أدلة بطلان صلاحية التوراة و الإنجيل بالقرآن و أحكام الكفر و الإيمان

بسم الله الرحمان الرحيم

الاثنين 8 جمادى الأولى 1430 الموافق 4/5/2009

بحث أعده الرحلي احمد من هيئة التدريس

بالتعليم العالي بالدار البيضاء سابقا متقاعد

عنوانه 910 شارع وادي سبو حي الوفاق

الدار البيضاء.

الهاتف 0668.12.07.74  –  الموقع بالإنترنيت www.errahliahmed.com

 

الموضوع: أدلة بطلان صلاحية التوراة و الإنجيل

          بالقرآن و أحكام الكفر و الإيمان

مقدمة:

في هذا البحث أحاول تفسير النساء 170  ” يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما ” .

هذا البحث له أهمية بالغة لأنه يؤكد بالأدلة الشرعية والبراهين المنطقية والعقلية أن الله تعالى ألغى وأبطل صلاحية ومفعول التوراة والإنجيل بالقرآن، وأن كل من لا يؤمن بالقرآن ولا يعمل بأحكامه الشرعية ولا يعبد الله عز و جل طبقا لمقتضياتها كافر ومعرض لعذاب الله عز و جل في الدنيا ونار جهنم في الآخرة بعد البعث الحتمي إذا لم يتب توبة نصوحا صادقة ونهائية قبل الموت، أما الذي آمن بالقرآن وعمل بأحكامه قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت فجزاؤه رحمة الله تعالى وسعادة الدنيا و الآخرة والحياة الدائمة الأبدية مع الله في الجنة.

وأهمية هذا البحث تتجلى كذلك في إبطال وتكذيب ادعاءات اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار الذين حرفوا وزوروا التوراة والإنجيل فابتدعوا أديانا خاصة بهم ووضعوها لا علاقة لها بدين الله تعالى الحق وهو الإسلام مثل اليهودية والمسيحية بفروعها والبوذية و الهندوسية وغيرها، فاليهود اعتبروا عزير بن الله والنصارى اعتبروا المسيح عيسى بن مريم هو الرب، ويقومون بالدعاية لاعتقاداتهم الخاطئة لتكفير المسلمين وزعزعة عقيدة الإسلام.

ومن خلال تفسير النساء 170 المذكورة سأبين بالأدلة الشرعية القاطعة والبراهين المؤكدة عدم صحة ادعاءات أعداء الإسلام وأحدد أحكام الإيمان والكفر.

      الله تعالى وحده لا شريك له خلق الكون وما فيه و يدبر أموره ويملك كل ما فيه ومنهم النصارى و اليهود أنفسهم، وهو مستوى على العرش بالسماوات ومع كل ما خلق بسمعه وبصره وعلمه وتصرفه وكلامه، و لكن كثيرا من الناس لا يستخدمون عقولهم لتدبر آيات الكون الدالة على هذه الحقائق.

سوف أقارن هذه الآية النساء 170 بآيات القرآن الأخرى وأحدد العلاقة التشريعية القائمة بينها لمعرفة الآيات التي تفسرها وتؤكدها وتؤيد صحة إشكالية موضوع البحث وهي أن الله تعالى فعلا وحقا وصدقا أبطل وألغى مفعول وصلاحية التوراة والإنجيل بالقرآن وخصص أحكاما للإيمان والكفر بالقرآن ولهذا سأبين الأدلة الشرعية الدالة على هذه الحقيقة.

وقبل ذلك ولكي يفهم الناس فعلا هذه الأدلة التي سأبينها أقول بأن من قواعد فهم القرآن الأساسية لا يجوز شرعا تعديل النص القرآني وجعله مطابقا للتطورات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها الإنسانية، ولا يجوز تكييف الآيات القرآنية حسب الظروف والواقع الإنساني والحضاري لأن ذلك تحريف وتزوير لإرادة الله تعالى التي حددها في آيات القرآن.

الله عز و جل هو الذي خلق البشر وحدد لهم النظام الشامل لحياتهم في الدنيا، وهذا النظام له أسس ومبادئ عامة آمرة ملزمة لا يجوز تعديلها. فالأحكام الشرعية تابثة وملزمة وصالحة لكل زمان ومكان، والوقائع الاجتماعية وسلوك الناس هو الذي يجب أن يكون مطابقا للنص القرآني ومكيفا معه، لا يجوز شرعا تكييف النص القرآني مع وقائع مخالفة لشرع الله عز وجل خاصة و أن العالم غزته حضارة الغرب المبنية على الكفر والمعادية لدين الله الحق الإسلام و كتابه القرآن الذي شرعه لكافة الناس بالكون .

فحضارة الغرب التي غزت حتى البلدان الإسلامية مبنية على مؤسسات وقوانين وضعها الكفار تبعا لهواهم وشهواتهم واعتقادهم الخاطئ وكفرهم . فلا يجوز للمسلمين تقليد الغرب فيما يتعارض مع القرآن. و كمثال مضمون حقوق وحريات الإنسان في الحضارة الغربية مخالف لأحكام القرآن المتعلقة بحريات وحقول الإنسان المسلم.

فالقرآن أنزله الله تعالى على رسوله محمد بن عبد الله عليه و على كل الرسل صلاة الله وسلامه في أواخر القرن السادس الميلادي لكافة الناس بالكون ومنهم النصارى واليهود، ونسخ به الله تعالى كل الشرائع السابقة ومنها التوراة والإنجيل و قد خصص الله تعالى الجزاء للإيمان و الكفر بالقرآن.

وتفسيرا للنساء 170 المذكورة سأعالج البحث في محورين طبقا للتصميم الآتي:

المبحث الأول: أدلة بطلان صلاحية التوراة و الإنجيل بالقرآن.

1) إخبار التوراة والإنجيل عن رسالة القرآن.

2) تحريف أهل الكتاب للتوراة والإنجيل

3) القرآن نسخ كل الشرائع السابقة ومنها التوراة والإنجيل.

4) أنزل الله تعالى القرآن لكافة الناس بالكون وأهل الكتاب بشر منهم

المبحث الثاني: أحكام الإيمان والكفر بالقرآن

1) الإيمان وجزاؤه.

2) الكفر وجزاؤه.

المبحث الأول: أدلة بطلان صلاحية التوراة والإنجيل بالقرآن.

كل الشرائع السماوية التي أنزلها الله تعالى منذ أول رسول وهو نوح عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه نسخها وألغاها الله عز وجل بالقرآن. فليس لأحكامها أي أثر إلزامي لأن القرآن شرع فيه الله عز وجل كثيرا من الأحكام المشتركة بين الشرائع السماوية وألغى منها ما شاء وشرع فيه ما شاء من أحكام جديدة حسب متطلبات تطور البشرية وما أراده الله تعالى لها. الله تعالى بقدره وقضائه المطلق وتصرفه العادل قرر إلغاء كل شريعة لما سبقها، لهذا فالقرآن ألغى مفعول وصلاحية كل الشرائع السماوية السابقة ومنها التوراة والإنجيل.

وسأعالج هذه الحقيقة وأبرهن على صحتها بثلاثة أدلة وبراهين قاطعة هي التالية:

1) إخبار التوراة والإنجيل عن رسالة القرآن الملغية لهما.

2) تحريف أهل الكتاب للتوراة والإنجيل

3) نسخ الله تعالى كل الشرائع السماوية السابقة للقرآن ومنها التوراة والإنجيل

4) أنزل الله تعالى القرآن لكافة الناس بالكون وأهل الكتاب بشر منهم.

1) إخبار التوراة والإنجيل عن رسالة القرآن:

أخبر الله عز وجل في التوراة والإنجيل بأن مفعول وصلاحية وإلزامية هاتين الشريعتين السماويتين سوف تنتهي بنزول رسالة القرآن بمعنى أنه عندما أنزل الله تعالى القرآن على رسوله محمد بن عبد الله في أواخر القرن السادس الميلادي انتهت المدة الزمنية التي حددها الله تعالى لتطبيق الإنجيل الذي هو أيضا ألغى به الله عز و جل مدة تطبيق التوراة قبله.

والأدلة على هذا الإخبار هي: الصف 6  ” وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي ” والشعراء 192 – 197  ” وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين وإنه لفي زبر الأولين أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل ” والأنعام 114  “أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين أتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ” و الأعراف 156 – 157  “ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ” . لهذا قال الله تعالى معاتبا أهل الكتاب عن إنكار هذه الحقيقة في سورة المائدة 68  “قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم و ليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين ” .

فالمراد من إقامة التوراة والإنجيل الاعتراف بالأحكام الواردة فيهما التي أخبرت عن رسالة القرآن، الله تعالى حرم تطبيق التوراة في عهد الإنجيل وحرم تطبيق الإنجيل والتوراة في عهد القرآن. فالمائدة 42 – 43 – 47 عدلتها المائدة 48 – 49 حيث أمر الله تعالى بتطبيق القرآن على أهل الكتاب جاء في سورة المائدة 48  ” فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ” والمائدة 49  ” وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ” . فكلمة بينهم في الآية تعود على أهل الكتاب، وهذا دليل على إلزامهم بمفعول وصلاحية القرآن وإلغاء وإبطال صلاحية ومفعول التوراة والإنجيل. وهناك آيات أخرى كثيرة مؤكدة لهذه الحقيقة سأتعرض لها في النقطة المتعلقة بنسخ القرآن، للشرائع السابقة ومنها التوراة والإنجيل.

     قد يتساءل البعض عن أدلة الإخبار عن رسالة القرآن في التوراة والإنجيل ويطالب بالنص الحرفي الوارد فيهما، وأجيب بأنني لم أحصل على نسختي التوراة والإنجيل الأصليتين التي أنزلهما الله عز وجل على رسوليه موسى وعيسى عليهما صلاة الله وسلامه. و لكن الله تعالى وهو الصادق والحق والعدل الذي أنزل التوراة والإنجيل أخبرنا في القرآن بهذه الحقيقة التي أكدتها الآيات السابقة فلسنا في حاجة إلى الدليل من التوراة والإنجيل لأن الذي شرعهما وأنزلهما هو الله عز وجل.

والقرآن كلام الله وقضاؤه وقدره وتصرفه وشرعه ومن آيات القرآن المؤكدة لإخبار التوراة والإنجيل عن رسالة القرآن البقرة 146 ” الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون ” والأنعام 20 – 21 ” الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون ” والأنعام 114 ” أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ” . ولهذا قال الله عز وجل لرسوله محمد عليه صلاة الله وسلامه في يونس 94 ” فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين ” والحق الذي جاءه هو القرآن وغيره باطل وملغي.

و قد عاتب الله تعالى أهل الكتاب عن إنكارهم الإخبار الوارد في التوراة والإنجيل عن رسالة القرآن، وخصص لهم العذاب في الدنيا ونار جهنم في الآخرة بعد البعث الحتمي.

وهذا دليل آخر وبرهان قوى على إلغاء وإبطال مفعول وصلاحية التوراة والإنجيل بالقرآن وهو قضاء وقدر من الله تعالى، والدليل على هذا العتاب آل عمران 99 ” يا يأهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون ” والبقرة 40 – 43 ” يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعدكم وإياي فارهبون وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ” .

فالمراد في الآية من عبارة مصدقا لما معكم أن القرآن شرع فيه الله تعالى كثيرا من الأحكام الواردة في الكتب السماوية السابقة ومنها التوراة والإنجيل . وسأبين أمثلة منها فيما يلي، والبقرة 140 ” أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون ” وآل عمران 187 ” وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليل فبئس ما يشترون ” وآل عمران 70 – 71 ” يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله و أنتم تشهدون يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل و تكتمون الحق و أنتم تعلمون ” لهذا أمرهم الله تعالى بالإعتراف بالأحكام التي تخبر عن رسالة القرآن في التوراة والإنجيل في المائدة 68 المذكورة سابقا والمائدة 47 ” وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ” فأهل الكتاب إذا لم يعترفوا بالحكم الوارد في التوراة والإنجيل حول الإخبار عن رسالة القرآن فإنهم فاسقون عن أمر الله تعالى.

ومن الأدلة البقرة 89 – 90 ” ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين بئس ما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين ” .

ولكن الكفار من أهل الكتاب وعلماءهم لم ينكروا فقط الإخبار عن رسالة القرآن الوارد من الله تعالى في التوراة والإنجيل بل حرفوا ما أنزل الله وكتبوا كتبا خاصة بأيديهم سموها توراة وإنجيلا.

2: تحريف أهل الكتاب للتوراة والإنجيل.

إن أهل الكتاب وعلماءهم حرفوا التوراة والإنجيل لتحقيق أهدافهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وكتبوا كتبا خاصة بهم . وقد سمعت في إحدى القنوات أحد رجال الكنيسة المسيحية في هذا الشهر يقول: إن المسيح كلمة الله ولسنا في حاجة إلى كتاب . وسمعت من يقول منهم أن المسيح عيسى بن مريم هو الرب فهذا ناتج عن تزوير وتحريف كتابي الله التوراة والإنجيل وإنكار نزولهما من طرف البعض وهذا كذب على الله تعالى الذي خلق موسى وعيسى بن مريم وأنزل عليهما التوراة والإنجيل لتبليغهما للناس كل حسب الفترة الزمنية التي أرادها له الله عز وجل.

والأدلة على تحريف أهل الكتاب للتوراة والإنجيل كثيرة منها البقرة 75  ” أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ” والبقرة 79 ” فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ” .

و آل عمران 75 ” ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ” فما كتب النصارى واليهود من أناجيل وتوراة محرفين شرع الله لا يمكن قبوله ولا يمكن اعتباره توراة أو إنجيلا. وآل عمران 78 ” وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ” والنساء 45 – 46 ” والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ” والأنعام 91 ” وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون .”

و المائدة 70 ” لقد أخذنا ميثاق بني إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ”  البقرة 211 ” سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ” . ونعمة الله في هذه الآية هي التوراة التي حرفها اليهود والمائدة 13 ” فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ” والمائدة 14 ” ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون ” وهذا كلام الله تعالى وإخباره عن تحريف اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل و هو الصدق و الحق.

والمائدة 41: ” يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم و لم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعض مواضعه ” … وإبراهيم 28 – 30 ” ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها و بئس القرار وجعلوا لله أندادا ليضلوا عن سبيله قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار ” .

فنعمة الله تعالى في هذه الآية هي التوراة والإنجيل وقد حرفهما اليهود والنصارى لتحقيق مصالحهم المالية والاجتماعية والسياسية. و قد أخبرنا الله تعالى عن هذه الحقيقة في التوبة 34 ” يا أيها الذين امنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله ” .

لهذا قال الله تعالى عن تجاهل أهل الكتاب وإنكارهم شريعة الله المنزلة إليهم في سورة الجمعة 5 ” مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين ”  . فالحمار يحمل الكتب على ظهره ولكنه يجهل ما فيها . فكذلك أهل الكتاب تركوا شرع الله المنزل عليهم قبل القرآن واتبعوا ما كتبه علماؤهم بشكل يخالف التوراة والإنجيل الأصليين. ونفس الملاحظة يمكن قولها بالنسبة للذين يدعون الإسلام ويتصرفون بسلوك خاص بهم مخالف للقرآن الذي يحتفظون بمصاحفه في مكتباتهم وسياراتهم ومنازلهم بل هناك منهم من يحفظ القرآن عن ظهر قلب و لكن لا يفهمه و يعمل ما يخالف أحكام القران. و استدل بواقعتين من كثير من الوقائع وقعتا الشهر الماضي و هما على سبيل المثال، شاهدت رجلا يقرأ القرآن في المسجد بعد صلاة الفجر عدة مرات و لكنه يتجول نهارا أمام الملأ مع ابنته البالغة و هي متبرجة. و هناك إمام مسجد تابعته الشرطة القضائية لاغتصابه طفلا من الأطفال الذين يحفظهم القرآن رغم أنه يعلم أن القرآن حرم إتيان دبر الذكر و الأنثى و حرم الزنا و تبرج المرأة. بل منهم من ينادي باتباع أقوال وأفعال نسبت كذبا للرسول محمد عليه صلاة الله وسلامه ومخالفة للقرآن. ومنهم من يمجد الرسول بدرجة اعتباره في مرتبة إله مقدس بينما هو بشر من الناس بعثه الله رسولا لتبليغ شرع الله القرآن وهو مثل الناس عبد من عباد الله تعالى وملزم بأحكام ما كلف بتبليغه لهم وسوف أبين الأدلة على ذلك فيما بعد ومنها الكهف 110 ” قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ” وآل عمران 144 “وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ” وآل عمران 80 ” ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة و النبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ” .

وأتابع إخبار الله تعالى ومعاتبته لأهل الكتاب عن تحريفهم للتوراة والإنجيل والأدلة الصف 7 – 8 ” ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدى القوم الظالمين يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ” عبارة ليطفئوا نور الله بأفواههم مجازية. والمعنى الحقيقي أن اليهود والنصارى يكذبون على الله ويتقولون عليه الكذب ويحرفون كلام الله وشرعه لكن لا يطبقوا شرع الله الحق وهو القرآن ولكن لا يؤمن به الناس ولكن قدرة الله تعالى فوق اليهود والنصارى وغيرهم فقد حفظ الله تعالى القرآن الذي اتبعه فعلا المسلمون والدعوة الإسلامية قائمة والحمد لله رب العالمين.

وهناك المائدة 15 ” يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب و يعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ” . هذه الآية دليل قاطع من الله تعالى عالم الغيب والشهادة بما تخفي وتعلن كل نفس بشرية على تحريف أهل الكتاب للتوراة والإنجيل. و الآية الكريمة دليل قاطع على أن القرآن منزل لكافة الناس ومنهم أهل الكتاب. قال لهم الله عز وجل بان محمد بن عبد الله رسول للنصارى واليهود مثل كافة الناس وأن القرآن، وهو نور الله تعالى كتاب منزل للنصارى واليهود وكافة الناس ولا يجوز شرعا وعقلا الالتزام بالقرآن والتوراة والإنجيل في آن واحد لأن القرآن هو الحق. و عبارة يعفو عن كثير الواردة في المائدة 15 دليل على إلغاء القرآن و إبطاله لكثير من الأحكام الشرعية التي وردت في التوراة و الإنجيل و غيرهما . فاطر 31 ” و الذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير ” . و لا يجوز اتباع الشرع الذي فرضه الله وهو القرآن و الشرع الذي أبطله الله تعالى وألغاه وهو الشرائع السماوية السابقة للقرآن ومنها التوراة والإنجيل و ما كتبه علماء أهل الكتاب بشكل محرف لتحقيق أغراضهم ومصالحهم الخاصة الغير المشروعة. التوبة 34 ” يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار و الرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل و يصدون عن سبيل الله ” وقد بين الله تعالى في القرآن بعض أوجه هذا التحريف والدليل التوبة 30 – 32 ” وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ” والمائدة 17 ” لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير ” و المائدة 72 ” لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم و قال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي و ربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة و مأواه النار و ما للظالمين من أنصار ” و قد أمر الله تعالى في شرائعه بعبادته وحده و الدليل آل عمران 79 ” ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب و الحكم و النبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ” و آل عمران 80 ” و لا يأمركم أن تتخذوا الملائكة و النبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ” و الأنبياء 25 ” و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ” . فالنصارى يدعون أن المسيح عيسى بن مريم قد صلب و قتل فإذا كان ربا لهم كما يدعون فلماذا صلب وقتل . إذن ليست له قدرة على حماية نفسه فبالأحرى نفع أو ضر الناس . هذا دليل على أنه لا قدرة ولا حول له ولا تصرف له في الكون فأين هو وما مظاهر تصرفه. الواقع أنه مخلوق من مخلوقات الله تعالى وعبد من عباده طبق عليه قانون الله تعالى حيث توفاه فمات وأحياه وبعثه كالأموات ورفعه الملكان عند الله في أرض الجنة و النار بالسماوات. وقد كذب الله ادعاء النصارى بعدة آيات راجع البحث الذي أنجزته حول موضوع من هو الله تعالى وأين هو المنشور في موقعي بالانترنيت لتتأكدوا بأن الله وحده لا شريك له خالق الكون وما فيه ومنه المسيح عيسى بن مريم وهو مدبر أمور الكون وما فيه.

     فالأديان التي ابتدعها النصارى واليهود قائمة على الشرك بالله وتحريف التوراة والإنجيل والكذب على الله والدليل آل عمران 23 – 25 ” ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ” . في هذه الآية وآيات أخرى أكد الله تعالى بان الدين السماوي الوحيد المشروع هو دين الإسلام وشريعته القرآن وكل الأديان التي وضعها النصارى واليهود والبوذيون و الهندوس وغيرهم أديان كفر وهي محرمة وكل من اتبعها مصيره عذاب الله ونار جهنم فلهذا قال الله تعالى الكافرون 1 – 6 ” قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون و لا أنتم عابدون ما أعبد و لا أنا عابد ما عبدتم و لا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم و لي دين ” غافر 66 ” قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي و أمرت أن أسلم لرب العالمين ” فالقرآن ليس من كتابة الرسول أو الصحابة و غيرهم بل هو وحي من الله تعالى أنزله على رسوله محمد بن عبد الله عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه قد كتبت آياته ورتبت حسب ما أراده الله تعالى لأن جبريل هو الذي أمر بكتابة القرآن وترتيبه بأمر من الله تعالى ووافق عليه كما هو بين أيدينا. و المصحف القرآني واحد وتوزع منه الملايين من النسخ في العالم والدليل الإنسان 23 ” إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ” والبروج 21 – 22 ” بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ” وقد حفظ الله تعالى القرآن من التزوير والتحريف والدليل الحجر 9 ” إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .”

