعمالنا بالتقوى والعمل الصالح والالتزام بأحكام شرع الله القرآن الكريم فنفوز في امتحان الحساب أمام الله تعالى واتباع صراطه المستقيم وطريق العودة إلى الجنة التي منها أصلنا وأبونا آدم وأمنا حواء عليهما السلام ، كل أطفال العالم يولدون مستحقين للجنة ، كتاب أعمالهم أبيض بدون سيئات ، ومن الخطأ القول بأن الإنسان يدخل الجنة برحمة الله وليس بعمله ، بل إن الإنسان لا يدخل الجنة فعلا إلا برحمة الله وفضله ولكن الله عادل ولا يمنح رحمته وفضله إلا لمن يستحقها بعمله الصالح والتقوى والالتزام بأحكام القرآن. وهناك عدة آيات مؤكدة لهذه الحقيقة منها الأعراف الآية 156 : "رحمتـي وسعت كل شيء ، فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون" ، والعنكبوت الآية 23 : "والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم" ، والإنسان الآية 31 : "يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما" ، والأنعام الآية 147 : "فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين".
لهذا فإن رحمة الله جزاء العمل الصالح والإيمان والتقوى أي الالتزام بأحكام القرآن وعذاب الله جزاء الكفر ومخالفة أحكام القرآن والظلم.
وعذاب الله كذلك لا أحد بإمكانه إعفاء الظالم منه ولو الرسل عليهم صلاة الله وسلامه. لقوله تعالى في عدة آيات منها الزمر الآية 47 : "ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" ، والروم الآية 57 : "فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتـهم ولا هم يستعتبون" ، ولا أحد يمكنه إعفاء إنسان من العذاب بشفاعة أو غيرها ولو الرسل. وهناك أدلة كثيرة منها السجدة الآية 4 : "ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون" ، والأنعام الآية 51 : "وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربـهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون" ، والأنعام الآية 70 : "وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون" ، والبقرة الآية 48 : "واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون" ، والبقرة الآية 123 : "واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون" ، والبقرة الآية 254 : "يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون" ، والزمر الآية 44 : "قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون" ، فالله تبارك وتعالى هو الذي يعفي المذنب من العذاب إذا تاب لله توبة نصوحا وطبقا لشروط التوبة ، بحيث لا يعود إلى ارتكاب الذنوب ويندم عنها ويرجع الحقوق لأصحابـها ويعود إلى التقوى والعمل الصالح بدون رجعة إلى الذنوب ، وفعلا لم تنفع شفاعة رسولي الله نوح ولوط عن زوجتيهما ولم تنفع شفاعة نوح عن ابنه بل عاقبهم الله عن ظلمهم. والدليل التحريم الآية 10 : "ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين" ، وهود الآيات 45-47 : "ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي ، وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم" ، فعاقبة الله رغم شفاعة نوح وهو رسول الله ، قال له الله تعالى رافضا شفاعته عن ابنه الكافر المؤمنون الآية 27 : "ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون".
وقد عاقب الله أب رسوله ابراهيم عليه صلاة الله وسلامه عن كفره وظلمه ولم تنفعه أبوته لرسول الله. وعاقب الله عم الرسول محمد عليه صلاة الله وسلامه أبو لهب ، ولم تنفعه قرابته به ، المسد الآيات 1 إلى 5 : "تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد" ، والمنافقون الآية 6 : "سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم".
إن قدرة الله وسلطانه على الجزاء عن أعمال الناس مطلقة وعادلة وتشمل كل الناس دون تمييز أبدا بما في ذلك الرسل والأنبياء. وهناك آيات كثيرة تعطي الدليل على ذلك منها الزمر الآية 69 : "واشرقت الأرض بنور ربـها ووضع الكتاب وجيئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون" ، والنمل الآية 10 و11 : "يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم" ، وهذا تأكيد من الله تعالى على معاقبة من يظلم ولو كان نبيا أو رسولا. والحاقة الآيات 43-47 : "تنـزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين" ، أكد الله تعالى بأنه قادر على معاقبة رسوله إذا حرف أو غير القرآن ولا أحد يستطيع منعه من ذلك.
والجن الآية 22 : "قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا" ، والملك الآية 28 : "قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" ، والزمر الآية 65 : "ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين".
وهذا وعد من الله بمعاقبة الرسل إن خالفوا شرائعه وظلموا والزمر الآية 38 : "قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون".
والأنعام الآية 52 : "ما عليك من حسابـهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء" ، وآل عمران الآية 128 : "ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبـهم فإنـهم ظالمون" ، فالرسل هم أيضا يحاسبون حسب أعمالهم المسجلة في كتبهم ، و لا يشاركون الله في قدرته وقضائه وقدره أبدا ، والأحزاب الآيتان 7 و8 : "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما" ، والإسراء الآية 75 : "إذا لاذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا" ، الأحزاب الآيتان 38 و39 : "ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا ، الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفر بالله حسيبا". والأنبياء الآيتان 87 و88 : "وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لاإلــه إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين".
وهذا دليل على قدرة الله المطلقة على توقيع الجزاء على من يستحقه ولو كان رسولا مثل يونس عليه السلام ، فقد عصى أمر الله فأغرقه في البحر ولما تاب قبل موته أخرجه الله بواسطة الحوت وأعاد إليه الحياة بقدرته.
