علاقة السنة بالقرآن

باسم الله الرحمن الرحيم

الدار البيضاء في ثاني شعبان 1433 الموافق ل 22-06-2012

بحث أعده الرحلي أحمد من هيئة التدريس بالتعليم العالي بالدار البيضاء سابقا متقاعد

العنوان: 910 شارع وادي سبو حي الوفاق الدار البيضاء

الهاتف: 0668120774

www.errahliahmed.com

الموضوع: عودوا إلى القرآن أيها المسلمون لأن السنة ليست وحيا ولا يجوز أن تخالفه لأنه المصدر الأسمى للتشريع الإسلامي

 

المقدمة :

قبل البدء في كتابة مقدمة هذا البحث ألتمس من كل من أراد قراءته الصبر والتأني وعدم التسرع في إصدار حكم مسبق قبل إنهاء تأمله وفهمه وعدم التأثر بهوى النفس، والتزامالموضوعية وتقبل النتائج المؤكدة بالأدلة والبراهين .

و لذلك أنصح كل قارئ لهذا البحث أن يتقيد بقواعد فهم وتدبر القرآن وعلومه وتفسيره. و لهذا لا تفسر الآية منفردة ولا يستنبط حكمها الشرعي إلا بعد عرضها على كل آيات القرآن الأخرى ومقارنتها بها لمعرفة علاقة النسخ الكلي أو التعديل الجزئي بين الآيات كالتعميم والتخصيص والتقييد والإطلاق والتفسير والتأكيد والحكم الشرعي المنطوق والغير المنطوق لهذا أرجو مراجعة لائحة ترتيب نزول سور وآيات القرآن الملحقة بهذا البحث لأنها غير مرتبة في المصحف حسب أسبقية النزول. وقد وضعتها بعد مقارنة عدة مراجع. فإذا وجدت أيها الأخ المحترم تعارضا واختلافا بين حكمين شرعيين في القرآن يجب الأخذ بحكم الآية اللاحقة في النزول لأنه يحل محل حكم الآية السابقة ويلغيه. و ذلك  قضاء وقدر من الله تعالى الذي جعل التربية الإسلامية والتشريع القرآني خاضعين لنظام التدرج والتطور ولما أراده الله تعالى لعباده .

وأبدأ مقدمة عامة لهذا البحث فأقول بأن القرآن آخر شريعة أنزلها الله تعالى لكافة الناس في العالم ناسخة لما سبقها من شرائع على رسوله محمد بن عبد الله وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه منذ أوائل القرن السابع الميلادي وطيلة ثلاثة وعشرين سنة .

والقرآن هو المصدر الأسمى والأول للشريعة الإسلامية. له حجة ودلالة قاطعة ومطلقة. وهو مقطوع بصحته المتواترة منذ بداية نزوله حتى عصرنا وإلى ما شاء الله تعالى. وقدرتبت سوره وآياته وكتبت بأمر من الله تعالى الذي نفذه الرسول بعد أن بلغه له الملك جبريل عليهما السلام. و القرآن محفوظ في صدور الكثير من المسلمين وفي ملايين المصاحف التي بين أيدي الناس في مختلف أنحاء العالم. ولم تتغير منه ولو نقطة واحدة في نصوصه. والله تعالى تكلف بحفظه. لقوله تعالى في الحجر 9 “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”. أما السنة النبوية فليست من القرآن بل هي أقوال وأفعال وإقرار الرسول حسب فهمه للقرآن .

ولكن اختلف الناس حول العلاقة بين السنة و  القرآن، وتكونت فرق ومذاهب ومدارس تتصارع فيما بينها منها من يعتبر السنة ملزمة للناس ولو كانت مخالفة للقرآن ومن يعتبر القرآن أسمى من السنة لأنه المصدر الأول والأسمى للشريعة الإسلامية. و لذلك لا تكون السنة مشروعة وملزمة إلا إذا كانت مطابقة للقرآن ومبينة له .

ولكن السنة النبوية لم تكتب مثل القرآن في عهد الرسول و لم يصادق عليها. بل اتخذ أعداء الإسلام باب السنة لإدخال عقائدهم وأفكارهم الهدامة وخرافاتهم لتحريف القرآن وتجميد الفكر الإسلامي وتشويه قيم الإسلام وفرض استسلام المسلمين للطغيان والاستبداد والظلم والتخلف .

وقد أكد الكثير من العلماء والباحثين من خلال دراساتهم للتاريخ الإسلامي على أن عدم فهم القرآن فهما صحيحا وإتباع كثير من الأحاديث الموضوعة والمنسوبة كذبا للسنة النبوية من عوامل تخلف الأمة الإسلامية والردة عن الإسلام .

ونتيجة لذلك تطور وتقدم الكفار اقتصاديا وعلميا وعسكريا فتسلطوا على المسلمين و  استعمروهم، وعطلوا بذلك تطبيق القرآن في بلاد الإسلام، وفرقوهم إلى مذاهب وشيع متصارعة في ما بينها خرقا لأحكام القرآن التي أمرت بوحدة المسلمين وتضامنهم وتكافلهم وبالأخوة بينهم .

من هنا تظهر أهمية هذا البحث المتواضع والذي أقدمه لإخواني المسلمين في كل زمان ومكان مساهمة مني في الدعوة الإسلامية وجهادا في سبيل الله تعالى بمالي وقلمي حسب استطاعتي .

و إشكالية الموضوع هي الحسم في العلاقة بين السنة و القرآن، وإنهاء الخلاف القائم بين المسلمين حولها. و  سأبين الأدلة والبراهين القاطعة التي أكدت أن السنة ليست وحيا من الله تعالى ولا يجوز أن تكون مخالفة للقرآن أبدا لأنه أسمى منها وشرع الله عز و جل الذي لا يعلوه أي تشريع آخر والمصدر الأول والأعلى للشريعة الإسلامية. أما السنة فإنها تفسر وتبين وتشرح القرآن. لهذا فإنها ليست مصدرا مستقلا للشريعة الإسلامية. وسوف يكون جوهر البحث تأكيدا لهذه الحقائق .

وقد طلبت من المسلمين في موضوع البحث العودة إلى القرآن لهذه الأسباب التي بينتها. وأقصد من هذه العودة تدبر وفهم القرآن واستنباط أحكامه الشرعية وبيان حدوده من أجل الالتزام بها قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت، وفرض تطبيق القرآن في كل بلاد الإسلام وتكوين المجتمع الإسلامي الحق الذي لا يعبد فيه إلا الله تعالى وليس الحكام والأغنياء .

وطبقا لقواعد ومناهج البحث العلمي يجب علي إثبات صحة هذين البرهانين الذين عللت بهما دعوتي المذكورة للمسلمين بالعودة إلى القرآن. وذلك ما أبينه من خلال التصميمالتالي :

المبحث الأول: السنة النبوية تصرف خاص بالرسول وليست وحيا .

 

أ- أدلة القرآن على أن السنة النبوية ليست وحيا .

 

1-   التفسير الصحيح لسورة النجم 3-4 .

 

2-   شهادة الله تعالى في القرآن على أن السنة ليست وحيا .

ب- أخطاء الرسول التي صححها القرآن دليل على أن السنة ليست وحيا .

 

ج- الأحاديث المخالفة للقرآن دليل على أن السنة ليست وحيا .

المثال الأول- المثال الثاني- المثال الثالث- المثال الرابع – المثال الخامس- المثال السادس ­ المثال السابع- المثال الثامن- المثال التاسع- المثال العاشر- المثال الحادي عشر .

المبحث الثاني: لا يجوز شرعا أن تخالف السنة القرآن لأنه المصدر الأسمى للتشريع الإسلامي .

 

أ- الرسول عبد من عباد الله وملزم بالقرآن مثل كافة الناس

1- الرسول عبد من عباد الله تعالى .

2- الرسول ملزم باتباع القرآن مثل كافة الناس .

ب- السنة لا يجوز أن تخالف القرآن لأن مهمة الرسول تبليغ القرآن وإنذار الناس به .

ج- بطلان الأدلة التي استند إليها مذهب مخالفة السنة للقرآن .

بطلان الإدعاء الأول- بطلان الإدعاء الثاني- بطلان الإدعاء الثالث- بطلان الإدعاء الرابع – بطلان الإدعاء الخامس-ٍٍ بطلان الإدعاء السادس- بطلان الإدعاء السابع- بطلان الإدعاء الثامن .

المبحث الأول: السنة النبوية تصرف خاص بالرسول وليست وحيا .

لقد وقع كثير من علماء وفقهاء الإسلام ذوي النيات الحسنة  ضحية حديث نسب كذبا وزورا للسنة النبوية، مضمونه أن الرسول عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه قال: “ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه”. هذا الحديث ذكره ابن تيمية في مؤلفه “مقدمة في أصول التفسير” ص 85 متأثرا بالشافعي. و  لكنه غير صحيح وسيتأكد ذلك من خلال الأدلة التي أبينها في هذا المبحث الأول .

كما وقع كثير من العلماء وفقهاء الإسلام ضحية التفسير الخاطئ الذي أعطاه أعداء الإسلام   لسورة النجم 3-4 “وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى”. فقالوا بأن السنة النبوية وحي من الله لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا بالوحي. وهذا غير صحيح لأن التفسير الحقيقي لسورة النجم 3-4 يكذب هذا الافتراء و الادعاء .

وسأبين الأدلة والبراهين المؤكدة لذلك من خلال ثلاثة محاور هي التالية :

أ-أدلة القرآن على أن السنة النبوية ليست وحيا.

ب-أخطاء الرسول التي صححها القرآن دليل على أن السنة ليست وحيا.

ج-الأحاديث المخالفة للقرآن دليل على أن السنة ليست وحيا .

 

وسوف أحلل كل محور من هذه المحاور الثلاثة تحليلا علميا صادقا وموضوعيا لتأكيد عدم صحة الحديث الذي ذكره ابن تيمية وغيره ولإعطاء التفسير الصحيح لسورة النجم 3-4. وسوف يتأكد حقا أن السنة تصرف خاص بالرسول مسؤول عنه أمام الله عز و جل. وبذلك أساهم حسب استطاعتي المتواضعة في الدفاع عن الدين الإسلامي وعن شريعته السامية القرآن الكريم. وأحذر المسلمين من أعداء الإسلام الذين فتحوا باب السنة على مصراعيه لتحريف القرآن وفرض خرافاتهم وأفكارهم وعقائدهم على المسلمين بادعاء أنها سنة ووحي من الله تعالى. وبذلك حطموا عقلية المسلمين وشوهوا تعاليم الإسلام وقيمه السامية وأخضعوهم لسيطرة الحكام واستبدادهم وللاستعمار. وطبعا هدفهم من ذلك المسبالإسلام وتحقيق مصالحهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية .

أ-أدلة القرآن على أن السنة النبوية ليست وحيا .

إن أدلة القرآن على أن السنة النبوية ليست وحيا من الله تعالى هي الآيات المؤكدة لهذه الحقيقة منها ما يعطي التفسير الحقيقي والصحيح لسورة النجم 3-4 ومنها ما يؤكد شهادة الله تعالى وهو الحق و الصدق والعدل على أن السنة ليست وحيا بل القرآن هو الوحي الذي أنزله الله على رسوله بواسطة الملك جبريل عليهما السلام. لهذا سأبين في النقطة الأولى التفسير الصحيح لسورة النجم 3-4 وفي النقطة الثانية أبين آيات القرآن التي أكد فيها الله عز و جل أنه لم ينزل إلا وحي القرآن .

1-   التفسير الصحيح لسورة النجم 3-4 .

إن أعداء الإسلام ادعوا كذبا على الرسول الحديث الذي جاء فيه أن السنة وحي من الله مثل القرآن، وأعطوا تفسيرا غير صحيح لسورة النجم 3-4 يدعون فيه أن الرسول لا ينطق إلا بوحي من الله تعالى. وهذا غير صحيح لأنهم لم يحترموا قواعد فهم وتفسير القرآن عمدا. فلا يجوز تفسير آية مستقلة ومنفصلة عن باقي الآيات الأخرى بل يجب مقارنة الآية بالآيات الأخرى قبل استنباط الحكم الشرعي منها لمعرفة علاقة النسخ الكلي أو التعديل الجزئي بالتقييد والإطلاق أو التعميم والاستثناء أو التخصيص. ويجب تفسير الآية في محورها وسياقها وموضوعها الذي ترتبط به .

واحتراما لقواعد وعلوم تفسير القرآن أقول بأن الحكم الشرعي في النجم 3-4 المذكورة ليس سندا للادعاء أن السنة وحي من الله تعالى. فالتفسير الحقيقي للنجم 3-4 أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن هواه عندما يتكلم بالقرآن لأن القرآن وحي من الله تعالى أنزله عليه الملك جبريل عليه السلام وليس تعبيرا عن هوى الرسول عليه صلاة الله وسلامه وعن مشاعره وشهواته. ويتأكد ذلك من خلال مقارنة النجم 3-4 بسياقها و محورها الذي وردت فيه وهو التالي: النجم 1-10 “والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى. ثم دنا فتدلى فكان قاب  قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى”. اللهتعالى أقسم في هذه الآيات بأن الرسول عليه صلاة الله وسلامه عندما يتلوا القرآن على الناس لا ينطق عن الهوى ورأيه الشخصي بل ينطق بالقرآن الذي أوحى به الله تعالى وأنزله عليه الملك جبريل عليه السلام. هناك فرق بين وحي القرآن وأفعال وأقوال الرسول أي سنته التي هي تصرفه الخاص به و المسؤول عنه أمام الله تعالى. فعندما يتكلم مع زوجاته وأبنائه وغيرهم حول مصالحه وشؤون أسرته فإنه يتكلم حسب هواه و رغباته. فالحكم الشرعي المستنبط من آيات سورة النجم هو أن الرسول عليه صلاة الله وسلامه عندما يتكلم وينطق بالقرآن ويتلوه على الناس لا ينطق عن هواه ولكن بوحي القرآن الذي أنزله الله تعالى .

وهناك آيات في سورة الحاقة 38-47 تؤكد و تفسر نفس الحكم الشرعي في النجم 3-4 وفيها أي في  الحاقة 38-47 “فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون. ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين. ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين “.

هذه الآيات تبين لنا أن قول الرسول محمد عليه السلام و هو ما ينطق به بخصوص تلاوة القرآن على الناس وحي من الله وليس بقوله الخاص به كالشعر وغيره مما يعبر عن هواه. والدليل أن الله تعالى حذر رسوله من أن يقول للناس ما يخالف قول الله وهو القرآن. ونفس الدليل نجده في يونس 15 ” وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف أن عصيت ربي عذاب يوم عظيم “.

فالرسول ملزم بطاعة الله عز و جل. ولا يجوز له شرعا تبديل وحي القرآن أو تحريفه حسب هواه والدليل عدة آيات منها الكهف 27 ” واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا “. أما سنته أي أفعاله وأقواله التي لا تتعلق بتلاوة القرآن على الناس فإنها ليست وحيا من الله تعالى بل تصرفه الخاص به. الله تعالى ميز بين سنة رسوله و بين وحي القرآن و أكد لنا بأن السنة ليست وحيا والدليل أن الله عز و جل حذر رسوله من تحريف القرآن أو النطق بقول يبدل القرآن. ولكن ترك له حرية قول وفعل ما يشاء في غير مهمة تلاوة القرآن أو تفسيره للناس. ولكنه مسؤول أمام الله عز و جل عن جميع أفعاله وأقواله أي سنته .

والنتيجة الشرعية والعقلية لما سبق أن ادعاء أعداء الإسلام بأن النجم 3-4 سند للقول أن السنة وحي من الله يمكنها نسخ ومخالفة القرآن هذا الادعاء لا أساس له من الصحة ومجرد كذب وافتراء على الله عز و جل. وكل من تبنى هذا الافتراء والكذب عمدا يعتبر مشركا بالله و مستحقا لعذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة .

2-   شهادة الله تعالى في القرآن على أن السنة ليست وحيا .

القرآن قول وكلام الله تعالى وحكمته المنزلة للناس كافة وهو الصدق والحق. ولهذا سأبين لإخواني المحترمين آيات القرآن التي جسدت شهادة الله تعالى على أن السنة النبوية ليست وحيا بل تصرف شخصي خاص بالرسول .

ومن هذه الآيات ما يلي: فاطر31 “والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق”. هذه الآية أكدت أن الله تعالى يشهد على أنه لم ينزل على رسوله إلا وحي القرآن. فهو الحق وكل ما يخالفه باطل ولو السنة. وهذا الحكم الشرعي مؤكد في محمد 2 “وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم” والنساء 170 ” يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم” وسبأ 6 “ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق “.

كانت تطرح قضايا ومشاكل أمام الرسول لا يجاد حلول لها فينزل القرآن عليه بالحلول المناسبة. ولكن عندما يتوقف نزول وحي القرآن كان الرسول ينتظره. ولم يكن يعالج القضايا بسنته لأنها ليست وحيا من الله تعالى. والدليل يونس 20 “ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين” والأعراف 203 “وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون”. هذا دليل على أن الرسول لا يتلقى من الله إلا وحيا واحدا هو القرآن. وتؤكد ذلك أيضا يس 69 ” وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين”. فالملك جبريل لم يعلم الرسول إلا القرآن بأمر من الله تعالى. هذه شهادة من الله الجليل الحكيم بأنه لم ينزل على الرسول وحي السنة أو ما يسمى بالحديث القدسي لأن الله تعالى لم يكلم الرسول محمد مثلما كلم نبيه موسى عليهما وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه. وليس في القرآن أي دليل يؤكد ما يسمى بالحديث القدسي. فأعداء الإسلام يريدون تخويف المسلمين وإرغامهم على قبول خرافاتهم وأكاذيبهم التي نسبوها بغير حق للسنة النبوية. بل القرآن وحده حديث الله المقدس. والدليل الجاثية 6 “تلك آيات الله تتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون”. حرم الله تعالى طبقا لآيات القرآن إتباع أي حديث يخالف حديث الله تعالى وهو القرآن ولو كان حديث الرسول. أفلا يستحيي من الله الذي يقبل أحاديث منسوبة للسنة النبوية ومخالفة لحديث الله وهو الأسمى والمقدس الذي يلزم كل الناس. قال الله تعالى في الأنعام 153 “وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله”. فكل ما يخالف القرآن وهو صراط الله المستقيم وسبيله لا يجوز إتباعه ولو كان سنة نبوية أو تفسير العلماء والفقهاء .

قال الله تعالى في سورة آل عمران 159 “فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر”. لو كانت سنة الرسول وحيا من الله تعالى لأوحى إليه بحلول القضايا المطروحة عليه.وبما أن الله تعالى قد أمره بوحي القرآن أي آل عمران 159 المذكورة بأن يستشير المسلمين لإيجاد حلول المشاكل والقضايا المطروحة عليه فإن النتيجة الحتمية والشرعية هي أن السنة النبوية تصرف خاص بالرسول وليست وحيا. لهذا فأعداء الإسلام ادعوا أن السنة وحي لفتح باب إلزامية السنة ولو كانت مخالفة للقرآن لوضع أحاديث مزورة و لتحريف القرآن .

وكما قال الله تعالى في سورة النساء 102 “وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة “. هذه الآية أنزلها الله على رسوله بواسطة الملك جبريل فأنقذته مع جيش المسلمين من هجوم الكفار وقت صلاة العصر. الله تعالى عالم الغيب والشهادة علم بخطة كفار قريش و تآمرهم لمهاجمة المسلمين أثناء أدائهم الصلاة، فأخبر الله رسوله بذلك لأنه يعلم ما تسر وما تعلن كل نفس بشرية. ولو كانت السنة النبوية وحيا من الله لما أخبره بخطة الكفار والحذر منهم بوحي القرآن. وقال الله تعالى في التوبة 94 ” يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم”. يتعلق الأمر بالمتخلفين عن حرب الجهاد في تبوك رغم توفرهم على القدرة الصحية والمالية. فأخبر الله رسوله والمؤمنين بالقرآن أنهم منافقون وأن الأسباب التي تدرعوا بها للتخلف عن الحرب كاذبة. فلو كانت السنة وحيا لما نزل وحي القرآن في الموضوع. وقال الله تعالى في آل عمران 167 ” وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون”. ويتعلق الأمر بحرب أحد الجهادية حيث تراجع عبد الله بن أبي ومعه أتباعه عن المشاركة فيها بادعاءات كاذبة. فأنزل الله تعالى وحي القرآن على رسوله وأخبره أنهم منافقون.لو كانت السنة وحيا لما أنزل عليه جبريل هذه الآيات .

فكل الحلول التي أنزلها الله على رسوله للقضايا المطروحة خلال ثلاث وعشرين سنة وربع وكل الأخطاء التي صححها الله للرسول كما سوف نرى لاحقا نزلت بآيات القرآن دون غيره. لهذا فإن القرآن وحده هو وحي الله الذي بلغه جبريل للرسول وليست السنة التي هي تصرف خاص بالرسول مسؤول عنه أمام الله تعالى. والأدلة كثيرة منها الكهف 27 “واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا”. والأنعام 115 ” وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم”. ويونس64 “لا تبديل لكلمات الله”. والبقرة 211 ” ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب”. ونعمة الله في هذه الآية هي شرع الله تعالى. وهذا حكم عام لكل شرائع الله تعالى لأنها نعمة الله. والحاقة 43-47 “تنزيل من رب العالمين. ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين .ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين”. ويونس15 “وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم”. كل الأحكام الشرعية في هذه الآيات فرضت على الرسول إتباع وحي القرآن دون سواه. فأين الوحي الثاني الذي يدعي الجاهلون أنه نزل على الرسول من الله تعالى ؟ هل يقبل العقل و الشرع بأن ينزل الله وحيين مختلفين ومتعارضين هما وحي القرآن ووحي السنة. لا يقبل ذلك أبدا لأن الله تعالى شهد في هذه الآيات التي بينتها وفي غيرها على أن القرآن هو الوحي الذي أنزله على الرسول دون سواه. ومما يدل على أن السنة ليست وحيا ولا يجوز أن تنسخ القرآن أو تبدل آياته أن الله تعالى هو الذي ينسخ أو يعدل آيات القرآن بآيات أخرى. والدليل النحل 101-102 ” وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون، قل نزله روح القدس من ربك بالحق”. والبقرة 106 ” ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير”. الله تعالى هو الذي شرع للمسلمين نظاما شاملا للأخلاق والتربية السليمة والمسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية بشكل تدريجي وطبقا لما أراده من حكمة. لهذا الله تعالى كان ينسخ ويعدل آياته بآيات أخرى ينزلها جبريل على الرسول. لو كانت السنة وحيا لفعل الله ذلك مباشرة دون تنزيل آيات قرآنية في الموضوع .

ب- أخطاء الرسول التي صححها القرآن دليل على أن السنة ليست وحيا .

يتضمن كتاب الله آيات عاتب فيها رسوله عن الأخطاء التي وقع فيها وصححها له. فلو كانت السنة النبوية وحيا من الله تعالى لكانت أقوال وأفعال الرسول سديدة وصحيحة وحكيمة ومطابقة للقرآن لأن الله تعالى أمر الرسول وكافة الناس في العالم بالالتزام بأحكام القرآن وحدوده قولا وعملا سرا وعلانية حتى  الموت. والله عز و جل هو الصادق والحق والعدل الذي لا يخطئ ولا تأخذه سنة ولا نوم عالم الغيب والشهادة والقاهر فوق العباد. فلا يقبل العقل و الشرع بأن يوحي الله لرسوله بالأخطاء في سنته ثم يعاتبه عليها ويصلحها بالقرآن .

لهذا فإن السنة النبوية تصرف خاص بالرسول مسؤول عنه أمام الله تعالى قد يصيب وقد يخطئ. وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث له ذكره رواة الحديث “كل بني آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون”. والرسول مثل سائر الناس ليس معصوما من الخطأ.و قد فهم البعض خطأ المائدة 67 “والله يعصمك من الناس”. هذه الآية دليل على حماية الله عز و جل لرسوله من شر و أذى الناس ليبلغ الرسالة. و ليس في القرآن أي نص يدل على أن الرسول معصوم من الخطأ أبدا. بل هو مسؤول عن سنته أمام الله تعالى وله كتاب أعماله التي يحاسب عليها في الآخرة مثل سائر الناس. وقد سبق أن بينت الآيات الدالة على ذلك ومنها الأعراف 6 ” فلنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين”.والمؤمنون 51 “يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم” والأنعام 52 “ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين”. وقد أكد الله تعالى أن الرسول معرض للخطأ مثل سائر الناس. والدليل النساء 79 “ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا” والأعراف 188 “قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله. ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء”. وسبأ 50 “قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي” والتوبة 50 “إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون “.

ورغم هذه الأدلة والبراهين الدالة على أن الرسول قد أخطأ في بعض أقواله وأفعاله وسأبين منها ما صححته آيات القرآن، فالمهم أنه رغم هذه الأدلة القاطعة ادعى أعداء الإسلام أن الرسول معصوم من الخطأ. و هدفهم الكذب على المسلمين وإرغامهم على قبول كل ما نسبوه زورا للسنة النبوية مثلما فعل الذين ادعوا كذبا وبدون دليل أن السنة النبوية وحي من الله تعالى لتحريف القرآن .

لهذا من الواجب على المسلمين رفض وعدم قبول السنة إلا بعد مقارنتها بالقرآن وبشرط أن تكون مطابقة له. وقد حذرنا الرسول عليه الصلاة والسلام من الكذب عليه في الحديث الذي رواه مسلم في كتابه الزهد باب 16 حديث رقم 3004 حيث قال فيه “لا تكتبوا عني غير القرآن” وقال أيضا “ما أتاكم عني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فأنا قلته”. وهذا الحديث رواه مسلم .

وسوف أبين بعض الأمثلة عن أخطاء وقع فيها الرسول عليه الصلاة والسلام مثل سائر البشر. وقد صححها القرآن ومنها :

في حرب تبوك أذن الرسول لجماعة من الناس في التخلف وعدم المشاركة بسبب الأعذار التي انتحلوها عمدا وكذبا فعاتبه الله تعالى عن ذلك في سورة التوبة 43 “عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين”. فلو كانت سنة الرسول وحيا من الله لما أذن الرسول للمنافقين بالتخلف عن الحرب لأن الله تعالى لا يخطئ أبدا .