و القرآن نسخ به الله تعالى كل الشرائع السماوية وذلك ما أبين أدلته في النقطة التالية:

  1. القرآن نسخ به الله تعالى كل الشرائع السابقة

خلق الله تعالى آدم وحواء ومنهما ذريتهما التي نحن منها ولما استخلفهم في أرض الدنيا بعد إنزالهم من أرض الجنة بالسماوات أكد حكما أساسيا ثابتا هو أن كل الناس بالكون في أرض الدنيا ملزمون بالشرع الذي ينزله لهم سبحانه وتعالى، والدليل البقرة 38 – 39 ” قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” . فهدى الله تعالى الذي ينزله على الناس هو كتابه وشرعه ونظام استخلاف الناس في الدنيا ومادة امتحانهم واختبارهم وابتلائهم.

    هذه الآية في سورة البقرة 38 – 39 تؤيدها وتؤكدها الأعراف 35 ” يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” .

تدبروا إخواني هذه الأحكام القرآنية إننا مستخلفون في أرض الدنيا لإعمارها من جهة والتمتع بمتاعها الذي أنعم به الله علينا في إطار الحلال والتقوى ولاختيار الذين يفوزون بالحياة الدائمة الخالدة إما في جهنم وإما في الجنة حسب أعمالنا ونتيجة امتحان الدنيا الذي مادته شرع الله المنزل . هناك حركة ونظام سنه الله تعالى حتمي وحق يخلق الله الناس ويموتون ثم يحييهم ويصعد بهم الملائكة عند الله في أرض الحساب والجزاء بالسماوات إلى أن تأتي نهاية وجود الإنسان في ارض الدنيا حيث يفني الله تعالى كل من عليها ويصعد الملائكة بما تبقى من المبعوثين يوم القيامة الكبرى النهائية .والأدلة كثيرة لا داعي لذكرها كلها ومنها البقرة 30 ” و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ” ويونس 14 ”  ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون ” فاطر 39 ” هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره و لا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا لا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا ” والكهف 7 ” إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ” والملك 1 – 2 ” تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور ” هود 61 ” هو أنشأكم من الأرض و استعمركم فيها .”

    فتدبروا إخواني المحترمين هذه الآيات الكريمة فالحياة المؤقتة في أرض الدنيا مرحلة امتحان وابتلاء وهي التي تحدد نتيجتها أي عمل الإنسان فيها الحياة الدائمة في أرض الجزاء والحساب في الآخرة فإما العذاب الدائم في جهنم وإما الحياة السعيدة في الجنة . وطبعا يستفيد المسلم المؤمن الصالح المتقي حتى في الدنيا حيث ينال رحمة الله عز وجل وحمايته وينجو من عذابه.

و ذرية آدم التي منها كل إنسان في الكون في تكاثر مستمر وتزايد الظروف الاجتماعية في تطور إلا أن يفني الله تعالى كل من على أرض الدنيا. وساعة الفناء لا يعلمها إلا الله تعالى . لهذا أنزل الله عز وجل عدة كتب حسب ما يراه صالحا للعباد. وهناك أحكام كثيرة مشتركة بين الشرائع السماوية كل شريعة تنسخ من سبقها والقرآن آخرها وناسخها كلها.

بعد هذه المقدمة التمهيدية سأعالج هذه النقطة حول نسخ القرآن لكل الشرائع السابقة له ومنها التوراة والإنجيل كما يلي:

     1/. لكل أمة رسول وكتاب ومدة زمنية لصلاحيته ومفعوله.

     2/. كل شريعة سماوية تنسخ الشرائع السابقة لها.

     3/ الأحكام المشتركة بين الشرائع السماوية.

 و هذه المحاور الثلاثة من الأدلة والبراهين دالة على إلغاء الله تعالى وإبطاله للتوراة والإنجيل بالقرآن وهذا ما بين بأن اليهود والنصارى على خطأ وضلالة وأنهم يضيعون فرصة الحياة الدنيا إذا استمروا في كفرهم بالقرآن الذي أنزله الله إليهم ولكافة الناس بالكون.

1  . لكل أمة رسول وكتاب ينسخ ما سبقه:

منذ تزايد الناس وتكاثروا بعد أن أنزل الله تعالى آدم وزوجته والشيطان من الجنة إلى ارض الدنيا كما أخبرنا الله تعالى في البقرة 36 ” وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين ”  منذ ذلك التزايد وظهور النزاعات بين الناس بعث الله تعالى أول رسول للناس هو نوح عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه وأنزل عليه شريعته ليلتزم بها الناس لأنها مادة امتحانهم وابتلائهم وتنظيم استخلافهم وحياتهم في الدنيا.

    ومنذ ذلك العهد قطع الله عز وجل الناس إلى أمم. وتعني الأمة حسب هذا التقطيع الرباني كل الناس الذين يؤمنون بشرع الله المنزل في الكون كله والدليل الأحقاف 18 ” أولائك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن و الإنس إنهم كانوا خاسرين ” والبقرة 213 ” كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ”  وفاطر 24 ” إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا و إن من أمة إلا خلا فيها نذير ” والأعراف 168 ”  وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك و بلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ”  والروم 47 ”  ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين ”  والرعد 38 – 39 ”  ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ”  المؤمنون 43 ” ما تسبق من أمة أجلها و ما يستأخرون ” كل أمة يبعث لها الله رسولا لبليغ كتابه إلى الناس وكل رسول تنتهي صلاحيته بموته والكتاب المبلغ من طرفه تنتهي صلاحيته بإنزال الله تعالى لكتاب بعده.

والقرآن آخر كتاب شرعه الله تعالى للناس وأنزله على رسوله محمد بن عبد الله عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه فقد انتهت صلاحية التوراة بالإنجيل وانتهت صلاحية التوراة والإنجيل بالقرآن . وانتهت الأمم السابقة لأمة القرآن التي تضم كل المؤمنين به في الكون كله والدليل الرعد 30 ” كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحيا إليك ”  . وهذا كلام الله عز و جل الموجه لرسوله محمد بن عبد الله الذي انزل عليه القرآن فتدبروا أيها النصارى واليهود هذه الآية فالله تعالى وهو الصدق والعدل والحق أكد أن امة التوراة وأمة الإنجيل والأمم الأخرى السابقة قد انتهت وصعد أعضاؤها الذين ماتوا وبعثهم الله تعالى إلى أرض الحساب والجزاء بالسماوات.

والأمة الشرعية التي أرادها الله تعالى منذ أواخر القرن السادس الميلادي وإلى ما شاء الله تعالى هي أمة القرآن . وتضم كل المؤمنين به في الكون والدليل الأنعام 114 – 115 ” أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا و الذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم  ”  والأحزاب 45  – 46  ” يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ” . طبعا الرسول ليس في حد ذاته وشخصه سراجا منيرا بل القرآن هو السراج المنير لأنه يهدى من اتبعه إلى الصراط المستقيم فيزيل أمامه الظلام أي يبعده من الضلالة وينير له الطريق أي يجعله في طريق و الجنة السعادة الخالدة. والدليل الأعراف 157 ” فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ”  والنساء 174 ”  يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ”  الله تعلى أنزل القرآن ولم ينزل الرسول فالقرآن هو السراج المنير والنور الذي يهدي من اتبعه إلى طريق الجنة. و الدليل المائدة 15 ” قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ” ومن الناحية العقلية والمنطقية إذا كان الرسول في حد ذاته وشخصه سراجا منيرا للناس فمن يكون لهم سراجا منيرا بعد موته. لهذا فالقرآن هو السراج المنير الذي أنزله الله عز وجل لكافة الناس بالكون والرسول بدون القرآن ليس سراجا منيرا.

و من الأدلة على أنه لا وجود إلا لأمة القرآن منذ أواخر القرن السادس الميلادي المزمل 15 ” إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ” لكن شهادة الرسل لا تتعلق بمراقبة الناس لأنهم لا يعلمون الغيب نهائيا ومعزولون بعد موتهم عن الدنيا. سوف أوضح هذه المسألة في النقطة المتعلقة بالإيمان. و النتيجة التي نستخلصها من هذه النقطة أن أمة التوراة وأمة الإنجيل والأمم السابقة قد أنهى الله تعالى وجودها وأنهى وألغى وأبطل الكتب التي أنزلت لها ومنها التوراة والإنجيل بالقرآن .

2/. كل شريعة سماوية تنسخ ما سبقها

الله عز و جل هو الذي خلق الكون وما فيه وأوجد كل ما هو موجود ويدبر أمور الكون كله وما فيه ومنه الناس. وقضاؤه و قدره عادل وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون. لهذا من حق الله تعالى وقدرته وتصرفه بعث الرسل وإنزال ما يشاء من الشرائع للناس في إطار تنظيم حياتهم وابتلائهم وامتحانهم، ومن قضاء الله وقدره نسخ الشرائع ببعضها ونسخ الآيات ببعضها داخل الشريعة الواحدة حسب ما يراه صالحا لعباده وتطور البشرية والنظام التربوي التدريجي الذي أراده للناس وحسب ظروف التخفيف عنهم. والأدلة منها الحج 52 ” وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ” والنحل 101 ” وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون ”  والبقرة 106 – 107 ” ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض و ما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ”  والرعد 39 ” يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ” . فكل الكتب السماوية التي انزلها الله تعالى لها أصلها في اللوح المحفوظ في السماوات عند الله عز وجل. والإسراء 86 ” ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا ”  والزخرف 2 – 4 ” والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ”  والشورى 24 ” أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور ”  والمائدة 101 “يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ”  . أكد الله تعالى أن القرآن أحسن شريعة أنزلها للناس لقوله في الزمر 55 ” واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ”  والأعراف 3 ” اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء ”  . هذا دليل على بطلان التوراة والإنجيل وغيرهما لأن الله تعالى أمر باتباع القرآن وحده والدليل والبرهان المؤكد عدة آيات منها الأعراف 156 – 157 ” و رحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ”  والنور الذي انزله الله هو القرآن الكريم وقد جعل الله تعالى الالتزام به شرطا للفوز في ابتلاء وامتحان الدنيا وبرحمة الله تعالى وجنته.

الله تعالى هو الذي أنزل التوراة والإنجيل وقد أخبر الناس أنه ذكر فيهما خبرا عن نزول رسالة القرآن بعدهما ولسنا في حاجة إلى الاستشهاد بالنص المتعلق بهذا الإخبار في التوراة والإنجيل للناس لأن القرآن بين أيديهم وهو حجة من الله تعالى وكلامه الصدق والحق. فتدبروا أيها النصارى واليهود الأعراف 156 – 157 وغيرها واتبعوا القرآن الذي أنزله الله إليكم و إلى كافة الناس، والدليل الأعراف 158 ” قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ”  و اتباع الرسول هو اتباع القرآن لأنه ملزم بأمر من الله تعالى هو أيضا باتباع القرآن وسوف أبين الأدلة على ذلك فيما بعد. فالنصارى و اليهود بشر من الناس ملزمون بالقرآن و هل هناك من يثبت عكس هذه الحقيقة.

فالقرآن أبطل به الله تعالى وألغى صلاحية ومفعول التوراة والإنجيل لأنه جعل الإيمان بالقرآن والعمل بأحكامه شرطا للإيمان والفوز في امتحان الدنيا والنجاة من عذاب الله في الدنيا ونار جهنم في الآخرة . والدليل المائدة 15 ” يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ” فالقرآن منزل لليهود والنصارى مثل كافة الناس أليس هذا دليلا  على إلغاء وإبطال صلاحية التوراة والإنجيل وأن الشرع السماوي الوحيد الذي له مفعول وصلاحية منذ القرن السادس الميلادي إلى ما شاء الله تعالى هو القرآن . والدليل محمد 1- 3 ” الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وأمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ”  والممتحنة 1 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ”  . والمائدة 48 ” وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ”  . هذه الآية أمر فيها الله تعالى بتطبيق أحكام القرآن على أهل الكتاب أي النصارى واليهود لأنهم ملزمون به مثل كافة الناس وبين الله تعالى أن كل أمة لها شرعها وكتابها السماوي الخاص بها الذي هو مادة ابتلاء وامتحان لها في المدة الزمنية التي أرادها الله تعالى و تحاسب أمام الله طبقا لأحكامه.

    وكل شريعة تنسخ ما سبقها . والقرآن في هذه الآية مصدق للكتب السابقة بمعنى أنه يضم أحكاما مشتركة بين الكتب السابقة ، والقرآن هو المهيمن على كل الكتب السابقة بمعنى أنه هو الملزم للناس و كل ما يخالفه من أحكام الشرائع السابقة باطل وملغي وغير ملزم للناس. لهذا فالقرآن مهيمن على التوراة والإنجيل بمعنى أن كل حكم شرعي فيهما باطل وملغي إذا كان مخالفا لأحكام القرآن الكريم لقد أضل بعض المغرضين كثيرا من الناس بتفسيرهم الخاطئ لمقطع من سورة المائدة 48 وهو ” لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم في ما آتاكم ”  وهدفهم تبرير أديان الكفر كالمسيحية بفروعها واليهودية والبوذية والهندوسية وغيرها. و أبين عدم صحة هذا التفسير فأقول بان تفسير هذا المقطع المذكور مرتبط بسياق الآية التي ورد فيها وبآيات القرآن الأخرى وقد ذكرت المائدة 48 سابقا. وقد أمر فيها الله عز و جل الرسول بتطبيق القرآن على اليهود والنصارى مثل كافة الناس، وأكد بأن القرآن في أعلى درجة الإلزام التشريعي بحيث كل ما يخالفه من التوراة والإنجيل والشرائع السابقة فإنه باطل وملغي بدليل عبارة ومهيمنا عليه الواردة في المائدة 48. وأكد الله تعالى في هذه الآية أنه لم يجعل الناس منذ آدم حتى الآن أمة واحدة بل قطعهم إلى أمم متعددة لكل أمة كتاب ورسول يبلغه للناس، كل شريعة وأمة تنتهي مدتها وصلاحية كتابها بنزول كتاب آخر حسب المدة الزمنية التي أرادها الله تعالى. والأمة التي أرادها الله منذ القرن السادس الميلادي إلى ما شاء الله هي أمة القرآن. ومن الأدلة الحج 34 ” و لكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا ”  والحج 67 ” لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم ”    والرعد 30 ” كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك ”   وهو القرآن الكريم. و البقرة 134 ” تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ”  و البقرة 141 ” تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ”  ويتعلق الأمر بأمة التوراة و أمة الإنجيل حيث أكد الله تعالى وهو الصادق والحق والعدل أنهما زالتا من الدنيا وانتهت صلاحية ومفعول التوراة والإنجيل بنزول القرآن.

    فالشرائع متعددة بتعدد الرسل عليهم صلاة الله وسلامه والأمم ولكن دين الله واحد هو الإسلام فكل الأمم قد خلت وحلت محلها أمة القرآن الذي انزله الله عز و جل لكافة الناس في الكون ومنهم النصارى واليهود. والمائدة 49 تأكيد للحكم الشرعي الوارد في المائدة 48 حيث قال فيها الله تعالى ” و أن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ” وما أنزل الله تعالى لرسوله محمد بن عبد الله عليه و على كل الرسل صلاة الله وسلامه هو القرآن . والدليل عدة آيات منها مثلا طه 2 ” ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ”  والنمل 1 – 3 ” طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون ” والسجدة 2-3 ” تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون ”  ويس 2-5 ” والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم ”  والزمر 1-2 ” تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ”  . فالله تعالى هو الذي أنزل التوراة والإنجيل وهو المختص قطعا في إبطالهما وإلغائهما بالقرآن لهذا فإن المائدة 48 – 49 والأعراف 158 وآيات القرآن الأخرى قد عدلت مضمون آيتي المائدة 42-43 وفسرت لنا المائدة 68 بحيث أمر الله أهل الكتاب بالاعتراف بإخباره تعالى في التوراة والإنجيل عن رسالة القرآن وأمرهم بالالتزام بها لأنه منزل لهم مثل كل الناس.

    وأوجه نداء إلى المسلمين واليهود والنصارى وكل الذين يعتنقون ديانات مخالفة لدين الله الحق الإسلام بأن لا يعتمدوا على ما يكتبه علماء الكفار عن القرآن والسنة النبوية لأنهم يحرفون حقائق القرآن لتأييد أديان الكفر والقضاء على الإسلام.وكمثال سمعت وشاهدت أحدهم في قناة تلفزيونية يومه الثامن جمادى الأولى 1430 يتكلم عن تفسير القرآن وترجمته إلى اللغة الألمانية . وأكد صراحة أنه مؤمن بالله ولكنه غير مؤمن بالقرآن مدعيا أن فيه سلبيات لا تعجبه فهذا الإدعاء كفر. وكيف يؤمن بالله تعالى ويكفر بكلام الله وشرعه الحق وهو القرآن، الذي أنزله لكافة الناس في الكون . فاحذروا علماء الكفار الذين يتآمرون على القرآن لتبرير كفرهم وتدعيم تحريفهم للتوراة والإنجيل ومنع الناس من اعتناق دين الله الحق الإسلام بتعاون مع الكنيسة ورجالها مقابل امتيازات ومصالح مادية وسياسية وللقضاء على الإسلام والسيطرة والاستيلاء على خيرات المسلمين وموارد دار الإسلام.وأحيلكم على البحث الذي نشرته حول قواعد فهم القرآن . فالشرط الأساسي لفهمه أن يكون المفسر له مؤمنا صادقا متقيا وعالما وأن تفسر الآية في محورها وسياقها وأن تقارن بكل آيات القرآن الأخرى لأن القرآن يفسر بعضه بعضا ولأن الله تعالى نسخ آيات كليا بآيات أخرى وعدل آيات جزئيا بآيات أخرى . لهذا لا يجوز شرعا تحديد حكم الآية الشرعي إلا بعد مقارنتها بكل آيات القرآن الأخرى . فاحذروا أيها المسلمون تحريف الكفار للقرآن والسنة.

وفيما يلي أحدد بعض الأحكام المشتركة بين الشرائع السماوية الواردة في القرآن

  1. 3. الأحكام المشتركة بين الشرائع السماوية

سوف أبين بعض هذه الأحكام الشرعية حسب ما استطعت تدبره في القرآن الكريم لأني لم أتمكن من الاطلاع على محتويات الشرائع السماوية السابقة لمقارنتها. سيقول البعض بأن هذه المقارنة غير ممكنة مادامت الشرائع السابقة غير متوفرة لدينا وأجيب بتأكيد صادق أن هذه الأحكام المشتركة بين الشرائع السابقة منها ما بينه لنا الله تعالى في القرآن. وبما أنه هو الذي أنزل الشرائع السابقة والقرآن وبما أنه الصادق والحق فإنه المرجع الحق لمعرفة الأحكام المشتركة بين الكتب المنزلة على الرسل. و كل شريعة نسخت ما قبلها و أول حكم شرعي مشترك بينها عبادة الله عز و جل والإسلام له وحده دون شريك له والتدين بدين الله الحق الإسلام، والأدلة على هذه الحقيقة كثيرة منها الشورى 13 ” شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ”  والنحل 36 ” ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ”  فـدين الله تعالى الحق واحد هو الإسلام في كل الشرائع السماوية ومنها التوراة والإنجيل. ولكن علماء أهل الكتاب حرفوا التوراة والإنجيل ووضعوا أديانا خاصة بهم وأسسوها حسب هواهم ومصالحهم لتحقيق مكاسب مالية وسياسية. والدليل على أن الإسلام دين الله الحق في كل الشرائع السماوية ما يلي: يس 60-61 ” ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ” والبقرة 21 ” يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم و الذين من قبلكم لعلكم تتقون ”  وآل عمران 19 ” إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ” والبينة 1 – 8 ” لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة و ما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه  ” . إن هذه السورة تؤكد أن أهل الكتاب ملزمون بعبادة الله وحده طبقا للبينة التي أنزلها الله على رسوله محمد وهي القرآن . ولكنهم يعبدون تمثال المسيح عيسى بن مريم ويعبدون المال وهوى النفس والشياطين والأضرحة لهذا قال الله تعالى في سورة يونس 104 ” قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله و لكن أعبد الله الذي يتوفاكم و أمرت أن أكون من المؤمنين ”  الأنعام 56 ” قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذاً و ما أنا من المهتدين ” و سورة الكافرون 1 – 6 ” قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين ”  فدين الرسول محمد عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه هو الإسلام لله وحده أما دين الكفار فهو عبادة الصليب والهوى والمال والشهوات والرهبان والباباوات. قول الله تعالى في سورة الكافرون لكم دينكم ولي دين لا يعني أنه شرع لهم دينا خاصا بهم أبدا بل دينهم من وضعهم و تأسيس علمائهم تحريفا للتوراة والإنجيل وهو دين كفر بينما الدين الحق الذي شرعه الله تعالى للناس كافة في الكون هو الإسلام لله وحده وعبادته طبقا لمناسك الشريعة ذات الصلاحية والمفعول و الإلزام منذ أكثر من أربعة عشرة قرنا وهو القرآن فهذا ما قال الله تعالى لرسوله محمد في آل عمران 20 ” فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله و من اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا ”  والزمر 13-15 ” قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم قل الله أعبد مخلصا له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين  ”  . وآل عمران 83 ” أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا و كرها وإليه يرجعون ”  وآل عمران 85 ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ” والنصر 1 – 3 ” إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا “.

والمائدة 3 ” اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم و اخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ” والنساء 125 ” ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا و اتخذ الله إبراهيم خليلا ” ولقمان 22 ” ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ”  والفتح 28 ” هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله و كفى بالله شهيدا ”  والصف 9 ” هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ”  .

    فكل الرسل دعوا إلى دين الله الحق الإسلام . والدليل الأنبياء 25 ”   وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ” والزخرف 45 ”   واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمان آلهة يعبدون ” والروم 30 ”   فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ”  والمائدة 72 ” لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار  ”  .طبعا إذا تاب المشرك لله توبة نصوحا نهائية وصادقة حتى الموت وآمن وعمل صالحا واتقى يدخل الجنة.