بعد استعراضنا وتفحصنا وتدبرنا لهذه الآيات الكريمة نستنتج بأن الله تعالى بقضائه وقدره وقدرته المطلقة يملكنا سورة الناس1_3: " قـل أعوذ بـرب الناس ملك الناس إلاه الناس.. " وهو الذي خلقنا ونحن من روحه ، وأنه استخلفنا في الأرض لنعمرها إلى أجل مسمى وأنزل لنا القرآن مثل الشرائع السابقة وفرض علينا الالتزام به في حياتنا الدنيوية لنيل الجزاء عن أعمالنا. وفي أية لحظة يمكن أن يأتي أجل الموت أو أجل قيام الساعة والبعث للحساب بأية وسيلة أراد الله تعالى كمنع الماء والهواء والطعام أو زلزال الأرض أو العواصف المحرقة وغيرها. والله تعالى وحده قادر على ذلك ووحده عالم بما يريد تحقيقه ، الزخرف الآية 66 : "هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون" ، فماذا أعددنا أيها الناس بالعالم ، أبناء الأب الواحد والأم الواحدة آدام وحواء ؟ ماذا كسبنا من حسنات وعمل صالح وتقوى وتطبيق لأحكام القرآن الكريم ؟ ماذا سجل علينا في كتابنا لكي نفوز بالميزان ونعود إلى الجنة التي منها أصلنا ؟ علينا أن نفرح بفرصة وجودنا على قيد الحياة في الدنيا وأن نستغل هذه الفرصة بالعمل الصالح والتقوى وطاعة الله وعيادته ، سورة الداريات الآية 56 : "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" ، أي ليلتزموا بشرعي وهو القرآن ، فعبادة الله ليست الصلاة والصوم والزكاة والحج فقط بل الالتزام بكل ما في القرآن من أحكام شرعية.
عندما يدفن الإنسان الميت في قبره ويعود الناس إلى منازلهم فإن محاسبته عن أعماله تبدأ مباشرة طبقا لما في كتابه ، ولا يمكنه العودة إلى الدنيا لتحسين أعماله والعمل الصالح ، والمنافقون الآيتان 10 و11 : "وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتـي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتنـي إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ، ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون" ، ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها" ، لهذا يجب علينا انتهاز فرصة الحياة المؤقتة في الدنيا والعمل بما يرضي الله للفوز بالحياة الدائمة في الجنة بعد الموت والسعادة في الدنيا كذلك.
وطبعا العمل الحلال لكسب الرزق من عبادة الله تعالى التي تعني الالتزام بأحكام القرآن الكريم قولا وعملا سرا وعلانية. ومما يدل على أن العمل الحلال لكسب الرزق الحلال فرض من فرائض الإسلام ، الجمعة الآية 10 : "فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله" ، والابتغاء من رزق الله يكون بالعمل الحلال ويس 35 : "ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون" ، الأنفال الآية 60 : "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ، ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونـهم لا تعلمونـهم الله يعلمهم" ، ولا يمكن إعداد القوة بدون عمل جدي منتج وحلال في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية. فلو طبق القرآن بصدق في بلاد الإسلام ما خضع المسلمون لاستعمار الكفار ولما تخلفوا عن التقدم.
الفقرة الثانية : آيات دالة على قدرة الله المطلقة
الآية هي البرهان والدليل المقنع للعقل على شيء معين وبالنسبة لآيات الله تعالى فهي البراهين والأدلة القاطعة الدالة على قدرته لأنـها معجزات لا يستطيع الإنسان إنجازها ولا أي أحد غير الله. في النقطة الأولى سأعطي بعض الأمثلة عن آيات استطعت التوصل إليها وهي دالة أن الله فعال لما يريد وقدرته مطلقة والنقطة الثانية سوف أبين فيها آيات أخرى دالة على أن الله لا شريك له في قدرته وحكمه للكون وما فيه.
أ - أمثلة عن بعض الآيات الدالة على قدرة الله المطلقة :
لا يمكن حصر كل آيات الله تعالى الدالة على قدرته المطلقة في الكون لأن الله وحده عالم الغيب وكل مخلوقات الله لا تعلم ما يعلمه الله وسبق بيان الآيات القرآنية الدالة على ذلك. كما أن البحث في مجال كل الآيات الدالة على قدرة الله تعالى وقوته التي لا تعلوها قوة أبدا يحتاج إلى دراسة معمقة.
لهذا سأكتفي بأمثلة من آيات الله في هذا المجال ، قال الله تعالى في سورة فصلت الآية 53 : "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد" ، والأنبياء الآية 37 : "خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتي فلا تستعجلون" ، والشعراء الآية 4 : "إن نشأ ننـزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين" ، والأنعام الآية 37 : "وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينـزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون" ، وغافر الآية 13 : "هو الذي يريكم آياته وينـزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب" ، يوسف الآية 111 : "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب" ، ومن الآيات الدالة على قدرة الله الفريدة والمطلقة والعادلة ما يلي :
الله تعالى هو الذي يخلق ما في الكون ، والحياة والموت بيد الله ولا أحد يستطيع الخلق والحياة أبدا. يونس الآية 56 : "هو يحيي ويميت وإليه ترجعون" ، والآية 31 : "قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون".
إن حياة المخلوقات الحية ومنها الإنسان متوقفة على إرادة الله في أية لحظة. فإذا منع الهواء الذي تتنفسه تموت في الحين. فمن يعطي الهواء إلا الله. وطعام المخلوقات ومنها الإنسان يتوقف على الماء وبركات الأرض وطبعا العمل ولكن إذا منع الله الماء وبركات الأرض ينعدم الطعام فتموت المخلوقات الحية ومنها الإنسان ، فمن يستطيع توفير الماء غير الله ، الشعراء الآيتان 7 و8 : "أو لم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم ، إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين" ، والملك الآية 30 : "قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين" ، والزمر الآية 21 : "أ لم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يجعله حطاما إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب" ، والنحل الآيتان 9 و10 : "هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ، ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون" ، الأنبياء الآية 30 : "وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون" ، فمنـي الزوج الذي يتكون منه الجنين أصله من الماء ، والطعام أصل مواده من الماء ، والماء من صنع الله وتنـزيله بأمره ، وذلك من آيات الله الكبرى.