وفي معركة بدر قبل الرسول الفداء من الأسرى. فعاتبه الله سبحانه وتعالى عن سنته. والدليل الأنفال 67-68 ” ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم  .لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم”. فالأسرى الذين أطلق الرسول سراحهم مقابل فدية مالية زادوا في قوة الكفار. والله يريد أن يتقوى المسلمون على الكفار للدفاع عن دين الحق الإسلام وتبليغ الدعوة الإسلامية. وهذا خير من المال. لو كانت السنة وحيا من الله تعالى لما أوحى إليه بإطلاق سراح الأسرى. وبما أن الله سبحانه وتعالى قد عاتب الرسول على هذا الخطأ فإن السنة النبوية ليست وحيا .

وقد طلب فقير يدعى عبد الله بن أم مكتوب مقابلة الرسول ليسأله عن مسائل دينية فأهمله وفضل لقاء أغنياء قريش والاجتماع بهم، فعاتبه الله سبحانه وتعالى في سورة عبس 1-10″عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى. فأما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى. وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى” . فلا يقبل العقل والشرع بأن يوحي الله عز و جل بهذا التصرف الذي فيه تفضيل للأغنياء على الفقراء ثم يعاتبه عليه لأن الله تعالى عادل وصادق لا يظلم مثقال درة أبدا. ولما توفي المنافق عبد الله بن أبي صلى عليه الرسول صلاة الجنازة وعاتبه عمر بن الخطاب عن ذلك. فنزلت آية من الله تعالى تؤكد رأي عمر بن الخطاب وهي التوبة 84 “ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون “.

وعندما تخلف بعض المؤمنين من الأنصار والمهاجرين عن حرب تبوك الجهادية قاطعهم الرسول عقابا لهم فأنزل الله تعالى آية قرآنية ملغيا هذه السنة ومؤكدا فضل الأنصار والمهاجرين والتوبة عليهم. وهذه الآية هي التوبة 117 ” لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم “.

ولما استغفر الرسول الله لعمه أبي لهب وهو على فراش الموت يحتضر ودعا له الله تعالى لم يستجب له و أكد أن أبا لهب من أصحاب الجحيم. و الدليل المسد ” ثبت يدا أبي لهب و تب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد”. فلا تدعوا أيها المسلمون الله لفائدة الفاسقين والمخالفين لحدود القرآن لأنكم تنالون إثما عن ذلك. ويعتبر ذلك تأييدا لظلمهم لقول الله تعالى في هود 113 ” ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار “.  و التوبة 113 ” و ما كان للنبي و الذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين و لو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم “.

ومما يؤكد أن السنة ليست وحيا شهادة الله تعالى على أن رسوله قد ارتكب أخطاء وذنوبا. والدليل محمد 19 ” فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات”.وغافر 55 “فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك”. لو كانت السنة النبوية وحيا من الله سبحانه وتعالى لما ارتكب الرسول ذنوبا شهد بها الله تعالى في القرآن. ومن كذب شهادة الله عز و جل فقد كفر .

ولم يكن جبريل عليه السلام ملازما للرسول صلاة الله عليه   و  سلامه   في كل زمان ومكان ليوحي إليه بالسنة من الله تعالى بل كان يوحي إليه بالقرآن وحده. وكان يتغيب عنه عدةشهور بأمر من الله تعالى. ففي هذه الغيبة لم تتوقف سنة الرسول التي هي تصرفه الخاص به و المسؤول عنه أمام الله تعالى. والأدلة منها الأعراف 203 ” وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون”. و يونس 15″ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم”. و طه 114 “فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما “.

ولما أبرم الرسول مع أهل مكة صلح الحديبية التزم في الاتفاقية برد المكيين إلى أهلهم بمكة. فأنزل الله تعالى أمره للرسول بأن لا يرد المكيات المسلمات إلى كفار مكة ولو كانوا زوجاتهم. لأن المسلمة لا يجوز أن تكون زوجة لغير المسلم، والمسلم لا يجوز شرعا أن يكون زوجا لغير المسلمة. والدليل الممتحنة 10 ” يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما أنفقوا “.

فهذا النسخ الذي أدخلته الممتحنة على صلح الحديبية تعديل بخصوص منع إعادة المكيات المسلمات لكفار قريش. وهو دليل وبرهان على أن السنة أي صلح الحديبية قرار اتخذه الرسول بمحض إرادته وليس وحيا من الله عز و جل .

ولما قرر الرسول بمحض إرادته تحريم العسل على نفسه تلبية لرغبة زوجتيه حفصة وعائشة عاتبه الله عن ذلك في سورة التحريم 1 “يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم”. هذه الواقعة بينت أن الرسول عندما نطق بالقسم الذي حرم به العسل على نفسه، لم ينطق بالوحي بل نطق بما يعبر عنه هواه وشعوره وإحساسه الخاص به وهو ما اعتقد في قلبه الذي أثر وسيطر على عقله فكاد أن يحرم على المسلمين مادة حيوية فيها فائدة لجسم الإنسان وشفاء وهي العسل، لولا تصحيح الله تعالى لهذا الخطأ في سورة التحريم 1 . فوحي القرآن هو الذي يهدي الناس إلى الحق والحكمة. والدليل سبأ 50 ” قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب “.

ومما يدل على تصحيح وحي القرآن للسنة النبوية ما جاء في آل عمران 161 “وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون”. هذه الآية حذرت الرسول لكي لا يأخذ شيئا من غنائم معركة بدر وغيرها قبل تقسيمها حسب القسمة التي أمر الله بها. فلو كانت السنة وحيا من الله سبحانه وتعالى لمنع الله رسوله من الغل مباشرة دون الحاجة إلى وحي القرآن الذي صححها .

فلا يقبل العقل أن ينزل الله على رسوله وحيين متناقضين وحي السنة ووحي القرآن. الله عز وجل منزه من ذلك وهو العدل والحق والصدق والحكمة. لهذا فأعداء الإسلام الذين ادعوا أن السنة وحي من الله رغم مخالفتها للقرآن افتروا على الله الكذب، وبذلك يستحقون عذابه في الدنيا والآخرة .

وسوف أعطي أدلة أخرى على أن السنة ليست وحيا من خلال تحليل بعض الأحاديث المخالفة للقرآن .

ج-الأحاديث المخالفة للقرآن دليل على أن السنة ليست وحيا .

لقد كتب رواة الحديث آلاف الأحاديث المنسوبة للسنة النبوية دون التأكد من صحتها ودون مقارنتها وعرضها على آيات القرآن بل اكتفى بعضهم بنقل أحاديث عن البعض الآخر وتحليلها كلها وعرضها على نصوص القرآن للتأكد من صحتها أو عدم صحتها يحتاج إلى مجهود كبير ووقت طويل. ولكني أعطي بعض الأمثلة عن أحاديث نسبت للرسول، ولكن بعد عرضها على القرآن تأكد بأنها مخالفة له. وسواء قالها الرسول عليه الصلاة والسلام فعلا أو لم يقلها فلا يمكن قبولها ولا يجوز شرعا الالتزام بها بل القرآن  أسمى منها والرسول ملزم مثل كافة الناس باتباع القرآن  كما بينت الأدلة على ذلك سابقا ولا داعي لتكرارها. والمهم أن هذه الأمثلة من الأحاديث النبوية المخالفة للقرآن والتي سوف أبينها دليل وبرهان على أن السنة تصرف شخصي للرسول وأنها ليست وحيا من الله تعالى مثل القرآن. طبعا هناك السنة النبوية الصحيحة والمطهرة. وهي المبينة للقرآن والمفسرة لبعض نصوصه. وهي واجبة وملزمة. وعندما يلتزم  بها المسلمون فإنهم في الحقيقة  التزموا بنصوص القرآن التي بينتها السنة النبوية.وقد أجمع عليها الصحابة الذين شاهدوا فعلا وحقا أفعال الرسول عليه الصلاة والسلام وسمعوا أقواله. ومن ذلك ما يهم الصلاة حيث قال الرسول (ص): “صلوا كما رأيتموني أصلي”. وما يهم الحج حيث قال: “خذوا عني مناسككم”. وما يهم الزكاة والصوم .

فكل تفسير نبوي للقرآن يجب علينا الالتزام به إذا تأكدنا من مطابقته للقرآن. ونفس الشئ يقال بالنسبة لتفسير العلماء والفقهاء وأهل الذكر للقرآن. فإذا كان هذا التفسير صحيحا وغير مخالف لإرادة الله تعالى ومقصده من الآية فإن الالتزام بهذا التفسير واجب لأن الالتزام به في الواقع التزام بنص القرآن وحكمه المستنبط من طرف العلماء .

ولكن شروط البحث العلمي ومنها الإنصاف والموضوعية تفرض علي توضيح مسألة مهمة وهي أن هناك أحاديث صحيحة صدرت عن الرسول عليه الصلاة والسلام ولكنها مخالفة للقرآن. والسبب أنها صدرت منذ بداية نزول وحي القرآن حيث فسرت هذه الأحاديث آيات قرآنية في فترة معينة. ولكن فيما بعد نزلت آيات لاحقة نسخت الآيات التي بينها الرسول بالسنة أو عدلتها. فأصبحت السنة السابقة متعارضة مع الآية القرآنية اللاحقة. وهذا من قضاء الله وقدره لأن القرآن تشريع تدريجي وتربية إسلامية متدرجة كما أرادها الله تعالى للناس كافة. الله عز وجل جعل النسخ الكلي والتعديل الجزئي بين آيات القرآن لتحقيق حكمته ومراده. ولم تتوقف مسألة النسخ و التعديل الجزئي في القرآن إلا بعد مرور 23 سنة وربع حيث توقف نزول الوحي بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام .

ولهذا فإن تفسير وفهم وتدبر القرآن له مبادئه وقواعده وعلومه بحكم التربية التدريجية التي أرادها الله تعالى لعباده حيث نسخ و عدل ما شاء من آيات القرآن و أحكامه. ولكنأحاديث الرسول وتفسير الصحابة وغيرهم للقرآن بقيت كما صدرت رغم تعديل ونسخ القرآن لما فسروه. وهذا الخطأ وقع فيه جميع رواة الحديث. فقد سجلوا في مجلداتهم آلاف الأحاديث التي قيل لهم أنها صدرت عن رسول الله تعالى. ولم يقارنوها مع آيات القرآن التي نسختها ونسخت الآيات التي فسرتها السنة أو الصحابة. وكمثال حديث “لا وصية لوارث ” فهو لم ينسخ آية الوصية في القرآن أبدا بل بين آية المواريث التي نزلت بعدها ونسختها. ومثال آخر حديث “لا تنكح امرأة على عمتها و خالتها” فهذا الحديث لم يعدل الآية 23 من سورة النساء المتعلقة بالمحرمات من الزواج بل بين حكما شرعيا غير منطوق فيها ومضمونه أن ما يحرم من الأصول يحرم من الفروع والعكس صحيح .   فالزواج بالجدة محرم رغم عدم وجود نص عليه والزواج ببنت بنت الأخت أو الأخ محرم رغم عدم وجود نص عليه في النساء 23 . وهناك أمثلة أخرى مستنبطة من هذه الآية لا يدخل ذكرها في الموضوع .

فهذه الأخطاء التي وقع فيها كثير من مفسري السنة والقرآن عمدا لإرضاء الحكام أو عن جهل للحقائق من الأسباب الرئيسية التي أبعدت المسلمين عن القرآن وعن مقاصده الحقيقية. فمنهم من فعل ذلك عمدا لضرب الإسلام ومن لم يتدبر القرآن كما أمر الله تعالى ولم يعرض كل حديث أو تفسير على نصوص القرآن ليتأكد من صحته. وهذا هو أهمخطأ وقع فيه رواة الحديث حيث رووا أحاديث مخالفة لنصوص القرآن .

طبعا من أسباب وجود هذه الأحاديث المخالفة للقرآن كذلك أن اليهود والنصارى وعملاء الحكام العرب الذين باعوا ضمائرهم وإيمانهم وآخرتهم مقابل المصالح والامتيازات المالية والسياسية شوهوا القيم الإسلامية وجمدوا الفكر الإسلامي ومنعوا الأمة الإسلامية من التطور والتقدم لأنهم وضعوا مئات الأحاديث ونسبوها كذبا وافتراء للسنة النبوية لتحريف القرآن .وسأستدل بإحدى عشر حديثا غير صحيح أي مخالف للقرآن بالتدرج .

المثال الأول: تداول الرواة حديثا نسبوه للسنة جاء فيه : “من كان آخر كلامه قبل الموت لا إله إلا الله دخل الجنة”. فطبقا لهذا الحديث كل الذين قضوا حياتهم الطويلة في الكفر والفسق والفساد في الأرض وانتهاك حدود القرآن إذا حضرهم الموت وشهدوا أن لا إله إلا الله يدخلون الجنة مثل الذي قضى حياته منذ بلوغه سن التكليف الشرعي في طاعة الله تعالى والتقوى والعمل الصالح حتى الموت. فهذا الحديث غير صحيح نهائيا، والأدلة على ذلك في القرآن. فلا يدخل الجنة إلا من استحقها بأعماله الصالحة التي عملها في الدنيا قبل الشعور بالموت ملتزما فعلا بحدود القرآن قولا وعملا وسرا وعلانية. والأدلة كثيرة منها: النساء 18 “وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما”. حتى ولو قال الذي يحتضر من الموت لا إله إلا الله مئات المرات فإن مصيره المحتوم يحدده الله تعالى حسب كتاب أعماله التي عملها في الدنيا قبل الموت منذ أصبح مكلفا شرعا. فإن مات كافرا فمصيره جهنم دون حساب والدليل الكهف 105-106 ” أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا. ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزؤا”. وإن مات مسلما قد تجسد إسلامه في أعماله قبل شعوره بالموت وبدون تحايل فإن ميزان أعماله يحدد مصيره بعد البعث في الآخرة. وأحيلكم على بحث نشرته في موقعي المذكور بالانترنيت حول موضوع: المصير الحتمي لكل إنسان بعد موته كما بينه الله تعالى في القرآن “.

فلا يمكن اعتبار قول لا إله إلا الله عند الاحتضار من الموت توبة إلى الله تعالى أبدا لأن الله سبحانه حدد شروط قبول توبة التائب في آيات القرآن. ولا تبديل لكلام الله ولا تغييرلسنته. وسأبين شروط التوبة ليتبين لكم الدليل على عدم صحة هذا الحديث الذي يفتح باب ارتكاب الذنوب على مصراعيه. لأن أعداء الإسلام ادعوا أن من كان آخر كلامه عند الموت لا إله إلا الله دخل الجنة .

والآيات التي تؤكد عدم صحة هذا الحديث كثيرة منها: النساء 17 “إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما”. فالإيمان والتوبة أثناء الاحتضار لا يقبلهما الله تعالى. والدليل أن أعمال الإنسان المبعوث في الآخرة هي التي تدخله الجنة أو جهنم لقوله تعالى في الزلزلة “يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” والمؤمنون 102-104 ” فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ” و الأحقاف 13-14 ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون”. والزخرف 68-70 “يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين. ادخلوا الجنة أنتموأزواجكم تحبرون”. هذه الأحكام الشرعية في هذه الآيات أكدت صراحة وبوضوح تام أن الإيمان والتوبة لا يقبلهما الله تعالى عند الاحتضار والموت بل يجب أن تتجسد التوبة في العمل الصالح والتقوى قبل ذلك بكثير وبدون تحايل. فلا ينفع المحتضر قول لا إله إلا الله  نهائيا والدليل أن المتقين الصالحين الذين يموتون موتة مفاجئة  يدخلون الجنة بأعمالهم ولو نسوا ذكر شهادة أن لا إله إلا الله. والدليل كذلك أن المبعوثين في الآخرة لا تقبل منهم التوبة لقوله تعالى في الأنعام 158 “لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا” . والزمر 56- 59 ” أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت و كنت من الكافرين”. و غافر 49-50 ” وقال الذين في النار لخزنة جهنم أدعوا ربكميخفف عنا يوما من العذاب. قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات. قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال “.فلا ينفع الندم عند الموت أو في الآخرة بعد البعث ولا تقبل التوبة كذلك، لقوله تعالى في المؤمنون 104-108 “تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون. قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون”. وغافر 84-85 فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين. فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون”. والسجدة 12 ” ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا فأرجعنا نعمل صالحا إنا موقنون”. ويونس 62-64 “ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم” وهذه الآية تؤكدها الزخرف 68-69 ” يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ” . هل يجوز للرسول أن يبدل كلام الله ويعفو عن المجرمين والكفار والفاسقين بمجرد قولهم لا إله إلا الله عند الموت. إن من وضع هذا الكذب على الرسول أشرك بالله تعالى ومن صدق به عن علم وعمدا أشرك بالله تعالى .  فلا ينفع الإيمان والتوبة إلا إذا تجسدا فعلا في العمل الصالح والالتزام بحدود القرآن فعلا وبحسن نية قبل الشعور بأجل الموت .

وكيف يكذب أعداء الله تعالى على الرسول وقد بلغ لنا هذه الآيات المذكورة وغيرها التي تؤكد أن عمل الإنسان الصالح والتقوى في الدنيا قبل الموت هو الذي يدخل الجنة إذا ثقل الميزان. ومن يتدبر القرآن يجد عشرات الآيات التي جعلت العمل الصالح والتقوى والالتزام بحدود القرآن قبل الموت شرطا أساسيا للفوز بالجنة والنجاة من جهنم. واذكر منها محمد 12 “إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار” والطلاق 11 ” ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا “.

فالجنة لا يدخلها الإنسان بقول لا إله إلا الله عند الموت ولكن بالعمل الذي يستحقها. والأدلة كثيرة منها الطور16 “إنما تجزون ما كنتم تعملون”. والنحل 32 “ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون” والزخرف 72 “وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون”. ومريم 63 ” تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا “.

هذه الآيات واضحة المعاني. وأحكامها الشرعية تؤكد أن من قال لا إله إلا الله عند الموت لا يدخل الجنة بل يدخلها بعمله إذا كان مستحقا لها. فلا يمكن أن يوحي الله تعالى لرسوله بهذا الحديث المخالف للقرآن. لهذا فإن السنة ليست وحيا بل تصرف خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام .

المثال الثاني: ذكر رواة الحديث أيضا حديثا أن الرسول (ص) قال: “لا يدخل الجنة أحد بعمله ولكن بفضل الله ورحمته”. فطبقا لهذا الحديث قد يدخل المؤمن الصالح إلى جهنم إذا لم ينل رحمة الله تعالى .  ولكن هذا التأويل غير صحيح وكذب على الله تعالى لأن من صفاته العدل والحق. فالله تعالى لا يظلم أحدا ولو مثقال ذرة. فالحديث غير صحيح لأن رحمة الله وفضله يعطيهما للناس مقابل عملهم الصالح والتقوى والالتزام بحدود القرآن، ويعطي العذاب مقابل العمل السيئ ومخالفة حدود الله. والأدلة على عدم صحة هذا الحديث كثيرة منها ما يلي الأعراف 156 “ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون”. الله تعالى أكد بوضوح وصراحة أن رحمته لا ينالها نهائيا الإنسان إلا مقابل عمله الصالح والتقوى فكيف تكذبون على الله عز وجل وتقرون أن العمل الصالح و التقوى لا يدخلان صاحبهما إلى الجنة. بل عمل الإنسان الذي يسجل في كتابه ويحاسبه به الله تعالى بعد البعث في الآخرة هو الذي يخوله الجنة أو جهنم. وهذا الحكم الشرعي الوارد في الأعراف 156 تؤيده آيات أخرى منها الحديد 28 “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته”. والأنعام 147 “فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين”. خصص الله تعالى رحمته للعمل الصالح والتقوى وخصص البأس والعذاب للعمل السيئ  والإجرام أي مخالفة حدود القرآن. والدليل الروم 47 ” ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين والنساء 175 ” فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما”. فالاعتصام بالله تعالى هو إتباع القرآن والعمل بأحكامه وحدوده قولا وعملا وسرا وعلانية حتى الموت. أما من لم يتبع حدود القرآن فلا ينال رحمة الله إن لم يتب توبة صادقة ونهائية قبل الشعور بالموت وشرط أن تتجسد توبته في الإيمان والعمل الصالح والتقوى عن حسن نية. بل ينال عذاب الله مقابل عمله السيئ. والدليل العنكبوت 23 “والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم”. والجاثية  29-30 “هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون. فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين”.

وهناك أحكام شرعية واضحة تؤكد أن عمل المبعوث في الآخرة هو الذي يخوله الجنة أو جهنم أي رحمة الله أو عذابه ومنها: الزخرف 72 “وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون”. والأعراف 43 “ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون”. والنساء 124″ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا”.

الله تعالى يجازي كل مبعوث حسب عمله بالجنة أو جهنم. والدليل الأحقاف 20 ” فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون”. ويس 54 ” فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون”. والطور 16 “إنما تجزون ما كنتم تعملون”. ويونس 52 “ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون”. و الأحقاف 13-14 “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون”. وتؤيد هذه الآية محمد 12 ” إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار متوى لهم “. فتدبروا إخواني الباحثين والدعاة المحترمين هذه الآيات . الله تعالى يشهد ويؤكد صراحة أن الجنة لا يدخلها الإنسان إلا بعمله الصالح والتقوى وإتباع حدود القرآن. فلو طلب الإنسان رحمة الله تعالى ليدخل الجنة ملايين مرة فلا ينالها أبدا إلا مقابل عمله. لهذا قال تعالى في مريم 63 “تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا”. وفي الزلزلة ” إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها. يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره” والقارعة ” القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ماهية نار حامية “.

إن هذه الآيات أكدت أن الله تعالى لا يعطي رحمته إلا مقابل العمل الصالح والتقوى وعذابه وبأسه يعطيه مقابل العمل السيئ والإجرام ومخالفة حدود القرآن. فلا يدخل المبعوث الجنة برحمة الله إلا إذا كان يستحقها بعمله .

لهذا فإن الحديث الذي نسب للرسول غير صحيح. لقد وضعه أعداء الإسلام لإحباط نفوس المسلمين وفتح الباب على مصراعيه أمام ارتكاب الذنوب والسيئات وانتظار طلب رحمة الله التي تدخلهم في نظرهم إلى الجنة مهما كانت أعمالهم. وهذا غير صحيح. وهو كذب على الله فلا تقبلوا الأحاديث المخالفة للقرآن ولا تفسير القرآن المخالف للقرآن لأن ذلك كذب على الله تعالى ينال من أبده عمدا وبعلم عذاب الله تعالى. والدليل الأنعام 21 “ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون”. والأنعام 144 “فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين “.

فهذه الآيات القرآنية التي أكدت أن السنة ليست وحيا مكتوبة في مصحف القرآن منذ أكثر من أربعة عشرة قرنا ومتوفرة في ملايين النسخ منه في كل أنحاء العالم فلماذا تجاهلها واضعوا هذه الأحاديث المخالفة للقرآن رغم أن منهم من يحفظ القرآن عن ظهر قلب. فإهمالهم لهذه الآيات وادعاؤهم أن السنة وحي من الله تعالى دليل على نيتهم السيئة ورغبتهم في إبعاد المسلمين عن المصدر الأسمى لتشريعهم وهو القرآن وإرغامهم على إتباع أقوال وأفعال ابتدعوها ونسبوها زورا للسنة النبوية لتحقيق مصالحهم السياسية والاقتصادية وإضعاف المسلمين وتجميد الفكر الإسلامي وتحريف القرآن .

وقد أضافوا أحاديث أخرى ووضعوها لنفس هذه الغاية ونسبوها كذبا إلى السنة النبوية مثل قولهم أن الرسول (ص) قال: ” من رغب عن سنتي ليس مني” بل ادعوا أن الله تعالى قال لرسوله “من اتبع سنتك يا محمد أفتح له باب جنتي”. هذان الحديثان لا أساس لهما من الصحة بل يراد منهما إرغام المسلمين على قبول وإتباع الأحاديث الموضوعة المخالفة للقرآن لتنويمهم وإحباطهم والمس بقيم الإسلام وتحريف القرآن. فتذكروا الآيات القرآنية السابقة التي بينتها في هذه النقطة والتي تحدد الشرط الأساسي لنيل رحمة الله وجنته وهو عمل الإنسان الصالح المطابق لحدود القرآن والتقوى .  الله تعالى أمر الرسول وكافة الناس باتباع القرآن كشرط لدخول الجنة فكيف يقول الله أن من اتبع سنة الرسول يدخل الجنة فهذا كذب على الله تعالى .

المثال الثالث: ذكر رواة الحديث حديثا نسبوه للرسول فيه ما معناه “عندما يتكون الجنين في بطن أمه يكتب الملك هل هو شقي  أم سعيد، الله تعالى هو العدل والحق والصدق. والقرآن حكمته العادلة الصادقة. ومما يدل على عدم صحة هذا القول أن الله تعالى ترك للإنسان حرية تحديد مصيره بنفسه حسب عمله في الدنيا. فالذي يخالف حدود القرآن ويفسق عن أوامر الله ينال  عذاب الله عز و جل في الدنيا والشقاء في الآخرة. وأحيلكم على بحث نشرته في موقعي المذكور بالانترنيت حول موضوع : “المصير الحتمي لكل إنسان بعد موتة كما بينه الله تعالى في القرآن “.  فهذا الحديث غير صحيح. والأدلة منها ما يلي: هود 105-106 “يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد. فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق”. وهود 108 “وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها “.

فشقاء المبعوث أو سعادته في الدنيا والآخرة يحددها عمله الذي يعمله بعد أن يصبح قادرا على العمل ومكلفا شرعا وقد بينت الآيات الكثيرة الدالة على أن المبعوث لا ينال الجنة وهي السعادة ورحمة الله تعالى إلا بعمله الصالح والتقوى ولا ينال الشفاء وهي جهنم إلا بعمله السيئ المخالف لحدود القرآن. والله تعالى عادل لا يظلم أحدا ولو مثقال ذرة لقوله تعالى في يونس 44 “إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون”. و النساء 40 “إن الله لا يظلم مثقال ذرة”. فلا يقبل العقل و الشرع بأن يظلم الله تعالى إنسانا حيث يكتب عليه الشقاء والفقر والعذاب في الدنيا والآخرة بينما يكتب على آخر الغنى والسعادة في الدنيا والآخرة بدون مقابل أعماله. الله تعالى قرر في إطار سنته في الكون وما خلق فيه ترك الحرية للإنسان عندما يبلغ سن التكليف الشرعي بأن يفعل ما يريد بعد تبليغه القرآن. والدليل فاطر 43 ” فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا “. فصلت 40 ” اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير”. والشمس 7-10 ” ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها. قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها”. والجاثية 28- 29 “اليوم تجزون ما كنتم تعملون. هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون”. فعمل الإنسان الصالح المطابق لحدود القرآن هو الذي يخوله رحمة الله تعالى وسعادة الدنيا والآخرة. وعمل الإنسان الفاسد والمخالف لحدود الله هو الذي يخوله عذاب الله والشقاء في الدنيا والآخرة .