    إن عبادة الله وحده هي الالتزام بالكتاب المنزل في مدة صلاحيته ومفعوله التي حددها الله تعالى لهذا قال الله تعالى في سورة الذاريات 56 ”   وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ”  وآل عمران 79 ”   ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله ”  وآل عمران 80 ”   ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ”  وآل عمران 144 ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ” والتوبة 31 ” اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ”  فأهل الكتاب كفار ما لم يؤمنوا بالقرآن وما لم يعملوا بأحكامه قولا وعملا سرا وعلانية ولو ادعوا الإيمان بالله وتدينوا بأديانهم المخالفة لدين الله الحق الإسلام، ومصيرهم جهنم، ومنهم من يدعي أن المسيح عيسى بن مريم هو الله والرب يحبون المسيح ويعبدون الصليب والرهبان ورجال دينهم كالباباوات الذين يعتبرونهم واسطة بينهم وبين المسيح، ويقولون أن المسيح هو الرب فيتبعون ما نسبه إليه علماؤهم كذبا ويدعون أن المسيح صلب وقتل وهذا غير صحيح نهائيا بل مات وبعثه الله ورفعه الملكان إليه في الجنة. و أقول للنصارى واليهود فإذا كان المسيح ربا كما تعتقدون فلماذا صلب وقتل كما تدعون لو كان عيسى ربا لما استطاع أحد أن يمسه بسوء وإذا كان فعلا ربا فما هي مظاهر تصرفه في الكون وأين هو. فهذا الادعاء من طرف أهل الكتاب دليل على أن المسيح ليس ربا بل الله تعالى خلقه وبعثه رسولا للناس وأنزل عليه الإنجيل ولكن أنزل القرآن ناسخا للإنجيل والتوراة وكل الشرائع السابقة.

إن النصارى واليهود كفروا وكتبوا أقوالا نسبوها لرسول الله عيسى وهي مخالفة للإنجيل وفعلوا نفس الشيء في السنة النبوية المحمدية حيث نسبوا للرسول محمد أقولا و أفعال كذبا لتحريف القرآن الكريم. فاحذروا أيها المسلمون الكذب على رسل الله عليهم صلاة الله وسلامه ولا تتبعوا ما نسب للسنة النبوية إذا كان مخالفا للقرآن.

وأبين أدلة تشهد على أن دين الله الحق هو الإسلام منذ آدم إلى رسالة القرآن ومنها شهادة الرسل والأنبياء التي رواها لنا الله تعالى في القرآن . ومنها يونس 71 – 72    ” واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم و شركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين ”  وقول نبي الله سليمان عليه السلام في النمل 31 ” ألا تعلوا علي واتوني مسلمين ”  وذلك في رسالته التي وجهها لقوم سبأ الذين كانوا مشركين بالله ولما حضرت حاكمة سبأ عنده أسلمت والدليل النمل 44 ” قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ”  وقال نبي الله إبراهيم عليه السلام في البقرة 128 ” ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم ”  والبقرة 131 ” إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين  ” والبقرة 132 ” ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون  ”  . وعاتب الله تعالى اليهود والنصارى عن تحريف التوراة والإنجيل في سورة آل عمران 67 ” ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين ” وقال الله تعالى على لسان سحرة فرعون لما أبطل سحرهم بواسطة نبيه موسى عليه السلام في الأعراف 125 – 126 ” قالوا إنا إلى ربنا منقلبون وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين ”  وقال الله عز وجل على لسان موسى عليه السلام في يونس 84 ” وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ”  وقال الله تعالى في المائدة 111 ” وإذ أوحيت إلى الحواريين آن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون ”  ويتعلق الأمر برسول الله عيسى بن مريم عليه السلام.

وفي القرن السادس الميلادي أي منذ أكثر من أربعة عشرة قرنا أنزل الله عز و جل رسالة القرآن على رسوله محمد بن عبد الله عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه، فنسخ بها كل الشرائع السابقة ومنها الثورات والإنجيل. فالقرآن شريعة سماوية متكاملة يضم الأحكام التشريعية المنظمة لمختلف جوانب الحياة البشرية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية وهي صالحة لكل زمان ومكان والدليل عدة آيات منها النحل 89 ” ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ”  والقصص 53 ” وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين ” . فكل الشرائع السماوية ومنها التوراة والإنجيل دعت إلى عبادة الله تعالى وحده وكل الرسل عبدوا لله وحده ودعوا إلى عبادته وحده طبقا لأحكام ومناسك الشرائع التي بلغوها للناس ومنهم موسى والمسيح عليهما السلام. ومن الأحكام المشتركة بين الشرائع السماوية أنها كلها مادة ابتلاء واختبار وامتحان للأمم التي أنزلت إليها، وكل شريعة لها مدتها الزمنية التي حددها الله تعالى وهي مدة صلاحيتها ومفعولها وإلزامها، وكل الشرائع السماوية أكدت قاعدة شرعية هي أن كل إنسان ولو الرسل والأنبياء وأولي الأمر في دار الإسلام مسؤول عن عمله وقوله وتفكيره سرا وعلانية وكل إنسان مجبر بالالتزام بأحكام الشريعة ذات الصلاحية والإلزام في المدة الزمنية التي حددها لها الله تعالى و الدليل على أن الشرائع السماوية نظام استخلاف للناس وابتلاء وامتحان لهم ما يلي العنكبوت 2 – 3 ” أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين  ” والمائدة 48 ” لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون ”  لكل أمة أنزل الله شريعة هي مادة ابتلائها وامتحانها تحاسب عن أعمالها طبقا لها. والأعراف 168 ” وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك و بلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ”  والأعراف 94 ” وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ”  وللمزيد حول ابتلاء الله عز وجل للناس راجع أخي المحترم البحث الذي نشرته في موقعي بالإنترنت حول موضوع من هو الله تعالى وأين هو.

    و من الأحكام المشتركة بين الشرائع السماوية إقامة العدل بين الناس طبقا لما شرعه الله عز وجل لهم والدليل الحديد 25 ” لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب إن الله قوي عزيز ”  والبقرة 213 ” كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ”  والنحل 90 ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ”  والنساء 58 ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ”  والنساء 105 ” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ” و المائدة 48 ” فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ” و المائدة 49 ” وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك “.أمر الله عز وجل بالحكم بين الناس بشرعه لأن شرعه هو العدل والحق. وبتطبيق منهج الله تعالى يتحقق العدل بين الناس. ومن الأحكام المشتركة بين الشرائع السماوية أنها حجة على الأمم التي أنزلها لها الله عز وجل والدليل النساء 165 ” رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ”  . الرسل يشهدون أمام الله تعالى يوم الحساب على أنهم بلغوا الشرائع السماوية للناس فلا يمكنهم الاعتذار عن عدم التبليغ. والمزمل 15 ” إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ”  والفتح 8 ” إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ”  والأحزاب 45-46 ” يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ”  . لكن الرسل لا يكونون سراجا منيرا للناس إلا بالشرائع المنزلة عليهم. وقال الله تعالى عن المسيح عيسى بن مريم في النساء 159 ” و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا ” بمعنى أنه يشهد على أهل الكتاب أنه بلغ لهم الإنجيل ليلتزموا به قبل نزول القرآن.

والأنعام 83 ” وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ” وهي الشريعة التي أنزلها الله تعالى عليه ليبلغها للناس. والنحل 89 ” ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم وجئنا بك شهيدا على هؤلاء ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى و رحمة وبشرى للمسلمين ”  والحج 78 ” وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ”  .فالأمة الإسلامية بعد الرسول مكلفة من الله تعالى بتبليغ القرآن وتفسيره للناس والدعوة إلى الله تعالى، وبذلك تكون حجة يوم الحساب أمام الله عز و جل حيث تشهد أنها بلغت القرآن وفسرته للناس في الكون وهذا التبليغ واجب فرضه الله عليها.

      ومن الأحكام المشتركة بين الشرائع السماوية التي أكدها الله سبحانه وتعالى في القرآن التوبة والمغفرة عن الذنوب والسيئات إذا تحققت التوبة النصوح الصادقة النهائية حتى الموت دون عودة لمخالفة شرع الله تعالى. والأدلة فصلت 43 ” ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة و ذو عقاب أليم ”  . فالتوبة نعمة أنعم بها الله تعالى على كل إنسان مرة في العمر فقط بشروط هي أن تكون مرة واحدة في العمر وبشرط أن تتجسد عمليا في الإيمان والعمل الصالح والتقوى حتى الموت لقوله تعالى في آل عمران 102 ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن إلا و أنتم مسلمون ” و أن لا يعود التائب إلى مخالفة القرآن و ارتكاب الذنوب و السيئات. إذا تحققت هذه الشروط في التوبة يبدل الله تعالى سيئات التائب حسنات و يدخله الجنة مثل باقي المؤمنين الصالحين المتقين. و لكن من عدل الله تعالى أنه لا يظلم فالتائب الذي ينقض ويخالف شروط التوبة ويعود للسيئات يضاعف عليه الله تعالى ما سبق ارتكابه منها ولا يتوب عليه مرة ثانية. ولكن يوم الحساب يحاسبه على كل أعماله و يوضع له ميزان الحسنات والسيئات لأنه قد يعود لاتباع شرع الله ويكسب الحسنات رغم مخالفته شروط التوبة باستثناء الإنسان الذي يموت على الكفر، فقد قرر الله تعالى له جهنم. وأعماله في الدنيا باطلة ولا يقام له ميزان أعماله.

سوف أبين الأدلة الشرعية في النقطة المتعلقة بالكفر وجزائه. فاصبروا وثابروا واستمروا على التقوى أيها التائبون لتستفيدوا من امتياز نعمة التوبة التي جعلها الله تعالى حكما شرعيا لكل الأمم وفي كل الشرائع والكتب السماوية. ولكن لا تتبعوا الذين كذبوا على الله تعالى ورسوله ليضلوا الناس ويحققوا مصالحهم السياسية والاقتصادية. فالصلاة من الجمعة إلى الجمعة والعمرة إلى العمرة وصوم يوم عاشوراء لا يغفر الذنوب والسيئات أبدا. و لقد جعل الله عز وجل التقوى حتى الموت الشرط الأساسي لمغفرة الذنوب والسيئات وقبول توبة التائب.والأدلة كثيرة منها الأنفال29 ” يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا و يكفر عنكم سيئاتكم و يغفر لكم ”  . و الحديد 28 ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و آمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته و يجعل لكم نورا تمشون به و يغفر لكم ”  و الطلاق 5 ” ذلك أمر الله أنزله إليكم و من يتق الله يكفر عنه سيئاته و يعظم له أجرا ”  و الأحزاب 70-71 ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم ”  . فالتقوى الدائمة الصادقة شرط لمغفرة الذنوب، فهل صلاة الجمعة و العمرة إلى العمرة و صوم عاشوراء هي التي تغفر الذنوب و السيئات؟ إن هذا كذب على الله و على رسوله لأن التقوى هي الالتزام التام بأحكام القرآن كلها قولا و عملا سرا و علانية و هي التي يغفر الله بها الذنوب و السيئات. ومن الأحكام المشتركة بين الشرائع التي أنزلها الله تعالى وأكدها القرآن فريضة العمل الحلال لكسب الطعام ومتاع الدنيا والاستفادة من زينة الأرض وبركات السماء والأرض التي خلقها الله عز و جل. و الدليل الجمعة 10 ” فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ”  . كل إنسان ملزم بإطعام نفسه بالحلال لإنقاذها من الموت وتوفير حاجياتها المشروعة من زواج وكسوة ومسكن وغيره. الأعلى 14 – 19 ” قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ”  .

هذه قاعدة شرعية بين الشرائع السماوية. ومدلولها أن الإنسان ملزم بالعمل الحلال لمتاع الدنيا ولكن في إطار الالتزام بشرع الله تعالى الذي له صلاحية ومفعول وإلزام في فترته الزمنية التي حددها الله لأنه مادة ابتلاء وامتحان واختبار التي تحدد نتيجته يوم الحساب والجزاء إما الحياة الدائمة في عذاب الله ونار جهنم وإما الحياة الدائمة في سعادة الجنة مع الله تعالى.و يونس 7 – 8 تؤكد هذا الحكم الشرعي وتفسره وفيها قول الله تعالى ” إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ” .والمنافقون 9 ” يأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ”  .

هناك حكم شرعي أساسي وآمر مشترك بين الشرائع السماوية وهو أن يعيش الإنسان الحياة المؤقتة في أرض الدنيا بالشروط التي تخوله وتمكنه من الحياة الدائمة الخالدة في أرض الجنة والنار والحساب والجزاء بالسماوات بعد البعث. فإما حياة دائمة في عذاب الله بجهنم وإما حياة دائمة في سعادة الجنة حسب أعماله التي عملها في دار العمل والامتحان وهي الدنيا.

ومن الأحكام المشتركة بين الشرائع التي أكدها القرآن الجهاد في سبيل الله عز و جل بالنفس والمال. و الدليل التوبة 111 ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ”  . هذه الآية تؤكد أن الله تعالى فرض الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس وخصص رحمته وجنته لمن قام بهذا الواجب الشرعي. ومدلول الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى لا يعني أن الله في حاجة إلى من يدافع عنه ويحميه لأنه قوي وقاهر فوق كل ما في الكون وقضاؤه وقدره مطلق وعادل،و لا يستطيع أحد منع قضاء الله وقدره أبدا بل الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله يعني الدفاع عن الإسلام وهو دين الله الحق وشريعته القرآن وعن دار الإسلام في مواجهة اعتداء أعداء الله تعالى الكفار و المنافقين. وهذا ابتلاء من الله ليعلم المؤمنين الصادقين المتقين من غيرهم. والدليل محمد 4 ” ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض ” و الحجرات 15 ” إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون  ”  والأنفال 74 ” والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم ”  والتوبة 88 – 89 ” لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم ”  .

     في هذه النقطة أكدت بالأدلة والبراهين المطلقة على أن القرآن نسخ الشرائع السابقة وأبطل به الله تعالى وألغى التوراة والإنجيل لهذا فأهل الكتاب ملزمون بالقرآن مثل كافة الناس في الكون

4-أنزل الله تعالى القرآن لكافة الناس بالكون وأهل الكتاب بشر منهم

القرآن هو الشريعة السماوية التي أكمل بها الله تعالى دينه الحق الإسلام والأدلة كثيرة منها المائدة 3 ” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ”  . والنعمة التي أكملها الله سبحانه وتعالى للناس هي شريعته وهداه المنزل منذ نوح إلى محمد عليهما وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه لأن الله تعالى قال لآدم وزوجته والشيطان لما طردهم من الجنة وأنزلهم إلى الدنيا في البقرة 38 – 39 ” قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” . والبقرة 211 تؤكد وتفسر معنى النعمة المذكورة في المائدة 3 قال الله تعالى فيها ” سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ”  . والبقرة 231 ” واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة ”  والضحى 11 ” وأما بنعمة ربك فحدث ”  و هذا أمر من الله تعالى لرسوله محمد عليه الصلاة والسلام بأن يحدث ويكلم الناس بنعمة الله وهي القرآن ويبلغه لهم. فالقرآن كلام الله تعالى وقوانينه والنظام الشامل الذي فرضه على الناس والأدلة كثيرة منها الرعد 38 – 39 ” ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل اجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ”  وغافر 78 ” ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون ”  يونس 82 ” ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون ”  والأنعام 115 ” وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته هو السميع العليم ”  ويونس 37 ” وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ” وفصلت 2 – 3 ” تنزيل من الرحمان الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ”  والسجدة 2 – 3 ” تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك ”  ويونس 15 ” وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب  يوم عظيم ”  والبقرة 252 ” تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين ”  وفصلت 41 – 42 ” إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ”  والذكر هو القرآن، وليس في هذه الآية النطق والكلام بأسماء الله تعالى والإنسان 23 ” إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ”  وطه 2-5 ” ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى الرحمان على العرش استوى  ”  .

القرآن شرع وكلام الله تعالى من سورة الفاتحة إلى سورة الناس والله تعالى أمر بكتابة آياته وترتيبها حسب ما هي في المصحف المتوفر بملايين النسخ في العالم حفظه ويحفظه ملايين المسلمين عن ظهر قلب.

الرسول محمد بن عبد الله عليه صلاة الله وسلامه هو الذي نفذ أمر الله تعالى مع الصحابة رضي الله عنهم المتعلق بكتابة القرآن وترتيبه، وأقوى دليل على إبطال الله تعالى وإلغائه للتوراة والإنجيل هو أنه أنزل القرآن على رسوله محمد ليبلغه لكافة الناس بالكون وأمر الأمة الإسلامية بعده بنفس المهمة. والدليل الأعراف 158 ” قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا اله إلا هو يحيي ويميت فامنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون ” وسبأ 28 ” وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ” والنصارى واليهود بشر من الناس فهل هناك من يكذب هذه الحقيقة وينكر طبيعتهم البشرية. لقد أنزل الله تعالى القرآن للنصارى واليهود مثل الناس ولهذا يجب عليهم الإيمان به والعمل بأحكامه الشرعية قولا وعملا سرا وعلانية وعبادة الله تعالى طبقا لمناسك القرآن. و إذا لم يفعلوا ذلك فإنهم كفار مصيرهم عذاب الله في الدنيا ونار جهنم في الآخرة إذا لم يتوبوا توبة نهائية صادقة. والأدلة و البراهين كثيرة منها البقرة 137 ” فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ”  والمائدة 15 ” يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ”  .

فالرسول في هذه الآية هو محمد بن عبد الله النور و الكتاب المبين هو القرآن والمائدة 19 ” يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ”  والفتح 28 ” هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا ”  . بعث الله رسوله محمد وأنزل عليه القرآن المكمل لشريعة دين الله الحق وهو الإسلام. و بذلك ألغى الله تعالى التوراة والإنجيل وأبطل أديان النصارى واليهود التي أسسها ووضعها علماؤهم وحرفوا وزوروا شريعة الله تعالى التوراة والإنجيل.

فالقرآن شريعة كافة للناس ومنهم النصارى واليهود ومن الأدلة البينة 1-5 ” لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ”  . فالصحف المطهرة والبينة في الآية هي القرآن المنزل للنصارى واليهود وكافة الناس بالكون، ومن الأدلة والبراهين على أن الله تعالى ألغى وأبطل كل الشرائع السماوية السابقة للقرآن ومنها التوراة والإنجيل أنه فرض على كل الناس الإيمان والعمل بالقرآن دون سواه من الشرائع السابقة والدليل التغابن 8 ” فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير ”  والنور هو القرآن. والحديد 28 ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم و الله غفور رحيم ” آل عمران 110 ” ولو امن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ” والإيمان المقصود في الآية هو الإيمان بالقران  ومحمد 1 – 3 ” الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ”  . و الحق الذي جاء المؤمنين هو القرآن و الممتحنة 1 “يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق “هذه الآيات أكدت أن القرآن هو الحق وهو الملزم للناس وغيره من الشرائع السماوية السابقة باطل وملغي. ومن لم يؤمن بالقرآن ولم يعمل بأحكامه كافر ولو آمن بالشرائع السماوية السابقة ومصيره عذاب  الله تعالى في الدنيا والآخرة. لهذا فالتوراة والإنجيل باطل والقرآن حق والنصارى واليهود كفار إذا لم يؤمنوا بالقرآن ولم يعملوا بأحكامه. لهذا أمر الله رسوله محمد بأن يتبع القرآن ولا يتبع ملة اليهود والنصارى البقرة 120   “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير ” و البقرة 145 ” ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل أية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم انك إذا لمن الظالمين المائدة51 ” يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ” و المائدة 55 ” إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون ” و المائدة 56 ” و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون ” . و سأذكر آيات في القرآن أكد فيها الله تعالى أن القرآن هو كتابه الحق وغيره من الكتب السابقة كالتوراة الإنجيل باطل وملغي. والنتيجة أن كل الناس في الكون ومنهم النصارى واليهود ملزمون بالإيمان بالقرآن والعمل بأحكامه دون سواه. وهي كما يلي الزخرف 78 ” لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون ” . والحق الذي أنزله الله عز و جل للناس هو القرآن وسبأ 6 ” ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد ”  وفاطر 31 ” والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير  ” ومعنى مصدق لما بين يديه أن القرآن تضمن كثيرا من الأحكام المشتركة المنصوص عليها في الكتب السابقة كالتوراة والإنجيل وقد بينت ما استطعت منها في النقطة السابقة. والحديد 16 ”   ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون  ”  والسجدة 2 – 3 ”   تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك ”  والتوبة 33 ”   هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ”  . فدين الله الحق هو الإسلام والقرآن أكمل به الله تعالى شريعة هذا الدين وأديان الكفار التي وضعها علماؤهم زورا كالمسيحية واليهودية والبوذية و الهندوسية وغيرها باطلة وليست سماوية ولو اعترف أصحابها بوجود الله تعالى لأنهم ملزمون بالإيمان والعمل بالقرآن دون سواه فلا يقبل العقل و لا المنطق أن يؤمن إنسان بالله و يكفر بكلامه و شرعه و هو القرآن. و من هذه الآيات المؤكدة أن القرآن هو الحق والتوراة والإنجيل باطلان وملغيان بحكم الله تعالى وقضائه وقدره هناك الرعد 1 ” المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ” وهو القرآن الذي أنزله الله تعالى على رسوله محمد بن عبد الله. والرعد 19 ” أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب ”  والبقرة 91 ” وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم ”  . في هذه الآية أكد الله تعالى وهو الصادق والحق بأن القرآن وهو الذي أنزله بعد التوراة والإنجيل هو الحق الذي أكد بعض الأحكام المشتركة في الشرائع السماوية الأخرى التي أصبحت باطلة وغير ملزمة للناس في عهد القرآن. والتوبة 29 ” قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ” فدين الحق هو الإسلام وشريعته القرآن الناسخة للشرائع السابقة ولكن أعطى الأدلة على أن مقاتلة الكفار لا تجوز شرعا إلا في حالة اعتدائهم على المسلمين ودار الإسلام ومنها المائدة 87 ”   ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين ” والنحل 125 ”   ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ”  . و لهذا ألغى الله تعالى أداء الجزية من طرف الكفار لأنه حرم إقامتهم في دار الإسلام للمحافظة على النظام الإسلامي وعقيدة المسلمين وحماية المجتمع الإسلامي من جراثيم الكفر. والدليل على هذا التحريم عدة آيات منها الممتحنة 1 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ” والممتحنة 4 ” قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم و مما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ” الممتحنة 6 ” لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و من يتول فإن الله هو الغني الحميد ” والحشر 2 – 3 ” هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار و لولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار ”  . هذه الآيات من سورة الحشر دليل قاطع على أمر الله تعالى الذي حرم إقامة الكفار في دار الإسلام و لو كانوا أهل الكتاب. و قد أيدتها المائدة 33-34 ” إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ” والمجادلة 22 ” لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ” و الأنعام 54 ” و إذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم ”  و الحكم الشرعي الغير المنطوق في هذه الآية هو أن الله أمر بعدم إقامة علاقات سلم و تعاون و تعارف مع الكفار. و الحج 18 ” ومن يهن الله فما له من مكرم ” وفصلت 28 ” ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ”  والأنفال 60 ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ”  . هذه الآيات أكدت التعديل الذي أدخل على أمر الله في التوبة 29 الذي كان يلزم المسلمين بمقاتلة أهل الكتاب الكفار حتى يعطوا الجزية.