ومن يستطيع الإفلات من أجل الموت ، لا أحد يستطيع منع الموت والاستمرار في الحياة ولا إرجاع الروح لميت إلا الله تعالى. ومن آيات الله أنه يعلم وقت الساعة التي يفني فيها كل ما على الأرض ، فإذا جاءت الساعة المذكورة من يستطيع الإفلات منها ؟ ومن يستطيع الإفلات من زلزال الأرض وابتلاعها للبشر إذا أمر الله بزلزالها سورة الزلزلة الآيات 1-8 : "إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره".
ومن آيات الله تعاقب الليل والنهار بأمره ولمصلحة مخلوقاته ، الشمس كوكب عظيم يلتهب نارا وهي تنمي الإنسان والحيوان والنبات وتضيء الكون في النهار فيتمكن الإنسان وسائر الأحياء من العمل لكسب الرزق من فضل الله فمن يستطيع إنارة الكون إذا زالت الشمس بقدرة الله ويحقق النمو ؟ القصص الآية 71 : "قل أ رأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إلــه غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون". إن قدرة الله تعالى هي التي ترحم الإنسان وتحفظه من ظلام الليل الـممانع للرؤيا والعمل لكسب الطعام. كما أن استمرار الشمس وحرارتها المفرطة دون مجيء الليل فيه هلاك كذلك للإنسان وسائر المخلوقات. القصص الآيتان 72 و73 : "قل أ رأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إلــه غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون، ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون".
ومن يستطيع منع هجوم البحر على اليابسة واكتساح الأرض ، لنتذكر هجوم البحر على اليابسة بقارة آسيا (تسونامي) وما خلف من دمار وخراب وأضرار في آلاف القتلى والممتلكات بينما مسجد يذكر فيه اسم الله بقي شامخا لم يتهدم أليس في ذلك آية من آيات الله الدالة على قدرته بالعقاب والإنذار ؟
ومن آيات الله الدالة على قدرته حماية بني إسرائيل الذين آمنوا برسوله موسى عليه صلاة الله وسلامه من طغيان فرعون مصر البقرة الآية 50 : "وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون" ، والإسراء الآية 103 : "فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعا". من يستطيع فتح طريق بري وسط البحر إلا الله باستثناء النفق المغطى فوق أو تحت البحر ؟
لا أحد يعطي الروح للمخلوقات ولا أحد يعيد الروح لميت إلا الله تعالى. طلب كفار بني إسرائيل من موسى رؤية الله فماتوا بقدرة الله ثم عفا عنهم وأحياهم ليعطيهم آية من آياته. البقرة الآيتان 55 و56 : "وإذا قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتـكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون". وأعاد الله الروح لنبيه يونس عليه السلام بعد معاقبته بالغرق في البحر وقبل الموت استغفر الله وطلب نجدته وبقدرته أخرجه الحوت إلى اليابسة وأعاد الله له الروح والحياة لإكمال رسالته والدعوة لله. الأنبياء الآية 88 : "فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين".
ومن آيات الله أنه أمات رجلا وحماره مائة سنة ثم أحياهما بسبب شكه في قدرة الله وأعطاه دليلا على قدرته وجعل ذلك آية للناس ، البقرة 259 : "أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين لهه قال أعلم أن الله على كل شيء قدير".
وأحيا الله رجلا مقتولا ليصرح بمن قتله للناس بعد أن أخفى القاتل سره البقرة الآيتان 72 – 73 : "وإذ قتلتم نفسا فاذارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون ، فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون" ، ضربوا الميت بطرف من لحم البقرة التي أمرهم بذبحها فأحياه الله.
بعض بني إسرائيل الذين عصوا الله وخالفوا أحكام التوراة حولهم الله إلى هيئة قرود. البقرة 65-66 : "ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في البت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين ، فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين".
رسول الله ابراهيم عليه صلاة الله وسلامه وضعه الكفار في النار الملتهبة فلم تحرقه أبدا بقدرة الله ، الأنبياء الآيات 68-70 : "قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين ، قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين" ، العنكبوت الآية 24 : "فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون".
البقرة الآية 260 : "وإذ قال ابراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم" .
حصل الجفاف لقلة الماء لدى بني إسرائيل فطلب موسى من الله الماء فاستجاب له. البقرة الآية 60 : "وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربـهم" ، والأعراف الآية 160 : "وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم".
ومن آيات الله تعالى زوال الجبل بقدرة الله عندما كلم موسى مباشرة دون ملك من وراء حجاب. الأعراف الآية 143 : "ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صاعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين" ، وتدل عصا موسى على قدرة الله الذي يفعل ما يريد. فقد طلب فرعون من موسى آية من الله ليظهر نبوته ، الأعراف الآيات 106-107 : " قال إن كنت جئت بآية فات بـها إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين" ، والأعراف الآيات 117-120 : "وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون. فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين وألقى السحرة ساجدين" ، وطه الآيات 19 إلى 23 : "قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتـها الأولى واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى".
حذر الله تعالى الذين كفروا بموسى من قوم فرعون بنقص من مصادر الطعام التي هي بيد الله (بركات الماء وبركات الأرض) لعلهم يرجعون إلى الإيمان بالله ورسوله والعمل بشرعه الثوراة لكنهم استمروا في كفرهم ، الأعراف الآية 130 : "ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون" ، والأعراف الآيتان : "132-133 : "وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بـها فما نحن لك بمؤمنين ، فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين" والأعراف الآيتان 135-136 : "فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكتون فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنـهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين".