والأدلة على ذلك كثيرة في القرآن منها طه 74-76 “إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك  لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى” وطه 123-124 ” فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى “. فشقاء الإنسان أو سعادته يتحققان له بعمله وموقفه من شرع الله تعالى. ولا يكتبهما ولا يقدرهما عليه الله عز وجل منذ ولادته أبدا. فكيف يكذب أعداء الإسلام على الله تعالى رغم وضوح هذه الأحكام الشرعية في القرآن والنمل 90 ” ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ” والقصص 84 ” من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون ” و اليل 5-11 ” فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى. وما يغني عنه ماله إذا تردى” والروم 41 “ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون”. الأعراف 156 ” ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون”. ورحمة الله هي كل الخير والسعادة والصحة والأمن والسكينة والرزق. ويقابلها عذاب الله وبأسه وشقاؤه. والدليل العنكبوت 23 ” والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم “.

فتدبروا إخواني الباحثين والدعاة المحترمين هذه الآيات. إنها حكمة الله تعالى التي أكدت عدم صحة الحديث المنسوب كذبا للسنة النبوية ولا يجوز أن يكون وحيا من الله عز وجل .  الله تعالى كرم بني آدم لقوله في الإسراء 70 ” ولقد كرمنا بني آدم”. وخلق الإنسان في أحسن تقويم لأن صفحات كتاب أعماله الذي يحاسب به بيضاء عند ولادته. ولكن أعمال الإنسان التي يسجلها الملائكة في هذا الكتاب مراقبة من الله تعالى هي التي تحدد مصيره بالسعادة إن كانت مطابقة لحدود القرآن وبالشقاء إن كانت مخالفة   لها ومن الأدلة التين 4-6 ” لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون” والعصر 1-3 ” والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر”. والزلزلة 6-8 ” يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم. فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره”. وآل عمران 181-182 “ونقول ذوقوا عذاب الحريق. ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد”. والمؤمنون 102-103 ” فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفتموازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون”.والأعراف 8-9 ” والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون”. فالحكم الشرعي المستنبط من هذه الآيات دليل قاطع وبرهان تام يدل على أن شقاء الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة يحددها عمله في الدنيا قبل الموت، ولا يكتبها عليه الله تعالى وهو جنين في بطن أمه كما جاء في الحديث المذكور. لهذا فإن السنة النبوية ليست وحيا من الله تعالى الذي لا يمكن أن يوحي فيها بما يخالف وحي القرآن .

هذا الحديث غير صحيح وقد أراد منه أعداء الإسلام إحباط نفوس المسلمين و تركيعهم واستسلامهم للظلم والاستبداد. لقد أرادوا الدفاع عن الثروات التي جمعوها بالحرام من الرشوة وتزوير الميزانيات وأكل أموال الناس بالباطل والربا والتجارة في المحرمات كالمخدرات والدعارة وغيرها وذلك بادعائهم أن الله كتب لهم السعادة منذ ولادتهم بينما الفقراء المستغلون من طرفهم ادعوا أنهم كتب عليهم الله الشقاء. وهذا الإدعاء مخالف للقرآن الذي أمر بالعدل والإنصاف وحرم جمع المال الحرام وأكل أموال الناس بالباطل. الله تعالى لا يرزق إلا من الحلال والطيبات. وما يستولي عليه المفسدون من أموال الحرام غير مشروع. وقد خصص لهم الله عز وجل العذاب المؤجل في الدنيا والآخرة. والدليل النحل 61 “ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى. فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون “.

وطبقا لهذا الحديث الغير الصحيح اغتصبت حقوق الفقراء والمسلمين بينما الظالمون ينعمون في الخيرات والملذات والتبذير. أمر الله تعالى المسلمين بتطبيق القرآن وإقامة العدل والتوزيع العادل للثروات ومقاومة ظلم الظالمين. ومن الأدلة النساء75 ” ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها”. طبقا لحكم هذه الآية يجب أن يتعاون كافة المسلمين في بلاد الإسلام لإنقاذ إخوانهم من ظلم الحكام والمستبدين وفرض تطبيق القرآن. وهناك الحجرات 15 “إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون”. والجهاد بالنفس والمال لإنهاء الظلم وإقامة العدل وتطبيق القرآن من شروط الإيمان. كما أن الله عز وجل قادر على إنهاء ظلم الظالمين ولكن ترك ذلك للمسلمين في إطار الابتلاء الذي خصص له الجزاء. والدليل محمد 4 ” ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض”. والزخرف 54-56 ” فاستخف  قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين. فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين. فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين “.

وفي نفس الإطار الرامي إلى تجميد الفكر الإسلامي وظلم واستعباد المسلمين واستغلالهم وضع أعداء الإسلام حديثا رواه الرواة فيه أن الرسول (ص) قال: اسمع وأطع الحاكم ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك”. هناك آيات تؤكد عدم صحة هذا الحديث منها ما يلي: النساء 59 “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم”. فالحكم الشرعي في هذه الآية يؤكد أن طاعة الله تعالى وهي الالتزام بحدود القرآن والتقوى مطلقة وواجبة شرعا على الرسول وعلى أولي الأمر والحكام وكافة المؤمنين. ولهذا فإن طاعة الرسول وأولي الأمر مقيدة ومشروطة بطاعتهم لله تعالى أي مشروطة بإتباعهم القرآن. والحكم الشرعي في هذه الآية الغير المنطوق هو أنه يجب على المسلمين عصيان الرسول وأولي الأمر إذا عصوا الله تعالى أي خالفوا حدود القرآن. وسأبين الآيات المؤكدة بأن طاعة الحكام والرسول محرمة إذا خالفوا شرع الله عز وجل. ومنها ما يلي: الشعراء 151-152 “ولا تطيعوا أمر المسرفين. الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون”. فكل من أعرض عن شرع الله وعصى أوامر الله وفسد في الأرض لا تجوز طاعته ولو كان من أولي الأمر والحكام. والأنعام 121 ” وإن أطعتموهم إنكم لمشركون”. وهود 113 ” ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار. ومالكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون”. فطاعة الظالم ركون إليه واستجابة له وقبول لظلمه. والحكم الشرعي في هذه الآية حرم بأمر الله عز وجل طاعة الحكام وأولي الأمر الظالمين المخالفين لحدود القرآن. وقد أكد الله تعالى أنه يعاقب من يطيع الحكام الظالمين في عدة آيات منها البقرة 166-167 ” إذ تبرأ الذين اتبِعوا من الذين اتبَعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبَعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار  “.

لقد حدد الله تعالى طاعة الرسول وقيدها وجعلها واجبة في الحالة التي يطيع فيها هو أيضا الله تعالى أي يلتزم بحدود القرآن. والدليل الممتحنة 12 ” ولا يعصينك في معروف” فالحكم الشرعي المسكوت عنه في الآية أنه من الواجب عصيان الرسول في غير المعروف وهو المنكر. والأنفال 24 ” يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم”. والقرآن هو الذي يحييي من اتبعه والتزم بحدوده وأحكامه الشرعية لأنه يؤدي به إلى الصراط المستقيم وإلى الله تعالى في الآخرة وإلى الجنة التي يحيى فيها الحياة الحقيقية في نعيمها بصفة خالدة ودائمة. فإذا لم يدع الرسول المسلمين إلى القرآن الذي يخولهم الحياة الفعلية الدائمة فلا تجوز طاعته أبدا بل تجب طاعة الله وإتباع القرآن لأنه هو الذي يؤدي إلى الحياة الحقيقية الخالدة في الجنة. لهذا فإن الممتحنة 12 والأنفال 24 مطبقة أيضا على أولي الأمر والحكام فلا تجب طاعتهم إلا في حدود طاعتهم لله وإتباع القرآن .

و المسلمون في حالة ابتلاء من الله تعالى في الحياة الدنيا فإذا أطاعوا الحكام الظالمين ولم يقاوموهم لفرض تطبيق القرآن وإقامة عدل الله تعالى فإنهم معرضون لعذاب الله في الدنيا والآخرة إذا كانوا يتوفرون على الإمكانيات والاستطاعة. والدليل ما فعل الله تعالى بفرعون وقومه الذين أطاعوه رغم طغيانه وظلمه .

وإني لأتعجب من الذين ينطقون بهذه الأحاديث المخالفة للقرآن رغم أن الأدلة التي دلت على ذلك واضحة في مصاحف القرآن المتوفرة بالملايين في كل أنحاء العالم. إنهم تجاهلوها وغضوا عنها الطرف وباعوا ضمائرهم لأسيادهم مقابل مصالحهم والامتيازات السياسية والمالية وغيرها من متاع الدنيا بغير حق. فبماذا ينفعهم أسيادهم ومتاع الدنيا كلها أمام عذاب جهنم في الآخرة وعذاب الدنيا. فتوبوا إلى الله توبة نصوحا صادقة وأبدية وعودوا إلى القرآن فهو المصدر الأسمى للتشريع الإسلامي لأن السنة النبوية ليست وحيا ولا يجوز أن تخالف القرآن. فإذا التزمنا بسنة صحيحة مطابقة للقرآن ومفسرة له فإننا التزمنا في الواقع بالقرآن الذي فسرته .

المثال الرابع: نزلت آية الأنعام 82 “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون”. فشرحها الرسول عليه الصلاة والسلام للناس. وروى أحمد حديثا فيه ما يلي: “إنه ليس الذي تعنون. ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: إن الشرك لظلم عظيم. إنما هو الشرك”. هذا الحديث الذي لا أعلم هل قاله الرسول فعلا أم لا فتح الباب أمام ارتكاب الظلم باستثناء الشرك بالله. ولأستدل على عدم صحة هذا الحديث أعطي التفسير الصحيح للأنعام 82 المذكورة :

إن الإيمان لا يكون صحيحا ومقبولا عند الله تعالى إلا إذا تجسد في إتباع القرآن والالتزام بحدوده وعدم مخالفتها. فلا يجوز للمسلم مخالفة حدود القرآن لأن من فعل ذلك اعتبره الله تعالى ظالما ومجرما. والدليل الطلاق 1 ” وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه”. فمخالفة أي حد من حدود القرآن أو أي حكم من أحكامه يعتبر   ظلما و الأعراف 9 “كانوا بآياتنا يظلمون”. فكل من خالف حدود القرآن ظالم وجزاؤه عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة. والدليل آيات كثيرة منها الزخرف 39 “ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون”. وقد أكد لنا الله تعالى بأنه حرم كل ظلم وكل إثم سواء كبائر أو صغائر، والدليل الأعراف 33 ” قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون”. فالتفسير الحقيقي للأنعام 82 هو أن الذي آمن ولم يرتكب أية مخالفة للقرآن ولم يتعد أي حد من حدوده سواء شرك بالله أو غيره كظلم الناس هو المهتدي وهو المؤمن حقا. فتدبروا إخواني  الباحثين والدعاة المحترمين السجدة 22 “ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون”. فكل مخالفة لحدود الله تعتبر إجراما مستوجبا لانتقام الله عز وجل وعقابه في حالة عدم التوبة النصوح الصادقة .

إن عبارة “ومن أظلم” في السجدة 22 دليل على أن الشرك ليس وحده الظلم الكبير بل كل مخالفة لحدود القرآن ظلم كبير. وهذه الآية تؤكدها الأنعام 21 “ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون” والأنعام 144 “فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين “.

إن تفسير سورة الأنعام 82 المنسوب للرسول قد جعل الظلم الشرك وحده. وهذا غير صحيح نظرا للأدلة التي بينتها. فأعداء الإسلام أرادوا بذلك فتح باب السنة لتحريف القرآن وتبرير مخالفتهم لحدوده. فلا يجوز القول أن السنة وحي من الله تعالى. فوحي الله تعالى الحق وحكمته هي القرآن وحده. فلا أحد يستطيع تكذيب شهادة الله تعالى في عدة آيات منها فاطر 31 “والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق”.والنتيجة الشرعية المترتبة على هذا الحكم الشرعي أن كل ما يخالف وحي القرآن باطل ومرفوض شرعا وعقلا ولو كان سنة نبوية، ولو كان اجتهاد بعض المفسرين للقرآن في كل زمان ومكان .

المثال الخامس: هناك حديث رواه الترمذي والحاكم وأكده الألباني عن بن مسعود جاء فيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال”استحيوا من الله. ومن فعل ذلك ترك زينة الحياة الدنيا”هذا الحديث موضوع عمدا مثل مئات الأحاديث الأخرى من طرف اليهود والنصارى وعملاء الحكام العرب لدس السموم القاتلة التي جمدت الفكر الإسلامي وتسببت في ظاهرة الزهد والتصوف وترك زينة الحياة الدنيا مما أدى إلى تخلف الأمة الإسلامية وخضوع المسلمين للظلم والاستبداد والاستعمار .

إن الاستحياء من الله تعالى واجب و من شروط الإيمان، لكن لا يوجب ترك زينة الحياة الدنيا والابتعاد عنها. فالحديث حرم ما هو حلال. و الدليل الأعراف 32 ” قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق. قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون”. والبقرة 168 “يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا و لا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين” والبقرة 172 ” يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون”. والمائدة 87 “يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين”. و المائدة 88 ” وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون”.النحل 18 “وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها”. والجاثية 13 ” وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ” والأعراف 31 ” يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ” وإبراهيم 34 ” وآتاكم من كل ما سألتموه. وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها “. هذه الآيات القرآنية أسمى من أي حديث كان. فقد أمرت المسلم بالتمتع بزينة الحياة الدنيا في الحلال. هذا الحديث المنسوب للسنة النبوية غير صحيح و لا يجوز شرعا أن يكون وحيا من الله تعالى لأن الله عز وجل لا يتناقض و لا يمكن أن يوحي بسنة مخالفة لوحي القرآن. بل خلق زينة الحياة الدنيا ابتلاء للإنسان ليعلم من يتمتع بها في إطار الالتزام بحدود القرآن ومن يعرض عن القرآن ويهتم فقط بمتاع الدنيا فيجازي كل واحد حسب أعماله. والدليل الكهف 7 “إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا “. ويونس 14 ” ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون”. والنمل 62 ” ويجعلكم خلفاء الأرض ” وهود 7 “ليبلوكم أيكم أحسن عملا”. الله تعالى خلق زينة الدنيا لفائدة الإنسان وأمره بالعمل الجدي والحلال للقيام بواجب الاستخلاف و إعمار الأرض وعبادة الله عز وجل والدليل هود 61 “هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”. فلا يجوز لأحد أن يحرم زينة الدنيا ومتاعها الحلال على المسلمين ولو الرسول عليه الصلاة والسلام .

والله تعالى أمر المسلمين بالعمل والإنتاج الحلال ولم يأمرهم بالكسل والابتعاد عن زينة الحياة الدنيا وتركها كما جاء في الحديث. والدليل الجمعة 10 “فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله”. والإسراء 12 “وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم” والنبأ 10-11 “وجعلنا اليل لباسا وجعلنا النهار معاشا”. و تدبروا الأنفال 60 “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة” هذا أمر من الله عز وجل بأن لا نترك زينة الدنيا كما جاء في الحديث المذكور. لا يمكن إعداد قوة المسلمين للدفاع عن دينهم والقرآن وبلادهم وأعراضهم وثرواتهم في مواجهة الكفار إلا بالعمل الجدي والبحث العلمي والإنتاج في المجال الاقتصادي والمالي والصناعي والعسكري والتكوين لإعداد القوة الشاملة والمناسبة لقوة الكفار في كل زمان ومكان. فلا يمكن مواجهة دبابات وصواريخ وطائرات الكفار بالرماح والخيل .

إن عبادة الله تعالى والاستحياء منه لا تفرض ترك زينة الدنيا بل توجب التمتع بها ولكن في الحلال وعبادة الله عز و جل والالتزام بحدود القرآن .فالنفس البشرية ملك لله الذيخلقها .ومن الواجب على المسلم شرعاً إكرام نفسه و تمتيعها بزينة الحياة الدنيا التي خلقها له الله عز وجل ولكن في الحلال وفي إطار التقوى .لأن مرحلة الحياة الدنيا مؤقتة و هي ابتلاء وامتحان واختيار لنيل الجزاء في الآخرة بعد البعث المحتوم حسب نتيجة هذا الاختبار الدنيوي.و الأدلة منها الكهف 7 ” إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً” والملك 1-2 “تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحيلة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ” وهود7 “وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا”والإنسان2ـ 3 “إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيراً.إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا”.

لهذا أمر الله تعالى بالعمل الحلال والتمتع بمتاع وزينة الحياة الدنيا بالحلال. واستنادا إلى هذا الأمر والواجب لا يجوز الزهد في متاع الدنيا وزينتها وتركها. بل يحاسب الله عز وجل كل إنسان عن تصرفه واستعماله أو إهماله لنعم الله تعالى وفضله وإحسانه و عن زينة الحياة الدنيا التي خلقها الله تعالى للإنسان .والدليل التكاثر 8 “ثم لتسألن يومئذ عن النعيم”.والحديد7″ وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه”.الإنسان ملزم بإعطاء الزكاة والصدقة وإنفاق المال في الخيرات والعمل الصالح والحلال دون تبذير لقوله تعالى في الأنعام 141 “ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين”.والإسراء 27 “إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين”.

الله تعالى يحب الإنسان المسلم الذي يلتزم بحدود القرآن ويعمل بجد لكسب المال الحلال والمساهمة في تقوية الدولة للدفاع عن دين الله الحق الإسلام. لأن المؤمن الصالح المتقي عندما يعمل بجد ينقذ نفسه و من يجب عليه الإنفاق عليهم من الهلاك والموت. وينقد كذلك نفوساً أخرى فقيرة تعبد الله عز وجل بالزكاة و الصدقة .

هذا الحديث الذي أمر بترك زينة الدنيا غير صحيح. وقد ساهم في ظاهرة الزهد والتصوف وترك زينة الدنيا. والتي تعتبر بحق من عوامل تخلف المسلمين. فالاستحياء من الله هو الاستقامة وعدم ارتكاب الذنوب والسيئات والجرائم لأن الله تعالى يرى ويسمع ما يقول كل الناس في الكون أي في الدنيا والآخرة وباستمرار. والدليل القيامة 5 “بل يريد الإنسان ليفجر أمامه”. والنساء 108 “يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم. فالاستحياء من الله تعالى لا يعني ترك زينة الدنيا بل ترك الفحشاء والمنكر والمعصية والسيئات. وللمزيد أحيلكم على بحث نشرته بموقعي المذكور بالانترنيت حول موضوع ” من هو الله تعالى وأين هو”.

والاستحياء من الله تعالى لا يعني ترك الزوجة وعدم إعطائها حقوقها ومنها المعاشرة النفسية والمحبة لأنها من زينة الحياة الدنيا. وحقوق الزوجة فرضها الله تعالى على الزوج تكريما لها. ومنها إشباع الزوج لرغبة زوجته الجنسية. والإخلال بهذا الواجب يوجب الطلاق ويمنع التعدد. والدليل النساء 129 ” فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة” والبقرة 223 ” نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم” أي باشروا زوجاتكم في مكان التناسل متى أردتم. والأعراف 189 ” هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها”. وقد خلق الله تعالى فرج الزوجة لزوجها دون سواه لقوله تعالى في الشعراء 165-166 “أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم”. والبقرة 187 “أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم. فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب اللهلكم”.والله تعالى خلق الزوج لزوجته والزوجة لزوجها و خلق أدوات و متطلبات متعة العلاقة الجنسية بينهما والدليل الواقعة 58-59 ” أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ” وهي من متاع الدنيا  والآخرة لأن العلاقة الزوجية مستمرة أيضا في الجنة والأدلة منها الرعد 23 ” جَنَّاتُ عَدنٍ يَدخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِن آبَآئِهِم وَأَزوَاجِهِم وَذُرِّيَّاتِهِم وَالمَلاَئِكَةُ يَدخُلُونَ عَلَيهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ” وغافر 8 ” رَبَّنَا وَأَدخِلهُم جَنَّاتِ عَدنٍ الَّتِى وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِن آبَآئِهِم وَأَزوَاجِهِم وَذُرِّيَّاتِهِم إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ “. فكيف يأمر الحديث المذكور بترك متعة الزوجة والتفرغ للعبادة فقط. فالزوجة زينة وزهرة الدنيا لقوله تعالى في طه 131 “ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه”. وقد كان الرسول يتمتع بزينة زوجاته ويباشر تدبير مصالحه الاقتصادية، ويأكل ويشرب ما لذ من طعام وشراب في الحلال وكون أمة إسلامية توحدت بفضل حبل الله المتين القرآن. وأعطي دليلا في سورة عبس 1-10 “عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى. أما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألايزكى . وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى “.هذه الآيات دليل على أن الرسول كان مهتما بمتاع الدنيا وزينتها مثل الناس٠فهل يعقل أن يأمر الناس في حديثه المذكور بالابتعاد عنها والزهد فيها فإذا كان الحديث:”استحيوا   من الله  و من فعل ذلك ترك زينة الحياة الدنيا” قد قاله الرسول فعلا فإنه ليس وحيا من الله تعالى لأنه مخالف لآيات القرآن التي بينتها وتؤيدها كذلك سورة الكهف 28″ واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا”. أليست هذه شهادة من الله تعالى على أن الرسول كان مهتما بزينة الدنيا ولم يتركها إستحياء من الله و لم يزهد فيها و لم يتصوف فواضعوا هذا الحديث أرادوا التخلص من الفقراء و المظلومين ليتخلوا عن حقوقهم في زينة الدنيا و الدليل القصص 77 ” و لا تنس نصيبك من الدنيا “. ولكن التمتع بزينة الدنيا ومتاعها مقيد بطاعة الله عز وجل واحترام حدود القرآن والالتزام بها قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت. وفي هذه الحالة يفوز المسلم بمتاع الدنيا ومتاع الآخرة الدائم في الجنة .

والأحكام الشرعية الدالة على ذلك نجدها في عشرات الآيات في القرآن أذكر منها يونس 7-8 “إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولائك مأواهم النار بما كانوا يكسبون” والنازعات 37-39 “فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى” والمنافقون 9 “يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون” والمجادلة 16-17 “اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين. لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون” والنجم 30 ” فاعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا”. فطبقا لهذه الأحكام الشرعية في هذه الآيات لا يفوز بسعادة الدنيا وزينتها وسعادة الآخرة الدائمة ورحمة الله تعالى إلا من التزم بحدود القرآن قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت. الله تعالى فرض العمل الحلال لمتاع الدنيا وزينتها وجعله جزءا من العبادة. بل خلق وسخر للإنسان ما في السماوات والأرض إحسانا وفضلا ونعمة منه. لهذا لا يعاقب الله عز وجل الإنسان إلا عن مخالفة حدود القرآن وعصيان أوامره، ولا يعاقبه عن اهتمامه بزينة الدنيا والتمتع بها في الحلال والدليل الأحقاف 20 “ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها. فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون”. فالذي يعمل فقط لزينة الدنيا ومتاعها ويعرض عن القرآن ولا يعمل لآخرته يعاقبه الله في الدنيا والآخرة. والأدلة على ذلك كثيرة منها الأنعام 130 “يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين” والداريات 56 ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون” الله تعالى لم يحرم زينة الحياة الدنيا والعمل الحلال للتمتع بها ولكن حرم مخالفة حدود القرآن. وتكفي سورة الجمعة 10 “فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا” والأنفال 60 “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة”. بمجرد أداء صلاة الفرض هناك واجب فرضه الله على المصلي بأن يباشر عمله الذي يساهم به في تنمية الدولة الإسلامية حسب قدراته واستطاعته ومؤهلاته. كما أنه يحصل على ما يشبع به حاجياته المشروعة. فلما اتبع المسلمون هذه الأحاديث المخالفة للقرآن تخلفوا عن التطور الإنساني في كل المجالات. فزهدوا في الحياة وزينة الدنيا. وبذلك وجهوا ضربة قاضية للمجتمع الإسلامي فرضت عليه التخلف والانهيار. فكل زاهد في الحياة الدنيا وكل رافض للعمل الحلال والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدولة الإسلامية رغم مؤهلاته واستطاعته فإنه فاسق عن أمر الله الوارد في آيات القرآن .  فهل يقبل العقل والشرع أن تكون هذه الأحاديث الغير الصحيحة سنة نبوية أوحى بها الله تعالى إلى رسوله؟ إن السنة النبوية تصرف شخصي للرسول عليه صلاة الله وسلامه وليست وحيا من الله سبحانه وتعالى .

المثال السادس: روى مسلم عن أبي ذر حديثا مضمونه أن الرسول عليه صلاة الله وسلامه حدد وقت قيام ساعة فناء العالم وموت كل البشر. فقال أنها تقع بعد أن يعود المسيح عيسى ابن مريم إلى الدنيا ويقيم فيها العدل وينعم الناس في عهده بالخيرات والرفاهية. وروى البخاري حديثا مماثلا للرسول فيه أنه قال “والذي نفسي بيده ليوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا “. هذان الحديثان من بين الأحاديث الموضوعة من طرف اليهود والنصارى وعملاء الحكام العرب لتشويه قيم الإسلام وتنويم المسلمين وتخديرهم وإحباط نفوسهم لكي يرضوا بالأمر الواقع والظلم والاستبداد و التفقير والاستغلال وذلك بإرغامهم على انتظار من يخلصهم من براثين الظلم مدعين عودة المهدي المنتظر والمسيح عيسى ابن مريم. وذلك لمنع المظلومين من القيام بحقهم في المقاومة دفاعا عن أنفسهم وحقوقهم ومن القيام بواجب الجهاد في سبيل الله تعالى لإقامة العدل وتطبيق حدود القرآن والدفاع عن الدين الإسلامي ودار الإسلام. فليعلم المسلمون أنهم في حالة ابتلاء من الله تعالى. وإذا لم يقوموا بواجب الجهاد لفرض تطبيق القرآن في دار الإسلام فإنهم مذنبون إذا توفرت لهم الاستطاعة والوسائل. والدليل على ذلك آيات منها الأنفال 74 “والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا قي سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم” والحجرات 15 “إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون “.

وسأبين الأدلة على عدم صحة الحديثين المذكورين في هذا المثال السادس من خلال ما يلي :

أولا: لا يعلم وقت قيام الساعة الختامية إلا الله تعالى وحده .