وقد بينت الأدلة على هذا التعديل لكي لا يقبل المسلمون إقامة الكفار في دار الإسلام مقابل امتيازات مالية وغيرها. فالمحافظة على النظام الإسلامي بدار الإسلام فوق كل اعتبار ولو كان اقتصاديا وضروريا بل يجب تنفيذ أمر الله تعالى الذي حرم إقامة الكفار بدار الإسلام و حرم أخذ الجزية منهم أيضا و من الأدلة على أن الله تعالى حرم إقامة الكفار في دار الإسلام أنه حرم زواج المسلم بالكافرة و حرم زواج الكافر بالمسلمة و الدليل البقرة 221 ” ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ”  و النساء 25 ” و من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات . . . ”  و الممتحنة 10 ” و لا تمسكوا بعصم الكوافر . . . ” فلا يجوز الزواج من الكتابيات إلا إذا كن مؤمنات بالقرآن و متقيات. بل إذا كفر أحد الزوجين و لم يتب توبة صادقة يبطل و يفسخ عقد الزواج شرعا و الدليل التوبة 23-24.  و هذه الآيات فسرت أيضا الحجرات 13 فلا تجوز إقامة علاقات التعارف و المودة و التعاون بين المسلمين والكفار نهائيا حتى يؤمنوا بالقرآن ويعملوا بأحكامه بصدق. و قد أمر الله تعالى المؤمنين بالتعاون فيما بينهم دون سواهم من الكفار و الدليل المائدة 2 ” و تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب ”  وأحيلكم على البحث الذي نشرته في موقعي حول موضوع: عدل الله تعالى.

و أتابع الأدلة على أن القرآن شرع الله لكافة الناس بالكون ومنهم أهل الكتاب ومنها الأعراف 156 – 157 ” و رحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ” . والنور الذي أنزله الله بعد التوراة والإنجيل هو القرآن. فتدبروا إخواني القراء والباحثين والدعاة المحترمين هاتين الآيتين إنهما دليل قاطع وبرهان البراهين التي تؤكد أن كل من لم يؤمن بالقرآن ولم يعمل بأحكامه لا ينال رحمة الله وجنته بل ينال عذاب الله في الدنيا ونار جهنم في الآخرة وأهل الكتاب هم أيضا ملزمون بالقرآن الذي ألغى به الله تعالى صراحة وأبطل التوراة والإنجيل.

لقد حرم الله أديان الكفار كالمسيحية واليهودية البوذية و الهندوسية وغيرها والدليل كثير من آيات القرآن منها آل عمران 19 ” إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعدما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب ” وآل عمران 85 ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من  الخاسرين ” .

      و أكبر دليل على أن أهل الكتاب ملزمون بالقرآن وأن القرآن ألغى وأبطل التوراة والإنجيل تلك الآيات التي تبين حكم الله وأمره المطاع وقضاءه وقدره الذي فرض على كل الناس بالكون الالتزام بالقرآن والإيمان به وعبادة الله تعالى طبقا لأحكامه الشرعية. و لا أحد يستطيع أن يثبت بأن أهل الكتاب ليسوا بشرا من الناس أبدا. ومن هذه الآيات ما يلي : الأعراف 158 ”   قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات و الأرض لا إله إلا هو يحيي و يميت فآمنوا بالله و رسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله و كلماته و اتبعوه لعلكم تهتدون ” وسبأ 28 ” وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ” والفرقان 1 ” تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ” والحج 49 ” قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين ” والنساء 79 ” وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا ” ويونس 104 ”   قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين ” والزمر 41 ”   إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ” والأعراف 26 ”   يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون ”  . لباس التقوى في هذه الآية الذي أنزله الله عز وجل هو القرآن لأنه يحمي المتقي الذي يلتزم به قولا وعملا سرا وعلانية من عذاب الله في الدنيا والآخرة بعد البعث الحتمي. والإسراء 105 – 106 ” و بالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ”  والأعراف 31 ” يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ”  . هذا حكم شرعي أمر فيه الله تعالى كل بني آدم والنصارى واليهود منهم حتما بأن يعبدوا الله تعالى طبقا للمناسك التي حددها في القرآن. وسورة النساء 170 ”  يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما ”  ويونس 2 ” أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم  صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين ” و يونس 108 ” قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل ”  والبقرة 187 ” كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون ”  و آيات الله هي القرآن والنحل 44 ” وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ” . و الذكر في هذه الآية هو القرآن وليس النطق والتكلم بأسماء الله الحسنى. وآل عمران 138 ” هذا بيان للناس وهدى و موعظة للمتقين ” والمزمل 15 ” إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ”  وشهادة الرسول ليست على أعمال الناس ولكن على تبليغ القرآن للناس. والنساء 1 ” يا أيها الناس اتقوا ربكم ”  . هذا أمر الله تعالى لكافة الناس بالكون بالتقوى والتقوى هي الالتزام بالقرآن قولا وعملا سرا وعلانية وهذا الأمر مكرر في عدة آيات أخرى منها الحج 1 ” يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ” ولقمان 33 ” يا أيها الناس اتقوا ربكم ”  والنساء 174 ” يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ” . والبرهان والنور المبين في هذه الآية هو القرآن الذي أنزله الله تعالى لكافة الناس ومنهم النصارى واليهود. هذا التفسير للآية يؤكده الحكم الشرعي الوارد في التغابن 8 ” فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير ” فالنور الذي أنزل الله تعالى لكافة الناس هو القرآن.

ومن الأدلة على إلغاء التوراة والإنجيل أن الله تعالى أمر الرسول محمد بن عبد الله عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه بأن يطبق القرآن على النصارى واليهود مثل كافة الناس. والدليل المائدة 48 ” و أنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ”  والمائدة 49 ” وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ” .   فالضمير المتصل في كلمة بينهم في هذه الآية و الآية السابقة لها تعود على أهل الكتاب. لهذا فهم ملزمون بالقرآن مثل كافة الناس. والنساء 65 ” فلا وربك لا يؤمنون حتى  يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ”  وطبعا الرسول كان ملزما بالحكم بين الناس بالقرآن.

ومن الآيات الدالة على أن القرآن منزل لكافة الناس بما فيهم النصارى واليهود المائدة 97 ” جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس ” وآل عمران 96 – 97 ” إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمـين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ”  .

فكل مسلم له الحق في الصلاة بالمسجد الحرام بمكة المكرمة كيفما كان جنسه ولونه ولغته وأصله وقوميته سواء عربي وغير عربي لأن كل المسلمين بحكم القرآن إخوة في الدين وأمة واحدة ومتساوون أمام الله تعالى في الحساب والجزاء، وكل المسلمين لهم الحق في الصلاة في المسجد الأقصى كذلك لأنه في أرض بارك الله فيها فلا يجوز أن تكون على هذه الأرض والمساجد ولاية الكفار ولا يجوز لأحد منع المسلمين من الصلاة في المسجد الأقصى أو غيره ولو أتوا إليه من كل أنحاء العالم لقوله تعالى في سورة الإسراء1 ” سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ” والأنفال 34 ” إن أولياؤه إلا المتقون ” . ولا يجوز شرعا إقامة كنائس ومعابد أهل الكتاب في القدس وغيرها من أرض الإسلام لأنها تقام لعبادة غير الله تعالى و مخالفة لمناسك عبادة الله التي حددها القرآن، و الذي أبطل و ألغى التوراة و الإنجيل. وأتابع الأدلة على أن القرآن منزل لكافة الناس الزمر 27 – 28 ” ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون ”  . والجاثية 20 ” هذا بصائر للناس وهدى و رحمة لقوم يوقنون ”  وهو القرآن الذي ينير الطريق الصحيح ويرشد الناس إلى ما يعيدهم إلى الله والعيش والحياة الدائمة في سعادة الجنة وهذا ما تؤكده سورة إبراهيم 1 ” الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ”  و ص 87 ” إن هو إلا ذكر للعالمين ”  أي قرآن لكافة الناس في الكون والقلم 52   ” وما هو إلا ذكر للعالمين ” والتكوير 27 – 28 ” إن هو إلا ذكر للعالمين لمن شاء منكم أن يستقيم ” . الله تعالى بين القرآن لكافة الناس بالكون وأمر الأمة الإسلامية و العلماء بعد الرسول بتبليغه وبيانه وتفسيره للناس. و كل من تتوفر فيه الأهلية لذلك ولم ينفذ أمر الله تعالى عمدا ينال عذاب الله في الدنيا ونار جهنم في الآخرة ولو صلى مئات السنين إلا إذا تاب وبين القرآن للناس. والدليل البقرة 159 – 160 “إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعدما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ”  وآل عمران 110 ” كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ”  . ولا إيمان بدون الإيمان بالقرآن الكريم والعمل بأحكامه قولا وعملا سرا و علانية .

      فتدبروا أيها الناس في كل أنحاء العالم وخاصة النصارى واليهود الذين يتشبثون بأديان الكفر ويكنون العداء للإسلام والمسلمين ويتهافتون للسيطرة عليهم وتكفيرهم والاستيلاء على خيرات وثروات دار الإسلام، تدبروا هذه الأدلة القاطعة الحاسمة و البراهين المؤكدة على أنكم ملزمون بالإيمان بالقرآن والعمل بأحكامه قولا وعملا سرا وعلانية لتنجوا من عذاب الله في الدنيا ونار جهنم في الآخرة بعد البعث الحتمي ولتفوزوا برؤية الله تعالى والحياة الدائمة معه في سعادة الجنة، فلا تضيعوا أيها الناس فرصة الحياة الدنيا المؤقتة وتوبوا إلى الله واعبدوه واتقوا طبقا لنظام استخلافكم في أرض الدنيا وهو القرآن قبل أن يصعد بكم الملائكة إلى أرض الحساب والجزاء عند الله في السماوات طبقا لسنة الله تعالى وقوانينه في الكون.

وأختم هذا المبحث الأول بما يلي:

كل الشرائع السابقة ملغية وباطلة بالقرآن وهو الشرع السماوي الوحيد الملزم لكافة الناس في الكون ومنهم النصارى واليهود والأدلة الأساسية التالية:

    1) الله تعالى هو الذي خلق الكون وما فيه ويدبر أموره بقضائه وقدره العادل فهو الذي أنزل الكتب السماوية للناس كل كتاب نسخ ما سبقه بأمر من الله تعالى والقرآن الكريم أنزله الله بعد التوراة والإنجيل ونسخهما وهذا قضاء الله وقدره.

    2) إخبار الله تعالى في التوراة والإنجيل عن رسالة القرآن دليل على إلغائهما.

    3) فعلا أنزل الله تعالى القرآن على رسوله محمد بن عبد الله منذ أربع عشرة قرنا وأكثر من ثلاثين سنة.

    4) القرآن مادة امتحان وابتلاء واختبار واستخلاف للناس كافة في الكون. وأهل الكتاب والنصارى واليهود والبوذيون و الهندوس بشر من الناس ولا أحد يتوفر على دليل يخالف هذه الحقيقة.

    5) أكد الله عز وجل في القرآن انه أبطل وألغى الشرائع السابقة ومنها التوراة والإنجيل ولا أحد يمكنه إنكار هذا الإخبار من الله تبارك وتعالى.

    لكل هذه الأسباب والأدلة فإن الأديان التي وضعها الكفار كاليهودية والمسيحية والبوذية و الهندوسية وغيرها ليست أديانا سماوية وهي محرمة ولا تنجي أتباعها من عذاب الله تبارك وتعالى في الدنيا ونار جهنم في الآخرة لأن دين الله الحق السماوي واحد هو الإسلام وشريعته القرآن. أما أديان الكفار كالمسيحية بفروعها و اليهودية و غيرها فإنها ليست سماوية. و لم يشرعها الله تعالى لقوله في الكافرون 1 – 6 ” قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون و لا أنتم عابدون ما أعبد و لا أنا عابد ما عبدتم و لا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم و لي دين ” و الشورى 21 ” أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله و لولا كلمة الفصل لقضي بينهم و إن الظالمين لهم عذاب أليم ” . فدين الله الحق الإسلام هو الدين السماوي الوحيد الذي أذن به الله و أنزل الشرائع المنظمة له منذ أول رسول و هو نوح إلى محمد عليهم الصلاة و السلام.

         ولكن أهل الكتاب وغيرهم من النصارى واليهود إذا تابوا توبة نصوحا صادقة واتبعوا دين الله الحق الإسلام والتزموا فعلا وحقا بالقرآن قولا وعملا سرا وعلانية فإنهم جزء من الأمة الإسلامية وإخوان للمسلمين في الدين. والدليل التوبة 11 ” فإن تابوا وأقاموا الصلاة و آتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون ” وآل عمران 85 ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ”  . ولكن يجب على المسلمين الحذر من نفاق الكفار وتحايلهم.

     المبحث الثاني: الأحكام الشرعية المتعلقة بالإيمان والكفر بالقرآن  :

        أحكام الإيمان و الكفر بالقرآن هي الأحكام الشرعية و القواعد المستنبطة من آيات القرآن و التي تتعلق بكل ما يهم مسألة الإيمان و الكفر بالقرآن. و هي قواعد و قوانين الله تعالى الملزمة للناس مثل غيرها من الأحكام الشرعية التي شرعها الله و التي تهم مختلف جوانب الحياة البشرية.

         لقد فسرت حسب ما استطعت تدبره الجزء الأول من سورة النساء 170 ” يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم “. وبعد أن قارنت هذه الآية بآيات القرآن الأخرى وكشفت عن العلاقة التشريعية القائمة بينها توصلت إلى حكم شرعي أساسي آمر وملزم مضمونه أن كل الناس في الكون ملزمون باتباع القرآن والالتزام بأحكامه بما فيهم أهل الكتاب. واستنادا إلى هذا الحكم الشرعي فقد ألغى الله تبارك وتعالى كل الشرائع السماوية السابقة للقرآن ومنها التوراة والإنجيل. وفي هذا المبحث الثاني سأفسر الجزء الثاني من سورة النساء 170 المذكورة وهو ” فآمنوا خيرا لكم و إن تكفروا فإن لله ما في السماوات و الأرض وكان الله عليما حكيما “.

           استخلف الله تعالى الناس في أرض الدنيا لإعمارها ولعبادته وجعل القرآن منذ أواخر القرن السادس الميلادي مادة اختبار وامتحان لاختيار النخبة والصفوة التي ستعيش معه وتراه في الجنة حياة أبدية خالدة بعد الموت بناء على أعمال الدنيا. فمن آمن بالقرآن وعمل بأحكامه حتى الموت ومن كفر به وأعرض عنه لكل منهما جزاؤه. لهذا سأتعرض للإيمان بالقرآن وجزائه في نقطة أولى وفي النقطة الثانية أتعرض للكفر وجزائه و قبل ذلك أعرف أحكام الإيمان و الكفر بأنها القواعد و القوانين الملزمة للناس و التي شرعها الله تعالى في القرآن سواء ما يتعلق بالإيمان أو الكفر و غيرهما من جوانب الحياة البشرية.

    1- الإيمان بالقرآن وجزاؤه:

    قبل أن أبين جزاء الإيمان أحدد معناه ومدلوله في القرآن. نقول آمن بالشيء صدقه وشهد على صحته وأقر واعترف به أنه الحق والصدق. والإيمان في الإسلام هو أن يؤمن الإنسان بوجود الله تعالى الذي خلق الكون وما فيه ويدبر أموره وأنه يحيي ويميت ويراقب أعمال الناس وكل ما خلق ويبعث الأموات للحساب والجزاء في أرض الجنة والنار بالسماوات عن أعمال الدنيا. و من شروط الإيمان التصديق بأن الله تعالى بعث الرسل للناس وأنزل عليهم كتبه وشرائعه ليلتزموا بها لأنها مادة ابتلائهم وامتحانهم وتنظم بأمر من الله عز و جل كل جوانب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية للإنسان. و يجب الإيمان كذلك بوجود الملائكة الذين ينفذون أوامر الله تعالى وهم جنوده ويراقبون أعمال وأقوال الناس بأمر من الله تعالى وتحت مراقبته. و يجب الإيمان كذلك بحتمية البعث بعد الموت والانتقال من أرض الدنيا وهي دار عمل إلى أرض الجنة و النار بالسماوات وهي دار نتيجة امتحان الدنيا أي الحساب والجزاء بالجنة أو جهنم. ويجب الإيمان بأن الله تعالى مستوي على العرش بالسماوات بذاته العظيمة ولكنه مع كل إنسان وكل مخلوقاته بسمعه وبصره وتصرفه وكلامه وقضائه وقدره المطلق العادل. و جزاء الإيمان الصادق المجسد بالعمل الصالح و التقوى و طاعة الله تعالى رحمته و حمايته و أمنه في الدنيا و الآخرة فصلت 30-32 ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا و لا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا و في الآخرة و لكم فيها ما تشتهي أنفسكم و لكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ” الكهف 88 ” و أما من آمن و عمل صالحا فله جزاء الحسنى و سنقول له من أمرنا يسرا ” . والأدلة الشرعية حول الإيمان ما يلي : الليل 5-11 ” فأما من أعطى و اتقى و صدق بالحسنى فسنيسره لليسرى و أما من بخل و استغنى و كذب بالحسنى فسنيسره للعسرى و ما يغني عنه ماله إذا تردى ” و الشمس 7-10 ” و نفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها قد أفلح من زكاها و قد خاب من دساها ” . البقرة 177 ” ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر و الملائكة و الكتاب و النبيين ” إلى آخر الآية و البقرة 285 ” آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ”  والبقرة 136 ” قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم و إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ”  . والنساء 150 – 152 ” إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله يقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا واعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما  ”  .

         فالمؤمن في الإسلام هو من آمن بكل الشرائع السماوية وبكل الرسل الذين بعثهم الله تعالى وهم دليل على وجود الله وتصرفه في الكون. لا إيمان بدون الإيمان بالقرآن و لا إيمان بدون عمل صالح و تقوى. والمؤمن من آمن كذلك بالله تعالى وبملائكته ويوم البعث للحساب والجزاء في الآخرة. لكن الناس ملزمون بالعمل بأحكام الشريعة المخصصة لهم في مدتها الزمنية التي حددها الله تعالى. والقرآن هو شريعة الله تعالى لكافة الناس بالكون فلا إيمان بدون الإيمان بالقرآن و العمل بأحكامه. وكل من لم يؤمن بالقرآن ولم يتبعه ولم يعمل بأحكامه قولا وعملا سرا وعلانية كافر وفي ضلالة ومصيره عذاب الله تعالى في الدنيا ونار جهنم في الآخرة إذا لم يتب توبة نصوحا صادقة ونهائية حتى الموت و لو آمن بالرسل و الكتب السابقة للقرآن كالتوراة و الإنجيل لأن الإيمان الواجب بكل الرسل و الكتب السماوية دليل على الاعتراف بوجود الله تعالى و تصرفه في الكون. و لا يعني الالتزام بكل الكتب السماوية لأن كل كتاب ينسخ به الله تعالى ما سبقه لهذا فالمقصود من الإيمان هو الإيمان بالقرآن و العمل بأحكامه قولا و عملا سرا و علانية.

         و أقوى دليل على أن كل الناس بما فيهم أهل الكتاب ملزمون بالإيمان والعمل بالقرآن دون سواه الأعراف 156 – 157 ” و رحمتي وسعت كل شيء سأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة و الإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون ”  . والحكم الشرعي المستنبط من هذه الآية أن كل من لم يؤمن بالقرآن ومن لم يتبعه ويعمل بأحكامه قولا وعملا سرا وعلانية جزاؤه عذاب الله ونار جهنم خالدا فيها. ومحمد 1 – 3 ” الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وأمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم و أصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل و أن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ” والممتحنة 1 ” يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ”  والمائدة 15 ” يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ”  وهو القرآن والرسول المعني في الآية هو محمد بن عبد الله عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه. و آل عمران 85 ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ”  . لهذا قال الله تعالى في البقرة 137 ” فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ” أي إذا آمن أهل الكتاب وكافة الناس بالقرآن وعملوا بأحكامه فإنهم مهتدون أي على الصراط المستقيم الذي يوصلهم إلى الجنة وإلى الله تعالى والفوز برحمته والنجاة من عذابه. فلا تضيعوا فرصة امتحان الحياة الدنيا أيها النصارى واليهود وكل الذين أسسوا ووضعوا أديانا خاصة مخالفة للإسلام، آمنوا بالقرآن و اعبدوا الله طبقا لمناسك القرآن.