الله تعالى لا يعجل بالعذاب عن الذنوب بل يضع له أجلا ويعطي فرصة للمذنب لكي يتوب لله توبة نهائية ويتبع شرع الله ويلتزم به.
وقد يعذبه عذابا خفيفا لإنذاره أو يقلل على الناس وهناك مثال من نزول الماء ويقلل عليهم من بركات الأرض لكي يرجعوا عن الطغيان والإجرام والظلم ، وفي قارون الذي ابتلعته الأرض وماله بقدرة الله لما طغى وتكبر وظلم القصص الآيتان 81 و82 : فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين ، وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر".
ومن آيات الله إنزال خروف بواسطة ملك لابراهيم كي يذبحه عوض ذبح ابنه تنفيذا لرؤيا أمره الله فيها بذبح ابنه في إطار امتحان صدقه وبيانه للناس. الصافات الآيات 104-107 : "وناديناه أن يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم".
ومن آيات الله القضاء على النصارى الذين أتوا من الحبشة لهدم الكعبة بمكة المكرمة قبل البعثة المحمدية سورة الفيل الآيات 1-5 : "ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلناهم كعصف مأكول".
لقد أعاد الله البصر لوالد نبيه يوسف عليه السلام رغم أنه كان أعمى بمجرد وضع قميص يوسف على عينيه ، يوسف الآيتان 93 و96 : "اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا" ، "فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا، قال ألم اقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون".
وقد ذكر الله قصص الأنبياء السابقين لنستخلص منها الآيات الدالة على قدرته حيث يعطي رحمته للمتقين الصالحين وعذابه للمجرمين الظالمين ولا أحد في الكون يمنعه من ذلك أبدا ، يوسف الآية 111 : "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب" ، العنكبوت الآيتان 14 و15 : "ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون، فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين". ويونس الآية 73 : "فكذبوه فأنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين" ، والشعراء الآيات 118-121 : فأنجينا ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين" ، والفرقان الآية 37 : "وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية واعتدنا للظالمين عذابا أليما". فالله تعالى عاقب الذين كفروا بعد تبليغهم شرعه من طرف رسوله نوح عليه صلاة الله وسلامه. الأعراف الآية 64 : "فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنـهم كانوا قوما عامين" ، القمر الآية 15 : "ولقد تركناها آية فهل من مذكر".
ولما عصى قوم لوط رسول الله لوط وتمادوا في المنكر عاقبهم أشد العقاب ، الأعراف الآيتان 83-84 : فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين. وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين" ، والشعراء الآيات 170- 174 : "فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين". وهود الآيتان 82-83 : "فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد".
والعنكبوت الآيتان 34 و35 : "إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون" ، ولنا آية مهمة في ابتلاء الله قوم ثمود لما كذبوا نبيه صالح حيث أرسل ناقة لإظهار كفرهم لأنـهم عصوا أمر الله. القمر الآية 27 : "إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فارتقبهم واصطبر ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر فكيف كان عذابي ونذر إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر" ، والشعراء الآيات 154-158 : "ما أنت إلا بشر مثلنا فات بآية إن كنت من الصادقين ، قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم فعقروها فأصبحوا نادمين ، فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين" ، والنمل الآيات 50-52 : "ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون ، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين ، فتلك بيوتـهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون". والأعراف الآية 78 : "فأخذتـهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاتمين" ، ولما كذب قوم عاد برسول الله هود عذبـهم الله ، الأعراف الآية 72 : "فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين" ، والشعراء الآية 139 : "فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين" ، والقمر الآيات 18 إلى 20 : "كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر ، إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنـهم أعجاز نخل منقعر".
ولنا آية أخرى في كفر قوم شعيب برسالة الله الموجهة إليهم ، الشعراء الآيات 187-190 : "فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين ، قال رب أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ، إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين" ، والأعراف الآية 91 : "فأخذتـهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاتـمين" ، وهود الآية 94 : "ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاتمين".
ولنا في رسول الله عيسى عليه وعلى كل الرسل والأنبياء صلاة الله وسلامه آيات كثيرة دالة على قدرة الله تعالى وتدبيره للكون فقد ولدته أمه وحملت به في يوم واحد دون أب بحيث لم يجامعها ذكر. فكان عيسى بن مريم آية كبرى من آيات الله لأن الله تعالى نفخ في فرجها من روحه ، مريم الآية 20 : "قالت أنـى يكون لي غلام ولم يمسسنـي بشر ولم أك بغيا قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا". وقد كلم عيسى الناس وهو في المهد بقدرة الله تعالى ، مريم الآيتان 29-30 : "فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبيا".
المائدة 110 : "إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس في المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والثوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيأة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني وتبرئ الأكمه والأبرص بإذني وإذ تخرج الموتى بإذني وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات" ، والنساء الآية 157 : "وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ، ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا" ، فالذين يرفعون تماثيل الصليب مدعين أنه صلب وقتل مخطئون والذين يعتقدون عودة المسيح إلى الدنيا مخطئون لأنه مات مثل باقي الرسل والناس ولا يبعث إلا يوم القيامة.
والله نسخ الإنجيل والشرائع السابقة بالقرآن ، وكل من لا يعبد الله طبقا لأحكام القرآن الكريم مخطئ وفي ضلال وكفر. لأن إلغاء الشرائع ونسخها بالقرآن من قضاء الله وقدره وحكمه وقدرته.
هناك آيات دالة على أن القرآن شرع الله الوحيد لكافة الناس في العالم بما فيهم النصارى واليهود ، الأعراف الآية 158 : "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا" ، فعبادة الرسل كالمسيح أو محمد كفر وشرك بالله. المائدة الآية 15 : "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير ، قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين" ، فهذه الآية وغيرها دليل قاطع على أن القرآن أنزله الله لليهود والنصارى هم كذلك مثل كافة الناس في الكون ليلتزموا به ويطبقوه ، النساء الآية 79 : "وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا" ، آل عمران الآية 85 : " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".