وقيام الساعة الختامية الكبرى يعني فناء العالم وموت كل البشر بأرض الدنيا.وبعد ذلك يبعثهم الله ويرفعهم الملائكة إلى أرض الجنة وجهنم بالسماوات للحساب والجزاء على أعمال الدنيا .

ولكن الله تعالى هو وحده الذي حدد وقت قيام الساعة الختامية ولا يعلمه سواه ولو الرسل لسبب رئيسي وهو أن الله عز وجل يراقب الناس مباشرة وبواسطة ملائكته ويجازيهم عن أعمالهم في الآخرة. والدليل طه 15 “إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى.فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى” والأعراف 187 “يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك خفي عنها. قل إنما علمها عند الله ولكن أكثر الناس لا يعلمون” والنازعات 42-46 “يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها. إلى ربك منتهاها إنما أنت منذر من يخشاها. كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها”. إن هذه الآيات وخاصة الأخيرة في النازعات 42-46 أكدت صراحة شهادة الله تعالى وحكمه الشرعي حول مسألة قيام الساعة الختامية. أكد الله سبحانه وتعالى وهو الصدق الحق أن الرسول لا يعلم وقت قيام الساعة. ولم يحدد الله تعالى ما سموه عودة المسيح عيسى بن مريم إلى الدنيا. فقد حدد الله تعالى قيامها في وقت وجيز جدا لا يعلمه أحد إلا الله تعالى. والدليل النحل 77 “ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير” .فكيف يدعي أعداء الإسلام الذين زوروا السنة النبوية لتحريف القرآن كيف يدعون أن الرسول حدد وقت قيام الساعة الختامية بعد عودة المسيح ابن مريم إلى الدنيا؟ أليست هذه الآيات دليلا قاطعا على الكذب على الله والرسول؟ الله تعالى أكد في القرآن أن الرسول لا يعلم وقت قيام الساعة مثل كافة الناس. وأكد في القرآن أن عيسى بن مريم قد مات وبعثه الله ورفعه الملكان للحساب في أرض الجنة بالسماوات كما سوف أبين لاحقا .

ومن الأدلة على عدم صحة هذين الحديثين أن الرسول لا يعلم الغيب مثل كافة الناس والملائكة والجن. فعلم الغيب لله وحده. ولهذا لا يمكنه أن يقول ما لا يعلم. والأدلة كثيرة منها: الأعراف 188 “قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون” والمائدة 109 “يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب” وهود 31 “ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين” ويونس 20 “ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين” والأنعام 59 “وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو” وفاطر 38 ” إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور”. فالرسل مثل سائر البشر لا يعلمون الغيب ومنه وقت قيام الساعة الختامية والدليل الكهف 110 ” قل إنما أنا بشر مثلكم”. والبشر لا يعلم الغيب وقد يخطئ. لهذا فالرسول (ص) لا يعلم الغيب نهائيا ولا يعلم وقت قيام الساعة الختامية. والحديثان المذكوران غير صحيحين. والسنة تصرف خاص بالرسول حسب ما فهمه من القرأن، فاحذروا أيها المسلمون الكذب على الله ورسوله لقوله تعالى في الأنعام 144 “فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين”. ولكي لا تتعرضوا لعقاب الله تعالى لا تقبلوا الحديث المنسوب للرسول إلا بعد التأكد من مطابقته للقرآن. وقد برأ الرسول نفسه من الكذب عليه وعلى الله تعالى في حديثه الذي رواه مسلم وفيه: “ما أتاكم عني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فأنا قلته “.

وأعطي دليلا آخر على عدم صحة هذين الحديثين من خلال تأكيد استحالة عودة المسيح عيسى بن مريم إلى الدنيا بعد موته .

ثانيا: لا يعود المسيح عيسى بن مريم إلى الدنيا أبدا

من قوانين الله تعالى وسنته في الكون ومخلوقاته أن كل إنسان في الدنيا ولو الرسل يموت حتما. ويبعثه الله تعالى بعد الموت ويصعد به ملكان إلى أرض الجنة وجهنم بالسماوات للحساب والجزاء عن أعماله التي عملها في الدنيا.ولا داعي لتكرار الأحكام الشرعية الدالة على ذلك. وأحيلكم على البحث الذي نشرته بموقعي المذكور بالانترنت حول موضوع: “المصير الحتمي لكل إنسان بعد موته كما يبينه الله تعالى في القرآن”. وسأبين الأدلة الشرعية على أن المسيح عيسى ابن مريم قد طبق عليه قانون الله وسنته المطبقة على كل الأموات الذين سبقوه والذين سوف يلحقونه.مات عيسى بن مريم حقا وصدقا ثم بعثه الله من قبره ورفعه الملكان عند الله للجزاء ولا يمكنه العودة مثل سائر المبعوثين إلى الدنيا أبدا لأن الله تعالى جعل برزخا أي حاجزا يمنع اتصال أهل الدنيا بأهل الآخرة الذين بعثهم بعد الموت ويمنع الرؤيا بينهم. والدليل على هذا البرزخ المؤمنون  99-100  ” حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت. كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون”. والبرزخ من خلق الجليل الحكيم ربنا الله تعالى ويسدله بين أهل الدنيا وأهل الآخرة منذ احتضار الميت وغيبوبته وموته، وعندما يبعث الله الميت ويعيد خلقه في جسد آخر يعيد إليه الروح في القبر ثم تتشقق عليه الأرض ويرفعه الملكان إلى الله تعالى ولا يراه الناس ولو كانوا بجانب القبر بحكم هذا البرزخ .

فعيسى بن مريم لما توفاه الله حسب الأجل الذي حدده له رفعه الله إليه بواسطة الملكين بعد بعثه. والدليل آل عمران 55 ” إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا”. أكد الله لنا موت عيسى بن مريم حقا وصدقا بقوله في المائدة 117 ” فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم” وهو قول الله تعالى على لسان رسوله عيسى بن مريم عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه .

ومما يدل على موت المسيح عيسى بن مريم مثل سائر الناس الذين ماتوا حتى الآن وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها الأحكام الشرعية الواردة في الآيات التالية :

العنكبوت 57 “كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون” والأنبياء 34-35 ” وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون. كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون” والأنبياء 8 “وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين”. هذه الآيات تؤكد بحق أن كل الرسل الذين سبقوا محمد عليهم جميعا صلاة الله وسلامه قد ماتوا وهو أيضا مات. أليس عيسى بن مريم بشرا مثل الرسل وسائر الناس. إنه خضع لقانون وسنة الله في خلقه التي حددتها الأحكام الشرعية في هذه الآيات المذكورة، والتي تؤكدها آيات أخرى منها المؤمنون 15-16 “ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون” والأنعام 61-62 ” حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون. ثمردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين”. والسجدة 11 “قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون” و الزمر 30 ” إنك ميت و إنهم ميتون”.كل هذه الآيات دليل قاطع على أن المسيح عيسى بن مريم قد توفاه الله تعالى طبقا للأجل الذي حدد له و بعثه و رفعه الملكان إليه في السماوات و هو في الجنة كما بين الحوار الذي جرى بينه و بين الله عز و جل. والدليل قوله تعالى في المائدة 117 ” فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم” إن الرسول محمد عليه الصلاة و السلام هو الذي أنزل الله تعالى عليه وحي القرآن وهو الذي بلغه للناس و منه هذه الآيات التي أكدت موت المسيح عيسى بن مريم عليه  الصلاة والسلام واستحالة عودته إلى الدنيا نهائيا. فكيف تقبل حديثا نسب للسنة النبوية وهو مخالف لهذه الآيات المذكورة .

وبما أن الله تعالى قد أكد لنا صدق الرسول وتبليغه للرسالة وجهاده مع المسلمين في سبيل الله والدعوة الإسلامية فلا يمكن أن تنسب إليه الأحاديث المخالفة للقرآن ومنها تحديد وقت قيام الساعة بعد عودة المسيح عيسى بن مريم إلى الدنيا لإقامة العدل فيها وتحقيق الرفاهية والسعادة للناس. فهذا كذب على الرسول يراد منه إغراق المسلمين المظلومين في حلم الانتظار والتمني ومنعهم من حقهم في مقاومة الظلم والقيام بواجب الجهاد في سبيل الله للدفاع عن دين الله الحق الإسلام وفرض تطبيق القرآن في بلاد الإسلام .

فعودوا أيها المسلمون إلى القرآن لأن في تطبيقه والالتزام به سعادتكم في الدنيا والآخرة ولأن السنة ليست وحيا ولا يجوز أن تخالف القرآن. ولا تقبلوا السنة المخالفة للقرآن أبدا.فمن اتبعها عن قصد وعمدا مشرك بالله تعالى ومصيره جهنم وعذاب الله تعالى المؤجل في الدنيا أيضا. وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام بحق” ما أتاكم عني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فأنا قلته”. وقد دعوت إخواني المسلمين للعودة للقرآن لأن السنة النبوية ليست مصدرا للتشريع الإسلامي نهائيا لأنها كما بين الله عز وجل مفسرة للقرآن فقط أي مبينة لشرع الله القرآن. وعندما يلتزم المسلمون بسنة مفسرة للقرآن فإنهم التزموا بآيات وأحكام القرآن التي بينتها السنة.فعندما قال الرسول (ص) : “صوموا تصحوا” فإنه فسر قول الله تعالى في البقرة 184 ” وأن تصوموا خير لكم”. فقول الرسول ليس حكما شرعيا ولكنه فسر حكما شرعيا في المصدر الأسمى للتشريع الإسلامي وهو القرآن. لهذا أخطأالذين ادعوا أن السنة مصدر للتشريع الإسلامي. فهي مفسرة لتشريع الله القرآن وليست تشريعا إسلاميا مستقلا. ولكن أعداء الإسلام ادعوا أن السنة مصدر للتشريع لأنهم أرادوا فتح باب السنة على مصراعيه لتحريف القرآن وفرض تشريعهم على المسلمين باسم السنة النبوية. وهذا غير صحيح أبدا فالقرآن أسمى من السنة والقوانين الوضعية. ولايجوز للسنة وكل القوانين الوضعية   وتفسير  المفسرين أن يكون مخالفا للقرآن .

المثال السابع: سوف أذكر أحاديث غير صحيحة في هذا المثال لها موضوع واحد متعلق بالتوبة ومغفرة الله تعالى للذنوب والسيئات. روى مسلم في كتاب الطهارة (14-15-16) حديثا جاء فيه ” الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر”. هذا الحديث مفسر لسورة النجم 32 ” الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم” والنساء 31 ” إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم”. ولكن الله تعالى قد نسخ هاتين الآيتين بسورة الزلزلة ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثال ذرة شرا يره” و التحريم 7 ” إنما تجزون ما كنتم تعملون”. فالحكم الشرعي في الآيتين الأخيرتين يدل على أن أصغر الصغائر من الذنوب والسيئات يعاقب الله عليها مرتكبها ولا يغفر له أبدا إلا بعد التوبة النصوح الصادقة النهائية. وهي رحمة من الله للإنسان المذنب مرة واحدة في عمره. حتى ولو كان هذا الحديث صحيحا ومفسرا للنساء 31 والنجم 32 أليست سورة الزلزلة التي نزلت بعد النجم والنساء ونسخت الحكمين الواردين فيهما واضحة وضوح الشمس في النهار في كتاب الله القرآن؟. فالذي يفسر السنة والقرآن يجب أن يكون عالما متقيا صالحا وملما بقواعد تفسير القرآن ومنها معرفة الآيات الناسخة لآيات أخرى والمعدلة جزئيا لبعضها البعض والحكم المطلق والحكم الشرعي المقيد له والحكم العام والمخصص له والحكم الغير المنطوق الذي يستنبط من الآية. فلا يجوز شرعا تفسير آية منفردة ومستقلة عن باقي آيات القرآن الأخرى بل لابدمن   عرضها على كل آيات القرآن لمعرفة علاقة النسخ أو التعديل الجزئي أو التأكيد و التفسير بحيث تفسر الآية في محورها وسياقها العام والموضوع الذي وردت فيه. وروىالبخاري حديثا رقمه 5926 ” من قال في يوم سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر” وفي حديث آخر ” من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له الله ذنوب ما بين رمضان و رمضان”. فهذان الحديثان غير صحيحين لأن مغفرة الذنوب لها شروط كما سوف أبينها فيما بعد. أؤكد لكم إخواني المحترمين أن هذين الحديثين تسببا في حالة يرثى لها. ففي شهر رمضان تمتلئ المساجد بالمصلين ليلا ونهارا وتمتلئ الساحات المجاورة لها والطرق تقطع حتى تنتهي الصلاة ولكن بمجرد اليوم الأخير من رمضان تجد المساجد فارغة باستثناء صف أو صفين من المصلين بل أحيانا في بعض المساجد يصلي الإمام مع المؤذن فقط. ويعود الذين كانوا يملؤون المساجد في شهر رمضان إلى ارتكاب الذنوب والسيئات استنادا إلى هذا الحديث الخطير والغير الصحيح. إنهم اقتنعوا أن الله يغفر لهم الذنوب التي يرتكبونها كل سنة ما بين رمضان ورمضان. فيكفيهم حسب اعتقادهم صيام شهر رمضان قياما واحتسابا. إن مثل هذه الأحاديث التي وضعها أعداء الإسلام شوهت القيم الإسلامية وكونت لنا منافقين يتحايلون على شريعة الله وكتابه القرآن .

وفي نفس الموضوع روى مسلم حديثا رقم 1162 أن صوم يوم عرفات يكفر ذنوب وسيئات السنة الماضية والباقية وصوم يوم عاشوراء يكفر ذنوب السنة الماضية. و هذانالحديثان هما أيضا غير صحيحين ومن وضع أعداء الإسلام لفتح باب ارتكاب الذنوب والسيئات أمام المنافقين .

وسأبين الأدلة على عدم صحة هذه الأحاديث التي ذكرتها في هذا المثال رقم 7 طبقا لما يلي  :

الله تعالى حدد شروط مغفرة الذنوب والسيئات. فجعل من رحمته وفضله قبول توبة المذنب والمسيء مرة واحدة في عمره. وإذا عاد التائب إلى الذنوب والسيئات ونقض شروط التوبة لا يغفر الله له سيئاته بل يضاعفها عليه. ولكن لا يظلمه بل يجازيه حسب ميزان أعماله بعد البعث في الآخرة لأن السيئ قد يصلح أعماله ويجدد إيمانه إلا من مات كافرا فإن مصيره جهنم دون حساب .

ومن شروط التوبة أن تتجسد في الإيمان الصادق والعمل الصالح والتقوى حتى الموت بدون عودة إلى السيئات. والأدلة المؤكدة لشروط التوبة هي التالية :

-الطلاق 5 ” ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا “.

-التحريم 8 “يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار “.

-الأحزاب 70-71 “يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم “

-الأنفال 29 ” يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم “.

-غافر7 ” فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك” وسبيل الله تعالى هو القرآن. والأنفال 38 ” إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين” و آل عمران 135 ” ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون “

-طه 82 ” وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى”. هود 52 ” ولا تتولوا مجرمين” النساء 137  ” إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم “.

فالأحكام المستنبطة من هذه الآيات تؤكد أن الله تعالى يغفر كل الذنوب سواء كبائر أو صغائر ويبدل سيئات التائب بالحسنات في كتاب أعماله ويدخله الجنة ليعيش في سعادتها حياة طيبة أبدية خالدة ولكن إذا تحقق شرطان لابد منهما وهما

الشرط الأول: أن يؤمن المذنب بصدق ويتقي الله تعالى ويلتزم بحدود القرآن ويعمل صالحا حتى الموت .

الشرط الثاني: ألا يعود التائب إلى الذنوب والسيئات لأن التوبة رحمة من الله تعالى بكل إنسان ولكن مرة واحدة في العمر فإذا نقض التائب شروط التوبة وعاد إلى الذنوب والسيئات لا يغفر له الله تعالى سيئاته بل يضاعفها عليه. والنتيجة التي يستخلصها كل من قارن الأحاديث الواردة في هذا المثال رقم 7 بآيات القرآن ومنها هذه الآيات الأخيرة التي ذكرتها هي أن السنة ليست وحيا من الله تعالى بل تصرف شخصي خاص بالرسول عليه الصلاة والسلام، لأن الله عز وجل هو الصادق والحق والعدل الذي لا يخطئ ولا ينسى فلا يقبل الشرع والعقل بأن يوحي الله تعالى بأحكام القرآن ثم يوحي في السنة ما يناقضها ويخالفها لاسيما وأنه سبحانه وتعالى أمر الرسول بأن يتبع القرآن في سنته مثل كافة الناس.ومن الأدلة على ذلك الأعراف 3 والزمر 55 والأنعام 153 و155 والسجدة 22 وقد سبق ذكرها .

المثال الثامن: روى البخاري  في مؤلفه 8/6 حديثا عن الرسول فيه ” لا يدخل الجنة قاطع رحم ”  حقا الله تعالى خصص عذابه لمن قطع رحمه أي لم يصله بغير عذر شرعي ولم يتب عن فعله. ومن الأدلة البقرة 27 ” الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون” والرعد 25 ” والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار” . ومحمد 22-23 ” فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ. أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ  “ولكن الحكم الذي فرض صلة الرحم ليس مطلقا بل وضع الله تعالى عليه قيودا في آيات لاحقة في النزول منها التوبة 23-24 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان. ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون. قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره”. والمجادلة 22 ” لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون” فكل من لا يحب الله ولا يلتزم بحدود القرآن ليس من حزب الله. ويجب قطع الصلة معه .

هذه الآيات أكدت تحريم صلة الرحم إذا كان كافرا أو فاسقا عن أمر الله تعالى ومتعديا لحدود القرآن. بل خصصت العذاب لمن يفعل ذلك أي يصل مثل هذا الرحم. وهناك آيات أخرى تحرم صلة الرحم المخالف لحدود القرآن منها التوبة 113 ” ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم”. وكل من خالف حدود القرآن ولم يتب توبة شرعية يعتبر من أصحاب الجحيم. فلا تجوز صلته وإن كان من الرحم. ومنها الأنفال 73 ” والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”. حرم الله صلة الرحم الكافر والفاسق والمخالف لحدود الله تعالى لكي لا تنتشر عدوى وجراثيم الكفر والفسق إلى المسلمين ولكي لا يتقوى عليهم الكفار، ولأن الله تعالى أمر بأن يتقوى المسلمون عليهم والدليل الأنفال 60 “وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة “. فالكفار والفاسقون المخالفون لحدود القرآن أعداء الله عز وجل ولا تجوز صلة عدو الله أبدا إلا إذا تاب توبة نصوحا ونهائية. وقد أعطانا الله تعالى أمثلة في القرآن أكدت وفسرت هذه القيود على صلة الرحم منها أن نبي الله نوح عليه السلام طلب من الله تعالى إنقاذ إبنه من الغرق ولكن الله تعالى رفض مؤكدا له أنه كافر وليس من الرحم المستحق للصلة والدليل هود 45 ” ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم”. ولم يعاقب الله نبيه نوح بسبب قطع صلته بابنه بل أدخله الجنة .

وأعطانا الله تعالى مثل نبيه إبراهيم والذين آمنوا معه حيث قطعوا صلتهم بأرحامهم بسبب كفرهم. والدليل الممتحنة 4 ” قد كانت لكم إسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء” والممتحنة 6 ” لقد كان لكم فيهم إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد “.

أمر الله تعالى المسلمين طبقا لهذه الآيات بقطع صلة الرحم إذا كان متعديا لحدود الله تعالى. وحرم الله تعالى المودة والمحبة بين المسلمين وغير المسلمين ولو كان من الرحم والدليل الممتحنة 1 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق”. ومن فعل ذلك يعتبر من الضالين والفاسقين عن أمر الله لقوله تعالى في آخر الممتحنة 1 ” ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل”. إن القرآن جعل المسلمين إخوة في الدين لقوله تعالى في الحجرات 10 ” إنما المؤمنون إخوة “. لهذا فالمسلم الذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويتقي الله تعالى هو أخ جميع المسلمين وتجب صلة رحمه والدليل التوبة 11 ” فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين “.بل أخوة المسلمين مستمرة حتى في الآخرة لقوله تعالى في الحجر 47 ” ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين”. والأنعام 54 ” وإذا جاءكم الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم”. والحكم الشرعي الغير المنطوق في الآيتين أن الذي لا يصلي ولا يزكي والذي كفر بالقرآن وأعرض عنه لا يجوز السلام عليه وليس من المسلمين ويجب قطع صلة رحمه شرعا و يؤيد ذلك دليل آخر في طه 47 ” و السلام على من اتبع الهدى ” .  و الهدى هو القرآن فلا أمن و لا سلام و لا صلة لمن يخالف حدود القران.

فرض الله تعالى الرحمة وصلة الرحم بين المسلمين فقط وفرض العداوة وقطع الصلة بينهم وبين غيرهم. والدليل الفتح 29 ” محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم” فلا صلة ولا رحمة للرحم الكافر والفاسق عن أمر الله وحدود قرآنه. لهذا لا يجوز إعطاء الزكاة والصدقة لغير المسلمين ولو كانوا من الرحم لأنها تقوي أعداء الله على المسلمين. كما أن عقد الزواج يفسخ شرعا ووجوبا إذا كفر أحد الزوجين المسلمين ولم يتب توبة نصوحا صادقة وأبدية .

هذه الآيات أكدت بصدق الأدلة الدالة على أن صلة الرحم عليها قيود شرعية لهذا ليس كل من قطع صلة الرحم الكافر والفاسق لا يدخل الجنة بل من قام بصلة مثل هذا الرحم يدخل جهنم إن لم يتب. وهذا ما يؤكد أن حكمة الله تعالى هي القرآن أما السنة النبوية فهي تصرف شخصي للرسول وليست وحيا من الله كما ادعى أعداء الإسلام .

المثال التاسع: روى أحمد (6/3) وأبو داوود (179) والترمذي (86) عن عائشة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام أنها قالت: كان الرسول يقبل بعض زوجاته ثم يصلي دون إعادة الوضوء. وفسر ابن عباس الصحابي المشهور هذا الحديث فقال بأن لمس المرأة يراد به الجماع. وسأبين الدليل الشرعي على أن لمس المرأة باليد أو الوجه ولو لم يحصل الجماع ينقض الوضوء ويستوجب إعادته أو التيمم في حالة فقدان الماء. والدليل سورة النساء 43 ” أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ” والمائدة 6 ” أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه  “.

لم يعتبر الله تعالى لمس النساء جماعا لأنه سبحانه وتعالى اشترط الاغتسال من الجنابة ولم يشترط الاغتسال من لمس النساء إلا الوضوء أو التيمم في حالة فقدان الماء. والدليلالنساء 43 ” ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا” والمائدة 6 ” وإن كنتم جنبا فاطهروا”. بينما بخصوص لمس النساء فرض الله تعالى إعادة الوضوء أو التيمم في حالة فقدان الماء فكل من ادعى أن لمس النساء لا ينقض الوضوء كذب على الله تعالى. واللمس يكون باليد أو الوجه أو الرجل. وأبدي ملاحظة أساسية في هذا المجال وهي أن رخصة الصلاة بالجنابة دون الاغتسال منها في حالة السفر قد ألغتها المائدة 6 بعد أن كانت مرخصة في النساء 43  .

لهذا فإن لمس النساء باليد أو الوجه أو الرجل لا يعني الجماع ولكنه ينقض الوضوء ويستوجب إعادة الوضوء أو التيمم في حالة فقدان الماء .

وحكمة الله تعالى من ذلك أن المؤمن يشترط فيه قبل الصلاة أن يكون طاهر الجسم والقلب والعقل معا لكي يناجي ربه بحب وخشوع بدون تفكير في زينة الدنيا والشهوة الجنسية ومقدماتها. ومعلوم أن لمس النساء قد يكون من مؤثرات الشهوة، ويزيل طهارة القلب والفكر والعواطف ويفقد الرجل السيطرة على هواه. كما أن لمس المرأة الأجنبية محرم بحكم سورة النور 30-31 التي تأمر بغض البصر. ولأن لمس المرأة الأجنبية من مقدمات الزنى الذي حرمه الله تعالى طبقا لما جاء في سورة النور. ولا يمكن غض البصر عنالأجنبية إذا صافحها الرجل باليد أو الوجه. وأحيلكم على البحث الذي نشرته في موقعي المذكور في الانترنيت حول موضوع: “الأحكام الشرعية التي تفرض على المؤمنة إخفاء كل زينتها باستثناء الوجه والكفين”. والمهم أن الدليل الأساسي الذي جعل لمس الزوجة أو المحارم ناقضا للوضوء هو الحكم الشرعي الوارد في المائدة 6 والنساء 43  .

لهذا فإن واضعي هذا الحديث قد كذبوا على الرسول(ص) وزوجته رضي الله عنها لتبرير الصلاة بدون إعادة الوضوء بعد لمس النساء، لأسباب منها أنهم أرادوا التخفيف. وهذامخالف لحدود الله عز وجل المحددة في القرآن. ولكي أقنع إخواني المسلمين بتجديد الوضوء عند كل صلاة أبين مزاياه الصحية والتي جربتها شخصيا وأكدها كثير من الناسفأقول : لا تحبس البول في المثانة عندما تأتيك الرغبة في التبول حفاظا على الوضوء السابق لأداء الصلاة القادمة. فإن ذلك يتسبب في قرحة المثانة وتكوين وترسب الأحجار في المثانة والحالبين والكليتين بسبب حبس البول فيهما. فكلما أحسست أيها المسلم بالرغبة في التبول أفرغ مثانتك بسرعة. ولا تحبس خروج الغائط للمحافظة عل استمرار الوضوء للصلاة القادمة لأن ذلك يضر بأمعائك ويقلق راحتك واعلم أن الوضوء عند كل صلاة يحمي صحتك من الجراثيم التي تكون في فمك وأنفك وأذنيك وينظف عينيك من الغبار والجراثيم التي تتنقل إلى الإنسان عبر الهواء لحماية بصرك كما أن تجديد الوضوء عند كل صلاة يجدد طهارتك البدنية والنفسية التي هي من شروط قبول صلاتك. وقد صدق الجليل الحكيم الله تعالى حيث قال في آخر المائدة 6 المتعلقة بالوضوء : ” ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون “. وأنصحكأيها المسلم بحكم تجربتي وتجربة الكثير من الناس أن تضع قطرات من زيت الزيتون الصافي والأصلي في عينيك ليلا قبل النوم فإنه يصفي ويغسل العينين جيدا ويحافظ على بصرك .