    وجعل الله تعالى اتباع القرآن و الخضوع لأحكامه شرطا للإيمان. هناك أدلة كثيرة منها المائدة 48 ” وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ”  والمائدة 49 ” وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم و احذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ”  والنساء 65 ” فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ”  والأحزاب 36 ” و ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ”  و الجاثية 6 ” تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون “. فلا إيمان بدون الإيمان بالقرآن والعمل بأحكامه و هذا حكم مستنبط من هذه الآية و الآيات الأخرى المؤكدة لها في القرآن.

         وأعتذر لإخواني القراء والباحثين والدعاة المحترمين عن فتح قوسين لأبين علاقة السنة بالقرآن لأن هذه العلاقة لها ارتباط مهم بالإيمان و الكفر خاصة و أن أعداء الإسلام استغلوا باب السنة لتحريف القرآن و تكفير كثير من المسلمين. والأدلة الشرعية على أن الله تعالى فرض طاعة الرسول و اتباعه و الإمتثال لما قضى به وأوامره وجعل ذلك من شروط الإيمان ولكنه عز و جل لم يفوض لرسله تشريع ما شاؤوا أو الحكم بين الناس بما أرادوا بل أمر رسله بتبليغ شرائعه والحكم بها بين الناس و اتباع ما أمر به الله في كتبه المنزلة عليهم. لهذا يجب الحذر من الأحاديث المخالفة للقرآن والمنسوبة كذبا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام. فقد كذب كثير من النصارى واليهود وعملاء الحكام عبر العصور على الرسول ووضعوا أحاديث محرفة للقرآن، لتوطيد ظلم المستبدين وفتح الباب أمام خرق شرع الله تعالى. و قد أسست مذاهب وفرق تدعي أنها دينية حسب هوى ومصالح أصحابها فأضلوا من اتبعهم و أضروا بالإسلام والمسلمين.

         الله تعالى فرض على رسوله وأولي الأمر الالتزام بالقرآن في الحكم وإصدار القرارات والأوامر للناس. و من خالف القرآن فإن قراراته وأحكامه وأوامره باطلة ولا توجب طاعة الناس لها. والدليل المائدة 48 ” فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ”  والمائدة 49 ” وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ”  وهو القرآن والنحل 90 ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ”  والنساء 105 ” إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ”  والشورى 15 ” فلذلك فادع و استقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم “.

         لقد أمر الله بطاعة الرسول وأولى الأمر كما جاء ذلك في النساء 58. ولكن جعل طاعة الرسول وأولي الأمر متوقفة على طاعتهم لله تعالى أي الالتزام بالقرآن. لهذا قال الله تعالى لرسوله محمد الأنعام 15- 16 ” قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين ” و الأنعام 50 ” قل لا أقول لكم عندي خزائن الله و لا أعلم الغيب و لا أقول لكم إني ملك إن اتبع إلا ما يوحى إلي ”  الجن 21 – 22 ” قل إني لا أملك لكم ضرا و لا رشدا قل إني لن يجيرني من الله أحد و لن أجد من دونه ملتحداً ”  الزمر 38 ” قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون ”  والكهف 110 ” قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ”  وآل عمران 80 ” ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ”  آل عمران 144 ” و ما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم و من ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا و سيجزي الله الشاكرين ” . فالرسل ليس من حقهم قول وفعل ما يخالف شرع الله وإذا فعلوا ذلك فقد كفروا بالله. لهذا لا تقبلوا إخواني المحترمين الأحاديث المخالفة للقرآن والمنسوبة كذبا إلى الرسول صلى الله عليه و سلم واحذروا أقوال الرسول وأفعاله التي نسخها القرآن فيما بعد فهي ملغاة و لو كانت سنة صحيحة. فلا يجوز شرعا أن تكون السنة مخالفة لشرع الله أبدا. وقد أصدر الله عز و جل تحذيرا للرسول محمد عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه بأن لا يحرف أو يخالف القرآن في عدة آيات منها الحاقة 43 – 47 ” تنزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين ”  وهود 112 ” فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير ”  والحجر 94 ” فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ”  ويونس 15 ” وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا إئت بقرآن غير هذا أو بدله  قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ”  والممتحنة 12 ” ولا يعصينك في معروف ” . القرآن هو الذي حدد وبين فيه الله تعالى ما هو معروف أي عمل صالح وما هو منكر أي عمل سيئ وفاسد. والحكم الشرعي المسكوت عنه والمستنبط من الممتحنة 12 المذكورة هو أن طاعة الرسل والحكام لا تجب على الناس إلا في المعروف أي أنهم ملزمون شرعا وبأمر من الله تعالى بعدم طاعة الرسول وأولي الأمر في غير المعروف أي ما هو فاسد وسيء ومخالف للقرآن. وهذا الحكم الشرعي تؤكده آيات أخرى منها الأنفال 24 ” يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم ”  أي أطيعوا الرسول إذا بين لكم أحكام القرآن وطبقها عليكم لأن القرآن هو الذي يخول من التزم به واتبعه الحياة الدائمة الخالدة في الجنة.

    أما من أعرض عن القرآن فلا حياة له لأنه يخلد في عذاب جهنم لا يموت فيها ولا يحيى. وهذا الحكم الشرعي في هذه الآية تفسره وتؤكده النحل 97 ” من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون “. والحكم الشرعي المسكوت عنه في هذه الآية أن المسلمين ملزمون شرعا بعدم الاستجابة للرسول وعدم طاعته إذا دعاهم لما لا يحييهم أي إلى ما يخالف القرآن وهذا ما ينطبق على أولي الأمر في دار الإسلام أيضا. جعل الله طاعة الرسل وأولي الأمر متوقفة على تقوى الله أي في إطار احترامهم لشرع الله تعالى والدليل النور 52 ” ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون “. فالطاعة متوقفة على التقوى والدليل النساء 13-14 ” تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ” فطاعة الرسول و أولي الأمر مقيدة و مشروطة باحترام حدود الله وهي أحكام القرآن الكريم لان طاعة الله تعالى مطلقة وواجبة على كل الناس ومنهم الرسل و أولوا الأمر. ولا تجب طاعتهم إلا إذا أطاعوا الله. لقد أمر الله تعالى الناس باتباع الرسول آل عمران 31 ” قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم و الله غفور رحيم ”  الله غفور رحيم ولكن اتباع الرسول جعله الله متوقفا ومشروطا باتباع الرسول للقرآن والدليل الأحزاب 1 – 2 ” يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعلمون خبيراً ” و الجاثية 18 ” ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون  “والأنعام 106 ” اتبع ما أوحي إليك من ربك ”  والأعراف 203 ” قل إنما أتبع ما يوحي إلي من ربي هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ” والوحي الذي نزل على الرسول هو القرآن، وقد سماه الله تعالى في هذه الآية بصائر لأنه يمكن من اتبعه من رؤية الطريق المستقيم إلى الله والجنة. الطلاق 11 ” و من يؤمن بالله و يعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا ”  والزخرف 43 ” فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم  ”  والكهف 27  ” واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا ”  الأعراف 3 ” اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم و لا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ”  الأنعام 153 ” و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ”  و الصراط المستقيم في هذه الآية هو القرآن الكريم. و الأنعام 155 ” و هذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه و اتقوا لعلكم ترحمون ”  والزمر 55 ” واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ”  وهذا أمر موجه لكافة الناس ومنهم الرسول وأولي الأمر لهذا اعتبر الله تعالى كل من يخالف القرآن مجرما وفاسقا وظالما ومن الأدلة الكثيرة السجدة 22 ” ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ”  وهود 113 “ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون”.

    طاعة الرسل جعلها الله مشروطة بطاعة الله أي في أطار الشرع المنزل عليهم. والدليل: قال الله تعالى على لسان نوح سورة نوح 2-3 ” قال يا قوم إني لكم نذير مبين أن اعبدوا الله واتقوه و أطيعون ” وأيضا الشعراء 107-108 ” إني لكم رسول أمين فاتقوا الله و أطيعون ” وقال الله تعالى على لسان نبيه هود الشعراء 125-126 ” إني لكم رسول أمين فاتقوا الله و أطيعون ” وقال على لسان نبيه صالح الشعراء 143-144 ” إني لكم رسول أمين فاتقوا الله و أطيعون ” وقال عن لوط الشعراء 162-163 “إني لكم رسول أمين فاتقوا الله و أطيعون ” وقال عن نبيه شعيب الشعراء 178-179 ” إني لكم رسول أمين فاتقوا الله و أطيعون” وقال الله تعالى لرسوله محمد ابن عبد الله عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه في الأحزاب 1-2″ يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا ” . وقال له أيضا في الزمر 13  ”  قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم  ” والأنعام 15-16 ”  قل أني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين ” و الأحقاف 9 ” قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين “. فلا يجوز شرعا قبول ما ينسب للرسول إذا كان مخالفا للقرآن الكريم. فتقوى الله فوق كل اعتبار وطاعة الرسل واجبة في إطار التقوى ومحرمة في غيرها لأن الرسول ملزم بطاعة الله وهو غير معصوم من الخطأ لأنه بشر مثل  الناس ولكن الله عصمه من أذاهم وحماه منهم لقوله تعالى في سورة المائدة 67 ” يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس “. و أعتذر عن فتح قوسين لتوضيح الآيات الدالة على أن السنة ليست وحيا من الله تعالى بل تصرف خاص بالرسول. لهذا قال له الله تعالى في النساء 79 ” ما أصابك من حسنة فمن الله و ما أصابك من سيئة فمن نفسك و أرسلناك للناس رسولا و كفى بالله شهيدا ” و غافر 55 ” فاصبر إن وعد الله حق و استغفر لذنبك “. و لما كان الرسول مجتمعا مع أغنياء المدينة و رفض استقبال المؤمنين الفقراء عاتبه الله في سورة الأنعام 52 ” و لا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء و ما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ” و عبس 1-10 ” عبس و تولى أن جاءه الأعمى و ما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنت له تصدى و ما عليك ألا يزكى و أما من جاءك يسعى و هو يخشى فأنت عنه تلهى “. هذا العتاب من الله تعالى لرسوله عليه الصلاة و السلام دليل على أن السنة ليست وحيا من الله فلو كانت كذلك لما أخطأ الرسل لأن الله تعالى لا يخطئ أبدا. و لما حرم الرسول على نفسه العسل إرضاء لزوجته عائشة عاتبه الله تعالى في سورة التحريم 1 ” يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك و الله غفور رحيم “. الله تعالى بين فائدة العسل الصحية في سورة النحل 68-69 فهل يتبع الناس سنة الرسول التي حرم فيها العسل على نفسه أم القرآن الذي أحل الله فيه العسل و بين فائدته. و نفس الملاحظة أبينها في الآيات التي رخصت للرسول الزواج بأكثر من أربع زوجات منها الأحزاب 50 ” يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الأتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك و بنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين… ” أما المؤمنون غير الرسول فقد منعهم الله من الزواج بأكثر من أربع زوجات والدليل النساء 3 “فانكحوا ما طاب كم من النساء مثنى وثلاث وربع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة” فهل يتبع الناس سنته و يتزوجون مثله بأكثر من أربع زوجات بينما هناك نص قرآني منع عليهم ذلك. لا يجوز شرعا اتباع السنة بمخالفة القرآن أبدا. و فرض القرآن على المسلمين العدل بين الزوجات بينما رخص للرسول في أن يرجي من يشاء من زوجاته و يفضل من يشاء منهن والدليل الأحزاب 51 ” ترجي من تشاء منهن و تؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك… “. أما بقية المسلمين فقد فرض الله عليهم العدل بين الزوجات ولو في المعاشرة النفسية والدليل النساء 129 ” فلا تميلوا كل الميل فتدروها كالمعلقة “. لهذا لا يجوز نهائيا اتباع السنة إذا كان ذلك يؤدي إلى مخالفة نص قراني. و قد عاتب الله تعالى الرسول لما رفض الزواج بمطلقة زيد خشية من الناس و الدليل الأحزاب 37-38 ” و إذ تقول للذي أنعم الله عليه و أنعمت عليه أمسك عليك زوجك و اتق الله و تخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى الناس و الله أحق أن تخشاه ” إلى آخر الآيتين. و عاتب الله تعالى الرسول عندما أذن للمنافقين في التخلف عن حرب تبوك و الدليل التوبة 43 ” عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا و تعلم الكاذبين “. و عاتبه كذلك عندما قبل الفداء عن الأسرى لأن ذلك يزيد في قوة الكفار العسكرية و الدليل الأنفال 67-68 ” ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا و الله يريد الآخرة و الله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم “. و أكتفي بهذه الأدلة على أن سنة الرسل ليست وحيا من الله تعالى بل تصرف خاص بهم و لا يجوز أن تكون مخالفة لشرائع الله المنزلة عليهم لان الله تعالى هو الحق و العدل والصدق. فلا يمكن أن يوحي للرسل بالأخطاء التي وقعوا فيها و عاتبهم عليها. و أغلق القوسين و أتابع البحث حول علاقة السنة بالقرآن. فقد أمر الله تعالى رسله باتباع الشرائع المنزلة عليهم و تنص على ذلك آيات منها طه 99 – 101 ” كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا ”  وطه 123 – 124 ” فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ”  . وذكر الله في هذه الآية هو القرآن وليس النطق والكلام بأسماء الله والتسبيح باسمه العظيم هناك من يعتمد على تفسير خاطئ للنجم 3 ” وما ينطق عن الهوى ”  ويدعي أن الرسول كانت له سلطة تشريع وكل ما يقوله ملزم ولكن هذا كذب على الله تعالى. فالتفسير الحقيقي لهذه الآية حسب سياقها وعلاقتها بآيات القرآن الأخرى أن الرسول ليس معصوما من الخطأ لأنه بشر ولكن الله تعالى عصمه من شر الناس والمقصود بعبارة وما ينطق عن الهوى نطق الرسول بالقرآن لأنه في هذه الحالة لا ينطق حسب هواه بل بما أوحي الله إليه وهو القرآن. والآيات التي تؤكد هذا التفسير هي النجم 4 ” إن هو إلا وحي يوحى ”  والنجم 10 ” فأوحى إلى عبده ما أوحى ” وهذا سياق النجم 3 ” وما ينطق عن الهوى ” ومحورها المفسر لها. فأقوال الرسول التي يتكلم فيها مع زوجاته ومع الصحابة ومسائله الخاصة ينطق بها معبرا عن هواه ورغباته أما عندما ينطق بالقرآن المنزل عليه فإنه لا ينطق عن الهوى والرغبات وليست له حرية قول ما يريد، لهذا هناك فرق بين سنة الرسول وهو مسؤول عنها أمام الله تعالى وبين القرآن الذي أنزله عليه الله تعالى ولا يجوز له نهائيا أن يحرفه أو يخالفه. وتذكروا إخواني سورة الحاقة 43-47 المذكورة سابقا.

    وهناك من أعطى للرسول سلطة مطلقة في الأمر والتشريع بما يريد استنادا إلى مقطع في سورة الحشر 7 ” وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ”  وهذا المقطع المذكور جاء في الحشر 7 ” ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله و للرسول و لذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب ”  . هذه الآية حدد فيها الله تعالى كيفية قسمة الفيئ وغنائم الحرب وكلف الرسول عليه صلاة الله وسلامه بتنفيذها وأمر المسلمين بقبول ما يعطيهم وتنفيذ nقراراته المتعلقة بالقسمة والحرب وأمر الله الرسول والمسلمين في هذه الآية بالتقوى وهي الالتزام بالقرآن.

    فلا يجوز للرسول و المسلمين مخالفة القرآن أبدا. فليس للرسول ولا أولي الأمر سلطة التشريع أو الأمر بما يخالف القرآن أبدا فلا تكون السنة صحيحة إلا إذا كانت مطابقة للقرآن هذا التفسير للحشر 7 أكدته التوبة 58 – 59 ” ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون ” فعبارة “ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله ”   تدل فقط على توزيع الصدقات. وهناك من استند إلى الجمعة 2 ” هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ”  ليدعي أن السنة حكمة الرسول وعلى الناس الالتزام بها كيفما صدرت عنه وهذا الادعاء لا أساس له من الصحة بل يجب أن تكون السنة مطابقة للقرآن. وغير مخالفة له فليست للرسل حكمة خاصة بهم بل شرائع الله تعالى التي بلغوها للناس هي حكمة الله عز و جل. و الحكمة واحدة فلا وجود لحكمتين حكمة الرسل وحكمة الله تعالى بل حكمة الله عز و جل هي الحكمة الصالحة قد بينتها الشرائع السماوية المنزلة للناس. فلا يجوز لأي أحد مخالفة حكمة الله ولو الرسل. والأدلة كثيرة أبين منها ما يلي: آل عمران 81 ” وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ”  وغافر 78 ” وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ”  هود 1 ” الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ”  والنساء 54 ” فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة ”  . فكل الشرائع السماوية حكمة الله تعالى. والمائدة 110 ” وإذ علمتك الكتاب والحكمة و التوراة والإنجيل ” وهذا قول الله تعالى لرسوله عيسى بن مريم و الزخرف 63 ” ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ”  . وهي كتاب الله تعالى الإنجيل والبقرة 231 ” ولا تتخذوا آيات الله هزؤا واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة ”  والنساء 113 ” وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما ”  والكتاب والحكمة هي القرآن. ويس 1 – 2 ” يس والقرآن الحكيم ”  ، و الجاثية 2 ” تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ”   فالقرآن هو حكمة الله وليست السنة النبوية. لهذا قال الله تعالى لزوجات الرسول في الأحزاب 34 ” واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ”  وهو القرآن. ولم يقل لهن أن سنة الرسول حكمة لهذا فإن القرآن هو الحكمة والسنة لا يجوز أن تكون مخالفة لحكمة الله عز وجل، وهناك من استند إلى فهم خاطئ لسبأ 28 ” وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ”  وقالوا بأن سنة الرسول ملزمة للناس لأن الرسول مكلف من الله تعالى بالتبشير والإنذار. وهذا القول غير صحيح فلا تكون السنة صحيحة إلا إذا كانت مطابقة للقرآن لأن الرسل لا يبشرون ولا ينذرون بما شاؤوا بل كلفهم الله تعالى وفرض عليهم التبشير والإنذار بشرائعه المنزلة عليهم. والأدلة كثيرة منها فاطر 24 ” إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ”  .

    وفصلت 2 – 4 ” تنزيل من الرحمان الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا ”  فالقرآن هو البشير والنذير لأن فيه الأحكام والقوانين التي تبشر من اتبعها برحمة الله والجنة وتنذر من خالفها وأعرض عنها بعذاب الله وجهنم ولهذا قال الله تعالى في إبراهيم 52 ” هذا بلاغ للناس ولينذروا به ”  وهو القرآن الكريم. والأعراف 2 ” كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ”  والأنعام 19 ” قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ”  .

    فليس للرسل حرية واختيار في الإنذار بما شاؤوا بل فرض عليهم الله تعالى التبشير والإنذار والدعوة بشرائعه السماوية. والقرآن هو الشريعة السماوية الناسخة لما سبقها والتي أمر الرسول محمد عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه بالإنذار والتبشير والدعوى بها. لهذا لا يجوز شرعا أن تكون السنة مخالفة للقرآن لأنها شارحة ومبينة له والدليل النحل  44 ” وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون ” . فلا يجوز شرعا ولا عقلا ولا منطقا أن يكون البيان والشرح مخالفين لما هو مبين ومشروح وهو القرآن الكريم.

    وأغلق هذين القوسين حول علاقة السنة بالقرآن واعتذر عن التطويل وأتابع البحث حول الإيمان بالقرآن وجزائه. فرض الله تعالى على كافة الناس بالكون بما فيهم النصارى و اليهود الإيمان بالقرآن والعمل بأحكامه في الدنيا قبل الموت ولا ينفع الندم بعد الموت والبعث لأن الحساب والجزاء يكون طبقا لأعمال الدنيا المسجلة في كتاب كل إنسان. والدليل غافر  85 ” فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ” والزمر 56 – 59 ” أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ”  .

    والمؤمنون 99 – 100 ” حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها و من ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ”  والأنعام 158 ” هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون ”  . و إبراهيم 44 – 45 ” وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ”  .

        فتدبروا أيها الناس هذه الآيات الحكيمة من الحكيم الخبير الله تعالى وانتهزوا فرصة الحياة الدنيا المؤقتة وامتحانها لتنجحوا فيه بعملكم المطابق للقرآن وإيمانكم الصادق قبل وصول أجل الموت والبعث للحساب والجزاء عند الله تعالى في أرض الجنة والنار بالسماوات. فإذا نظمت إدارة معينة مباراة لتوظيف ما تحتاج إليه من المرشحين المؤهلين وانتهت مدة الامتحان لا يجوز للمرشحين المتأخرين المشاركة فيها فتضيع لهم فرصة الحصول على الوظيفة التي ترشحوا لها. كذلك عندما يغطى الميت بالتراب في المقبرة بل عندما تخرج منه الروح تنتهي مشاركته في امتحان الدنيا ويختم ويقفل كتاب أعماله الذي يحاسب طبقا لما كتب فيه.