ومن آيات الله مائدة الطعام التي أنزلها الله على رسوله عيسى وقومه. المائدة الآيات 112 إلى 114 : "إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينـزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين ، قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين ، قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين. قال الله إني منـزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لأعذبه أحدا من العالمين".
وتعتبر بعثة رسول الله محمد عليه وعلى جميع الرسل صلاة الله وسلامه آية لأنه حظي برضا الله وعلمه القرآن ومكنه من تبليغه للناس رغم كونه لم يكن متوفرا على المؤهلات الفكرية ، الجمعة الآية 2 : "هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين" ، والشورى الآية 52 : "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان" ، والنساء الآية 113 : "وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما" ، والعنكبوت الآية 51 : "أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون" ، ويونس الآية 16 : "قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون" ، يوسف الآية 3 : "نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين" ، يوسف الآية 6 : "وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك … " ، الله قادر على إعداد رسله لتبليغ كتبه ، يوسف الآية 22 : "ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين".
عاش محمد عليه صلاة الله وسلامه أربعين سنة قبل البعثة النبوية لا يحسن الكتابة ولا القراءة ولكن بقدرة الله وحكمته استطاع فهم القرآن وتبليغه للناس.
ومن آيات الله أنه أمر ملكه جبريل ليسري برسوله محمد ويذهب به من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بفلسطين ، وقد عاد به إلى المسجد الحرام بمكة في ليلة واحدة رغم المسافة الطويلة التي تقطع في عدة أيام ، الإسراء الآية 1 : "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير".
وقد حفظه الله وحماه من شر كفار قريش لما أرادوا قتله وقد اختفى مع أبي بكر الصديق في غار حراء بمكة ولم يستطع الكفار العثور عليه ، التوبة الآية 40 : "إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم".
ومن آيات الله حماية رسوله محمد عليه صلاة وسلام الله وحماية المؤمنين المشاركين معه في حرب بدر للدفاع عن المدينة في مواجهة الكفار المعتدين ، رغم كون المسلمين أقل عددا وعتادا ورغم تفوق الكفار وتحالفهم ، آل عمران الآيات 124 إلى 126 : "إذ يقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منـزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم".
ومن آيات الله في خلقه أنه جعل الحياة في الدنيا متوقفة على التعاون بين زوج وزوجة طبقا لعقد زواج مشروع ، لو قمنا بعملية إحصاء ميدانية في العالم لوجدنا أكثر من 90% من الرجال والنساء البالغين متزوجين. فالحياة الزوجية من خلق الله وهي نعمة ومؤسسة للتناسل والمحبة والمودة والتعاون ، فالزوج يحمي زوجته ويرعاها والزوجة كذلك البقرة الآية 187 : "هن لباس لكم وأنتم لباس لهن". الروم الآية 21 : "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" ، والواقع الاجتماعي الثابت يؤكد هذه الحقيقة. فلا يجد أي إنسان في الكون الأمان والثقة إلا في زوجته ولا تجد المرأة الأمان والثقة إلا في زوجها إذا بنيت علاقتهما الزوجية على أساس شرعي فعلا ، وهذا خلق من قدرة الله.
ومن آيات الله الكبرى أنه يسمع ويرى كل ما تقوله وتعمله كل مخلوقاته ويعلم ما تفعل من حركات وإشارات ومنها الجن والإنس والملائكة والحيوانات والطيور وغيرها من المخلوقات ، سواء كان ذلك الفعل والقول سرا أو علانية أو بإشارة.
فالله تعالى يعلم كل اللغات والحركات والإشارات لأنـها من خلقه ويعلم الله وحده ما في نفوس وقلوب وفكر كل ما خلق ، ويعلم ما وقع في الماضي وما يقع في الحاضر والمستقبل.
ويعلم الله تعالى كل ذلك في الليل والنهار وفي آن واحد بالكون وباستمرار منذ بدأ الخلق ، البقرة الآية 255 : "الله لا إلـه إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم".
يا أيها الناس يا بني آدام لم لا نستحي من الله تعالى الذي خلقنا ويملكنا ونحن من روحه ، فلنراقب تفكيرنا وما يدور في عقولنا وقلوبنا ولا نفكر فيما لا يرضي الله لأنه يعلم ما تفكر فيه وما في اعتقادنا قبل تجسيده بالقول والعمل ، فالمؤمن الصالح الصادق يخشى الله تعالى ولا يفكر في الشر والظلم بل في الخير والحسنى والصلاح والتفكير السديد ، النساء الآية 108 : "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى" ، اوالآية 284 : "وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله" ، فالإنسان مسؤول أمام الله عن تفكيره واعتقاده وما في قلبه ، فلو راقب الناس تفكيرهم واعتقادهم وضبطوه ولم يفكروا إلا فيما يرضي الله ، فإن جوارحهم وأعمالهم وأقوالهم ستكون حتما فيما يرضي الله ، وبذلك يتم بناء مجتمع التقوى والقرآن والسعادة والأمان.
ومن قصص رسل الله وملاحظة حقيقة الكون وما فيه تؤكد بأن الله تعالى له قدرة مطلقة على خلق ما يريد وإنهاء وجود ما يريد وفعل ما يريد لكن كما سوف نرى في الفصل الثاني من هذا البحث يمارس الله قدرته وقضاءه وقدره المطلق في إطار العدل ، فالله تعالى عادل ولا يظلم أبدا.
وسأعطي آيات أخرى تدل على أن الله تعالى لا شريك له في قدرته المطلقة.