المثال العاشر: روى البخاري حديثا عن الرسول أنه قال “من بدل دينه فاقتلوه” فهذا الحديث غير صحيح لأنه مخالف لأحكام القرآن الشرعية. فطبقا لهذا الحديث يجب قتل كل مسلم ارتد عن الإسلام. ولكن آيات القرآن حرمت قتل من ارتد عن الإسلام إذا تاب توبة نصوحا صادقة وأبدية .

وقد بينت سابقا شروط التوبة فلا داعي لتكرارها وقد أعطانا الله تعالى الدليل على حق المرتد عن الإسلام في التوبة وهي رحمة من الله تعالى مرة واحدة في عمر الإنسان في سورة المائدة 72 ” لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم. وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار” والمائدة 73-74 ” لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد. وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم. أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه . والله غفور رحيم”. و المائدة 33-34 ” إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم. إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم”. ولكن إذا عاد التائب من الردة إلى ردته يجب قتله لقوله تعالى في آيات كثيرة منها التوبة 12 ” وإن نكثوا إيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم”. النساء89 ” فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم   “. ومن الآيات التي تحرم قتل المشرك والمرتد بعد التوبة الصادقة التي لا رجعة فيها الفرقان 68-71 “والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون. ومن يفعل ذلك يلق آثاما. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما. ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا “.

فالمرتد عن دين الله الحق الإسلام إذا لم يتب يجب نفيه من بلاد الإسلام أولا قبل قتله.لقوله تعالى في آيات كثيرة منها النساء 98 “فإن تولوا فخذوهم و اقتلوهم “و المائدة 33 -34 المذكورة سابقا .

فطبقا لهذه الآيات فإن الحديث المذكور حرم حلالا و أحل حراما فالذي بدل دينه الإسلام يحرم قتله إذا تاب توبة صادقة دون رجعة. فلا يجوز القول أن هذا الحديث وحي من الله عز وجل. لهذا فإن السنة النبوية تصرف خاص بالرسول حسب فهمه للقرآن وليست وحيا من الله تعالى .

المثال الحادي عشر: روى أبو داود (539) والترمذي (311) حديثا عن الرسول عليه صلاة الله و سلامه أنه قال “من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة و الفضيلة و ابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة”. وروى الصحابي بن عباس عن الرسول أنه قال “أوتيت الشفاعة فأخرتها لأمتي “.

هذان الحديثان موضوعان لفتح الباب أمام ارتكاب السيئات والذنوب بادعاء أن الرسول سوف يشفع لأمته عند الله ليعفي الناس من العقاب والعذاب وهذا ما جعل كثيرا من الناس يبالغون في مدح الرسول وتأليهه وتقديسه، بجنون أملا في الحصول على شفاعته وخوفا منه. وهذا شرك بالله تعالى لأن من شروط الإيمان أن يكون المؤمن أشد حبا لله من الرسول وغيره. والدليل النور 52 ” و من يطع الله و رسوله و يخش الله و يتقه فأولئك هم الفائزون ” فهذه الآية اشترطت الخوف من الله دون الرسول أو غيره و البقرة 165 ” والذين آمنوا أشد حبا لله”. والتوبة 24 ” قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره”. والمؤمن يخشى الله ويخاف منه أكثر من غيره. والدليل آل عمران 175 ” إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخائفون إن كنتم مؤمنين”. وهذان الحديثان من الأسباب التي جعلت بعض الناس يتبعون الأحاديث المخالفة للقرآن خوفا من فقدان شفاعة الرسول حسب ظنهم. بل هناك من ادعى أن أهل البيت أي المنحدرين من نسب الرسول لهم هم أيضا حق الشفاعة في الناس لإعفائهم من العذاب عن سيئاتهم. وقد ادعوا مغفرة الذنوب لأهداف اقتصادية ومالية وسياسية مثل ما فعلت الكنيسة المسيحية والأحبار والرهبان لأكل أموال الناس بالباطل .

إن الذنوب والسيئات لا يغفرها إلا الله تعالى وحده بشرط أن تكون التوبة صادقة بدون رجعة في الدنيا قبل الشعور بأجل الموت. فهي رحمة من الله عز وجل مرة واحدة في العمر. ولا يمكن للرسل ممارسة قضاء الله وقدره وسلطانه. ومن ادعى منهم الشفاعة أشرك بالله تعالى. لهذا فواضعوا هذا الحديث جعلوا الرسول مشركا بالله تعالى. ومن ادعى عن علم أن الرسل يشفعون أي يعفون المجرم من العقاب أشرك بالله. والأدلة كثيرة منها آل عمران 79″ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله” وآل عمران 80 ” ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون “.

وسأبين الأحكام الشرعية الدالة على أن الرسول ليست له شفاعة ولا يمكنه إعفاء أي أحد من عذاب الله تعالى أبدا ولو أبناءه وزوجاته .

وأول دليل أن الرسل لا يعلمون الغيب، ولا يمكنهم معرفة أعمال الناس بعد موتهم لأن الله تعالى هو الذي يعلم وحده الغيب، ولأن هناك برزخ أي حاجز بين أهل الدنيا وأهل الآخرة الذين بعثهم الله تعالى للحساب والجزاء. والملائكة هم وحدهم بعد الله تعالى الذين يعلمون أعمال الناس حيث يكتبونها في كتب أعمالهم التي يحاسبون بها في الآخرة بأمر من الله تعالى. لقوله تعالى في الانفطار 10-12 ” وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون” والزخرف 80 ” أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون “

فالرسل بشر مثل الناس لا يعلمون الغيب ولا أعمال الناس لكي يشفعوا فيها والأدلة كثيرة منها :  المائدة 109 ” يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب”. لو كان الرسل يعلمون الغيب لعلموا من اتبع شرائع الله التي بلغوها للناس. فكيف يشفعون فيما لا يعلمون. ولا تقبل الشفاعة في الباطل والظلم. وهود 31 ” ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين” والأحقاف 9 ” قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم” يونس 107 ” وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ” ويونس 49 ” قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله ” الرسول لا يعفي نفسه من قضاء الله وقدره فكيف يعفي أهله والناس من عذاب الله . والأنعام 15-17 “قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم. من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه. وذلك الفوز المبين”. فالرسل مثل غيرهم يحاسبهم الله تعالى عن أعمالهم بعد البعث في الآخرة. وقد بينت سابقا الأدلة الشرعية على ذلك. فلايشاركون الله في قضائه وقدره ومغفرة الذنوب أبدا.

فشهادة الرسل يوم القيامة منحصرة في شهادتهم على تبليغ الشرائع التي أنزلها عليهم الله عز وجل ليكون ذلك حجة على الناس. والأدلة منها : النساء 165 ” رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل” والأنعام 83 ” وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه” والنساء 159 ” ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا” وهو رسول الله عيسى بن مريم عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه وسيشهد أمام الله بأنه بلغ الإنجيل كما أنزله عليه الله تعالى قبل أن يحرفه الكفار مثل تحريف التوراة .

ومن الأدلة الشرعية على شهادة الرسول محمد عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه على تبليغ القرآن للناس المزمل 15 “إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم “. بل الله يشهد وملائكته على هذا التبليغ. والدليل النساء 166 “لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا”. والنحل 89 ” ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين”. بل كلف الله تعالى الأمة الإسلامية ومنها العلماء والفقهاء وأهل الذكر والدعاة لتبليغ القرآن أيضا وتفسيره للناس. وجعلهم شهداء في الآخرة عن هذا التبليغ للناس في العالم كله، والدليل البقرة 143 “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” والحج 78 “ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس “.

لهذا فالشهادة التي خولها الله تعالى لرسوله وأمة القرآن ليست من أجل الشفاعة بل من أجل تبليغ القرآن للناس فيكون التبليغ حجة عليهم لأن الله تعالى عادل عدلا مطلقا ولا يظلم مثقال ذرة أبدا .

وقد أكد لنا الله تعالى أن الرسول مثل الرسل السابقين ليست له شفاعة. والأدلة منها ما يلي: الزمر 19 “أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار”. هذا الحكم الشرعي دليل قاطع على أن الرسول لا يجوز له شرعا وفعلا إعفاء المجرمين من عذاب جهنم. بل لا يستطيع الرسول نفع نفسه أو أهله لقوله تعالى في يونس 49 “قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله” والملك 28 “قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم”. وهناك خطاب موجه للرسول وكافة الناس في الأحزاب 17 “قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا “.

الرسل مثل كافة الناس في حاجة إلى شفاعة الله تعالى مقابل عملهم. فلا يمكنهم الشفاعة لغيرهم، والدليل الأنعام 52 “ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء” والأعراف 6 ” فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين”. والمرسلون هم الرسل ومنهم محمد ابن عبد الله عليه وعليهم صلاة الله وسلامه. والنمل 10-11 “يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم” والمؤمنون 51 “يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم”. ألميأمر الله تعالى رسوله بالاستقامة مؤكدا أنه تاب عليه مع غيره في هود 112 “فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير”. وأيضا التوبة 117 “لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم”. فالمهاجرون والأنصار تاب عليهم الله تعالى مكافأة لهم على جهادهم في سبيل الدعوة الإسلامية وليس تلبية لشفاعة الرسول وهذا مؤكد في الحكم الشرعي لهذه الآية. ولم يقبل الله تعالى شفاعة الرسول عن المنافقين.والدليل التوبة 80 “استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم “.

ولم يقبل الله تعالى شفاعة رسوله على المنافق عبد الله بن أبي ومن معه. والدليل سورة المنافقون 6 “سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم” وآل عمران 128 ” ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون”. فرغم أن الكفار قد جرحوا الرسول في معركة أحد فإن الله تعالى أكد له أن الحكم ليس له بل لله تعالى. لهذاجاء في سورة الجن 21-22 “قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا. قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا “.

ولم تنفع شفاعة الرسول عن عمه أبي لهب عند احتضاره. بل أكد الله تعالى أن مصيره جهنم مع زوجته والدليل المسد “تبث يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد”.

ورفض الله تعالى شفاعة رسوله نوح عليه السلام لفائدة ولده الكافر لما أراد الله تعالى إغراقه مع الكفار. والدليل هود 45-46 ” ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين. قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح. فلا تسألن ما ليس لك به علم “.

ولم تنفع شفاعة نبي الله نوح ولوط لفائدة زوجتيهما. بل عاقبهما الله تعالى بعذاب جهنم. والدليل التحريم 10 “ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين “.

هذه الآيات والوقائع أكدت أن الشفاعة لله وحده يعطيها للإنسان المبعوث مقابل عمله الصالح والتقوى. أي أن الله تعالى يدخله الجنة ويبعده من جهنم. وهناك أدلة أخرى وهي كما يلي: الزمر 44 “قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون” والسجدة 4 “الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينها في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع”. والأنعام 70 ” وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع” والبقرة 48 “واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون” والأنعام 51 ” وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون”. فالرسول نفس بشرية مثل غيره ملزم بالقرآن ومراقب و مسؤول عن أعماله مثل كافة الناس. فلا تستطيع أية نفس بشرية الشفاعة لأخرى أو إعفاء المجرم من العقاب أو إدخال أي أحد إلى الجنة إذا كان لا يستحقها .

والرسول نفس بشرية خاضع لمقتضيات الأحكام الشرعية الواردة في هذه الآيات. وهناك أدلة أخرى مؤكدة بأن الرسول ليست له شفاعة نهائيا ومنها : غافر 17 “اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب” والطور 21 ” كل امرئ بما كسب رهين” وإبراهيم 51 ” ليجزي الله كل نفس ما كسبت “. والنحل 111 ” يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون” ولقمان 33 ” يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور”. والإسراء 13-14 ” وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا  “.

هذه الأحكام الشرعية في الآيات التي ذكرتها أكدت بصفة قطعية الدلالة على أن الرسل مثل كافة الناس في حاجة إلى شفاعة الله مقابل أعمالهم الصالحة والتقوى.ولا يجوز نهائيا للرسل الشفاعة لغيرهم أو لأهلهم أو لأنفسهم. فهل الرسول ليس مثل كافة الناس نفسا بشرية. أليس الرسول إنسانا خلقا وخلقا. هل يستطيع أحد إنكار كون الرسول إنسان ونفس بشرية. فإذا أثبت واضعوا هذين الحديثين حول شفاعة الرسول بأن الرسل ليسوا بشرا فإنهم صادقون في قولهم.ولكن هذا مستحيل. والقرآن أكد أن كل إنسان لا يشفع لغيره ولا لنفسه. لهذا فالرسول ليست له شفاعة نهائيا. ومن الأدلة يونس 54 ” ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون” والرعد 18 ” للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد” وسبأ 42 ” فاليوم لا يملك بعضهم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون”. فعبارة “لا يملك بعضهم لبعض نفعا ولا ضرا ” في سبأ 42 خطاب وجهه الله تعالى لكافة الناس ومنهم الرسول الذي بلغ القرآن وهو دليل على أن الرسول لا شفاعة له أبدا

الله تعالى هو الذي يشفع للناس مقابل أعمالهم الصالحة والتقوى. وأعطى للملائكة حق اقتراح الشفاعة بشرط أن تكون صادقة وبالحق وبعد إذنه وموافقته لأن الملائكة يكتبون أعمال وأقوال الناس في الكتب التي يحاسبون بها في الآخرة. والدليل النجم 26 ” وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله   لمن يشاء ويرضى “.

الله تعالى هو الذي يحدد مصير كل إنسان بعد البعث حسب كتاب أعماله التي عملها في الدنيا. وللمزيد أحيلكم على بحث نشرته بموقعي المذكور بالانترنيت حول موضوع “المصير الحتمي لكل إنسان بعد الموت كما بينه الله تعالى في القرآن “.

وألتمس ممن قرأ هذا البحث مراجعة هذه الآيات وتدبر أحكامها الشرعية جيدا لأنها تدل صراحة وشرعا وبصدق على عدم صحة هذين الحديثين حول شفاعة الرسول .

فهذه الآيات نزلت من ضمن القرآن على الرسول عليه صلاة الله وسلامه. وهو الذي بلغها للناس وشرحها لهم وعمل بها في سنته فهل يقبل العقل والشرع إدعاء أعداء الإسلام بأن الله عز وجل أوحى للرسول بهذين الحديثين المخالفين لوحي القرآن؟ لا يمكن ذلك ولا يقبل نهائيا لأن الله تعالى لا يتناقض ولا ينسى بل حكمته واحدة وصادقة هي القرآن. أماالسنة فإنها تصرف خاص للرسول وليست وحيا من الله عز وجل. فهل أصحاب الفرق والمذاهب المتعددة والمختلفة لم يكونوا يتوفرون على مصاحف للقرآن ليتأكدوا من دلالة هذه الآيات التي بينتها أم أنهم تجاهلوها عمدا مقابل المصالح و الإغراءات و الامتيازات المالية و السياسية وغيرها.وقد قال الرسول: “ما أتاكم عني فٱعرضوه علي القرآن فإن وافقه فأنا قلته”. فلماذا لم يعرض الرواة ما توصلوا به من أحاديث على القرآن للتأكد من مطابقتها له قبل ذكرها للناس  .

فتوحدوا أيها المسلمون في بلاد الإسلام وتعاونوا لإلغاء الأحاديث المخالفة للقرآن. واتفقوا حول تفسير صحيح لأحكام القرآن تصادق عليه الأغلبية المطلقة من كل العلماء الصادقين المتقين الممثلين لكل بلاد الإسلام. لأن الله تعالى حرم انقسام المسلمين إلى فرق ومذاهب وأحزاب. بل أمرهم بالوحدة والتعاون والتضامن والأخوة والاعتصام بالله وحبله القرآن .

ومن الأدلة على ذلك ما يلي: الأنعام 153 ” وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله” وآل عمران 103 ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا” والأنعام 159 ” إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء” والروم 31-32 ” ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون”. حرم الله تعالى انتماء المسلم إلى منظمة دينية أو سياسية أو اجتماعية إذا لم يكن دستورها الأسمى القرآن وبشرط أن تضم كافة المسلمين لأنهم إخوة في الدين بحكم القرآن وأن تكون الولاية عليهم لله تعالى. لقوله تعالى في المجادلة 22 ” ألا إن حزب الله هم المفلحون” والحجرات 10 “إنما المؤمنون إخوة”. وأخوة المسلمين مستمرة ودائمة حتى في الآخرة بعد البعث. والدليل الحجر 48 “ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين”. بل خصص الله عز وجل عذاب جهنم لكل من تسبب في تفرقة المسلمين وانقسامهم ومن تبعهم عمدا. والدليل آل عمران 105 ” ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم”. فتدبروا هذه الآيات وأحكامها الشرعية أيها المفرقون للمسلمين والتابعون لهم بعلم .

فكونوا إخوة أيها المسلمون في كل بلاد العالم وتعاونوا لمواجهة خطة تحريف القرآن بالسنة التي يريد منها أعداء الإسلام تفرقة المسلمين وتخلفهم وتجميد الفكر الإسلامي ليسهل عليهم تكفيرهم واستعمارهم والسيطرة على مواردهم. واستنادا إلى هذه الأدلة القطعية التي بينتها في آيات القرآن في هذا المبحث الأول تأكد بصدق وحق أن الرسول عليه الصلاة والسلام ملزم مثل كافة الناس بالعالم بالالتزام بأحكام القرآن وحدوده قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت. وبما أن القرآن هو المصدر الأسمى الوحيد للتشريع الإسلامي في كل زمان ومكان إلى ما شاء الله عز وجل، وبما أن الله تعالى أمر بتطبيقه والحكم به بين الناس في بلاد الإسلام كما جاء ذلك في آيات كثيرة منها البقرة 213 والحديد 25 ، لهذا فإن السنة النبوية ليست مصدرا مستقلا للتشريع الإسلامي، وليس في القرآن أي دليل على ذلك. بل السنة النبوية تابعة للقرآن ولا يجوز أن تخالفه أو تنسخه نهائيا. وكل من ادعى أن السنة مصدر ثاني للتشريع الإسلامي يخالف القرآن وينسخه عن علم اتخذ الرسول إلها مع الله وأشرك به ومصيره جهنم .

لا يجوز الالتزام بالسنة إلا إذا كانت غير مخالفة للقرآن. وفي هذه الحالة فإننا نلتزم في الحقيقة بالقرآن الذي بينته السنة وليس بالسنة في حد ذاتها لأن الله تعالى حرم على الرسول وعلى أولي الأمر والحكام في بلاد المسلمين تشريع أو قول أو فعل ما يخالف حدود القرآن وأحكامه الشرعية .

يجب على كافة المسلمين التأكد من صحة أو عدم صحة ما ينسب للسنة النبوية وذلك بعرضه على القرآن لأن الرسول ليس موجودا معنا في الدنيا لنسأله عما نسب إليه ولأنه لم يترك لنا السنة مكتوبة في عهده ومصادق عليها من طرفه، كما فعل ذلك بالنسبة للقرآن حيث كتبت ورتبت آياته في عهده وبعد موافقة الملك جبريل عليه السلام بأمر من الله تعالى .

وقد حسم الرسول عليه الصلاة والسلام مسألة السنة فأكد أنها ليست مصدرا للتشريع الإسلامي بل أكد أن القرآن هو المصدر الأسمى لهذا التشريع الإلهي. والدليل الوصية التي تركها للمسلمين قبل موته في الحديث الذي رواه الرواة كما ذكرت سابقا وفيه ” ما أتاكم عني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فأنا قلته”. وهذا دليل على أنه التزم بقوله تعالى في سورة الحاقة 43-47 ” تنزيل من رب العالمين. ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين “.

الله تعالى هدد رسوله بأشد العذاب إن كانت سنته مخالفة أو محرفة للقرآن. والرسول برأ نفسه من الذين يكذبون عليه بسنة مخالفة للقرآن. فكيف نجد في كتب حول تفسير القرآن عبارة ” نسخ القرآن بالسنة”. أنظر الموسوعة القرآنية الميسرة ص 994 دار الفكر دمشق 1425 ه. فهل صدر ذلك عمدا أم جهلا للقرآن. إن ذلك  شجع أعداء الإسلام على تحريف القرآن بالسنة الموضوعة .

وسوف أبين في المبحث الثاني أدلة قطعية الدلالة على أن السنة النبوية لا يجوز شرعا أن تنسخ القرآن أو تخالفه .

المبحث الثاني : لا يجوز شرعا أن تخالف السنة القرآن لأنه المصدر الأسمى للتشريع الإسلامي .

هناك الكثير من الذين ادعوا أن السنة تنسخ القرآن وأنها مصدر للتشريع الإسلامي عن جهل للحق أو عمدا لتحريف القرآن بالسنة لكي يحققوا مصالحهم وأهدافهم ومنها تشويه قيم الإسلام والقضاء على الفكر الإسلامي والأمة الإسلامية .

وسأبين بالحجة والأدلة والبراهين القاطعة عدم صحة هذا الإدعاء وأن السنة النبوية ليست مصدرا للتشريع الإسلامي مستقلا عن القرآن. ولا يجوز شرعا أن تنسخه أو تخالفه .

هذه البراهين والأدلة سأبينها من خلال ثلاثة محاور. الأول : الرسول عبد من عباد الله تعالى وملزم بالقرآن مثل كافة الناس في العالم ولا يمكنه تشريع ما يخالفه في سنته .

والثاني أبين فيه أن مهمة الرسول تبليغ القرآن للناس وإنذارهم به وحده دون زيادة أو نقصان. لهذا لا يجوز أن تخالف السنة القرآن .

والثالث أبين فيه عدم صحة الأدلة والأسانيد التي استند إليها أنصار مذهب مخالفة السنة للقرآن ونسخه .

 – الرسول عبد من عباد الله تعالى مثل كافة الناس .

الرسل بشر من الناس اختارهم الله تعالى بقضائه وقدره وتصرفه. وأنزل عليهم شرائعه وكتبه بواسطة الملك جبريل لتبليغها للناس من أجل تطبيقها والالتزام بها. والدليل الإسراء 93 “قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا” وإبراهيم 11 “قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله”. ولكن الرسل مثل كافة الناس عباد لله ملزمون بالشرائع المنزلة عليهم. والدليل الذاريات 56 “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدوني”. ولا أحد يثبت أن الرسل ليسوا من الإنس. وهناك دليل آخر في سورة يس 60-61 “ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم “.  هل يستطيع أحد أن يثبت أن الرسل ليسوا من بني آدم ؟ فالرسل من الإنس عباد الله تعالى مثل كافة الناس. فلا يجوز شرعا عبادة الرسل أو تقديسهم أكثر من الله تعالى. فالعبادة لله وحده لقوله تعالى في آل عمران 79- 80   “ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون” والنحل  36 “ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت”. والأنبياء 25 “وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون”. والرسول خاضع لقضاء الله وقدره مثل سائر البشر. والأدلة كثيرة منها ما يلي : الأنعام 50 “قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحي إلي” وهو القرآن. والأنعام 17-18 ” و إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير” والأحقاف 9 “قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحي إلي وما أنا إلا نذير مبين” والزمر 11-13 ” قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين وأمرت لأن أكون أول المسلمين قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم  “.

فالرسول محمد بن عبد الله عليه صلاة الله وسلامه عبد من عباد الله تعالى مثل سائر الرسل. لهذا أمره الله عز وجل بعبادته في آيات كثيرة منها مريم 65 “رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته” وطه 132 ” وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها” ويونس 104 “قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين” والنمل 91 “إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين” والكهف 110 “قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا” والزمر 2 “إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين” والأنعام 164 “قل أغير الله أبغي ربا وهو رب كل شيء” والرعد 36 “قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعوا وإليه مآب” والكهف 1 “الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب “.

فكل الرسل عباد الله تعالى وبشر خلقهم الله مثل كافة الناس لعبادته وهم خاضعون لقضائه وقدره وسلطانه وحكمه وملزمون بشرائعه المنزلة عليهم. ولكن أعداء الإسلام وضعوا أحاديث مخالفة للقرآن جعلت عامة الناس الذين لا يفهمون القرآن يبالغون في تقديس الرسول لدرجة اعتباره إلها، ويحبونه وأهل بيته أكثر من الله تعالى مدعين أن له سلطة المغفرة والشفاعة. وهذا شرك بالله عز وجل لأن من شروط الإيمان حب الله حبا شديدا أكثر من غيره بما في ذلك الزوجة والمال والأبناء والرسول نفسه. والدليل البقرة  165 “والذين آمنوا أشد حبا لله”. ولا يجوز شرعا تمييز الرسول محمد بن عبد الله عن باقي الرسل عليهم جميعا صلاة الله وسلامه لقوله تعالى في البقرة 285 “آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله. لا نفرق بين أحد من رسله ” وآل عمران 84 “قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيؤون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون” والنساء 152 ” والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم  “

لا تشركوا بالله أيها المسلمون بتقديس الرسول أكثر من الله تعالى. فهو عبد مثلكم من عباد الله تعالى مسؤول أمام الله عن أعماله. ولا حق له في تشريع ما يخالف القرآن. واحذروا أعداء الإسلام الذين بثوا الشك في نفوس المسلمين لإحباطهم وإخضاعهم للظلم والاستبداد والتخلف. وعودوا أيها المسلمون إلى القرآن لأنه حكمة الله الحكيمة والمصدر الأسمى للتشريع الإسلامي والقوانين الوضعية في بلاد الإسلام وتعاونوا على فهمه وتدبره وتطبيقه في كل بلاد الإسلام. لأن ذلك واجب شرعي فرضه الله تعالى .

2- الرسول ملزم باتباع القرآن مثل كافة الناس  :

  إن أهم دليل على أن السنة ليست وحيا هو أمر الله تعالى الذي أمر به رسوله بأن يلتزم بحدود القرآن مثل كافة الناس. فلو كانت سنة الرسول وحيا من الله تعالى لجعله بقدرته وحكمته متبعا للقرآن في تصرفاته وأفعاله وأقواله ولما صدرت من الرسول أخطاء عاتبه عليها الله تعالى وصححها في القرآن. إن تحذير الله تعالى لرسوله وإنذاره بالعقاب والعذاب في حالة مخالفته للقرآن دليل قاطع على أن السنة النبوية تصرف خاص بالرسول وليست وحيا من الله سبحانه وتعالى .