    فمن شروط الإيمان الصادق العمل بأحكام القرآن قولا وعملا سرا وعلانية في الدنيا قبل الموت وليس فقط الإيمان بالقول والاعتقاد والدليل عشرات الآيات التي أكد فيها الله تعالى على هذا الشرط حيث نصت آيات كثيرة على الإيمان والعمل الصالح والتقوى. فالإيمان بالقول والاعتقاد دون عمل صالح وتقوى أي دون الالتزام بأحكام القرآن والعمل بها لا يعفي صاحبه من عذاب الله تعالى ونار جهنم ولم كرر عبارة اشهد أن لا إله إلا الله ملايين المرات. والدليل الإسراء 19 ” و من أراد الآخرة وسعى لها سعيها و هو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا ”  ، والزخرف 72 ” وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ”  والأعراف 156 ” ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ” . فالجنة ورحمة الله تعالى لا ينالها من ادعى الإيمان بالقول والاعتقاد فقط ولكن ينالها المؤمن بالقول والاعتقاد الذي يعمل صالحا ويتقي أي يلتزم بالقرآن. فمن شروط الإيمان الصادق طاعة الله تعالى والقيام بالفرائض والابتعاد عن المحرمات المنصوص عليها في القرآن والدليل الأنعام 82 ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ”  ، فلا يكون الإنسان مهتديا ومؤمنا حقا ولا ينال رحمة الله وجنته إلا المؤمن الذي لا يخالف القرآن. فالظلم في هذه الآية هو كل مخالفة للقرآن لأن هدى الله الذي يهدي من اتبعه هو القرآن. ليس للمسلم حرية في اتخاذ السلوك الذي يراه ويهواه حسب شهواته ورغباته ومصالحه وما تمليه عليه نفسه بل المسلم ملزم باتباع السلوك الذي حدد الله تعالى قواعده ومبادئه وقوانينه في القرآن الكريم. و حقوق وحريات المسلم محددة في القرآن وملزمة للرسول وأولي الأمر وسائر المسلمين دون اعتبار للقومية أو الجنس أو اللون أو اللغة أما الكفار فإنهم يتبعون السلوك الذي يرغبون فيه وتهواه أنفسهم وشهواتهم وتحدده قوانينهم الوضعية دون اعتبار لشرع الله تبارك وتعالى. لهذا فمن شروط الإيمان الالتزام بمفهوم الحرية وحقوق الإنسان والعدل في القرآن ورفض كل القوانين الوضعية المخالفة للقرآن. وأبين أمثلة من الآيات الكريمة التي ربطت الإيمان بالعمل الصلاح والتقوى وجعلتهما شرطا للفوز في امتحان الدنيا وبرحمة الله عز و جل ومنها على سبيل المثال لا الحصر يونس 62 – 64 ” ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ”  ، وآل عمران 133 ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ”  ، والحشر 18 ” يا أيها الذين  آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغذ واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ”  ، والعنكبوت 7 ” والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم و لنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون ”  ، والطلاق 11 “ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ” ، وهود 23 ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات و أخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ”  ، والنحل 97 ” من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ”  ومحمد 12 ” إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ”  .

    فماذا يفيد الكفار والمنافقين والذين يدعون الإيمان قولا واعتقادا ولا يعملون بأحكام القرآن هل يفيدهم متاع الدنيا مهما كان كما وكيفا كلا إنهم حطب ووقود نار جهنم إذا لم يتوبوا توبة نصوحا بشرط أن تتجسد التوبة في الإيمان والعمل بأحكام القرآن قبل الشعور بأجل الموت لقوله تعالى في النساء 18 ” وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما ”  ، وهذه الآية دليل على عدم صحة الحديث الذي نسب كذبا للسنة النبوية وفيه ” من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ” . فميزان الأعمال هو الذي يدخل الجنة أو النار ولا يقبل الله التوبة إلا إذا تجسدت بالإيمان والعمل الصالح والتقوى قبل الموت. و قد وضع حديث آخر نسب للسنة كذبا و فيه ” قاربوا وسددوا واعلموا أنه لن ينجو أحد منكم بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ” . فهذا الحديث غير صحيح وقد فتح الباب أمام ارتكاب السيئات والذنوب والاكتفاء بالدعاء وطلب المغفرة ورحمة الله وفضله. و الدليل هو أن الله تعالى يحاسب ويجازي كل إنسان عن عمله فهي التي تدخله الجنة وتعطيه الحق في الجنة ورحمة الله وفضله إن كان الإنسان مؤمنا صالحا متقيا.

    فتدبروا إخواني الأعراف 156 ” و رحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون ”  وآل عمران 133 ” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين  ” والحديد 28 ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم ”  ، والسجدة 19 – 20 ” أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار ”  ، و الجاثية 30 ” فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين ”  ، و الأحقاف 13 – 14 ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون ”  والنمل 90 ” هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ”  ، ومريم 63 ” تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ”  والزخرف 72 ” وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون ”  المرسلات 41 – 43 ” إن المتقين في ظلال و عيون و فواكه مما يشتهون كلوا و اشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ”    الله تعالى أكد في هذه الآيات وفي تلك التي لم أذكرها بان رحمته وجنته لا ينالها أحد إلا بعمله الصالح والتقوى أي الالتزام بالقرآن قولا وعملا سرا وعلانية والإيمان الصادق. فلا يجوز نهائيا قبول الأحاديث الكاذبة المغرضة التي وضعها النصارى واليهود وفقهاء وعملاء الحكام لتحريف القرآن وتحقيق مصالحهم المادية والسياسية وغيرها وتبرير الظلم و الإستبداد.

    لقد ربط الله تعالى الإيمان بالعمل الصالح والتقوى و التقوى هي طاعة الله والخوف منه ويظهر ذلك بالالتزام بأحكام القرآن والآيات الدالة على ذلك المائدة 35 ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ”  والأنفال 2 – 4 ” إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ”  . ومن شروط الإيمان الجهاد في سبيل الله دفاعا عن القرآن بالمال والنفس حسب الاستطاعة الفكرية والصحية والمالية والدليل الحجرات 15 ” إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ”  والأنفال 74 ” والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم ”  .

    ومن شروط الإيمان العمل الحلال لكسب الطعام والحاجيات المشروعة والمساهمة في تنمية وتقوية دولة المسلمين حسب المؤهلات الممكنة، والاستطاعة الصحية، والدليل الجمعة 10 ” فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ”  ، والأنفال 60 ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة … ” هذا أمر وفرض من الله تعالى وكيف يمكن إعداد قوة الدفاع عن القرآن ودار الإسلام في مواجهة الكفار بدون عمل منتج وتقدم علمي وتقني واقتصادي وعسكري يقوم به كل من تتوفر فيه الأهلية. و أقول بأن إعداد القوة للدفاع فقط لأن الله تعالى حرم العدوان على الغير ولو الكفار المائدة 2 ” إن الله لا يحب المعتدين ”  وأحيلكم على البحث الذي نشرته في موقعي حول عدل الله تعالى ما يهم الأحكام الشرعية التي تفرض العمل الصالح.

    وأتابع بيان الآيات الدالة على أن من شروط الإيمان أن يتجسد بالعمل الصالح والتقوى أي الإلتزام بالقرآن قولا وعملا سرا وعلانية ومنها الحج 56 – 57 ” فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين ” و إبراهيم 23 ” وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام  ”  . والطلاق 11 ” ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا ”  والتوبة 112 ” التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين ”  .

    هذه الآية تؤكد أن الالتزام بحدود الله وهي أحكام القرآن شرط أساسي للإيمان فالذي يدعي الإيمان بالقول والصلاة وينتهك حدود الله تعالى أي يخالف أحكام القرآن ليس مؤمنا ولا بد له من عذاب الله في الدنيا والآخرة إذا لم يتب توبة صادقة ونهائية.

    ومن شروط الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الله أي التقوى وهي الالتزام بالقرآن والدليل التوبة 71 ” والمؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ” .فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معناه فرض تطبيق القرآن وهو منهج الله عز وجل الذي حدد فيه ما هو منكر أي فاسد وسيئ وما هو معروف أي صالح وحلال وحسنات. و هذا الواجب والفرض فرضه الله على الأمة الإسلامية التي تنتخب من يمارس هذه السلطة الإسلامية تحت مراقبتها. إن التقوى شرط للإيمان الصادق وتخول صاحبها أي المتقي أمن الله تعالى ورحمته وجنته والدليل الطلاق 2 – 3 ” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء  قدرا ”  والطلاق 4 – 5 ” ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ذلك أمر الله انزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ”  .

         و تقوى الله هي طاعته والالتزام بأحكام القرآن قولا وعملا سرا وعلانية وفصلت 30 – 32 ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا و أبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ” و الأحقاف 13 – 14 ” إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون ” والاستقامة في القرآن هي العمل الصالح والتقوى أي الالتزام بأحكام القرآن قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت.

    فالمسلم ليست له حرية اتخاذ السلوك الذي يرغب فيه حسب ما تمليه عليه نفسه وهواه وشهواته مثل الكفار بل المسلم ملزم باتباع سلوك إجباري مطلق حدد الله تعالى في القرآن قواعده وأحكامه ومبادئه وقوانينه المنظمة لكل جوانب حياة الإنسان الدينية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وهي صالحة لكل زمان ومكان. حرية المسلم وحقوقه محددة في القرآن بينما حريات وحقوق الكفار محددة حسب قوانينهم الوضعية وهواهم وشهواتهم ومخالفة للقرآن. فالمرأة المسلمة ليس من حقها التبرج وإظهار زينتها لغير المحارم وعندما تطبقا عليها السلطة الإسلامية حدود الله فليس هناك مس بحقوق الإنسان وليس من حق وحرية المسلم التعامل بالربا وشرب الخمر وصنعه وبيعه أبدا وليس للمسلم حرية في صوم رمضان أو عدم صومه بل هو ملزم بصومه إذا كان قادرا عليه صحيا. وهناك أمثلة كثيرة يكفي تدبر القرآن لمعرفة حقوق وحريات المسلم كما أرادها الله تعالى. ومن شروط الإيمان أن يكون صادقا وصلبا ودائما ولا يتأثر إيمان المسلم الحقيقي بالإغراءات والامتيازات كالرشوة والهدايا والأطماع والمصالح والتخويف والتهديد من الكفار وعملائهم لأن الله تعالى تكلف بحماية المؤمنين الصادقين المتقين. ومن الأدلة التوبة 18 ” إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة و آتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ”  وآل عمران 175  ” إنما ذالكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين ” . ومن شروط الإيمان الصادق أن يكون حب الله فوق كل مخلوق ولو الرسل والدليل البقرة 165  ” والذين آمنوا أشد حبا لله ” والتوبة 24  ” قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ” والمجادلة 22  ” لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه و يدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ” التوبة 23 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ”  والتوبة 113 ” ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ” والممتحنة 1  ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ” المائدة 51  ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ” فكل من لم يؤمن إيمانا صادقا بالقرآن وهو الحق الذي جاءنا من الله تعالى ولم يعمل بأحكامه عدو الله تعالى. وهل يحب الإنسان عدو حبيبه؟ المثال يقول عدو عدوي صديقي وصديق عدوي عدوي. فإذا كنت أيها الإنسان مؤمنا صادقا محبا لله هل تحب عدوه وعدوك وهم الكفار طبعا لا يقبل منك الله تعالى مودتك للكفار وتعاونك وتعارفك معهم وهذا يفسر الحجرات 13  ” يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ” فالكفار أعداء الله وليسوا متقين وقد قال الله تعالى في الحج 18  ” ومن يهن الله فما له من مكرم ” والكفار خصص لهم الله ما لم يتوبوا عذابا مهينا فلا يجوز إكرامهم ومودتهم ولا يجوز التعارف معهم ولا التعاون معهم امتثالا لأمر الله تعالى وتجسيدا لحبه.وهناك دليل أخر هو الحكم الشرعي المستنبط من الأنعام 54 ” وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم ” فلا سلم ولا تعاون ولا تعارف ولا مودة إلا مع المؤمنين بالقرآن والعاملين بأحكامه. والدليل أيضا الممتحنة 4 ” قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم و الذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم و مما تعبدون من دون الله كفرنا بكم و بدا بيننا و بينكم العداوة و البغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده . . . ”  و الممتحنة 6 ” لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الآخر و من يتول فإن الله هو الغني الحميد ” ولهذا سأتعرض لظاهرة النفاق في الإيمان بالقرآن وأعرف المنافق بأنه يظهر الإيمان بالقول وأحيانا بالصلاة الشكلية ولكنه يخفي في فكره وقلبه واعتقاده الكفر وتكون أعماله ولاسيما السرية مخالفة للقرآن والأدلة كثيرة منها:

    النساء 142 – 143  “إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ” والمائدة 41  ” يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم ” والمائدة 61 ” وإذا جاؤوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون ” والبقرة 8 – 10 ” ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ” العنكبوت 2 – 3 ” أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ” فاحذروا ابتلاء الله لكم أيها المؤمنون وامتحانه واختباره واثبتوا على الإيمان الصادق الصلب وحب الله الشديد المجسد بالعمل الصالح والتقوى حتى الموت. لا تغتروا بمن ادعى الإيمان قولا وتظاهر به ولكن أعماله مخالفة للقرآن. راقبوا أعمال الإنسان السرية والعلنية للتمييز بين المسلمين حقا وبين الكفار والمنافقين لهذا قال الله تعالى في سورة الصف 2-3 ” يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ” والبقرة 11 – 12 ” وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ” والبقرة 14 ” وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون ” والمنافقون 1 ” إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ” والعنكبوت 11 ” وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ” والنجم 32 ” فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ” ولكن المؤمنين يعلمون بعد الله أعمال الناس الظاهرة في الدنيا ويميزون بين المؤمن والكافر والدليل قوله تعالى في سورة التوبة 105 ” وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون و ستردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ” و التوبة 113 ” ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ” والحجرات 6 “يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ” فالمؤمنون الصادقون المتقون لهم أهلية تقييم أعمال الناس في الدنيا بعد الله تعالى و هناك دليل آخر الممتحنة 10 ” يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم و لا هم يحلون لهن ” . وقد خصص الله تعالى للمنافقين العذاب الشديد أكثر من الكفار إذا لم يتوبوا توبة صادقة نهائية قبل الموت، والدليل النساء 145 – 146 ” إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ” والنساء 140 ” إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا ” . لهذا أمر الله تعالى الرسول والمسلمين بمحاربة الكفار والمنافقين وطردهم من دار الإسلام لحماية النظام الإسلامي ودين الله تعالى الحق الإسلام والدليل الأنفال 39 ” وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ” النساء 144 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا ” الأنفال  73 ” و الذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض و فساد كبير ” . فلا يجوز أن تمارس أديان الكفار في دار الإسلام ولا يجوز أن تقام فيها كنائسهم و لا تجوز إ قامة الكفار فيها لحماية النظام الإسلامي من جرثومة الكفر و الفساد لقوله تعالى في آل عمران 85 ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ”  ، والتوبة 73 ” يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين و اغلظ عليهم ومأواهم جهنم و بئس المصير ” والأنعام 54 ” وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم ” هذه الآية أمر فيها الله تعالى المسلمين بالتعاون والسلم والمودة مع كل من اعتنق الإسلام حقا وبصدق. والحكم الشرعي المسكوت عنه فيها أن المسلمين ملزمون بعدم المودة وعدم التعاون والتعارف مع الكفار ولا تجوز إقامتهم في دار الإسلام فلا سلام ولا تعاون مع الكفار إلا إذا أسلموا حقا وبصدق. فالكفار لهم هدفان الأول تكفير المسلمين والثاني السيطرة على مواردهم وخيرات دار الإسلام والدليل كثير من الآيات منها النساء 89 ” ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء ” والأنفال 36 ” إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله ” . و لا يمكن الحفاظ على النظام الإسلامي في دار الإسلام إلا بمنع جرثومة الكفر من الوجود فيها وقد تخلف المسلمون وتدهور الوازع الديني الإسلامي لأسباب أهمها اختلاطهم بالكفار الذين استعمروا بلاد الإسلام. وللمزيد حول الحذر من الكفار والمنافقين أحيلكم على الفصل الثاني حول عدل الله تعالى المنشور في موقعي بالانترنيت وفي إطار تعميق البحث حول النفاق في الإيمان أبين على سبيل المثال لا الحصر بعض التصرفات والأفعال المخالفة للقرآن والتي تؤكد نفاق مرتكبيها. فمن لا يصلي الصلوات الخمس عمدا واستكبارا أو استهزاء بالقرآن لا إيمان له ولو ادعى قولا بوحدانية الله تعالى وقال لا إله إلا الله آلاف المرات والدليل أن الصلاة من فرائض الإسلام النساء 103 ” إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ” وغافر 60 ” إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ” . والصلاة جزء من عبادة الله عز و جل فمن لا يصلي عمدا رغم قدرته الصحية والعقلية ليس مسلما ولا مؤمنا لأنه عصى أمر الله تعالى والدليل الحج 78 ” فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير “و التوبة 11 ”  فإن تابـوا و أقاموا الصلاة و آتـوا الزكاة فإخوانكم في الدين و نفصـل الآيـات لقوم يعلمون ” و الحكم الشرعي المستنبط من هذه الآية أن الكافر لا يكون مؤمنا و مسلما إلا إذا تاب توبة صادقة و نهائية و تجسدت توبته في الإلتزام بالقرآن قولا و عملا سرا و علانية و لكن بشرط أداء الصلوات الخمس المفروضة و أداء الزكاة المستحقة في الأمـوال. لهذا فإن الصلاة و الزكاة من مظاهر و شروط الإيمان و الإسلام. والأعراف 36 ” والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” و الجاثية 8 – 10 ” يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزؤا أولئك لهم عذاب مهين من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم ” و الذاريات 56 ” وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ” والأعراف 35 – 36 ” يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” ويونس 7 – 8 ” إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون ” النازعات 37-41 ” فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ” ومن لم يؤد الزكاة المستحقة والواجبة في أمواله عمدا فقد استكبر عن آيات الله وعن عبادته وفسق عن أمره ولو كان يصلي والدليل سورة الليل 8 – 11 ” وأما من بخل واستغني وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى وما يغني عنه ماله إذا تردى ” والليل 14-18 ” فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ” . فأداء واجب الزكاة المستحقة من شروط الإيمان والتقوى والإفلات والنجاة من نار جهنم وعذاب الله تبارك وتعالى. و أذكر بسورة التوبة 11 السابقة الذكر فهي دليل على أن أداء الزكاة المستحقة في الأموال شرط من شروط الإيمان و الإسلام. فمن لا يؤدي الزكاة المستحقة في أمواله عمدا ليس مؤمنا. والنساء 37 ” الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله واعتدنا للكافرين عذابا مهينا ” والروم 38 ” فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون ” والنحل 90 ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ”   والتغابن 16 ” ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفحلون ” و الذاريات 19 ” وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ” . طبعا لا يجوز إعطاء الزكاة والصدقة للكفار لأنهم أعداء الله والمسلمين ولأنها تقويهم وتمكنهم من الاعتداء عليهم. ولا يقبل العقل والمنطق و الشرع إعطاء إنسان السلاح لعدوه ومن أكرم عمدا عدو الله تعالى فليس مؤمنا والدليل الأنفال 60 ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة …  ” الممتحنة 4 ” قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لاستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء ” والممتحنة 6 ” لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد ” والممتحنة 1 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ” . فلا يجوز إعطاء الصدقة والزكاة لمن كفر بالقرآن واستكبر عن عبادة الله ولو كان في أشد الحاجة إليها ومن فعل ذلك فلا أجر له عند الله بل يعد مرتكبا لإثم لأنه عصى الله بتكريم عدوه لقوله تعالى في الحج 18 ” ومن يهن الله فما له من مكرم ” .

    وجعل الله تعالى عدم تبذير السلع والأموال عمدا من شروط الإيمان بل اعتبر المبذرين عمدا في حكم الكفار والدليل الإسراء 26 – 27 ” وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا ” .

    وجعل الله تعالى عدم ظلم الناس وعدم أكل أموالهم بالباطل من شروط الإيمان والفوز بالجنة ورحمة الله في الدنيا و الآخرة والدليل النساء 29 – 30 ” يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا ” . فكل من آكل أموال الناس بالباطل ودون حق عمدا وعن علم لا إيمان له ومصيره نار جهنم إن لم يتب ولم يرد الأموال إلى أصحابها والنساء 93 ” ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ” إلا من تاب لله تعالى ورد الحقوق لأصحابها كما جاء في الفرقان 68 – 71 ” و الذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون و من يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا إلا من تاب و آمن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما و من تاب و عمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ” . ومن يتعامل بالربا لا إيمان له البقرة 275 – 276 ” الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا و أحل الله البيع و حرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف و أمره إلى الله و من عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يمحق الله الربا و يربي الصدقات و الله لا يحب كل كفار أثيم ” ومن شروط الإيمان الحكم بين الناس بالعدل والدليل النحل 90 ” إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ” والنساء 58 ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ” والشورى 15 ” وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم ” والمائدة 8 ” يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ” . وقد جعل الله تعالى عدم ارتكاب الظلم أي الالتزام بالقرآن شرطا من شروط الإيمان و الهداية والحصول على رحمة الله وأمنه وجنته والدليل آيات عديدة منها الأنعام 82 ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ” . ولا إيمان لمن يتعاطى الزنا بعد التوبة ولو صلى وحج وصام مئات السنين لأن الله تعالى حمى بالقرآن أعراض وأموال وأنفس الناس والدليل النور 2 ” الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ” إن جلد ورجم الزانيين والإشهاد عليهما شرط من شروط الإيمان طبقا لهذه الآية والتخلي عنه عمدا كفر والله تعالى أمر بالحكم بما في القرآن والدليل المائدة 48 ” فاحكم بينهم بما أنزل الله ” والمائدة 49 ” وأن احكم بينهم بما أنز ل الله ” والزمر 55 ” واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ” .

    لقد حرم الله تعالى الزنا واعتبره كفرا بعد التوبة والدليل النور 3 ” الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ” والفرقان 68 – 71 ” والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ” والإسراء 32 ” ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و ساء سبيلا ” .

    فتدبروا إخواني المحترمين هذه الآية فالزاني بعد التوبة خصص له الله تعالى العذاب والجلد في الدنيا ونار جهنم حتما في الآخرة. والتوبة التي يمحو بها الله السيئات والذنوب امتياز للتائب مرة واحدة في عمره وبشرط أن تتجسد في الإيمان الصادق والعمل الصالح والتقوى حتى الموت. فحافظوا أيها التائبون على شروط التوبة و ميثاقها فهي عقد وعهد بين التائب والله تعالى. وتذكر أخي المسلم و أختي المسلمة هذه الآيات كلما أرادت النفس الأمارة بالسوء والهوى أن تدفعك للزنا.