ب - آيات دالة على أن الله لا شريك له في قدرته :
إن البحث في كل الآيات الدالة على أن الله لا شريك له في القدرة والقضاء والقدر في الكون يحتاج إلى دراسة معمقة أكثر ولكني أقتصر على بعض الآيات التي توصلت إليها في هذا المجال.
الله تعالى خلق الكون وما فيه ويدبر أموره بمفرده وبقدرته وقضائه وقدره وسلطانه ولا يشاركه في ذلك غيره ، فالإنسان وسائر المخلوقات كالملائكة والرسل والجن ومنه الشياطين لا تشارك الله في قدرته أبدا بل كل الكون وما فيه خلقه الله وخاضع لقدرته وحكمه ، وسأبين بعض الآيات الدالة على ذلك بالنسبة للملائكة والرسل والشياطين ثم أختم هذه النقطة بالآيات الدالة على أن الله فعال لما يريد ، وطبعا الله لا يريد إلا الحق والعدل وقدرته مطلقة ولكنها عادلة لأن الله هو الحق والعدل ولا يظلم.
بالنسبة للملائكة فهم من مخلوقات الله تعالى وخاضعون لقدرته وسلطانه وينفذون أوامره لتدبير أمور الكون وما فيه. الأنبياء الآيتان 26-27 : "وقالوا اتخذ الرحمان ولدا سبحانه ، بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون" ، والحجر الآية 8 : "ما ننـزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين" ، والتحريم الآية 6 : "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ، عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون" ، والبقرة الآية 32 : "قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" ، وفاطر الآية 1 : "الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث وربع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير" ، فالله تعالى ينـزل ملائكته في شكل إنسان بلباس الإنسان نفسه أو في شكل طائر يوحي للناس ما يريده الله أو في شكل حيوان كالكلب والقط وفي أي خلق أراد الله. النحل الآية 2 : "ينـزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إلــه إلا أنا فاتقون" ، والحج الآية 75 : "الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير" ، والقدر الآيات 1-5 : إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربـهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر" ، والشورى الآية 51 : "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم" ، فالملائكة خاضعون لقدرة الله ينفذون أوامره كل حسب اختصاصه ولا يشاركون الله في حكمه أبدا ، فمنهم من يبلغ أوامر الله إلى من يشاء من عباده المؤمنين ومنهم من يراقب أعمال وأقوال الناس في السر والعلانية ، الانفطار الآية 12 : "وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون" ، ويونس الآية 21 : "إن رسلنا يكتبون ما تمكرون" ، الزخرف الآية 80 : "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون" ، وهم الملائكة المنزلون بأمر الله لتنفيذ أوامر الله.
لا أحد يعلم الغيب ولا يعلم ما يقوله الله الملائكة وما يقوله للملائكة فيما بينهم إلا الله. الطور الآية 38 : "أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين" ، فالملائكة خلقهم الله قبل خلق الإنسان وكذلك الجن ومنه الشياطين ، البقرة الآية 30 : "و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة" ، والبقرة 34 : "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ، فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين" ، والكهف الآية 50 : "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه".
إن تنفيذ الملائكة أوامر الله وتنـزيلهم على عباد الله الذين اختارهم كأنبياء ورسل لتبليغ شرعه وعلى عباده المؤمنين الذين اختارهم لإنذار الناس بعد الرسل والأنبياء باستمرار إن ذلك لدليل من الأدلة القاطعة على أن الله تعالى موجود وقادر على كل شيء في الكون ولا يشاركه أحد ملك الكون وما فيه والتصرف فيه ، فإذا جاءتك أيها الإنسان رسالة بواسطة ساعي البريد أليست دليلا على وجود من أرسلها وكتبها ؟ كم من نبي ورسول بعثه الله لتبليغ شرائعه وكتبه للناس منذ نوح عليه السلام وكم من مؤمنين نزل عليهم الله ملائكته لإنذار الناس وحتهم على عبادة الله وطاعته والالتزام بالقرآن الكريم حتى كتابة هذه السطور. إن الله تعالى مدبر لأمور الكون الذي خلقه ويراقبه ويعلم ما وقع ويقع وسيقع فيه ، فلنؤمن يا بني آدم ، يا أبناء أم واحدة وأب واحد بمن خلقنا ونحن من روحه ويملكنا وحياتنا وموتنا بقدرته في أية لحظة ولنلتزم بالقرآن الذي أنزله للناس كافة في الكون ، يوسف الآية 40 : "إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم".
وبالنسبة لرسل الله من الناس هم أيضا مثل الملائكة والجن لا يشاركون الله في قدرته ورحمته وقضائه وقدره. بل إن كل ما خلق الله ومنهم الرسل خاضع لحكم الله ومراقبته ، الملك الآية 26 : "قال إنما العلم عند الله وإنما أنا نذير مبين" ، والجن الآية 26 : "عالم الغيب فلا يظهر على غيبة أحدا" ، والجن الآيتان 21 و22 : "قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا ، قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا".
والحاقة الآيات 43-47 "تنـزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوثين ، فما منكم من أحد عنه حاجزين" ، والأنعام الآية 52 : "ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين" ، فالرسل خاضعون مثل الناس والجن والملائكة لمراقبة وقدرة الله وسلطانه ، الأحزاب الآية 38 : "ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا". الممتحنة الآية 12 : "ولا يعصينك في معروف" ، الله تعالى جعل طاعة الرسل متوقفة على التزامهم بشرع الله ، فإذا خالفوا شريعة الله سقطت طاعتهم ووجب عصيانـهم فيما لا يرضي الله ، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وهو الله تعالى.