والأدلة المؤكدة لهذه الحقيقة التي يجهلها ويتجاهلها الكثير منها ما يلي : الجاثية 18 “ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ” ويونس 15 ” وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله. قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم “. الأعراف 203 “وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون “

هذه الآيات أكدت أن الرسول لا يمكنه تبديل القرآن أو وضع آيات من تلقاء نفسه دون وحي الله تعالى. فقد توقف نزول القرآن على الرسول ثلاث سنوات ولم يفعل شيئا بسنته بل بقي منتظرا نزول وحي القرآن من ربه. وقد حذره الله تعالى من تحريف القرآن. والدليل بالإضافة إلى يونس 15 المذكورة هناك الحاقة 43-47 “تنزيل من رب العالمين. ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين”. هذا الحكم الشرعي واضح وهو أمر الله تعالى الذي حرم على رسوله مخالفة القرآن بسنته. فمن قبل حديثا مخالفا للقرآن فقد قبل حراما وارتكب إثما .

فلا يجوز للرسول وغيره من المفسرين مخالفة القرآن. ومن الأدلة على ذلك الكهف 27 “و اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا” وهود 112 “فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير” والأنعام 115 “وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم”. والرسول ملزم بطاعة الله تعالى لقوله في الأنعام 15-16 “قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين” وهود 63 “فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير” وفاطر 43 “فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا” والنساء 122 “ومن أصدق من الله قيلا “.

فالرسول مثل كافة الناس ملزم باتباع القرآن في سنته وتصرفه. ولو كانت سنة الرسول وحيا لما حذره من مخالفة القرآن. والرسول عليه صلاة الله وسلامه أدرك هذه الحقيقة فلم يحرف القرآن ولم يتصرف بما يخالفه بل كان قرآنا يمشي كما وصفه بعض الصحابة. وشهد الله تعالى فيه وفي استقامته وأخلاقه في التوبة 88-89 “لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون. أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم”. ويس 1-3 “يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم” والأحزاب 56 “إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما” والقلم 2-5 “ما أنت بنعمت ربك بمجنون و إن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم فستبصر و يبصرون ” وهو  خلق القرآن. والنمل 79 “فتوكل على الله إنك على الحق المبين” والحج 67 “إنك لعلى هدى مستقيم” والشورى 52-53 “وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض “.  و شهد الله تعالى أيضا باستقامة رسوله محمد في آيات أخرى منها الشرح 4 ” و رفعنا لك ذكرك ” و الكوثر 3 ” إن شانئك هو الأبتر “.

هذه الآيات أكدت أحكامها الشرعية أن الرسول ملزم باتباع القرآن وتبليغه للناس وإنذارهم به. وقد شهد الله تعالى والصحابة أنه فعل ذلك وأدى الرسالة. فلماذا تقول أعداء الإسلام على الرسول أحاديث مخالفة للقرآن نسبوها زورا لسنته لتحريف القرآن. إنهم ارتكبوا أكبر الكبائر ولهم عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة لأنهم اعتبروا الرسول جاهلا للقرآن أو كاذبا على الله تعالى. فلا تتبعوا أيها المسلمون الأحاديث المخالفة للقرآن ولو رواها كل رواة الحديث وكل أصحاب المذاهب والفرق والمدارس الفقهية .

إن اليهود والنصارى وعملاء الحكام الذين باعوا ضمائرهم وإيمانهم وآخرتهم مقابل المصالح والإغراءات والامتيازات المالية وغيرها قد دسوا في السنة النبوية أحاديث مزورة لأنها مخالفة للقرآن. وقد شعر الرسول عليه الصلاة والسلام بهذه المسؤولية فبرأ نفسه من الكذب عليه. فقال في حديث رواه مسلم في مؤلفه باب 16 حديث رقم 3004 فيه قول الرسول “لا تكتبوا عني غير القرآن” وقال أيضا “ما أتاكم عني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فأنا قلته”. هذا دليل قاطع على أن السنة ليست وحيا ولا يجوز شرعا أن تخالف القرآن أو تنسخه وشهادة من الرسول نفسه. ولا يجوز التكذيب بهاذين الحديثين الأخيرين، لأنهما مطابقين للقرآن الذي فرض الله تعالى على رسوله اتباعه والالتزام به قولا وعملا سرا وعلانية، والأدلة كثيرة منها الأحزاب 1-2 “يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما. واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا” والمائدة 48 “وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق” والمائدة 49 “وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ” وهود 112 “فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير “.

لا يجوز أن تكون السنة النبوية مخالفة للقرآن لأن الرسول مسؤول عنها أمام الله عز وجل بحيث يجب أن تكون السنة مطابقة للقرآن. والدليل المؤمنون 51 “يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم” والأعراف 6 ” فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ” والأنعام 52 “ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ” والنمل 10-11 “يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم ” والقصص 87 “ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين “.

هذه الآيات أمرت الرسول بإتباع القرآن مباشرة في الخطاب الإلهي الموجه إليه. وهناك آيات أمر الله فيها كل المسلمين بما فيهم الرسول بإتباع القرآن والالتزام بحدوده قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت. ومنها ما يلي: الأعراف 3 “اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء ” والأنعام 153 “وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ” والأنعام 155 “وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ” والزمر 55 ” واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ” والسجدة 22 ” ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ” والجن 17 ومن يعرض عن ذكر ربه نسلكه عذابا صعدا ” والطلاق 1 “وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ” وحدود الله هي أحكام القرآن .

وهناك آيات أمرت الناس بتدبر القرآن وفهمه لتطبيقه والالتزام به. فهي موجهة للرسول أيضا. ومنها ما يلي: محمد 24 ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ” وص 29 “كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ” والنساء 82 “أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ” والمؤمنون 68 “أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين  “.

طبقا لهذه الأحكام الشرعية في الآيات التي ذكرتها فالرسول مثل سائر المسلمين ملزم بتدبر القرآن وفهمه وتطبيقه والالتزام به. لهذا لا يجوز نهائيا أن تكون السنة مخالفة للقرآن.كما أن أي تفسير للقرآن لا يجوز شرعا أن يخالف الأحكام الشرعية الواردة في آيات القرآن .

فمن الواجب عليكم أيها المسلمون أن تتعاونوا في كل بلاد الإسلام وفي كل زمان على تدبر وفهم أحكام القرآن وحدوده وتطبيقها في دار الإسلام والالتزام بها. وما تتفق عليه الأغلبية المطلقة من العلماء والفقهاء وأهل الذكر الصالحين والأساتذة الباحثين والمختصين في علوم القرآن والدراسات الإسلامية في كل بلاد الإسلام يلتزم به المسلمون. والتعاون على فهم القرآن يجب أن يراعي قواعد وعلم التفسير دون تعصب وبتسامح وامتثال للحق والصواب ودون الانقسام إلى فرق ومذاهب وأحزاب لأن هذا الانقسام والاختلاف محرم شرعا في القرآن لأن إرادة الله تعالى في نص القرآن واحدة لا تتجزأ ولا يحتمل النص القرآني في تفسيره وجهين أبدا. وقد أمر الله تعالى بوحدة المسلمين وتعاونهم على البر والتقوى ومنه التعاون على تدبر وفهم القرآن وتفسيره وتبليغه للناس من أجل تطبيقه. ومن الأدلة : المائدة 2 “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله ” وآل عمران 103 “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا “. وحبل الله هو القرآن الذي يوحد المسلمين إذا اتبعوه. والأنعام 159 “إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ” والروم 31-32 “ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون “. القرآن حرم انقسام المسلمين إلى فرق وشيع وأحزاب ومذاهب مختلفة فأنقذوا أنفسكم أيها المتفرقون بالتوبة والوحدة و اعتصموا بحبل الله المتين القرآن. وقد خصص الله العذاب لكل من تسبب في تفرقة الأمة الإسلامية ولكل من اتبعهم عن علم من المسلمين. والدليل آل عمران 105 “ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم ” والأنعام 153 “وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله”. فهذا أمر من الله للمسلمين بأن يتوحدوا حول القرآن. ولكنهم اتبعوا السبل غيره مثل الأحاديث الموضوعة خصيصا لتفرقتهم والمخالفة للقرآن. بل فرض الله عز وجل على المسلمين أن يكونوا إخوة في الدين متكافلين متضامنين متعاونين. والدليل الحجرات 10 “إنما المؤمنون إخوة” والتوبة 11 “فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين” بل أخوة المسلمين مستمرة حتى في الآخرة والدليل الحجر 47-48 ” ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منها بمخرجين ” والبقرة 208 “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ” فالإعراض عن القرآن واتباع الأحاديث المزورة هو الذي أدى إلى تفرقة المسلمين .

ب- لا يجوز أن تخالف السنة القرآن لأن مهمة الرسول تبليغ القرآن وإنذار الناس به .

كل الرسل بشروا وأنذروا الناس بالشرائع المنزلة عليهم. هذا التبليغ والإنذار جعله الله حجة على الناس لكي لا يدعوا أنهم لم يتبلغوا بشرع الله. والدليل: النساء 165 “رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل” والبقرة 213 ” كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس” والحديد 25 “لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط “.

فالرسل يبشرون المؤمنين الصالحين المتقين بالجنة ورحمة الله والسعادة والحياة الدائمة في الآخرة وينذرون الكفار والمنافقين بسوء مصيرهم إن لم يتوبوا وهو عذاب الله في الدنيا وفي جهنم بالآخرة. لهذا قال الله تعالى في فاطر 24 ” إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير “. وفعلا بلغ الرسول القرآن للناس وأنذرهم به. ولكن الله فرض على الأمة الإسلامية إتمام رسالة الرسول أي تبليغ القرآن وشرحه لكافة الناس في العالم وإقناعهم بوجود الله وبصدق القرآن. وهذه مهمة نبيلة وواجب شرعي فرضه الله على علماء ودعاة الأمة الإسلامية وفقهائها وأهل الذكر وكل من لهم إلمام وعلم بأحكام القرآن. بل خصص الله تعالى العقاب والعذاب لكل من توفرت فيه أهلية الدعوة الإسلامية والاستطاعة المالية والصحية و الأمنية ولم يقم بالواجب. والأدلة منها الحج 78 “وتكونوا شهداء على الناس ” أي شهداء على تبليغ القرآن للناس وشرحه لهم. وهذا الدليل تؤيده البقرة 143 ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ” والبقرة 159-160 “إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ” والبقرة 174 “إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم” . وهم الذين يحرفون القرآن ويكتمون الحق. وهذا العذاب المخصص لهم تؤيده آل عمران 77 ” إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم  “.

إن مهمة الرسول  تبليغ القرآن للناس وإنذارهم به دون زيادة أو نقصان. لهذا لا يجوز أن يخالَف القرآن بسنته. لقوله تعالى في الرعد 40 “فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ” والمائدة 19 “يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ” والفرقان 1 “تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ” والأعراف 2 ” كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ” والكهف 56 ” وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين “. الرسول ملزم بإنذار الناس بالقرآن وحده والدليل إبراهيم 52 ” هذا بلاغ للناس ولينذروا به ” والحج 49 ” قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين ” فهو نذير للناس بالقرآن وليس بسننه. فالسنة مبينة للقرآن لهذا لا يجوز أن تخالفه. والأعراف 63 ” أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون ” والأنعام 19 ” وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ” والشعراء 192-194 ” وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ” والأحقاف 9 ” قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحي إلي وما أنا إلا نذير مبين ” وسبأ 28 ” وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ” والسجدة 2-3 ” تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين. أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ” وفصلت 2-4 ” تنزيل من الرحمان الرحيم. كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا  “.

هذه الأحكام الشرعية المستنبطة من الآيات المذكورة تؤكد بصدق وبحق ووضوح تام بأن الرسول له مهمة محددة هي تبليغ القرآن للناس وإنذارهم بما فيه من حدود وأحكام دون زيادة أو نقصان فلا يجوز للرسول مخالفة ما أمره الله به. والنتيجة الشرعية المترتبة عن هذه الآيات وهذه المهمة المحددة والمقيدة هي أن السنة النبوية لا يجوز أن تنسخ القرآن ولا أن تخالفه كما يدعي أعداء الإسلام والجاهلون الذين اتبعوهم .

ولما تقوى الوازع الديني وكثر فقهاء وعلماء الإسلام وأهل الذكر في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام أمر الله تعالى المسلمين بتكوين فقهاء وعلماء ليساعدوا الرسول في مهمة إنذار الناس بالقرآن. والدليل التوبة 122 ” وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ” والنساء 83 “ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم”. فالذين كلفهم الله تعالى وفرض عليهم إنذار الناس بالقرآن لا يجوز لهم مخالفة القرآن ولم ينزل الله عليهم وحيه للقيام بهذه المهمة. وهم يشهدون على ذلك. لهذا فإن السنة هي أيضا ليست وحيا ولا يجوز شرعا أن تخالف القرآن. وأذكر أن مهمة إنذار الناس بالقرآن بعد الرسول ملقاة على عاتق العلماء والفقهاء وأهل الذكر والأساتذة الباحثين الذين لهم علم بعلوم القرآن والدراسات الإسلامية. وهذه المهمة فريضة من الله خصص لها الجزاء المؤكد في عدة آيات منها البقرة 159و174 المذكورتان سابقا .

لهذا يجب على كافة المسلمين في كل مكان وزمان رفض كل حديث منسوب للرسول إذا كان مخالفا للقرآن لأن الرسول ليست له سلطة تشريعية مخالفة للقرآن. والسنة ليست مصدرا للتشريع الإسلامي بل القرآن هو المصدر الأسمى لهذا التشريع. وكل تشريع وضعي لا يكون مشروعا إلا إذا كان مطابقا للقرآن وغير مخالف له بما في ذلك السنة النبوية. وكل من كذب على الرسول فوضع أحاديث لم يقلها الرسول أو حرفها وكل من قبل بها عن علم وتبناها عمدا فقد ارتكب كبيرة من الكبائر ويعاقب في الدنيا والآخرة .

ج- بطلان الادعاءات التي استند إليها مذهب مخالفة السنة للقرآن :

إن أعداء الإسلام وأعداء الله تعالى اتخذوا ذريعة لتحريف القرآن وفرض معتقداتهم وأفكارهم على المسلمين عن طريق السنة النبوية. لهذا ابتدعوا واتخذوا ذرائع لتبرير الادعاء أن السنة تنسخ وتخالف القرآن وتشرع ما شاء الرسول ولو كان مخالفا للقرآن. وأعطوا تفسيرا خاصا بهم لبعض آيات القرآن حسب هواهم وبشكل يخالف التفسير والمدلول الحقيقي لهذه الآيات. وهدفهم طبعا ذر الرماد في عيون المسلمين وإقناعهم بمذهبهم. وفعلا اتبعهم كثير من المسلمين الغافلين الذين لا يفهمون القرآن عن جهل وعن غير قصد لأنهم وقعوا ضحية تغليطهم من طرف أعداء الإسلام .

لهذا سأعطي التفسير الصحيح للآيات التي استند إليها أنصار نسخ السنة للقرآن ومخالفتها له لكي أبين بطلان أدلتهم، وذلك من خلال تسع نقط متسلسلة. ولن أذكر مراجعهم وأسماءهم لعلهم يقتنعون ويتوبون إلى الله تعالى .

بطلان الإدعاء الأول :

اعتمد أنصار مذهب مخالفة السنة للقرآن على ما جاء في النساء 59 “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ” فأعطوا للرسول وأولي الأمر سلطة مطلقة في اتخاذ القرارات وتشريع ما يشاؤون مدعين أن الله تعالى هو الذي فرض طاعتهم وأعطاهم هذه الصلاحية .

ولكي أبين بطلان هذا الإدعاء أعطي التفسير الحقيقي للنساء 59 المذكورة. الله فرض طاعة الرسول وأولي الأمر أي الحكام في الدولة الإسلامية ولكن فرض طاعة الله أولا قبل طاعتهم. لذا فإن طاعة الله تعالى مطلقة وواجبة على الرسول وأولي الأمر وكافة المسلمين. أما طاعة الرسول وأولي الأمر فإنها ليست مطلقة بل مقيدة ومشروطة بطاعة الله تعالى. بمعنى آخر أن الرسول وأولي الأمر لا تجب طاعتهم إذا لم يطيعوا الله عز وجل. أي أن الرسول إذا خالف حدود القرآن لا تجب طاعته وكذلك أولوا الأمر. لهذا جعل الله تعالى طاعة الرسول وأولي الأمر مشروطة بالتقوى والخوف من الله أي بالالتزام بحدود القرآن. والدليل النور 52 “ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون” بل أمر الله تعالى بعصيان الرسول وأولي الأمر إذا عصوا الله وخالفوا حدوده. والدليل الممتحنة 12 “ولا يعصينك في معروف” فالحكم الشرعي الغير المنطوق به في هذه الآية أنه يجب عصيان الرسول في غير المعروف وهو كل ما يخالف حدود القرآن. وهناك دليل آخر في الأنفال 24 “يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم”. فالاستجابة هي الطاعة ولكن جعلها الله تعالى مقيدة ومشروطة بطاعة الرسول لله والالتزام بالقرآن الاستجابة لله أي اتباع القرآن واجبة على الرسول وكافة الناس. والدليل البقرة 186 ” فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ” والرعد 18 ” للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد ” فلا تجب طاعة الرسول إلا إذا دعا الناس لما يحييهم أي ما في القرآن لأنه يحيي من اتبعه والتزم بحدوده وأحكامه. فالذي يتبع القرآن يعيش في الدنيا حياة طيبة وبعد البعث حياة حقيقية أبدية خالدة في سعادة الجنة. أما من يخالف القرآن وحدود الله فإنه يعيش معيشة ضنكا. وفي الآخرة بعد البعث يعيش حياة دائمة في الشقاء والعذاب ما هو ميت ولا حي حقيقي والدليل طه 74 ” إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى” وفاطر 36 ” والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها ” والأعلى 12-13 ” الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى ” فالقرآن هو الذي يجعل الإنسان حيا في الدنيا والآخرة إذا اتبعه وطبقه بإيمان وإخلاص والدليل الشورى 52 “وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا” والأنعام 122 “أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها” والنحل 97 “من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون” وطه 123-124 “فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ” فالذكر في هذه الآية هو القرآن وهو الذي يحيي من اتبعه لهذا فالحكم الشرعي في الأنفال 24 المذكورة يفرض طاعة الرسول إذا أنذر الناس بالقرآن ووعظهم به وأصدر إليهم أوامر مطابقة لحدوده وأحكامه لأنها تؤدي بهم إلى الحياة الحقيقية الدائمة في سعادة الجنة إذا التزموا بها. ومما يفسر أيضا النساء 59 ويدل على أن طاعة الرسول مقيدة بطاعته لله أي الالتزام بالقرآن ما جاء في عدة آيات منها يونس 15 “إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم” والأنعام 15-16 “قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين” والزمر 13 “قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم” وهود 63 “فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير ” هذه الأحكام الشرعية الواردة في هذه الآيات أكدت صراحة أن الرسل لا يمكنهم ولا يجوز لهم مخالفة شرائع الله المنزلة عليهم. لهذا لا تجب طاعة الرسول إذا عصا الله نعالى أي إذا خالف القرآن. ولهذا لا يجوز شرعا أن تكون سنة الرسول مخالفة للقرآن أبدا. ومن قبل سنة مخالفة للقرآن واتبعها فقد عصا الله تعالى واستحق عذابه. لقوله تعالى في النساء 115 “ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا “. سبيل المؤمنين في هذه الآية هو سبيل الله تعالى أي صراطه المستقيم الذي يؤدي بمن اتبعه إلى الله والجنة وهو القرآن. ومما يفسر النساء 59 المذكورة أن الله تعالى فرض على رسوله الالتزام بالقرآن وكذلك أولي الأمر وكافة الناس والدليل كثير من الآيات منها الجاثية 18 ” ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون” والحاقة 43-47 ” تنزيل من رب العالمين. ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين ” والمائدة 48 “وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق” إن كل مخالفة لحدود القرآن اعتبرها الله تعالى ظلما لهذا فإن من الآيات التي تحرم طاعة الرسول وأولي الأمر إذا ظلموا أي خالفوا حدود الله تعالى هناك هود 113

 “ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ” والطلاق 1 “ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ” والأنعام 121 “وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ” والشعراء 151-152 “ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون” . بل أمر الله تعالى بمقاتلة من يخالف حدود القرآن بقوله تعالى في النساء 75 “وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها .”

وكل من يطيع من عصي الله وتعدى حدوده ينال عذاب الله تعالى في الدنيا والآخرة والدليل الزخرف 54-56 “فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين” وفعلا أخبرنا الله تعالى في القرآن عن العذاب الذي لقيه من كان يطيع الذين عصوا الله تعالى والدليل سبأ 31-32 “ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم  إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا. وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون” والأحزاب 67 ” وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل ” والبقرة 167 ” وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار  “.

فلا تقبلوا أيها المسلمون الأحاديث المخالفة للقرآن ولا تتبعوها لأن السنة لا يجوز أن تنسخ القرآن أو تخالفه واعلموا أنكم في حالة ابتلاء واختبار في هذه الحياة الدنيا المؤقتة. فإذا أطعتم من يخالف حدود القرآن ويتعداها فإنكم معرضون لعذاب الله عز وجل في الدنيا والآخرة. وقد بينت الأحكام الشرعية الدالة على ذلك. وأضيف دليلا آخر من خلال الملاحظة التالية  :

أمر الله تعالى المسلمين الذين عاصروا الرسول عليه صلاة الله وسلامه بطاعته لتطبيق القرارات التي كان يأمر بها في إطار الدعوة الإسلامية وتدبير الشأن العام وتطبيق القرآن ولكن الرسول لم يترك لنا سنته مكتوبة ومصادق عليها من طرفه. ونحن لم نسمع أوامره ولم نشاهد أفعاله. ولو كان ما يزال حيا لسألناه عن أوامره وسنته للتأكد من صحتها ولأطعنا أوامره إن كانت مطابقة للقرآن كما أمرنا الله تعالى بذلك. ولكن ما أجمع عليه الصحابة من سنة ووصلنا بالتواتر نلتزم به إذا تأكدنا من مطابقته للقرآن لأنهم عاصروا نزول الوحي أي القرآن وشاهدوا مباشرة أفعال الرسول وأجمعوا على اتباعها كمناسك الحج والصلاة والصوم والزكاة .

وبما أن الله تعالى أكد في القرآن وجوب التزام الرسول مثل كافة الناس بالقرآن، وبما أن الرسول برأ نفسه من الكذب في سنته حيث قال في الحديث الذي رواه مسلم ” ما أتاكم مني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فأنا قلته ” لهذا فإن السنة لا تنسخ القرآن ولا تخالفه أبدا. وليست مصدرا للتشريع الإسلامي مستقلا عن القرآن لأنها تابعة له ومبينة لأحكامه. والتزامنا بالسنة المطابقة للقرآن والمفسرة له هو التزام في الحقيقة بالقرآن الملزم لنا وللرسول عليه الصلاة والسلام .

وبهذه الأدلة الشرعية يتأكد لنا التفسير الصحيح لسورة النساء 59 وبطلان ادعاء أعداء الإسلام أن السنة تنسخ القرآن وتخالفه .

بطلان الإدعاء الثاني

استند  أنصار هذا المذهب أيضا إلى تفسير خاطئ أو مقصود لآيتين هما الأحزاب 36 ” وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ” والنساء 65 ” فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما .”

 وقبل أن أعطي التفسير الحقيقي للآيتين أذكر بأن علم تفسير القرآن و قواعد فهمه وتدبره تقتضي عدم تفسير الآية إلا بعد عرضها على كل آيات القرآن الأخرى و مقارنتها بها لمعرفة علاقة النسخ أو التعديل الجزئي حيث يكون حكم شرعي في آية مخصصا أو معمما لحكم شرعي في آية أخرى أو مقيدا أو مطلقا له أو مبينا و مفسرا و مؤكدا له .

وهاتان الآيتان لا تعطيان للرسول سلطة مطلقة للقضاء و الأمر بما شاء حسب هواه بل هناك قيود في آيات أخرى جعلت سلطة الرسول عليه الصلاة و السلام مقيدة باحترامه و التزامه بأحكام القرآن و حدود الله عز و جل، ومنها :المائدة 48 ” فاحكم بينهم بما أنزل الله و لا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ” و المائدة 49 ” و أن احكم بينهم بما أنزل الله و لا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ” والمائدة 8 ” يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط و لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى و اتقوا الله إن الله خبير بما تعملون”. فالرسول أول المؤمنين بالقرآن و هو الذي نزل عليه وحيه. لهذا فإنه ملزم بأن يكون مقسطا وعادلا ومطبقا لحكم الله الوارد في القرآن، وملزما بأمر الله الوارد في النحل 90 ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ” والنساء 105 ” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ” وهناك أيضا أمر الله الموجه إلى كل الحكام الذين يتولون مهمة الحكم بين الناس ومنهم الرسول بأن يحكموا بالعدل وطبقا لما في القرآن من أحكام حكم بها الله تعالى : والدليل النساء 58 ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ” والبقرة 213 ” كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ” والحديد 25 ” لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط  “.

هذه  الأحكام الشرعية في هذه الآيات أكدت صراحة أن هناك قيودا على سلطة الرسول القضائية بحيث ليس له الحق في الحكم بما شاء حسب هواه بل يجب أن تكون قراراته وأحكامه مطابقة لحدود القرآن بأمر من الله تعالى. لهذا فإن السنة النبوية لا يجوز شرعا أن تخالف القرآن أبدا ولذلك فإن ادعاء أعداء الإسلام باطل ولا أساس له من الصحة .

بطلان الادعاء الثالث

عزل أعداء الإسلام مقطعا من سورة الحشر وفسروه حسب هواهم منفردا لإيجاد ذريعة لإعطاء الرسول سلطة مطلقة في تشريع ما يريد. وادعوا أن هذا المقطع أي الحشر 7 ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ” ادعوا أنه سند لهذه السلطة المطلقة التي لا حدود لها. وقد تعمدوا تغليط الناس لاتخاذ السنة بابا لتحريف القرآن لأنهم لو كانوا مؤمنين صادقين متقين وفقهاء الدين الإسلامي حقا لاحترموا قواعد فهم وتفسير القرآن وليبينوا الحقيقة .

وتكفي  مراجعة الآيات التي بينتها سابقا والتي أمرت الرسول مثل كافة الناس باتباع القرآن وتطبيقه للتأكد من كون الرسول ليست له سلطة مطلقة في تشريع ما يخالف القرآن. ويكفي ذكر الحاقة 43-47 ” تنزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين ” ويونس 15 ” وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحي إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ” والكهف 27 ” واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا  “.

لهذا حرم الله تعالى على رسوله أن يؤتي الناس ما يخالف القرآن ولا أن ينهاهم عن ما يطابق القرآن. ولهذا فالسنة النبوية لا يجوز شرعا أن تخالف القرآن أبدا .