     الله تعالى أحل للإنسان  إشباع رغباته الجنسية متى شاء ولكن بناء على عقد زواج شرعي دائم لأن آثار العلاقة الزوجية المشروعة سارية المفعول حتى في الآخرة، لأن الله تعالى يجمع الزوج الصالح وزوجته الصالحة في الجنة. ولهذا فإني أصرح بناء على القرآن أن كل زواج مؤقت ومحدد بشروط مؤقتة ومخالفة للقرآن مثل ما يسمى زواج المسيار أو المتعة غير مشروع وهو غطاء للزنا وكفر لقد جاء في النساء 24 ” و لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ” و لكن لا يجوز شرعا التراضي بين الزوجين على ما يخالف شرع الله القرآن و منه دوام و استمرار العلاقة الزوجية في الدنيا و الآخرة لأن الزوجين كيان واحد كل طرف مكمل للآخر لقوله تعالى في البقرة 187 ” هن لباس لكم و أنتم لباس لهن ” و هذه العلاقة تستمر حتى في الآخرة والدليل الزخرف 68 – 70 ” يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ” و غافر 8 ” ربنا و أدخلهم جنات عدن التي وعدتهم و من صلح من آبائهم و أزواجهم و ذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم ” والرعد 23 ” جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم و ذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ” أما أهل النار فلا علاقة زوجية لهم في الآخرة لأنهم في عذاب جهنم خالدون و الدليل الزمر 15 ” قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة ” و الانشقاق 7-9 ” فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساب يسيرا و ينقلب إلى أهله مسرورا ” فالمستحق للجنة هو الذي يتمتع بالعلاقة الزوجية دون أهل النار.

    وفي ما يلي أوضح مسألة حرية الإنسان في الإيمان أو الكفر التي ضمنها القرآن وأكدها فالإنسان مخير بإرادته بين التصديق بالقرآن والعمل بأحكامه وبين عدم التصديق به والإعراض عنه وكل موقف من القرآن له جزاؤه إما الجنة ورحمة الله تعالى في الدنيا و الآخرة و إما عذاب الله تعالى ونار جهنم. وكل إنسان مسؤول عن عمله أمام السلطة الإسلامية الشرعية وأمام الله تبارك وتعالى. لكن الذين فضلوا الكفر لا حق لهم في الإقامة في دار الإسلام بل يطردون منها حتما إن لم يتوبوا توبة نصوحا صادقة ونهائية لأن مقتضيات النظام الإسلام والقرآن تحرم وجود الكفار وأديانهم ومؤسساتهم وكنائسهم في دار الإسلام. و قد حرم الله تعالى ولايتهم على المسلمين و لا داعي لتكرار الأدلة الشرعية المؤكدة لهذه الحقيقة فقد بينتها سابقا وليس في طرد الكفار من دار الإسلام أي مس بحقوقهم وحرياتهم أو اعتداء عليهم لأن هذا أمر من الله تعالى حدده في القرآن. وأذكركم بسورة المائدة 33 – 34 ” إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ” فالإيمان صلاح والكفر فساد ولا يمكن أن يجتمع الإيمان والكفر والصلاح والفساد والمؤمنون والكفار في دار الإسلام. فاحفظوا أيها المسلمون دار الإسلام والمجتمع والنظام الإسلامي من جراثيم الكفر لكي لا تخربه وتنهكه وتستولي عليه.

    والأدلة الشرعية على حرية الإنسان في الإيمان أو الكفر وعمله ما يلي: فاطر 39 ” هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا ” وفصلت 40 ” إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير ” والتغابن 2 ” هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير ” والكهف 29 ” فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليفكر ” المدثر 38 ” كل نفس بما كسبت رهينة ” أي كل إنسان مسؤول عن عمله يحاسب ويجازى عليه. وتؤيد هذه الآية وتؤكدها الطور 21 ”   كل امرئ بما كسب رهين ” والزمر 7 ”   إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضاه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور ” ويونس 108 ” قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ” . هذه الحرية الإنسانية في الهداية والضلالة والكفر و الإيمان أكدها الله تعالى في عدة آيات منها الزمر 56-59 “أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ” هذه الآية أكدت الحكم الشرعي للآيات السابقة الإنسان هو الذي يقرر الإيمان والكفر و اتباع القرآن أو الإعراض عنه والله تعالى يجازيه عن عمله الروم 44 ” من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ” والقصص 50 ” فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ” هدى الله في الآية هو القرآن فمن اتبع هواه ولم يتبع القرآن فإنه في ضلالة. لهذا قال الله تعالى في الزمر 41 ” إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ” . فالمهتدي هو الذي آمن بهدى الله وهو القرآن وعمل بأحكامه فقد اهتدى بهداية الله تعالى وهي القرآن. ولكن الذي لم يؤمن ولم يعمل بالقرآن فلا يهتدي بهداية الله وهي القرآن لهذا قال الله تعالى في النحل 104 ” إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب اليم ” والنحل 107 ” وأن الله لا يهدي القوم الكافرين ” . ولهذا فإن هذه الآيات تفسر المعنى الحقيقي لسورة الأنعام 39 وما يماثلها وفيها ” والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ” . هذه الآية لا تنفي حرية الإنسان في عمله بل تؤكد الجزاء عن العمل فالله تعالى عادل ولا يظلم مثقال ذرة ولا يشاء إلا الحق فمن آمن وعمل بأحكام القرآن يجعله على صراط مستقيم وهداية إلى رحمة الله وجنته ومن كفر وأعرض عن القرآن وهو هداية الله جعله في صراط جهنم و عذاب الله وهي الضلالة والخسارة وتؤكد ذلك البقرة 38 – 39 ” فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” الأنعام 130 ” يا معشر الجن والأنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين ” . هذا دليل على حرية الإنسان في الإيمان أو الكفر والله يجازي الإنسان عن الكفر و الإيمان والدليل فصلت 46 ” من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد ” . والقرآن هو الذي حدد فيه الله تعالى ما هو صالح وحسنات وما هو فاسد وسيئات والله تبارك وتعالى لا يقدر على إنسان ظلم الناس والكفر والفجور والإجرام ثم يحاسبه ويعاقبه عليه. فمن قال بأن الظلم والكفر وكل المصائب من قضاء الله وقدره كذب على الله تعالى وأنكر عنه صفة العدل المطلق التي يتصف بها فليس كل ما قع وحدث من قضاء الله وقدره بل الإنسان مخير في عمله وسلوكه واختباره بين الكفر والإيمان والحسنات والسيئات. وقدر الله يكون عقابا أو ابتلاء أو إحسانا للمتقين وليس ظلما.

    الله تعالى بين للإنسان الهدى وهي الشرائع السماوية وناسخها القرآن وترك له حرية الاختيار بين اتباعها أو عدم اتباعها والدليل النازعات 37 – 41  ” فآما من طغى و آثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى ” والشمس 7 – 10 ” ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ” و الإنسان 2 – 3 ” إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ” والبلد 10 ” وهديناه النجدين ” الله تعالى بين للإنسان طريق الخير وطريق الشر ما هو حسنات وما هو سيئات والعمل الذي يؤدي إلى الفوز بالجنة و العمل الذي يؤدي إلى الخسارة وجهنم وعذاب الله تعالى.

    والله تبارك وتعالى قادر حقا على جعل كل الناس مؤمنين متقين ولكنه قرر وأكد أنه ترك الحرية للإنسان في الاختبار بين الكفر والإيمان و الدليل السجدة 13 ” ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ” ويونس 99  ” ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا ” وهود 118-119 ” ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين ” . هذه الأحكام الشرعية سنة الله وقوانينه في الكون لقوله تعالى في فاطر 43 ” فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ” . لهذا فإن الله تعالى قرر حرية الإنسان في عمله ومحاسبته عنه في إطار استخلافه في أرض الدنيا وامتحانه وابتلائه واختباره بمادة القرآن وقبلها الشرائع السماوية الأخرى لاختيار من يصعد به الملائكة لأرض الجنة والحياة الدائمة فيها وفي سعادتها مع الله تعالى في السماوات.

    فتدبروا القرآن أيها الناس وافهموا قوانينه وأحكامه ليكون قولكم وعملكم سرا وعلانية مطابقين لها وإلا فإنكم تخسرون وترسبون في امتحان الله تعالى وابتلائه لكم وتكونون حطبا لنار جهنم وتنالون عذاب الله تعالى في الدنيا أيضا.

    وفيما يلي أفتح قوسين عن الشفاعة لعلاقة ذلك بمسؤولية الإنسان عن عمله وعدل الله تبارك وتعالى في الجزاء عن أعمال الناس. وسأبين الأدلة الشرعية على أن الرسل البشرية باستثناء الملائكة ليست لهم شفاعة نهائيا في الدنيا و الآخرة فالشفاعة تعني إعفاء المجرم من عقاب وعذاب الله تعالى. والرسول محمد بن عبد الله وكل الرسل عليهم صلاة الله وسلامه لا يمكنهم الشفاعة عند الله تعالى ولا يمكنهم إعفاء أي إنسان من  عذاب الله ولا يمكنهم إدخال من شاؤوا إلى الجنة .

    ورغم كل أحكام القرآن الشرعية المؤكدة لبعضها البعض هناك من تجاهلها عن قصد للطعن في الإسلام وتحريف القرآن ورفع مسؤولية الإنسان عن عمله كأن يقولوا أن الإنسان مجبر وخاضع في عمله لقدر الله وقضائه وهذا غير صحيح كما بينت الأدلة على ذلك وقد فتحوا الباب لارتكاب السيئات والذنوب استجابة لرغبات النصارى واليهود وعملائهم من الحكام لتبرير استبدادهم وكفرهم وفسقهم وإعراضهم عن القرآن وذلك بالكذب على الرسول حيث نسبوا له أقوالا و أفعالا في السنة النبوية كذبا لتضليل الناس وتحريف القرآن ومنها ما يهم الموضوع حيث قالوا أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال ” من قال عندما يؤذن المؤذن اللهم آت سيدنا محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته كنت شفيعا له يوم القيامة ” . وسأعطي الأدلة الشرعية على أن هذا الحديث المزعوم غير صحيح وأهمية ذلك أن أشعر الناس بأنهم مسؤولون عن أعمالهم وأقوالهم وتفكيرهم واعتقادهم أمام الله تعالى وسينالون الجزاء عنها من الله تعالى ولن يشفع الرسول لأحد أبدا ولو كرر هذا الدعاء المذكور بعد الأذان للصلاة ملايين مرة.

    وفيما يلي أحدد الأدلة الشرعية على عدم صحة الحديث المذكور وأن الإنسان لا يشفع له عند الله إلا عمله الذي عمله في الدنيا وهي التالية:

    1/. الرسل عباد الله تعالى مثل كافة الناس وكل رسول ملزم بشرع الله المنزل عليه والمكلف بتبليغه مثل الناس ولا يشاركون الله تعالى في قضائه وقدره وتصرفه في الكون لأنهم من مخلوقات الله وملك له مثل كافة الناس. ولهذا قال الله تعالى على لسان رسوله نوح عليه الصلاة والسلام في هود 31 ” ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين ” . وقال الله تعالى لرسوله محمد بن عبد الله عليه صلاة الله وسلامه في الأنعام 15 – 17 ” قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير ” وقال له في يونس 49 ” قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله ” فالرسل لهم كتب أعمالهم ومسؤولون عن أعمالهم أمام الله تعالى مثل كل الناس والدليل الأعراف 6 ” فلنسألن الذين أرسل إليهم و لنسألن المرسلين ” . و المؤمنون 51 ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ” والنمل 10 -11 ” يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم ” .

    فالرسل في حاجة إلى مغفرة الله وشفاعته ولا تجوز لهم الشفاعة لأحد أبدا والدليل التحريم 8 ” يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم و يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ” .

    فتدبروا إخواني المحترمين هذه الآية وغيرها فالرسل في حاجة إلى شفاعة الله ورحمته وفضله ولا حق لهم نهائيا في إعفاء المجرمين من عقاب الله تعالى.

    و عمل كل إنسان ولو الرسل والأنبياء هو الذي يشفع له عند الله يوم الحساب فينال رحمته أو عذابه والله تعالى هو الذي يغفر الذنوب ويقبل التوبة عن عباده إذا تحققت شروطها المحددة في القرآن. والرسل ليست لهم سلطة المغفرة أبدا والدليل ما قاله الله تعالى لرسوله محمد بن عبد الله في سورة التوبة 80 ” استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ” آل عمران 128  ” ليس لك من الأمر شيء أو يثوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ” والزمر 44 ” قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون ” . الله تعالى قال لرسوله محمد بن عبد الله بان الشفاعة لله وحده وليست لأحد أبدا، فكيف يكذب أعداء الإسلام على الرسول ويدعون أن له حق الشفاعة يوم القيامة هذا الكذب تضليل للناس وشرك بالله تعالى.

    فتدبروا إخواني الأنعام 70 ” وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون ” البقرة 254 ” يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه و لا خلة و لا شفاعة و الكافرون هم الظالمون ” فعمل الإنسان  هو الذي يستحق به شفاعة الله تعالى إن كان مؤمنا صالحا متقيا حتى الموت.

    الله تعالى هو وحده عالم الغيب والشهادة ويعلم ما تسر وتعلن كل نفس والأدلة كثيرة منها البقرة 284 ” وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله  ” وهو الذي يعلم ما سجل في كتب أعمال الناس ومنهم الرسل لقوله تعالى في الأنعام 52 ” ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ”   ولقمان 33 ” يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ” .

    فهذا أمر الله موجه لكافة الناس ومنهم الرسول أكده له الله تعالى أنه لا يمكنه الشفاعة لأحد ولو لأبنائه والدليل أيضا الانفطار 17 – 19 ” وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ” أليس الرسول محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام نفسا بشرية مثل كافة الناس فلا يملك  الشفاعة أبدا ولو لنفسه والنحل 111 ” يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون ”   وأكد الله تعالى صراحة لرسوله بأنه لا شفاعة له في الزمر 19 ” أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار ”   الرسول في حاجة إلى شفاعة الله التوبة 117 ” لقد تاب الله على النبي و المهاجرين و الأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم ” والطور 7 – 8 ” إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع ” والسجدة 4 ” الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ”   ويوسف 110 ” ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ”   والأنعام 147 ” فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ” والأنعام 51 ” وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون ” والبقرة 123 ” واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرن ” وغافر 18 ” وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ” وسبأ 42 ” فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون ” والرعد 18  ” للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم و بئس المهاد ” فعمل الإنسان الصالح وتقواه في الدنيا هو الذي يخوله شفاعة الله تعالى وجنته والدليل الأنفال 29 ” يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا و يكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذوا الفضل العظيم ” . فشفاعة الله تعالى وتوبته لا يستحقها إلا المؤمنون الصالحون المتقون حتى الموت فالذين قالوا بشفاعة الرسول وأهل البيت أشركوا بالله تعالى وأفرغوا القرآن من محتواه وهذا من عوامل تخلف المسلمين. والإنسان يكون شريفا بعمله المطابق للقرآن وليس بنسبه ولو كان ابن رسول الله تعالى والرسول اكتسب شرفه بالتقوى و ليس بنسبه والشريف عند الله هو المتقي لقوله تعالى في الحجرات 13 ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” ولم يقل أحسنكم نسبا لأن كل إنسان يحاسبه الله عن عمله وحده.

    2/. مهمة الرسل تبليغ شرع الله والدعوة إليه في الدنيا والشهادة في الآخرة أمام الله تعالى والناس على تبليغ شرع الله وهم حجة الله على الناس وكذلك الشرائع المنزلة الأحزاب 45 – 46 ” يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا و داعيا إلى الله بإذنه و سراجا منيرا ” ، المزمل 15 ” إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ” الفتح 8 ” إنا أرسلناك شاهدا و مبشرا و نذيرا ” النساء 165 ” رسلا مبشرين و منذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل و كان الله عزيزا حكيما ” الأنعام 83 ” و تلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ” النساء 159 ” و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا ” و يتعلق الأمر برسول الله عيسى ابن مريم عليه السلام الذي يشهد على أهل الكتاب بتبليغهم شريعة الله الإنجيل. الحج 78 ” و في هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم و تكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و اعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى و نعم النصير ” . فالرسول محمد عليه الصلاة و السلام يشهد أمام الله عن تبليغ القرآن للناس و الأمة الإسلامية تشهد بتبليغه و تفسيره لهم بعده. ليس للرسل مهمة مراقبة أعمال الناس لأنهم ماتوا وأحياهم الله تعالى ورفعهم الملائكة إليه ولا يعلمون الغيب فمهمة الرسل التبشير للناس لا يمكنهم شهادة الزور لأنهم لا يعلمون ما في كتب أعمال الناس والأدلة كثيرة منها الأنعام 48 – 49 ” وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون ” .

          لم يكلف الله تبارك وتعالى الرسل البشرية بمراقبة الناس لهذا فهم يجهلون أعمالهم. وفاطر 23 – 24 ” إن أنت إلا نذير إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ” والكهف 56 ” وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ” والفرقان 56 ” وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا ” والمائدة 99 ” ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ” .

         كلف الله تعالى رسوله فقط بتبليغ القرآن والإنذار والتبشير والدعوة بالقرآن دون سواه ودون زيادة و نقصان في شرع الله تعالى والدليل فصلت 2 – 4 ” تنزيل من الرحمان الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ” إبراهيم 52 ” هذا بلاغ للناس و لينذروا به ” ومريم 97 ” فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدنا ” فليس للرسول حق في مراقبة أعمال الناس وتقييمها يوم الحساب وليست له سلطة تشريع ما يخالف شرع الله القرآن في سنته ومن قال بذلك كفر بالله وجعل الرسول إلها شريكا لله تعالى الذي لا إله إلا هو له الملك وله الحمد. ومن الأدلة أيضا يس 11 ” إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمان بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم ” والذكر هو القرآن في هذه الآية. الرسل ينذرون ويبشرون بشرع الله دون سواه والدليل الحاقة 43 – 47 ” تنزيل من رب العالمين و لو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين ” . هذا التحذير وجهه الله تعالى لرسوله محمد بن عبد الله لكي لا يغير القرآن و المؤمنون 51 ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ” هذا دليل على مسؤولية الرسل على أعمالهم أمام الله تعالى.

    فلا يوجد حسب علمي آية تعارض الآيات التي بينتها والتي أكدت بأن الشفاعة لله وحده دون الرسل البشرية فلماذا المغرضون وفقهاء الحكام والنصارى واليهود يكذبون على الرسول وعلى الله تعالى. فالرسول ملزم بعدم مخالفة القرآن ومن الأدلة يونس 15 ” وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن اتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيب ربي عذاب يوم عظيم ” الإسراء 74 – 75 ” ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا ” ، فليس في القرآن أي سند شرعي يعطي للرسول الشفاعة يوم القيامة لمن شاء ومن ادعى شفاعة الرسول وأهل البيت وبركتهم أشرك بالله مثلما أشرك المسيحيون بالله حيث اتخذوا عيسى بن مريم ربا وادعوا المغفرة لكنائسهم والدليل المائدة 17 ” لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح بن مريم و أمه ومن في الأرض جميعا ” وآل عمران 144 ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ” .هذه الآية حدد فيها الله تعالى مهمة محمد بن عبد الله وهي أنه رسول مثل الرسل السابقين ومهمة الرسول كما يدل عليها اسمه تبليغ رسالة لم يقل الله إنه سيكون شفيعا للناس وآل عمران 80 ” ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ” .

    وقد بين الله تعالى أمثلة رفض فيها شفاعة رسله لأقاربهم لأن شفاعة الله يمنحها للمتقين الصالحين بأعمالهم والدليل التحريم 10 ” ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ” هذه الآية أكدت صراحة أن الله لم يقبل شفاعة رسوليه نوح ولوط عن زوجتيهما فأدخلهما نار جهنم جزاء لهما عن أعمالهما. و لم تنفع شفاعة رسول الله نوح عن ابنه والدليل هود 45 – 47 ” و نادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين قال رب إني أعوذ بك أن أسالك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ” . ولم يعف الله تعالى عن والد رسوله إبراهيم من النار بسبب كفره وكذلك لم يعف عن عم رسوله محمد عليه وعلى كل الرسل  صلاة الله وسلامه من النار والدليل المسد 1 – 5 ” تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب و امرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ” .

    3 هناك أحكام شرعية تؤكد بان الله خصص الجزاء للناس عن أعمالهم ولا مجال لشفاعة الرسل البشرية.

    أكد الله تعالى في القرآن أنه يجازي الناس عن أعمالهم بالجنة أو النار و بالرحمة أو العذاب بعدل دون شفاعة الرسول والأدلة كثيرة منها: الجاثية 22 ” وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ” والتحريم 7 ” يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون ” ويونس 52 ” ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون ” والأنعام 82 ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ” وسبأ 33  ” وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ” وإبراهيم 51 ” ليجزي الله كل نفس ما كسبت إن الله سريع الحساب ” الكهف 49  ” ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ” والنساء 123 – 124 ” من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ” والأنبياء 47 ” ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل آتينا بها وكفى بنا حاسبين ” والقصص 84 ” من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون ” القارعة 6 – 11 ” فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ما هيه نار حامية ” والزلزلة 7 – 8 ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ” والأعراف 8 – 9 ” والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون ” والمؤمنون 101 – 104 ” فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ” . وأكد لنا الله تعالى بان الإنسان يحاسب وينال الجزاء حسب أعماله دون تدخل الرسل الذين يشهدون فقط على تبليغ شرائع الله التي كلفوا بها للناس والدليل الشعراء 96 – 102 ” قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين ” والأعراف 53 ” هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون ” وفاطر 37 ” وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ” . تدبروا إخواني المحترمين هذه الآيات. ليس للرسل شفاعة أبدا ولو لأهلهم فهل نصدق الحديث الذي نسب كذبا للسنة النبوية ويدعي شفاعة الرسول لمن صلى عليه ودعا له بالمنزلة الحسنة. فمنزلة الرسول في الآخرة حددها الله تعالى حسب أعماله. ولا يمكن للرسول الشفاعة لأحد ولو لنفسه كل من صدق بالأحاديث المخالفة للقرآن عن قصد وعلم أشرك بالله تعالى.