والرسل لا يمكنهم إعفاء الظالم من عقاب وعذاب الله ولا يمكنهم الشفاعة عند الله لقوله تعالى في عدة آيات منها الأنعام الآية 51 : "وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربـهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون" ، والبقرة الآية 48 : "واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون" ، والمؤمنون الآية 51 : "يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم" ، والنمل الآيتان 10 و11 : "يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم" ، والمائدة الآية 17 : "لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ، ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير" ، ويوسف الآية 110 : "حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنـهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فننجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين".
قال الله تعالى في سورة الأنبياء الآية 107 : "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" ، فالرحمة التي أرسلها الله ونزلها للناس بالعالم كله هي رحمة الله وليست رحمة رسله ، فرحمة الله في الالتزام بالقرآن وعذابه وعقابه في خرق القرآن والإعراض عنه. فالرسل ليسوا في حد ذاتـهم رحمة للناس لأنـهم لا يملكون قدرة الله ولا يمسون أحدا برحمة أو عذاب ، العنكبوت الآية 51 : "أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون" ، ويوسف الآية 111 : "وما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون" ، والأحقاف الآية 12 : "ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين" ، فالثوراة والإنجيل والقرآن وشرائع الله السابقة هي الرحمة من الله وليس الرسل الذين بلغوها ، فالرحمة والعذاب بقدرة الله تعالى وحده دون سواه ولو الرسل والأنبياء ، الأحزاب الآية 17 : "قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا" ، والملك الآية 28 : "قل أ رأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم" ، والأنعام الآية 147 : "فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين" والأعراف الآية 156 : "ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون" ، فلا أحد يعطي رحمة الله أو ينزعها إلا الله ولو الرسل والأنبياء ، بل الرسل كانوا محتاجين إلى قدرة الله ونصره ، لقد بلغ رسل الله شرائع الله بأمر من الله ولكن الذي يعبد هو الله تعالى وليس الرسل ، الكهف الآية 110 : "قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلاهكم إلــه واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا".
ونفس الحقيقة تقال عن الجن ومنه الشياطين ، إنهم خاضعون لقدرة الله وقضائه وقدره ومراقبته وجزائه ، الحجر الآية 27 : "والجان خلقناه من قبل من نار السموم" ، الرحمان الآية 15 : "وخلق الجان من مارج من نار" ، والسجدة الآية 13 : "ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين" ، فالجن ومنه الشياطين مسؤولون أمام الله عن أعمالهم ويحاسبون عنها مثل الإنسان. قال الله تعالى للشيطان ص الآيتان 84-85 : "قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين" ، فالشيطان خلقه الله ولكنه رفض السجود لآدم تحية وتكريما لما خلق الله ، البقرة الآية 34 : "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين" ، والكهف الآية 50 : "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا".
إن الشياطين أعداء للإنسان ويضلونـهم بإغوائهم عن سبيل الله ويدعونـهم إلى الفحشاء والكفر ، فاطر الآية 6 : "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ، إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير". فالشيطان يغوي الإنسان بقدرة الله إذا أراد ابتلاء الإنسان لإظهار إيمانه أو كفره أو لعقاب الإنسان بسبب ذنوبه.
وقد يغوي الإنسان بمجرد الحقد عليه دون قدرة الله ، وقد حذر الله تعالى الناس منه ، المجادلة الآية 10 : "إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون". والحشر الآية 16 : "كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين" ، ويس الآية 60 " "ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين" ، وفاطر الآية 6 : "إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير" ، وابراهيم الآية 22 : "وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم".
إن الشياطين خاضعين لقدرة الله وحكمه ، إن الله يستعملهم أداة لابتلاء الناس وإظهار حقائقهم ، العنكبوت الآيتان 2-3 : "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين". وسبأ الآيتان 20 و21 : "ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين ، وما كان له عليهم من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة مـمن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ".
ويسلط الله الشياطين على الظالمين لمعاقبتهم في الدنيا كذلك ، مريم الآيتان 83-84 : "ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافيرين تؤزهم أزا فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا " ، والزخرف الآية 36 : "ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين" ، فالذي يعرض عن القرآن ويخالفه يسلط عليه الله شيطانا يلازمه في كل أموره ويغويه ويزيده ضلالة.
إن الملائكة والجن ومنه الشياطين والرسل والناس وكل مخلوقات الله في الكون خاضعون لقدرة الله وحكمه ، وكل الكون وما فيه خاضع لقدرة الله وقضائه وقدره العادل ، وهناك أحكام شرعية بالقرآن تؤكد ما سبق بيانه ومنها النبأ الآيتان 36-37 : "جزاء من ربك عطاء حسابا رب السماوات والأرض وما بينهما الرحمان لا يملكون منه خطابا ، وفاطر الآية 13 : "ذالكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير" ، فالأصنام و الناس سواء أحياء أو أموات و الذيـن يتوجه إليهم الناس بطلباتـهم كقبور الزوايا لا يملكون من قدرة الله شيئا أبدا و لا يستطيعون لمن طلبهم نفعا و لا ضرا و كـل من التجأ إلـيهم مشرك بالله تعالى الأحقاف 5: " و مـن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلـى يوم القيامة و هم عن دعائهم غافلون" و الحج 73 :" ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا و لو اجتمعوا له و إن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب و المطلوب" و يونس 106: " و لا تدع من دون الله ما لا ينفعك و لا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين "، والبقرة الآية 107 : "ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" ، والبقرة الآية 165 : "ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب" ، والمائدة الآية 18 : "ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير" ، ص الآية 10 : "أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب" ، والنساء الآية 171 : "إنما الله إلــه واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا" ، والإخلاص الآيات 1-4 : "قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد" ، ومريم الآية 35 "ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون" ، الأنعام الآية 101 : "بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم" ، والصاحبة تعني الزوجة وشريكة الحياة ، الفرقان الآية 2 : "الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا"، والأنبياء الآية 25 : "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إلــه إلا أنا فاعبدون".