وسأفسر مدلول ” وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا “. وأذكر هذا المقطع كما ورد في سياقه ومحوره وموضوعه العام. جاء في الحشر 7 ” ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ” والحشر 8 ” للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون “. فعبارة ” وما آتاكم الرسول فخذوه ” تعني أمر المسلمين بقبول القسمة التي بينها في الحشر 7-8 بخصوص توزيع غنائم حرب تبوك حتى لا تنشأ الفوضى والنزاعات. وعبارة ” وما نهاكم عنه فانتهوا ” تعني أمر الله عز وجل بأن يطيع الناس الرسول وأن يرضوا بالقسمة ولا يتنازعوا فيما بينهم حول غنائم الحرب. وهناك حكم شرعي يؤكد هذا التفسير الذي أعطيته للحشر 7 موجود في التوبة 58 ” ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون. ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون “. فمدلول عبارة ” ما آتاهم الله ورسوله ” في التوبة 58 يتعلق بتوزيع الصدقات فقط. لهذا فعبارة ” ما آتاكم الرسول فخذوه ” في الحشر 7 هي أيضا تعني قسمة الفيء وغنائم الحرب. فلا تدل نهائيا على تفويض سلطة مطلقة للرسول عليه الصلاة والسلام في تشريع ما يريد أو اتخاذ ما يشاء من قرارات وأوامر حسب هواه بل سبق أن بينت الآيات الكثيرة التي فرضت على الرسول الالتزام بحدود القرآن. لهذا فإن سورة الحشر ليست سندا للادعاء أن السنة تنسخ القرآن وتخالفه بتفويض من الله تعالى. ولهذا فإن السنة لا تكون مشروعة إذا خالفت حدود القرآن .

وهناك  من استند إلى الأحزاب 21 ” لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة ” فاعتبروا كل أقوال وأفعال الرسول مثلا يجب اتباعه بأمر من الله تعالى. وهذا غير صحيح لأن هذه الآية تهم مثلا واحدا أو أسوة واحدة أمر الله المسلمين باتباعها وهو تحفيزهم على المشاركة في الحرب مع الرسول بعد أن بدأها بنفسه وشرع فيها لإعطاء المثل في التضحية والجهاد للناس. فلم يأمر الله باتباع الرسول واتخاذه أسوة في كل ما فعله بصفة مطلقة. بل هناك قيد على الرسول باتباع القرآن والالتزام بحدوده .

ونجد  حكما شرعيا يفسر هذه الآية في الممتحنة 4 ” قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك الله وما أملك لك من الله من شيء ” والممتحنة 6 ” لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر “. فالأسوة التي أمر الله الناس باتباعها لا تعني كل ما فعله رسوله إبراهيم عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه   بل تعني  التصرف الذي تصرفه إبراهيم والذين آمنوا معه حيث قطعوا صلة الكفار وعاملوهم كأعداء ما داموا لم يتوبوا إلى الله عز وجل .

فمراد الله تعالى أن يقطع المسلمون الصلة بالكفار وأن يعاملوهم كأعداء إلى أن يتوبوا توبة نصوحا أبدية لا رجعة فيها .

ولذا فإن الأحزاب 21 ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ” ليست سندا للالتزام بكل ما فعله الرسول. بل إذا كانت السنة مخالفة لحدود القرآن لا يجوز شرعا اتباعها لأن الرسول مثل سائر الرسل يخطئ ويصيب لأنه بشر ولأن الله تعالى عصمه أي حماه من شر وأدى البشر ولم يعصمه من الخطأ كما يدعي الجاهلون. والدليل المائدة 67 ” والله يعصمك من الناس  “.

كما أن السنة ليست وحيا من الله تعال. وقد بينت الأدلة الشرعية على ذلك في المبحث الأول. فلو كانت السنة حقا وحيا من الله لوجب اتباع كل ما يفعله الرسول .

ومما يدل على أن المسلمين ملزمون باتباع القرآن وليس أفعال الرسول أننا نجد سنة نبوية مطابقة للقرآن ويحرم على غيره اتباعها. وكمثال أن الله تعالى رخص في القرآن للرسول بأن يتزوج ما شاء من النساء بينما باقي المؤمنين حدد عدد زوجاتهم في أربعة ولا يمكنهم تجاوز هذا العدد. والدليل الأحزاب 50 ” يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين “. لا يمكن شرعا للمسلمين اتباع سنة الرسول وأفعاله المتعلقة بالزواج بما يشاء من النساء. الدليل سورة النساء 3 ” فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث وربع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة “. وأشير إلى أن رخصة ما ملكت الأيمان كانت مؤقتة لظروف اجتماعية قاهرة وقد نسختها وألغتها النساء 25 والنور 32-33 .

وهناك  سنة نبوية في الأسبقية بالزواج بالقريبات. ولا يمكن لباقي المسلمين التعرض على الزواج بقريباتهم مثل الرسول لأن هذا الحق أعطاه القرآن للرسول وحده. والدليل الأحزاب 50 المذكورة، وهناك سنة نبوية فيها أن الرسول كان يختار من زوجاته ما يشاء ويعجبه للمعاشرة الجنسية بحكم ما جاء في الأحزاب 51 ” ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك “. فلا يجوز شرعا لباقي المؤمنين اتباع ما كان يفعله الرسول في تعامله مع زوجاته رغم مشروعية هذه السنة ومطابقتها للقرآن. لأن هناك نصا قرآنيا يمنع ذلك هو النساء 129 ” ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما “. هذا الحكم الشرعي أمر المسلمين باستثناء الرسول بالعدل المطلق بين الزوجات في الإنفاق والجماع. فإذا اتبع المسلمون سنة الرسول في هذا المثال فقد عصوا الله تعالى وخالفوا ما جاء في النساء 3 و 129 .

وهناك  مثال آخر يبين أن المسلمات لا يجوز لهن اتباع سنة الرسول التي فرضها على زوجاته بخصوص ارتداء النقاب أي الحجاب الكامل الذي يغطي كل الجسم بما في ذلك الوجه. والدليل الأحزاب 32 ” يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ” هذا دليل على أن الله تعالى شرع لنساء النبي أحكاما خاصة بهن دون باقي المسلمات ومنها الأحزاب 33 ” وقرن في بيوتكن “. وهذا الحكم لا يلزم باقي المسلمات لأنهن ملزمات شرعا بالمشاركة في التنمية الإجتماعية والإقتصادية والسياسية بجانب المسلمين. ولأن تكاليف القرآن واجبة على الرجل و المرأة معا. و الحكم الشرعي الذي فرض على نساء النبي النقاب أو الحجاب الكامل هو الأحزاب 53 ” وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن. وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا” . فلا يجوز للمسلمة غير زوجات الرسول إخفاء الوجه والكفين خارج بيتها وفي الأماكن العمومية لإثبات هويتها للناس. وهذا حق للعموم حفاظا على الأمن الخاص والعام. والدليل سورة النور 30-31. وللمزيد أحيلكم على بحث نشرته في موقعي المذكور بالانترنت حول موضوع “الأحكام الشرعية التي تفرض على المؤمنة إخفاء كل زينتها باستثناء الوجه والكفين”. والأحزاب 53 منعت زوجات الرسول من الزواج إن طلقهن أو بعد وفاته. بينما باقي المسلمات المطلقات أو المتوفى عنهن أزواجهن من حقهن الزواج بعد انقضاء العدة. فلو اتبع المسلمون سنة الرسول في هذه الحالة لبقيت المطلقات والأرامل بدون زواج وهذا غير مشروع .

لهذا فالمسلمون ملزمون بإتباع القرآن وليس السنة المخالفة للقرآن. ولا يكون الرسول أسوة لهم إلا فيما يهم تطبيق نصوص القرآن. فإذا كانت السنة مطبقة للقرآن ومبينة له فإنها ملزمة. وفي الواقع أساس الإلزام هو القرآن لأن التزامنا بالسنة المطابقة للقرآن التزام بالقرآن نفسه. ولأن طاعة الرسول جعلها الله تعالى مقيدة ومشروطة بطاعته لله تعالى. وقدسبق ذكر الأدلة الشرعية على ذلك فلا داعي لتكرارها. وطاعة الله هي أن تكون السنة مطابقة لحدود القرآن. لهذا ليس كل ما قاله وفعله الرسول عليه صلاة الله وسلامه ملزما للمسلمين. فلا يلزمهم إلا ما كان مطابقا لحدود القرآن .

بطلان الإدعاء الرابع :

ادعى أعداء الإسلام أن السنة تنسخ وتخالف القرآن استنادا إلى فهم خاطئ أو مقصود لسورة آل عمران 31 ” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم “.وقالوا بغير حق أن هذه الآية تلزم المسلمين بإتباع سنة الرسول سواء كانت مطابقة للقرآن أم مخالفة له مدعين أن الله تعالى أمر بذلك طبقا لما جاء في آل عمران 31 .

ولكن هذا التأويل الذي فسروا به هذه الآية غير صحيح ومتعمد لإيجاد سند لتحريف القرآن بالسنة. والأدلة على ذلك منها ما يلي :

أمر الله بإتباع الرسول وطاعته ولكنه فرض على الرسول اتباع القرآن وطاعة الله عز وجل أي الالتزام بحدود القرآن. فما دام الرسول مستجيبا لله تعالى ومطيعا له ومتبعا للقرآن وجب على المسلمين اتباعه وطاعته لأن اتباع الرسول في حد ذاته وحقيقته إتباع لله تعالى. وطاعة الرسول في حد ذاتها طاعة لله ما دام الرسول مطيعا لله تعالى. والأنفال 24 “يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم” أي إلى اتباع القرآن الذي يعطي من اتبعه الحياة الدائمة في سعادة الجنة .

فإتباع الرسول وإتباع سنته مشروط ومقيد بإتباع الرسول للقرآن وأن تكون سنته مطابقة لحدوده. والأدلة كثيرة منها ما يلي : الجاثية 18 “ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها” الأحقاف 9 “قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين” والأحزاب 2 “واتبع ما يوحى إليك من ربك” والقيامة 16-19 “لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه” والأعراف 157 “الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم. فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ” . إن الأحكام الشرعية الواردة في هذه الآية أكدت أن الرسول ملزم شرعا بإتباع القرآن. لهذا لا يجوز إتباع الرسول وسنته إذا لم يتبع القرآن. فتدبروا إخواني العلماء والدعاة والأساتذة الباحثون وسائر القراء المحترمين هذه الآيات وخاصة الأعراف 157 ومنها ” فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ” . فهذا شرط أساسي للفلاح وهو اتباع القرآن وهو النور الذي أنزله الله تعالى. وتدبروا أيضا الأنعام 153 و الأنعام 155 والأعراف 3 والزمر55 المذكورة سابقا .

والحكم الشرعي المستنبط من هذه الآية الأعراف 157 وما سبقها أن الرسول إذا لم يتبع القرآن لا يجوز اتباعه. بمعنى أن سنة الرسول لا تكون مشروعة وملزمة للمسلمين إلا إذا كانت مطابقة للقرآن. ولهذا برأ الرسول عليه صلاة الله وسلامه نفسه من الكذب عليه في سنته حيث قال في الحديث الذي رواه مسلم في المرجع المذكور سابقا “ما أتاكم عني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فأنا قلته ” .

ومن الأدلة على بطلان هذا الإدعاء أن السنة تنسخ وتخالف القرآن الملاحظة التالية: لقد جاء في آل عمران 31 أن الله يحب من اتبع الرسول ويغفر ذنوبه. وبما أن الله تعالى حدد شروط مغفرة الذنوب فإن اتباع الرسول لا يؤدي إلى مغفرة الذنوب ومحبة الله عز وجل إذا لم يتبع القرآن بمعنى أن اتباع السنة المطابقة للقرآن هو في حد ذاته وحقيقته اتباع للقرآن والتزام به .

وسأبين بعض الآيات التي حددت شروط مغفرة الله للذنوب لأنها من القيود المفروضة على اتباع الرسول كما جاء في آل عمران 31 المذكورة، ومنها ما يلي : الأنفال 29 ” يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم ” وطه 82 ” وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ” والأحزاب 70-71 ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ” والعنكبوت 7 ” والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون ” والطلاق 5 ” ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته  “.

وتقوى الله هي طاعته واتباع القرآن والالتزام بحدوده قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت. لهذا فالحكم الشرعي في الطلاق 5 مؤيد لما جاء في الآيات السابقة. وبما أنه جعل التقوى أي اتباع القرآن شرطا لمغفرة الله عز وجل للذنوب والسيئات فإن هذا الحكم الشرعي قد قيد اتباع الرسول وجعله مشروطا باتباعه للقرآن .

والنتيجة الشرعية المترتبة عن هذا التفسير لآل عمران 31 المذكورة أن الله تعالى شرع حكما شرعيا غير منطوق فيها وهو أنه حرم اتباع الرسول إذا لم يطع الله ولم يتبع القرآن. وكذلك كل تفسير للقرآن من طرف الصحابة أو غيرهم من التابعين والعلماء المعاصرين لا يكون صحيحا ولا يجوز اتباعه إذا كان مخالفا للقرآن .

فعودوا أيها المسلمون إلى كتاب الله تعالى وهو في صدوركم وفي ملايين المصاحف بين أيديكم في كل أنحاء العالم. وهو الروح الربانية التي تعطي من اتبعه بصدق الحياة والسعادة في الدنيا والآخرة. فتوحدوا أيها المسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا وهو القرآن كما أمر الله تعالى. وتعاونوا على تدبره وفهمه وتطبيقه في كل بلاد الإسلام. وماصادقت عليه الأغلبية المطلقة من العلماء والفقهاء وأهل الذكر الصادقين المتقين في كل بلاد الإسلام يجب أن يلتزم به المسلمون بشرط أن يكون ذلك مطابقا لحدود الله تعالى .

بطلان الادعاء الخامس

استند أعداء الإسلام الذين أرادوا تحريف القرآن بالسنة إلى فهم خاطئ أو مقصود لسورة آل عمران 164 ” لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ” ولسورة الجمعة 2 ” هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ” استندوا إلى الآيتين فادعوا بغير حق أن السنة النبوية حكمة باعتراف من القرآن. لهذا يجب الالتزام بها وإن خالفت القرآن. وهذاالتأويل غير صحيح بل الحكمة في الآيتين هي حكمة الله عز وجل وليست حكمة الرسول، والمقصود منها القرآن. وبما أن الرسول كلفه الله بتعليم الناس الحكمة، فالمقصود الشرعي تعليم الناس القرآن لأنه حكمة الله تعالى. ولهذا لا يجوز أن تخالف السنة القرآن أبدا. والأدلة المؤكدة لخطأ هذا الإدعاء بأن للرسول حكمة خاصة به هي التالية : إن كلمة الحكمة في آل عمران 164 والجمعة 2 معطوفة على كلمة الكتاب وهي صفة له. ولا حكمة فوق حكمة الله تعالى لأنه أكثر علما من كل ما خلق ومنه الرسل وهو عالم الغيب والشهادة ولا يعلم الغيب إلا هو. وهو الذي خلق ظواهر الكون وأسبابها. وهو الصادق والحق والعدل. وليست للرسل حكمة خاصة بهم ولكنهم تلقوا حكمة الله في شرائعه المنزلة عليهم. وقد ثبت أن الرسول عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه كان عند بداية نزول القرآن عليه أميا لا يعرف القراءة ولا الكتابة. والأدلة منها العنكبوت 48 “وما كنت تتلو من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون” وسورة الضحى 7 “ووجدك ضالا فهدى” وسبإ 50 “قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب”والأنعام 61 “قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما” الله تعالى اجتبى رسوله محمد بن عبد الله واصطفاه وهداه إلى صراطه المستقيم مثل باقي الرسل عليه وعليهم صلاة الله وسلامه،وعلمه ما شاء من علمه وحكمته اللتي يتضمنها القرآن بعد أن كان أميا لا يعرف القراءة والكتابة.ومن الأدلة الشورى 49 “وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان” والأعراف 157 “الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل” وآل عمران 48 “ويعلمه الكتاب والحكمة” وآل عمران 112 “وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما”.

لهذا لم يعترف الله عز وجل للرسل بحكمة خاصة بهم لكي يشرعوا ما شاؤوا بل أمرهم بتبليغ حكمته وهي شرائعه المنزلة عليهم. لهذا فسنة الرسول مقيدة بحكمة الله تعالى أي القرآن ولا يجوز أن تخالفه أبدا. والأدلة كثيرة منها آل عمران 81 ” وإذ أخد الله ميثاق النبيين لما آتيناكم من كتاب وحكمة ” وكل شرائع الله وكتبه المنزلة على رسله حكمة الله. والنساء 113 “وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة ” والنساء 54 “فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة ” والبقرة 231 “وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة”. ومما يدل على أن القرآن هو حكمة الله تعالى التي أمر الرسول أن يعلمها للناس ما جاء في الأحقاف 2 “تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم” والنمل 6 “وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم ” وفصلت 41-42 “وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ” وآل عمران 58 “ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم ” و يونس 1 “الر تلك آيات الكتاب الحكيم” والبقرة 231 “واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة” والأحزاب 34 “واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة” .ولقمان 1″الم تلك آيات الكتاب الحكيم” والزخرف 2و3 “إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم”.هذه الآيات برهان ودليل قاطع على أن القرآن حكمة الله تعالى وليست السنة النبوية .ومن الأدلة كذلك الشورى 1 “حم عسق كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم” والزمر 1 “تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ” والجاثية 2 “تنزيل الكتاب من لله العزيز الحكيم”.وكل الشرائع التي أنزلها الله تعالى على رسله حكمة إلهية نسختها حكمة القرآن الكريم. وهود 1 “الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير “.

كل هذه الآيات فسرت معنى الحكمة التي علمها الرسول للناس وهي حصرا حكمة القرآن والقرآن حكمة الله تعالى. وهي دليل كذلك على أن الرسول ليست له حكمة خاصة به ولا يمكنه مخالفة حكمة الله تعالى وهي القرآن. لهذا فالسنة لا يجوز أن تخالف القرآن أبدا .

و للمزيد تدبر أخي المسلم آيات القرآن التي أكدت أن الحكمة من صفات الله عز و جل يؤتيها من يشاء : أ آيات القرآن اللتي أكدت بأن الحكمة من صفات الله عز وجل يؤتيها من يشاء: 1-” فان زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا ان الله عزيز حكيم ” البقرة (209) 2-“في الدنيا والاخره ويسالونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير وان تخالطوهم فاخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لاعنتكم ان الله عزيز حكيم ” البقرة (220) 3-“والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصيه لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج فان خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في انفسهن من معروف والله عزيز حكيم ” البقرة (240) 4-“واذ قال ابراهيم رب ارني كيف تحي الموتى قال اولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ اربعه من الطير فصرهن اليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن ياتينك سعيا واعلم ان الله عزيز حكيم” البقرة (260) 5-“والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثه قروء ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن ان كن يؤمن بالله واليوم الاخر وبعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجه والله عزيز حكيم” البقرة (228) 6-“قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم ” البقرة (32) 7-“ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم اياتك ويعلمهم الكتاب والحكمه ويزكيهم انك انت العزيز الحكيم ” البقرة (129) 8-“ذلك نتلوه عليك من الايات والذكر الحكيم” آل عمران (58) 9-“هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء لا اله الا هو العزيز الحكيم ” آل عمران (6) 10-“ان هذا لهو القصص الحق وما من اله الا الله وان الله لهو العزيز الحكيم” آل عمران (62) 11-“وما جعله الله الا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم ” آل عمران (126) 12-“شهد الله انه لا اله الا هو والملائكه واولو العلم قائما بالقسط لا اله الا هو العزيز الحكيم” آل عمران (18 13-“بل رفعه الله اليه وكان الله عزيزا حكيما” النساء (158) 14-“ومن يكسب اثما فانما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما” النساء (111) 15-“وان يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما” النساء (130) 16-“رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجه بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما” النساء (165 17-“انما التوبه على الله للذين يعملون السوء بجهاله ثم يتوبون من قريب فاولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما” النساء (17) 18-“ان الذين كفروا باياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما” النساء (56) 19-“ولا تهنوا في ابتغاء القوم ان تكونوا تالمون فانهم يالمون كما تالمون وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما” النساء (104) ب 20-“يا ايها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فامنوا خيرا لكم وان تكفروا فان لله ما في السماوات والارض وكان الله عليما حكيما” النساء (170) 21-“والمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكم كتاب الله عليكم واحل لكم ما وراء ذلكم ان تبتغوا باموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضه ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضه ان الله كان عليما حكيما” النساء (24) 22-“وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطا ومن قتل مؤمنا خطا فتحرير رقبه مؤمنه وديه مسلمه الى اهله الا ان يصدقوا فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبه مؤمنه وان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فديه مسلمه الى اهله وتحرير رقبه مؤمنه فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبه من الله وكان الله عليما حكيما” النساء (92) 23-“يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فان كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحده فلها النصف ولابويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فان لم يكن له ولد وورثه ابواه فلامه الثلث فان كان له اخوه فلامه السدس من بعد وصيه يوصي بها او دين اباؤكم وابناؤكم لا تدرون ايهم اقرب لكم نفعا فريضه من الله ان الله كان عليماحكيما” النساء (11) 24-“والسارق والسارقه فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم المائدة (38) 25-ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك انت العزيز الحكيم” المائدة (118) 26-“وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء ان ربك حكيم عليم الأنعام (83) وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصه لذكورنا ومحرم على ازواجنا وان يكن ميته فهم فيه شركاء سيجزيهم وصفهم انه حكيم عليم” الأنعام (139) 27-“ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس وقال اولياؤهم من الانس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا اجلنا الذي اجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها الا ما شاء الله ان ربك حكيم عليم” الأنعام (128) 28-“وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير” الأنعام (18) 29-“وهو الذي خلق السماوات والارض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهاده وهو الحكيم الخبير” الأنعام (73) 30-“وان يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فامكن منهم والله عليم حكيم” الأنفال (71) 31-“وما جعله الله الا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر الا من عند الله ان الله عزيز حكيم ” الأنفال (10) 32-“اذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم” الأنفال (49) 33-“والف بين قلوبهم لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم انه عزيز حكيم” الأنفال (63) 34-“ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض تريدون عرض الدنيا والله يريد الاخره والله عزيز حكيم” الأنفال (67) 35-“ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم” التوبة (15) ج 36-“واخرون مرجون لامر الله اما يعذبهم واما يتوب عليهم والله عليم حكيم” التوبة (106) 37-“لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبه في قلوبهم الا ان تقطع قلوبهم والله عليم حكيم” التوبة (110) 38-“الاعراب اشد كفرا ونفاقا واجدر الا يعلموا حدود ما انزل الله على رسوله والله عليم حكيم” التوبة (97) 39-“انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفه قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضه من الله والله عليم حكيم ” التوبة (60) 40-“والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاه ويؤتون الزكاه ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم” التوبة (71) 41-“يا ايها الذين امنوا انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وان خفتم عيله فسوف يغنيكم الله من فضله ان شاء ان الله عليم حكيم” التوبة (28) 42-“الا تنصروه فقد نصره الله اذ اخرجه الذين كفروا ثاني اثنين اذ هما في الغار اذ يقول لصاحبه لا تحزن ان الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمه الذين كفروا السفلى وكلمه الله هي العليا والله عزيز حكيم” التوبة (40) 43-“الر تلك ايات الكتاب الحكيم” يونس (1) 44-“الر كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير” هود (1) 45-“قال بل سولت لكم انفسكم امرا فصبر جميل عسى الله ان ياتيني بهم جميعا انه هو العليم الحكيم” يوسف (83) 46-“ورفع ابويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا ابت هذا تاويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا وقد احسن بي اذ اخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد ان نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي ان ربي لطيف لما يشاء انه هو العليم الحكيم” يوسف (100) 47-“وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم” إبراهيم (4) 48-“وان ربك هو يحشرهم انه حكيم عليم” الحجر (25) 49-“للذين لا يؤمنون بالاخره مثل السوء ولله المثل الاعلى وهو العزيز الحكيم” النحل (60) 50-“ويبين الله لكم الايات والله عليم حكيم” النور (18) 51-“ولولا فضل الله عليكم ورحمته وان الله تواب حكيم” النور (10) 52-“واذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستاذنوا كما استاذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم اياته والله عليم حكيم” النور (59) 53-“يا ايها الذين امنوا ليستاذنكم الذين ملكت ايمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاه الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيره ومن بعد صلاه العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الايات والله عليم حكيم” النور (58) 54-“وانك لتلقى القران من لدن حكيم عليم” النمل (6) 55″يا موسى انه انا الله العزيز الحكيم” النمل (9) د 56-“فامن له لوط وقال اني مهاجر الى ربي انه هو العزيز الحكيم” العنكبوت (26) 57-“ان الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم” العنكبوت (42) 58-“وهو الذي يبدا الخلق ثم يعيده وهو اهون عليه وله المثل الاعلى في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم” الروم (27) 59-“تلك ايات الكتاب الحكيم” لقمان (2) 60-“خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم” لقمان (9) 61-“يا ايها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين ان الله كان عليما حكيما” الأحزاب (1) 62-“قل اروني الذين الحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم” سبأ (27) 63-“الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الارض وله الحمد في الاخره وهو الحكيم الخبير” سبأ (1) 64-“ما يفتح الله للناس من رحمه فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم” فاطر (2) 65-“والقران الحكيم” يس (2) 66-“تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم” الزمر (1) 67-“ربنا وادخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ابائهم وازواجهم وذرياتهم انك انت العزيز الحكيم” غافر (8) 68-“لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد” فصلت (42) 69-“كذلك يوحي اليك والى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم” الشورى (3) 70-“وانه في ام الكتاب لدينا لعلي حكيم” الزخرف (4) 71-“وهو الذي في السماء اله وفي الارض اله وهو الحكيم العليم” الزخرف (84) 72-“فيها يفرق كل امر حكيم” الدخان (4) 73-“تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم” الجاثية (2) 74-“وله الكبرياء في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم” الجاثية (37) 75-“تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم” الأحقاف (2) 76-“ومغانم كثيره ياخذونها وكان الله عزيزا حكيما” الفتح (19) 77-“ولله جنود السماوات والارض وكان الله عزيزا حكيما” الفتح (7) 78-“هو الذي انزل السكينه في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السماوات والارض وكان الله عليما حكيما” الفتح (4) 79-“فضلا من الله ونعمه والله عليم حكيم ” الحجرات (8) 80-“قالوا كذلك قال ربك انه هو الحكيم العليم ” الذاريات (30) 81-“سبح لله ما في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم” الحديد (1) 82-“سبح لله ما في السماوات وما في الارض وهو العزيز الحكيم” الحشر (1) 83-“هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى يسبح له ما في السماوات والارض وهو العزيز الحكيم” الحشر (24) ه 84-“ربنا لا تجعلنا فتنه للذين كفروا واغفر لنا ربنا انك انت العزيز الحكيم” الممتحنة (5) 85-“سبح لله ما في السماوات وما في الارض وهو العزيز الحكيم” الصف (1) 86-“واخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم” الجمعة (3) 87-“يسبح لله ما في السماوات وما في الارض الملك القدوس العزيز الحكيم” الجمعة (1) 88-“عالم الغيب والشهاده العزيز الحكيم” التغابن (18) 89-“قد فرض الله لكم تحله ايمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم” التحريم (2) 90-“وما تشاءون الا ان يشاء الله ان الله كان عليما حكيما” الإنسان (30) .