    4/. الشفاعة لله وحده

    قد يأذن بها للملائكة بشروط الله تعالى هو الذي يقبل التوبة عن عباده ويشفع لهم مقابل أعمالهم المستحقة لشفاعته وهي الأعمال الصالحة المطابقة لشرع الله عز و جل. الله تعالى يراقب أعمال الناس السرية والعلنية ويعلم ما في أفكارهم واعتقادهم والدليل الزمر 44 ” قل لله الشفاعة جميعا له ملك السماوات والأرض ثم إليه ترجعون ” و الجاثية 28 – 29 ” وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ” والزخرف 80 ” أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا  لديهم يكتبون ” وق 16 – 18 ” ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ” والانفطار 10 -12 ” وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ” . هذه الآيات تؤكد أن الله تعالى يراقب باستمرار كل أعمال الناس مباشرة وكلف الملائكة هم أيضا بهذه المراقبة تحت إشرافه، لهذا قد يأذن الله عز و جل للملائكة بالشفاعة عن أعمال الناس بشرط أن تكون شفاعتهم صادقة وشهادتهم عن أعمال الناس مطابقة للحقيقة التي يعلمها الله والأدلة ما يلي: الأنعام 3 ” وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون ” وسبأ 3 ” عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ” ويونس 61 ” وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ” .

    الملائكة لا يعلمون مثل الله تعالى ما تسر وتكتم كل نفس لهذا فإن شفاعتهم تتوقف على إذن الله تعالى والدليل الأنبياء 26 – 28 ” وقالوا اتخذ الرحمان ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ” والنبأ 38 ” ويوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمان وقال صوابا ” والبقرة 255 ” من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ” ويونس 3 ” ما من شفيع إلا من بعد إذنه ” فالإذن بالشفاعة خاص بالملائكة وليس الرسل و الأنبياء أو غيرهم.

    والشرط الثاني لشفاعة الملائكة أن تكون صحيحة وصادقة ومبنية على أعمال المشفوع له والدليل النساء 85 ” من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا ” الله تعالى هو الذي له شهادة حقيقية كاملة وصادقة عن أعمال الناس ولا يظلم أحدا أبدا في الحساب والجزاء.

          فتدبروا إخواني الباحثين والدعاة المحترمين هذه الآيات في القرآن إن الرسل لا يستطيعون الشفاعة ولو لأهلهم وأنفسهم، فكيف يدعي المغرضون أن شفاعة الرسول وأهل البيت تعفي من عذاب الله ونار جهنم وتدخل الجنة، هذا الادعاء كفر وشرك بالله تعالى ومس خطير بصفة العدل المطلق التي هي من صفات الله تعالى. هذا الإدعاء الكاذب تقليد للنصارى واليهود الذين وضعوا مؤسسات مغفرة الذنوب والسيئات مقابل الأموال. فلا تقبلوا الأحاديث المنسوبة للسنة النبوية إلا إذا كانت مطابقة للقرآن. الله تعالى حرم الكذب عليه لقوله تعالى في سورة الأعراف 33 ” قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ” .

    لقد بينت الأحكام الشرعية التي أكدت أن الإنسان مخير بين الكفر والإيمان وله حرية التصرف وفعل ما يريد، ولكنه مسؤول عن عمله أمام السلطة الإسلامية الشرعية في دار الإسلام وأمام الله تعالى أينما كان في الكون، والله تعالى قادر على أن يتدخل في سلوك الإنسان ولكنه لا يظلم أبدا.

    الله تعالى يتدخل في جسم الإنسان وعمله على سبيل العقاب والابتلاء و الإحسان للمتقين الصالحين الصادقين والدليل الليل 5-11 ” فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى و ما يغني عنه ماله إذا تردى ” والروم 36 ” وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون ” وآل عمران 165 ” أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير ” .

    إن الله تعالى لا يقدر على إنسان ارتكاب الشر والسيئات والذنوب وظلم الناس ثم يعاقبه على فعله فمن قال بهذا كذب على الله وطعن في عدله المطلق يونس 44  ” إن الله لا يظلم الناس ولكن الناس أنفسهم يظلمون ” والنساء 40 ” إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ”   ق 29 ” ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ” . فالإنسان ليس مجبرا في عمله بقضاء الله وقدره إلا في حالة العقاب والابتلاء والإحسان من الله تعالى للمتقين فالقدريون أفرغوا القرآن من محتواه وبرروا الظلم و الإستبداد والطغيان وارتكاب السيئات بدعوى أنها قدر من الله تعالى وهذا غير صحيح فالإنسان مخير في عمله و مسؤول عنه.

    وأدلي بآيات كثيرة وأعتذر عن التطويل ومنها الشورى 30 ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ” والشورى 48 ” وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور ” والقصص47 ” ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين ” والنساء 79 ” ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا ” .

    وظلم الناس لبعضهم البعض ليس مصيبة وليس قدرا من الله تعالى بل تصرف من الظالم يعاقبه عليه الله عز و جل والدليل العنكبوت 10 ” ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ” . ولكن قد تكون المصيبة ابتلاء من الله تعالى لقوله في آل عمران 166 – 167 ” وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا ” والروم 41 ” ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ” والسجدة 21 ” و لنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ” والأعراف 94 ” وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ” . فالإنسان بخلاف حالة العقاب والابتلاء والإحسان للمتقين من الله مخير في عمله و مسؤول عنه.

    وهذه الأحكام الشرعية تفسر التوبة 51 ” قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ” . هذه الآية لا تعني أن كل ما يصيب الإنسان من خير أو شر وكل ما يعمله الإنسان من خير أو شر من قدر الله وقضائه. و معنى ذلك أن الله تعالى يعلم علما مسبقا ما سوف يقع لكل إنسان وكل ما يصيب الإنسان يكتبه الله تعالى في الكتاب في إطار مراقبة الناس والحساب يوم القيامة والجزاء عن الأعمال. و إذا أراد الله تعالى فإنه يحمي المؤمنين الصالحين المتقين من المصائب التي يعلم أنها سوف تصيبهم بسبب ظلم آخرين لأنه عالم الغيب وعلى كل شيء قدير. فلما علم الله تعالى أن جيش الكفار سوف يهجم على جيش المسلمين أثناء صلاة العصر أنزل على الرسول آية النساء 102 ومنها ” فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ” إلى آخر الآية  ليأخذوا حذرهم في الصلاة احتياطا من العدو.

    و مثال آخر أن الله تعالى حدد أجل موت كل إنسان لقوله في آل عمران 145 ” وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ” ولكن مصيبة القتل قبل أجل الموت المحدد من اختيار الإنسان وعمله ولا يقدرها الله تعالى. و الدليل الأنعام 151 ” ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ” والإسراء 33 ” ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ” . فلا يجوز شرعا أن يقتل طفل أمه ويدعي أن هذا القتل من قدر الله وقضائه. ولهذا قال الله تعالى النساء 102 ” وخذوا حذركم ” والبقرة 195 ” ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ” . فمن قال بأن الظلم والمصائب كلها من قدر الله كذب على الله وهو يبرر استبداد الحكام والأقوياء والكفار بل إن الأمة الإسلامية فرض عليها الله تطبيق القرآن في دار الإسلام والقضاء على الظلم فيها.

    وأختم هذه النقطة حول حرية الإنسان في عمله والاختيار بين الإيمان والكفر بالقرآن بتحديد مسألة مهمة وأساسية وهي أن المسلمين ملزمون بالعمل طبقا لما شرع لهم الله تبارك وتعالى في القرآن. فحقوق وحريات المسلم حددها القرآن ولا يجوز شرعا تجاوزها أبدا والمسلم إذا كفر بعد التوبة لا حق له في الإقامة في دار الإسلام بل يطرد بقوة القرآن. فالإنسان له حرية الإيمان أو الكفر ولكن إذا اعتنق الإسلام فهو ملزم بسلوك القرآن وأخلاقه وأحكامه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية وقوانينه وقد بينت الأحكام الشرعية الدالة على هذه الحقيقة.

           والإيمان لا يكون بالقول و الاعتقاد فقط بل لا بد أن يتجسد في الدنيا بالعمل الصالح والتقوى أي الالتزام بالقرآن قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت ليفوز المؤمن الصالح المتقي برحمة الله ورضاه وآمنه ورؤيته والحياة الخالدة الأبدية مع الله في الجنة. فاحذروا أيها المسلمون نفاق الكفار والمنافقين وأقوالهم إنهم يسعون لتكفيركم والقضاء على الإسلام و الاستيلاء والسيطرة على مواردكم وخيراتكم واستعبادكم.

    ب. الكــفر وجـــزاؤه:

    الكفر هو ضد التصديق والإيمان. فالإيمان إقرار و اعتراف وتصديق والكفر إنكار وتكذيب وإلحاد وتجاهل. الكافر هو من أنكر وجود الله تعالى ورسله وكتبه وملائكته وكذب باليوم الآخر والبعث للحساب والجزاء أمام الله عز و جل عن أعمال الدنيا. وحتى ولو اعترف الإنسان بالله فإذا لم يؤمن برسوله محمد بن عبد الله عليه وعلى كل الرسل صلاة الله وسلامه ولم يؤمن بأن القرآن شرع الله الحق ولم يعمل بأحكامه فإنه كافر وحتى لو حصل له الإيمان بالله وبالقرآن فإذا لم يتجسد إيمانه فعلا في التزامه بالقرآن قولا وعملا سرا وعلانية فإنه كافر أو منافق والمنافق مع الكفار في النار والدليل النساء 145-146 ” إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما ” . والأدلة عن الأحكام الشرعية المتعلقة بالكفر وجزائه منها ما يلي: فصلت 27 – 28 ” فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا و لنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون ” والأنفال 60 ”   وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون ” والنساء 45 ” والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا ” وسورة محمد1-3 “الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ” والممتحنة1 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق ” وهو القرآن الكريم.

    هذه الأحكام الشرعية أكدت صراحة بأن الشرط الأساسي للإيمان هو الإيمان بالقرآن فمن كفر بالقرآن كافر ومصيره عذاب الله ونار جهنم ولو آمن بالله والكتب السابقة لهذا منع وحرم الله ولاية الكافر على المسلمين ولو كان الأب والأم والدليل التوبة 23 – 24 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ” والمائدة 51 ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ” .

          كل الذين يدعون اعتناق المسيحية واليهودية وغيرها كالبوذية والهندوسية كفار لأنهم تابعون لأديان وضعية غير سماوية أسسها ووضعها الكفار تحريفا للتوراة والإنجيل واستنادا إلى فلسفتهم وهواهم وشهواتهم وشياطينهم لتحقيق أغراض سياسية واقتصادية ولمعاداة دين الله الحق الإسلام وشريعته القرآن. الكفار يعبدون شهواتهم وهواهم و المال وزينة الحياة الدنيا ومتاعها بكل الطرق والوسائل ولو كانت مخالفة لشرع الله. أما المسلم فإنه يعمل لمتاع الدنيا وكسب طعامه وحاجياته بالحلال وهذا فرض من فرائض الإسلام ولكن في إطار الالتزام بالقرآن والتقوى للفوز بمتاع الآخرة وهو الدائم والأحسن.

    ومن أحكام الكفر وجزائه الجاثية 8-10 ” يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزؤا أولئك لهم عذاب مهين من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم ” والجانية 35 ” ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزؤا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون ” ومحمد 12 ” والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم ” والتغابن 10 ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها و بئس المصير ” وآل عمران 10 ” إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار ” والمائدة 10 ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ” والمائدة 86 ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ” والبقرة 39 ” والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” والمقصود من كلمة آياتنا في هذه النصوص هو القرآن الكريم.

    إن الكفار الذين لم يؤمنوا بالقرآن ولم يعملوا بأحكامه خصص لهم الله تعالى عذابه ونار جهنم إذا لم يتوبوا والدليل عدة آيات منها النساء 56 ” إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ” وآل عمران 116 ” إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” .

    ويدخل في حكم الكفار وجزائهم المستهزئون بالقرآن والمستكبرون عن عبادة الله تبارك وتعالى والفاسقون والظالمون وهم العاصون الله والمخالفون للقرآن والمنافقون والمشركون فكلهم أعداء الله تعالى ولهم مصير واحد عذاب الله ونار جهنم خالدين فيها والدليل الأنعام 49 ” والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون ” والسجدة 22 ” ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ” وغافر 52 ” يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ” وغافر 60 ” إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ” وهود 113 “ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون ” . فالظالمون هم المخالفون للقرآن وجزاؤهم عذاب الله ونار جهنم لهذا أمر الله الناس بعدم طاعتهم وعدم التعاون معهم وأمر بالابتعاد عنهم وعدم اتباع سلوكهم وأوامرهم لكي لا يكونوا مجرمين مثلهم لقوله تعالى في سورة طه 74 ” إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيى ” والبقرة 24 ” فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ” والتوبة 63 ” ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ” والبقرة  126 ” ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار و بئس المصير ” والعنكبوت 23 ” والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم ” ، والأعلى 12 – 13 ” الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى ” وفاطر 36 ” والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور ” .

    هذه الآيات أكدت أن جزاء الكفار والظالمين والمجرمين والفاسقين والعاصين الله تعالى والمستكبرين عن عبادته والمستهزئين والمكذبين بالقرآن جزاء واحد إن لم يتوبوا وهو نار جهنم وعذاب الله تعالى في الدنيا كذلك. وأستدل بآيات أخرى توضح جزاء من أعرض عن القرآن منها الأنبياء 39-40 ” لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون ” وآل عمران 56 ” فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ” والرعد 5 ” أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” والأحزاب 64 – 66 ” إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول ” ومحمد 32 ” إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى لن يضروا الله شيئا وسيحبط أعمالهم ” وغافر 6 ” وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ” والكهف 105 – 106 ” أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزؤا ” . والبقرة 161 – 162 ” إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون ” وهود 16 ” أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ” و إبراهيم 18 ” مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد ” وآل عمران 91 ” إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملئ الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ” والبقرة 217 ” ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ” . هذه الآيات حددت حكما شرعيا أساسيا ومهما فالذي مات كافرا ولم يتب توبة صادقة قبل الموت قرر له الله تعالى جهنم دون حساب ميزان أعماله لأن الله عز و جل جعلها باطلة سواء كانت خيرا أم شرا حسنات أم سيئات.

         فاغتنموا فرصة التوبة في الحياة الدنيا قبل الموت أيها الكفار. فإذا قبل الله توبتكم يبدل سيئاتكم حسنات و يدخلكم الجنة مع النبيين والرسل والمؤمنين الصالحين المتقين. و لكن التوبة يقبلها الله مرة واحدة في العمر عن التائبين وإذا نقض التائب توبته الأولى وعاد إلى السيئات فلا يغفر له الله تعالى ذنوبه سواء السابقة أو اللاحقة ولكن لا يظلمه يوم حساب أعماله باستثناء الذي يموت كافرا فإن مصيره النار.

    وأرجوكم أن تراجعوا شروط التوبة وأحكامها في الفصل الثاني حول ” عدل الله تعالى ” والأدلة منها النساء 137 ” إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا ” وآل عمران 89 ” إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ” والفرقان 70-71 ” إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا ” وطه 82 ” و إني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ” . ولكن لا يقبل الله تبارك وتعالى التوبة إلا مرة واحدة في العمر و بشرط أن تتجسد بالإيمان الصادق والعمل الصالح والتقوى دون تحايل أو شعور بأجل الموت لقوله تعالى في النساء 18 ” وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني ثبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك اعتدنا لهم عذابا أليما ” والأنفال 29 ” يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم والله ذوا الفضل العظيم ” والحديد 28 ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم ” والتحريم 8 ” يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم و يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ” والتغابن 9 ” ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته و يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم ” والطلاق 5 ” ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا ” . والتقوى التي تدخل الجنة ويمحو الله بها السيئات هي طاعة الله والالتزام بأحكام القرآن قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت. وبناءا على آيات القرآن المذكورة أقول وأكرر بأن المغرضين وفقهاء الحكام يضلون الناس  ويفتحون باب ارتكاب الذنوب والسيئات حيث ادعوا كذبا أن الله يغفر الذنوب والسيئات لمن يصلي من الجمعة إلى الجمعة ومن يؤدي العمرة إلى العمرة ومن يصوم يوم عرفات وهذا كذب على الله تعالى ورسوله وقد بينت الشرط الأساسي لمغفرة الله تعالى الذنوب والسيئات وهو التقوى بدون رجعة حتى الموت.

    لقد بينت ما استطعت أحكام الكفر وجزائه الخطير وهو عذاب الله تعالى في الدنيا بأجل ونار جهنم في الآخرة حين يخلد فيها الكافر ما هو ميت ولا حي، بينما المؤمن الصالح المتقي ينعم في رحمة الله وأمنه في الدنيا والحياة الأبدية الخالدة في سعادة الجنة بالآخرة.

         لهذا أوجه نداء صادقا إلى كل النصارى واليهود وكل الذين كفروا بالقرآن واستهزؤوا به واستكبروا عن عبادة من حياتهم خاضعة لإرادته وفضله ونعمه وإحسانه في كل لحظة وهو الله تبارك وتعالى، لكل هؤلاء أوجه هذا النداء بأن يتخلوا عن أديان الكفر كالمسيحية بفروعها واليهودية و البوذية والهندوسية وغيرها لأنها ضلالة ومخالفة لدين الله الحق الإسلام وشريعته القرآن التي أنزلها الله تعالى لكافة الناس في الكون، فإذا لم تتوبوا أيها الكفار فلن تضروا إلا أنفسكم ولا تضروا الله شيئا لقوله تعالى في كثير من الآيات منها آل عمران 176 ” ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة و لهم عذاب عظيم ” . فتوبوا أيها المسيحيون واليهود وكل الكفار إلى الله تعالى وآمنوا بالقرآن واعملوا بأحكامه قولا وعملا سرا وعلانية تصبحوا إخوة للمسلمين وتفوزوا مثلهم بسعادة الجنة ورحمة الله في الدنيا والآخرة وتنجوا من عذاب الله في الدنيا ونار جهنم في الآخرة لقوله تعالى في المائدة 65 ” ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم و لأدخلناهم جنات النعيم ” والتوبة 11 ” فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون ” .

    خاتمة البحث:

    لقد فسرت حسب ما استطعت تدبره في كتاب الله عز و جل سورة النساء 170 ” يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم فآمنوا خيرا لكم وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما ” . وقارنت هذه الآية بآيات القرآن الأخرى وبحثت عن العلاقة التشريعية القائمة بينها في إطار احترام القواعد والأحكام الشرعية الآمرة في القرآن والأهداف السامية التي حددها الله تعالى فيه، وبذلك أجبت عن محورين في تفسير الآية الأول أكدت فيه أن القرآن ألغى وأبطل مفعول وصلاحية التوراة والإنجيل بأمر الله تعالى وقضائه وقدره والثاني بينت فيه الأحكام الشرعية المتعلقة بالإيمان بالقرآن والكفر به وجزائهما.

    و هدفي الأساسي من هذا البحث إقناع المسلمين والأمة الإسلامية في دار الإسلام وأولي أمر المؤمنين الصادقين المتقين الصالحين ومنهم الدعاة وعلماء الدعوة الإسلامية والباحثين المحترمين بأن الله تعالى حرم الدين المسيحي بفروعه واليهودية و البوذية والهندوسية وكل الأديان الوضعية الأخرى واعتبرها كفرا. وأؤكد بأن الدين المشروع الوحيد هو دين الله الحق السماوي الإسلام و شريعته القرآن. و حرم الله عز وجل إقامة الكفار وممارسة أديان الكفر في دار الإسلام نظرا لمقتضيات النظام الإسلامي وأحكام القرآن. وهدفي كذلك توضيح هذه الحقائق للنصارى واليهود حتى ينقذوا أنفسهم من عذاب الله في الدنيا والآخرة ويؤمنوا ويعملوا بأحكام الشرع الذي أنزله إليهم الله تعالى وهو القرآن. فالقرآن رحمة وأمن وسعادة لمن اتبعه في الدنيا والآخرة، وإذا كانت هناك تطبيقات سيئة للقرآن عبر التاريخ من طرف من ادعوا الإسلام وحتى في عصرنا فإن شرع الله تبارك وتعالى وقوانينه التي شرعها للبشرية كلها ثابتة ومحددة في أصلها وهو القرآن الكريم، وهي صالحة لكل زمان ومكان ولكافة الناس أبناء آدم وحواء في الكون إلى ما شاء الله تعالى. و في هذه اللحظة وأنا قد كتبت هذه النتيجة من البحث أقسم لكم إخواني المحترمين أني قبلت كتاب الله القرآن الكريم حبا له ولله تعالى. و من نتائج هذا البحث كذلك حول تفسير النساء 170 ما يلي: لا إيمان بالقول والاعتقاد بل يجب أن يكون الإيمان صادقا ومجسدا في العمل الصالح والتقوى أي العمل بأحكام القرآن قولا وعملا سرا وعلانية حتى الموت. لأن القرآن حدد فيه الله تعالى قوانين استخلافه للناس في الدنيا ومادة امتحانهم واختبارهم في الحياة الأولى بالدنيا المؤقتة لاختيار من يفوز بالحياة الثانية الدائمة والخالدة في الآخرة إما في عذاب جهنم أو في سعادة الجنة حسب أعمال الناس. فهل سيقتنع النصارى واليهود وغيرهم من الكفار و المنافقين بهذه الأدلة والبراهين القاطعة التي عللت بها البحث، ويؤمنون بالقرآن ويعملون بأحكامه ويعتنقون دين الله الحق الإسلام ويصبحون إخوة للمسلمين تسود بينهم علاقات المحبة والمودة والحق والعدل؟ والحمد لله رب العالمين.

    Copyright 2024, All Rights Reserved