إن الله تعالى قادر على كل شيء ولا أحد في الكون يرد قضاء الله وقدره العادل ، هود الآية 107 : "إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد" ، والبقرة الآية 253 : "ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد" ، والقصص الآيتان 70 و88 : "وهو الله لا إلــه إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ، ولا تدع مع الله إلاها آخر لا إلــه إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ، والبقرة الآية 255 : "الله لا إلــه إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض" ، الطلاق الآية 3 : "إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا" ، والنساء الآية 47 : "وكان أمر الله مفعولا" ، ويس الآيتان 82 و83 : "إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون" ، والكهف الآيتان 23 و24 : "ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا" ، قد يقرر إنسان برنامجا لإنجازه في الشهر المقبل لكن قدرة الله قد تحول دون إنجاز العمل لأسباب يعلمها الله كأجل موت صاحب البرنامج أو عقابه الذي يحول دون الإنجاز حيث جاء أجله الذي خصصه له الله وقد يتعرض الإنسان لابتلاء من الله فيحول دون الإنجاز وقد يأتي وقت الساعة لفناء العالم فلا يتحقق العمل المقرر سابقا وقد يتعرض الإنسان لظلم من الناس وإغواء من الشيطان خارج عن إرادة الله وقدرته.
ما يقرره الله يتحقق في الكون ولا أحد يمنعه أبدا ، العنكبوت الآية 22 : "وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" ، أليس في خلق رسول الله عيسى عليه صلاة الله وسلامه آية كبرى لقدرة الله وقضائه وقدره ، إن مريم حملت ابنها يوما واحدا دون أن يمسها أحد ، وبمجرد ولادتها عيسى كلم الناس وكلم أمه وهو تحتها مباشرة بعد ولادته ، آل عمران الآيا 45 إلى 47 : "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ، قالت رب أنـى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ، قال كذلك الله يخلق ما يشاء ، إذ قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون" ، البقرة الآية 117 : "بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون" ، وفاطر الآية 3 : "يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إلــه إلا هو فأنى تؤفكون" ، لا أحد فعلا في الكون غير الله يوفر مصادر طعام الإنسان وكل الكائنات الحية ، لا أحد يفتح بركات السماء والأرض إلا الله ، أليست هذه آية كبرى دالة على وجود الله تعالى وقدرته وقضائه وقدره ؟ أليست دليلا على بعث الله للرسل وتكليفهم بتبليغ شرائعه وآخرها القرآن ؟ فلنعمل ولنلتزم بالقرآن في حياتنا سرا وعلانية قولا وعملا ، والبقرة الآية 22 : "الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون" ، والأنبياء الآية 23 : "لا يسأل عما يفعل وهم يسألون" ، وفصلت الآية 9 : "قل أ إنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين" ، والحديد الآية 3 : "هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم" ، والروم الآية 4 : "لله الأمر من قبل ومن بعد" ، والحديد الآية 5 : "له ملك السماوات والأرض وإلى الله ترجع الأمور" ، والطلاق الآية 12 : "الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنـزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما" ، والأنعام الآية 102 : "ذلكم الله ربكم لا إلــه إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل" ، والإسراء الآية 39 : "ولا تجعل مع الله إلاها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا".
لقد تأكد لنا أيها القراء الأحباء والعلماء العقلاء المحترمين والباحثين الموفقين المجدين في كل أنحاء العالم من خلال هذا الفصل الأول حول قدرة الله تعالى أن الله وحده لا شريك له أبدا خلق الكون وما فيه ومنه نحن أبناء آدم عليه السلام. فنحن من خلق الله ومن روحه استخلفنا في الأرض لنعيش ونعمل طبقا لشرائعه المنزلة عبر مراحل الزمن وخاتمها القرآن الكريم الذي ألغى كل الشرائع السابقة ونسخها بقدرة الله وقضائه وقدره. ويراقب الله أعمالنا ويجازي كل إنسان عن التزامه بالقرآن برحمته وعن إعراضه عن القرآن وخرقه بعذابه الشديد. فيا إخواني في العالم يا بني آدم وحواء تعالوا لنعتصم بحبل الله جميعا ونحبه ونشكره على خلقه لنا وإحيائه لنا وبثه روحه فينا ونشكره على توفيره المواد الأساسية لطعامنا : (الماء والأرض وخيراتها والهواء) ، يس الآية 35 : "ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون" ، تعالوا يا بني آدم لنلبـي دعوة الله ونعبده طبقا لأحكام شرعه القرآن الكريم ، قال الله تعالى في سورة البقرة الآيتان 21 و 22 : "يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ، الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون" و الحجرات الاية 13 : "يا أيها الناس إنا خلقناقم من ذكر و أنـثى و جعلنـاكم شعوبــا و قـبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتـقاكم إن الله علـيم خبيـر". فلا فرق بين أبيض و لا أسود و لا أحمر و لا أصفر و لا أطول و لا أقـصر و لا غني و لا فقير إلا بالتـقوى و معنى ذلك ان أحسن الناس و أحبهم إلى الله ذلك الإنسان الذي يكون أكثر الناس تقوى و التزاما بأحكام القران الكريم تفكيرا و اعتقادا قولا و عملا سرا و علانية.
لقد بينت في هذا الفصل الأول بأن قدرة الله تعالى وقضاءه وقدره مطلق ولا يشاركه في حكمه وتدبير للكون أحد أبدا. وفي الفصل الثاني من هذا البحث المتواضع والذي هو نواة للمزيد من الأبحاث الأخرى سوف أعطي الأدلة والبراهين على أن العزيز الكريم الجليل القادر والقاهر فوق عباده يمارس قدرته وقضاءه وقدره المطلق بعدل ولا يظلم مثقال ذرة أبدا.