بطلان الإدعاء السادس

استند كذلك أنصار مذهب نسخ السنة للقرآن ومخالفته إلى سورة الأنبياء 107 “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين “. وقالوا بأن الله تعالى جعل الرسول رحمة للناس وما يفعله رحمة للناس كذلك ولو كان مخالفا للقرآن. وهذا التأويل غير صحيح. فالرسول في حد ذاته ليس رحمة وسنته ليست رحمة. والمقصود من الأنبياء 107 أن الرسول مثل كافة الرسل بعثه الله تعالى رحمة منه لأنه بلغ ما يحقق للناس رحمة الله عز وجل إن اتبعوه وهو القرآن. فالرحمة لله وحده يعطيها لمن التزم بحدود شرائعه المنزلة على رسله والدليل الإسراء 100 ” قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق “. وقبل أن أبين الأدلة أعرف الرحمة في القرآن  :

رحمة  الله تعالى هي نعمه وفضله وإحسانه. فهي قدرة الله تعالى المطلقة العادلة وتصرفه وخلقه كل ما أراد للإنسان وغير الإنسان من تواب وخير وأمن وسكينة وصحة وسعادة ورزق. وكل ما يفيد الإنسان وينفعه في الدنيا والآخرة هذه الرحمة يخولها الله ويمنحها لمن اتبع القرآن والتزم بحدوده ويقابل رحمة الله عذابه وعقابه الذي يصيب به من عصاه وأعرض عن ذكره ومن كفر به. والآيات المؤكدة لهذا التعريف الذي أعطيته للرحمة منها الحديد 13 “فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب” .هذا وصف لجهنم والجنة وكل ما يصيب الإنسان من عذاب وفقر ومرض وشر وحوادث وشقاء قد يكون بسبب حرمانه من رحمة الله تعالى ابتلاءا أو عقابا عن السيئات .

ولهذا قال تعالى في الأحزاب 17 ” قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة “. فالرحمة يقابلها السوء والعذاب والشقاء. وقد خصصه الله تعالى لمن يعصيه ويكفر به ومن يخالف حدود القرآن. لهذا جاء في الأعراف 156 ” قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآيتنا يؤمنون “. إذن ليس الرسول رحمة في حد ذاته ولكن القرآن هو الذي يمكن من اتبعه من رحمة الله عز وجل. والدليل الأنعام 155 ” وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون ” والنساء 174- 175 ” يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا. فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطا مستقيما “. الله تعالى يدخل في رحمته وعنايته وأمنه من اعتصم به أي التزم بالقرآن. والجاثية 30 ” فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين ” والحديد 28 ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم  “.

فالرحمة لله وحده. والله تعالى جعل القرآن الوسيلة التي تخولها لمن اتبعه. والدليل الأعراف 203 ” قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة ” والنمل 76-77 ” إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون. وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين ” والإسراء 82 ” وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ” والنحل 89 ” ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ” والأعراف 52 ” ولقد جئناكم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون “. فالرحمة تصرف من الله وحده ولكن يخولها من اتقى وأصلح واتبع حدود القرآن قولا وعملا سرا وعلانية. أما الذي يخالف القرآن ويرتكب السيئات فإن الله يحرمه من رحمته ويخصص له ما يقابل الرحمة وهو عذاب الله عز وجل والدليل العنكبوت 23 ” والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي و أولئك لهم عذاب أليم ” والأنعام 147 ” فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ” هذا الحكم الشرعي تؤيده الروم  36 ” وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون  “.

فالرحمة لله وحده، وقد جعل اتباع القرآن مبررا للحصول عليها وحقا للمتقين الصادقين في الدنيا والآخرة. لهذا فالرسول ليس رحمة للناس في حد ذاته ولكن بالقرآن الذي بلغه لهم إذا اتبعوه والتزموا بحدوده. فالرسول لا يعطي الرحمة ولا يمنعها إذا أعطاها الله تعالى لمستحقها. والدليل يونس 107 ” وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله “. أي أن الرسول قد يعطيه الله رحمته أو عذابه حسب أعماله وهود 9 ” ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليؤوس كفور ” ويونس 21 ” وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون” وفاطر 2 “ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم”. فالأحكام الشرعية في هذه الآيات أكدت صراحة أن الرحمة فضل ونعمة من الله وحده. والرسل ليست لهم رحمة ولا يمكنهم منع رحمة الله أو إعطاؤها. لهذا فإن ادعاء أعداء الإسلام أن الله جعل الرسول رحمة للعالمين وانه يتخذ ما يشاء في سنته ولو كان مخالفا للقرآن ادعاء ليس له أساس من الصحة. والنتيجةالمترتبة عن ذلك أن السنة لا يجوز أن تخالف القرآن الذي هو المصدر الأسمى للتشريع الإسلامي. فاحذروا أيها المسلمون باب السنة النبوية ولا تقبلوا الأحاديث إلا إذا كانت مطابقة للقرآن لأن أعداء الإسلام وضعوا ما شاؤوا من أحاديث نسبوها كذبا للرسول لتحريف القرآن والمس بحقائق الإسلام وقيمه .

بطلان الإدعاء السابع

اتخذ أنصار مذهب مخالفة السنة للقرآن ونسخه ذريعة وادعاءا آخر في سورة الأحزاب 45-46 “يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا” وقالوا بما أن الله تعالى جعل الرسول عليه الصلاة والسلام سراجا منيرا للناس يبين لهم طريق الفلاح والفوز بالجنة ورحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة فإن كل ما يقوله ويفعله يحقق هذا الهدف ولو خالف القرآن .

هذا  الإدعاء والتبرير غير مشروع وغير صحيح. وأبين الأدلة الدالة على ذلك كما يلي: إن عبارة “سراجا منيرا” الواردة في الأحزاب 46 تدل على ان القرآن الذي نزل على الرسول ليبلغه للناس هو السراج المنير الذي يبين الطريق والصراط المستقيم لمن اتبعه والتزم به وبحدوده ويزيل الظلام والضلالة عن طريقه حيث يعود إلى الله تعالى وجنته والحياة الدائمة في سعادتها، بينما الذي يعرض عن القرآن ويخالف حدوده يكون في طريق تؤدي به إلى جهنم وعذابها الدائم. فهو في ضلال وظلام إذ أنه لم يتشبث بنور الله تعالى وهو القرآن .

 و لنفترض أن جماعة من الناس أرادوا السير ليلا في طريق مظلم فإنهم محتاجون لسراج ينير لهم الطريق فالذي يحمل السراج أمام الناس وهم يتبعونه لا ينير لهم الطريق بنفسه بل بالسراج الذي يحمله. كذلك فالرسول ينير الطريق امام الناس بالقرآن الذي يهدي من يلتزم بحدوده إلى الصراط المستقيم .وبدون القرآن لا يمكن للرسول هداية الناس وإنارة الطريق أمامهم وتوجيههم إلى طريق الفوز والفلاح والسعادة. لأن القرآن حكمة الله تعالى التي لا يضل ولا يخسر ولا يشقى من اتبعها. والقرآن يخول من اتبعه رحمة الله تعالى وهي كل الخير والأمن والسكينة والصحة والاطمئنان والرزق والسعادة في الدنيا والآخرة .

أما الكافر والمعرض عن القرآن والمستكبر عن عبادة الله عز وجل والمستهزئ بشرع الله تعالى فليس له نور يهديه إلى طريق الفوز برحمة الله تعالى. وهناك دليل منطقي وعقلي على ذلك. فلو كان الرسول في حد ذاته هو السراج الذي ينير الطريق أمام الناس التي تؤدي بهم إلى السعادة والجنة فمن ينير هذه الطريق لهم بعد موته. هل بقي الناس بعد موت الرسول في ضلال وهل عادوا كلهم إلى الكفر. إن القرآن هو الذي يوحد الأمة الإسلامية ويهدي المسلمين إلى طريق رحمة الله تعالى باستمرار منذ بداية نزوله إلى الآن وإلى ما شاء الله تعالى. والنتيجة الشرعية لهذا التفسير أن الرسول ليس سراجا منيرا ولهذا لا يجوز نهائيا أن تكون سنة الرسول مخالفة للقرآن فإذا خالفته فإنها تطفئ السراج المنير عن الناس وتجعلهم في ظلام وضلالة. وسأبين الأدلة على أن السراج المنير في الأحزاب 46 هو القرآن، ومنها ما يلي : التغابن 8 “فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا” والنساء 174 “يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا” والمائدة 15 “يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير. قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين” والأعراف 157 “فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون”. فالأحكام الشرعية في هذه الآيات دليل قاطع على أن السراج المنير الذي يبين طريق الفلاح والفوز برحمة الله عز وجل هو القرآن وليس الرسول لهذا قال الله تعالى في الحديد 9 “هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور” فالقرآن هو الأداة الربانية التي تخرج من الظلمات إلى النور. والسنة إذا كانت مخالفة للقرآن تخرج من اتبعها من النور إلى الظلمات .

فتعاونوا أيها المسلمون في كل مكان وزمان على تدبر وفهم القرآن الذي هو في صدوركم وفي المصاحف بين أيديكم في العالم كله وما توافق عليه الأغلبية المطلقة من العلماء والفقهاء وأهل الذكر والأساتذة الباحثين المختصين في علوم القرآن والدراسات الإسلامية يلتزم به المسلمون كافة في بلاد الإسلام كلها إذا كان مطابقا للقرآن. ولا تقبلوا السنة المخالفة للقرآن وكل تفسير مخالف له .

بطلان الإدعاء الثامن

اتخذ أنصار مذهب نسخ السنة للقرآن ومخالفته ذريعة أخرى لتبرير ادعائهم هي سورة النحل 44 ” وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم “. وقد سمعت أحد المحاضرين عبر فضائية يقول حول علاقة السنة بالقرآن ما معناه: “القرآن تشريع و قانون الله. و السنة مذكرة تطبيقية تحدد للناس كيفية تطبيق القرآن “. فهذا التأويل غير صحيح لأن الرسول عليه صلاة الله و سلامه لم يفسر القرآن كله و لم يترك لنا مذكرات تطبيق القرآن مكتوبة و مصادق عليها من طرفه في حياته. بل كتبت السنة من طرف غيره بعد موته. و وضع فيها أعداء الإسلام ما شاؤوا لتحريف القرآن. والخطأ الفادح الذي وقع فيه رواة الحديث أنهم لم يعرضوا ما آتاهم عن الرسول على القرآن و نقلوا عن بعضهم البعض. وهناكدليل آخر وهو أن الله تعالى عندما تقوى الوازع الديني و كثر العلماء و الفقهاء و أهل الذكر و الذين تتوفر فيهم الأهلية العلمية و التقوى و المصداقية و الاستقامة أنزل آيات فرضت عليهم تفسير القرآن وشرحه للناس. وقبل ذكر هذه الآيات أبين أن النحل 44 التي استند إليها أنصار مذهب نسخ السنة للقرآن قد تم تقييدها بآيات أخرى جعلت مهمة الرسول في مجال شرح القرآن مقتصرة على بيان ما يختلف فيه العلماء و الفقهاء و أهل الذكر. ومنها النحل 64 ” وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه ” و المائدة 99 ” ما على الرسول إلا البلاغ ” و الرعد 40 ” فإنما عليك البلاغ و علينا الحساب ” و الشورى 10 ” وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله “. هذا دليل على أن مهمة الرسول في تفسير القرآن وحده قد قيدتها هذه الآيات و حصرتها في شرح ما يختلف فيه المسلمون بخصوص فهم القرآن و ذلك بالرجوع إلى القرآن نفسه. لهذا كان الناسيحتكمون إلى الرسول لمعرفة التأويل الحقيقي للآيات التي صعب عليهم فهمها. طبعا المتشابه من القرآن لا يفهمه الرسول ولا كافة الراسخين في العلم لأن تأويله و فهمه لله وحده و لا يفهمه إلا المبعوثون في الآخرة .

و السبب في تقليص مهمة الرسول في تفسير القرآن و تبليغه و تفويضها من الله تعالى لمن يساعده وهم العلماء و أهل الذكر أن الوازع الديني تقوى و كثر حفاظ القرآن و العلماء و الفقهاء.كما أن الله تعالى سهل مهمة فهم القرآن على الناس حيث فسر سبحانه و تعالى الآيات ببعضها البعض و بين حدود القرآن و الدليل الأنعام 114 ” أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا ” الفرقان 33 ” ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق و أحسن  تفسيرا”و البقرة 187 “تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون” و البقرة 159 ” إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون ” وقوله تعالى في سورة القمر الآيات 22 و32 و40 : ” ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر “. فهذا دليل على أن الله تعالى بين أحكام القرآن و حدوده للناس مباشرة دون ما حاجة إلى بيان الرسول بسنته إلا ما اختلفوا فيه.وهناك دليل آخر في سورة القيامة 16 -19 ” لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه و قرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه   ثم إن  علينا بيانه ” و الأنعام 126 ” وهذا صراط ربك مستقيما قد فصلنا الآيات لقوم يذكرون “.

ومن  القيود التي قيدت مهمة الرسول في تفسير و تبليغ القرآن التوبة 122 ” و ما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون”. هذه الآية دليل شرعي على أن الله تعالى فرض على العلماء و الفقهاء و أهل الذكر مهمة مساعدة الرسول في تفسير القرآن و تبليغه للناس وإنذارهم به. وتؤيدها آيات أخرى منها الأنبياء 7 ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون “. الحكم الشرعي في هذه الآية فرض واجبين الأول على الذين لا يفهمون القرآن بأن يطلبوا المعرفة من العلماء والفقهاء الذين لهم علم بأحكام القرآن والدراسات الإسلامية والواجب الثاني فرضه الله تعالى على هؤلاء العلماء والفقهاء والأساتذة الباحثين في علوم القرآن بأن يبينوا للناس حدود وأحكام القرآن وما فيها من حلال وحرام وفرائض .

ومن هذه القيود على مهمة الرسول أن الله تعالى فرض على كل إنسان تدبر وفهم القرآن والالتزام بحدوده وقرر سبحانه وتعالى أنه لا يعذر أحدا يوم الحساب في الآخرة عن جهله القرآن وعن عدم الالتزام به. والأدلة كثيرة منها ما يلي : يونس 39 ” بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ” و محمد 24 ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ” وص 29 ” كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب ” والمؤمنون 68 ” أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين ” والنساء 82 ” أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا “. هذه الآيات فرضت على الناس كافة تدبر وفهم وتطبيق القرآن والالتزام بحدوده. ولا يعذر الله تعالى أحدا عن عدم فهم القرآن وعن عدم الالتزام به في الدنيا والدليل النمل 84-85 ” حتى إذا جاؤوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أما ذا كنتم تعملون. ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ” والروم 56-57 ” وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون. فيومئذ لا تنفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون ” الأعراف 179 ” ولقذ ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ” و غافر 84-85 ” فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون  “.

لهذا  كلف الله العلماء والفقهاء وأهل الذكر وكل من لديهم معرفة صحيحة بعلوم القرآن بأن يبينوا ويفسروا للناس أحكام وحدود القرآن في كل زمان ومكان إلى ما شاء الله تعالى.وقد خصص العقاب الشديد لمن قصر في هذه المهمة والفريضة. والدليل البقرة 159-160 ” إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ” والبقرة 174 ” إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم “.

و هناك قيد آخر على مهمة الرسول في تفسير القرآن في سورة النساء 83 ” ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم “. هذا دليل شرعي على أن العلماء والفقهاء وأهل الذكر قد يستنبطون حكما شرعيا من آية معينة أكثر من الرسول. والدليل على ذلك أن الله أمر بعدم طاعة الرسول فيما يخالف القرآن. وقد بينت الأدلة علىذلك سابقا قلا داعي لتكرارها .

ومما  يدل على تقييد مهمة الرسول عليه صلاة الله وسلامه في تفسير وتبليغ القرآن وإشراك الأمة الإسلامية في هذه المهمة في عهده وبعد موته أن الله عز وجل جعل المسلمين وخاصة العلماء والدعاة والفقهاء وأهل الذكر وكل الفاهمين للقرآن والملمين بعلومه، جعلهم أداة الدعوة الإسلامية في العالم وشهداء يوم القيامة على تبليغ القرآن وشرحه للناس ليكون ذلك حجة عليهم. والدليل الحج 78 ” وتكونوا شهداء على الناس ” والبقرة 143 ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس” والنحل 43 ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون “.

هذه الآية فرضت على الرسول والأمة الإسلامية الدعوة الإسلامية، لهذا من واجب العلماء والدعاة والفقهاء وأهل الذكر شرح القرآن وتبليغه للناس. ولهذا فإن سورة النحل 44 المذكورة قد قيدتها آيات لاحقة لها. وليست سندا أو مبررا لادعاء أنصار مذهب نسخ السنة للقرآن ومخالفته. ولهذا لا يجوز شرعا أن تنسخ السنة القرآن أو تخالفه .

وللمزيد من الأدلة المؤكدة لهذه الحقيقة الشرعية التي قضى بها وأقرها وفرضها الله عز وجل سأبين بأن حديث الله تعالى وهو القرآن أسمى من حديث الرسول وهو السنة. فلايجوز شرعا أن يخالف حديث الرسول حديث الله تعالى .

وسأستدل على ذلك بالأدلة التالية ومنها : الواقعة 77-81 ” إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين. أفبهذا الحديث أنتم مدهنون ” والجاثية 6 ” تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق. فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون “. الحكم الشرعي الغير المنطوق في هذه الآية أن الله تعالى جعل الإيمان بالقرآن والعمل بأحكامه وحدوده شرطا أساسيا للإيمان والفوز برحمة الله وجنته. لا يجوز شرعا الإيمان بحديث الرسول أي سنته المخالفة للقرآن لأن ذلك شرك بالله تعالى. ومن الأدلة الزمر 23 ” الله نزل أحسن الحديث كتابا ” والقلم 44 ” فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ” والمرسلات 50 ” فبأي حديث بعده يؤمنون ” والضحى 11 ” وأما بنعمة ربك فحدث “. هذا أمر من الله تعالى يتضمنه الحكم الشرعي الوارد في هذه الآية. أمر الله عز وجل الرسول عليه صلاة الله وسلامه بأن يحدث الناس بالقرآن. لأن نعمة الله في هذه الآية هي القرآن والدليل المفسر لهذه الآية ما جاء في الطور 29 ” فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون ” كما أن المقصود من نعمة الله في البقرة 211 هي التوراة لقوله تعالى في هذه الآية ” سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب “. هذا العذاب خصصه الله تعالى كذلك لمن يبدل ويحرف نعمة الله التي نسخ بها كل الشرائع السابقة وهي القرآن .

 لهذا حرم الله تعالى مخالفة السنة النبوية للقرآن لأن هذه الأحكام الشرعية الواردة في هذه الآيات دليل على هذا التحريم .

و قد نفى الله تعالى نفيا قاطعا بأن يكون أي حديث أو قول أو كلام أصدق من حديث الله وقوله. والدليل النساء 87 ” ومن أصدق من الله حديثا ” والنساء 122 ” ومن أصدق من الله قيلا “. فإذا ذكر لك حديث من السنة وعرضته على نص قرآني وهو حديث الله وقوله فتبين لك أيها المسلم تناقضهما واختلافهما فاتبع حديث الله أي النص القرآني لكي لا تكون من الفاسقين عن أمر الله تعالى. فأعداء الإسلام قد دسوا في السنة ما شاؤوا لتحريف القرآن فاحذروهم يا إخواني المسلمين في كل زمان ومكان .

و خلاصة هذا المبحث الثاني أن الأدلة والبراهين أكدت أن السنة النبوية لا يجوز شرعا أن تنسخ القرآن أو تخالفه أبدا. وكل سنة مخالفة للقرآن لا يجوز شرعا أن تنسخ القرآن أو تخالفه أبدا. وكل سنة مخالفة للقرآن لا يجوز شرعا اتباعها لأن الرسول عليه الصلاة والسلام عبد من عباد الله مثل كافة البشر ملزم باتباع القرآن و مسؤول عن عمله أمام الله تعالى، ولأن مهمته تبليغ القرآن وإنذار الناس به والدعوة إلى الله تعالى بالقرآن دون زيادة أو نقصان .

وقد بينت عدم صحة وبطلان الذرائع والادعاء الذي استند إليه أعداء الإسلام للقول أن السنة تنسخ القرآن وتخالفه .

و كل من قبل سنة مخالفة للقرآن واتبعها عن علم يعتبر كاذبا ومفتريا على الله تعالى. وهو كافر طبقا لشرع الله القرآن. والدليل يونس 69-70 ” قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون”. بل حذر الله تعالى رسوله من تحريف القرآن فكيف لا يحذر كذلك سائر و كافة الناس. والدليل الحاقة 43-47 ” تنزيل من رب العالمين. ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين. ثم لقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين “.

 لا يجوز  شرعا قبول أو اتباع سنة مخالفة للقرآن وقد برأ الرسول نفسه من الكذب عليه بقوله في الحديث الذي رواه مسلم في المرجع المذكور سابقا “ما أتاكم عني فاعرضوه على القرآن فإن وافقه فأنا قلته”. وعلينا أن نلتزم بهذا الحديث فنعرض كل ما قيل لنا سنة على القرآن. وكل ما يخالف القرآن من سنة أو تفسير لا نقبله نهائيا .

خاتمة البحث

من خلال جوهر هذا البحث تأكد بصدق وبالأدلة والبراهين أن السنة النبوية ليست وحيا من الله تعالى. بل القرآن هو وحي الله المنزل على رسوله عليه صلاة الله وسلامه. ولا يجوز أبدا أن تخالف السنة القرآن أو تنسخه. والقرآن هو المصدر الأسمى للتشريع الإسلامي الذي لا يجوز شرعا أن تخالفه السنة والقوانين الوضعية .

لهدا يجب الحذر من الأحاديث الموضوعة والمزورة لأنها باب تم به تحريف القرآن من طرف أعداء الإسلام. فنتج عن ذلك تخلف الأمة الإسلامية في كل المجالات وخضوع المسلمين لاستعمار الكفار .

والحل هو رفض كل حديث منسوب للسنة النبوية ومخالف للقرآن وعودة المسلمين إلى كتاب الله تعالى وتعاونهم على فهمه وتدبره واستنباط أحكامه وحدوده وتطبيقه في كل بلاد الإسلام لأن القرآن شريعة الله المنزلة لكافة البشر في العالم .

  والحل كذلك هو إقامة المجتمع الإسلامي الحق الذي يكون فيه المسلمون إخوة ويطبق فيه القرآن ويكون الحكم للشعب المسلم الذي ينتخب جميع الحكام وأولي الأمر من بين المؤمنين الصالحين المتقين ذوي الكفاءة والأهلية والاستقامة وبشرط مراقبتهم مراقبة صارمة وشرعية في إطار حدود القرآن. وأحيلكم على البحث الذي نشرته في موقعي المذكور بالانترنت حول موضوع “آيات القرآن التي أسندت الحكم والسلطة للأمة الإسلامية في دار الإسلام “.

  من هنا تظهر أهمية الدور الذي فرضه الله تعالى على العلماء الصالحين المتقين والدعاة والأساتذة الباحثين وكل من لهم علم بعلوم القرآن والدراسات الإسلامية وذلك لشرح وتفسير القرآن لكافة البشر وتوحيد المسلمين في كل مكان و لكن يجب الحذر من العملاء و المنافقين الدين يكتمون الحق لتحقيق أطماعهم .

قائمة ترتيب نزول سور وآيات القرآن

السورة الترتيب السورة الترتيب السورة الترتيب السورة الترتيب
الأنفال 88 الزمر 59 القارعة 30 العلق 1
آل عمران 89 غافر 60 القيامة 31 القلم 2
الأحزاب 90 فصلت 61 الهمزة 32 المزمل 3
الممتحنة 91 الشورى 62 المرسلات 33 المدثر 4
النساء 92 الزخرف 63 ق 34 الفاتحة 5
الزلزلة 93 الدخان 64 البلد 35 المسد 6
الحديد 94 الجاثية 65 الطارق 36 التكوير 7
محمد 95 الأحقاف 66 القمر 37 الأعلى 8
الرعد 96 الداريات 67 ص 38 الليل 9
الرحمان 97 الغاشية 68 الأعراف 39 الفجر 10
الإنسان 98 الكهف 69 الجن 40 الضحى 11
الطلاق 99 النحل 70 يس 41 الشرح 12
البينة 100 نوح 71 الفرقان 42 العصر 13
الحشر 101 إبراهيم 72 فاطر 43 العاديات 14
النور 102 الأنبياء 73 مريم 44 الكوثر 15
الحج 103 المؤمنون 74 طه 45 التكاثر 16
المنافقون 104 السجدة 75 الواقعة 46 الماعون 17
المجادلة 105 الطور 76 الشعراء 47 الكافرون 18
الحجرات 106 الملك 77 النمل 48 الفيل 19
التحريم 107 الحاقة 78 القصص 49 الفلق 20
التغابن 108 المعارج 79 الإسراء 50 الناس 21
الصف 109 النبأ 80 يونس 51 الإخلاص 22
الجمعة 110 النازعات 81 هود 52 النجم 23
الفتح 111 الانفطار 82 يوسف 53 عبس 24
المائدة 112 الانشقاق 83 الحجر 54 القدر 25
التوبة 113 الروم 84 الأنعام 55 الشمس 26
النصر 114 العنكبوت 85 الصافات 56 البروج 27
    المطففين 86 لقمان 57 التين 28
    البقرة 87 سبأ 58 قريش 29

Copyright 2024, All Rights Reserved